حيثُ يقودكَ قلبُكَ - 2
الفصل 2 :ذِكرياتُ الليلةِ الأولى (2)
هُنا كان منزلُ عائلة دنكان. لم يكُن مِن الغريب أن تكون وجوه الدوق وزوجته غيرُ راضيةٍ حتى في منزلهم، إذ كان عليهما الحصول على إذنٍ للدخول.
كانت الدوقة لا تزالُ ترتجف، وكان هُناك توترٌ واضح في عينا الدوق.
كان تعامُل الملك مع والد زوجته المستقبلية، أشبه بتعاملهِ مع الكلاب.
نظر إي جاي إلى الملك بنظرةٍ قلقة.
كان الملك يبدو وكأنهُ على وشكِ أن يسحب سيفه.
رأت إي-جاي العدد الكبير من الأشباح الذين يتمسكون بالملك.
اشتد غضبُه وزاد عنفوانه، لكنهُ رغم ذَلك أعاد سيفهُ إلى غمده بغضبٍ.
بدلاً مِن ذَلك، كانت عروقهُ الزرقاء بارزةً على رقبته، ونظرتهُ إلى الدوق وزوجته كانت أكثر قسوةً مما كانت عليه عندما نظر إلى إي-جاي.
“سأحذركَ عن أمرٍ واحد، يا دوق دنكان.”
“نعم، يا جلالة الملك.”
“ابنتكَ، هايلي دنكان، ستُصبح قريبًا ملكة كايين، كما تتمنى.”
ضحك الملك بمرارةٍ وأضاف: “أتفهمُ ما أقوله؟ يعني أنها ليست شخصًا يُمكن لامثالكَ التعاملُ معها بعدم احترام.”
“………”
“إذا قمتَ برفع يدكِ عليها مرةً أخرى، سـ يكون مِن الأفضل أن تتذكر وجهي قبل ذَلك.”
“……نعم، يا جلالة الملك.”
“لقد انتشر الفضيحة بما فيه الكفاية، لذا لن أؤجل الأمر. هَذا هو أقصى رحمةٍ أقدمها لعائلة دنكان.”
وجه الملك نظرةً باردةً إلى الدوق، ثم استدار وتقدم نحو إي-جاي مرةً أخرى.
عندما أمسك الملك بيدها ورفعها، أدركت إي-جاي أنها لا تزالُ راكعةً على رُكبتيها.
ابتسم الملك ابتسامةً غامضة وهو يُراقب ارتباكها.
“أربعةُ أيامٍ كافيةٌ لتذهب الحمى، أليس كذلك، يا حبيبتي؟”
كانت نبرتهُ مُختلفةً تمامًا عما كانت عليه عندما تحدث مع الدوق.
“……نعم.”
لكن إي-جاي شعرت بالارتباك مِن نظراته وكلماته التي لم تكُن تحمل أيّ مشاعر حقيقية.
قبل الملك ظهر يدها. كانت حركتهُ مؤدبةً بلا خطأ، وكان لها جمالٌ مُفترس.
رفع رأسهُ قليلاً بعد أن أزاح شفتيه عن يدها، وأمعن النظر في إي-جاي.
ومِن خلال المسافة القريبة بينهما، أدركت إي-جاي نية الملك الحقيقية.
همس بصوت لا يسمعهُ أحدٌ غيرها: “لنعمل جيدًا معًا مِن الآن فصاعدًا.”
“………”
“هايلي دنكان.”
“………”
“تعالي إليّ حيةً وبخير.”
أومأت إي-جاي برأسها بضع مراتٍ دون أن تُدرك.
راقب الملك ذَلك للحظة قبل أن يستدير.
“بعض الفرسان سيبقون لحراسة قصر عائلة دنكان حتى موعد الزفاف.”
أصدر الملك أوامره للآخرين وغادر الغرفة.
كان الأمر كما لو أن عاصفةً قد مرت.
انهارت الدوقة على الأرض بوجهٍ خالٍ مِن الحياة.
“ماذا كان يدورُ بينكِ وبين جلالته؟”
بادر الدوق الذي اقترب منها فجأةً بسؤاله الغاضب، لكنها لم تستطع قول شيء، فقد كانت مصدومةً مثل الدوقة.
كان هو ملكُ هَذهِ البلاد.
الجميع كانوا ينادونه بذَلك، وكان وجههُ في ذاكرة هايلي دنكان.
ومع ذَلك، لم تتوقف الأسئلة عن التدفق في رأس إيجاي.
مَن تكونين حقًا، هايلي؟
كيف يُمكنكِ أن البقاء على قيد الحياة بعد كُل هَذهِ الأثقال والأحقاد التي تحملينها؟
مرت الأيام الأربعة بسرعة.
تم تزيين القاعة الضخمة في القصر بشكلٍ جميل للزفاف الملكي.
وكانت العروس مُزينةً بشكلٍ أكثر جمالاً وروعةً مِن القاعة نفسها. كان الفستان المُرصع بالجواهر يليق تمامًا بجمال هايلي دنكان.
لكن العروس نفسها كانت بلا تعبير، وتبدو كأنها تُفكر في شيء ما.
“مِن المدهش أن يُقام هَذا الزفاف.”
“بصراحةٍ، توقعتُ حدوث شيءٍ آخر. كُل العرائس اللاتي كُن على وشك الزواج مِن جلالته واجهن مصائب، هَذا مؤسف…”
“إن الدوق دنكان هو أسوء شخصٍ هُنا. لقد دفع ابنتهُ إلى هَذا الوضع بالقوة.”
كانت ذكريات هايلي دنكان عن حياتها غيرُ كاملةٍ.
كان هُناك الكثير مِن الفجوات.
لكن عندما سمعت إي-جاي حديثًا تستطيعُ فهمه، نظرت نحوهم بهدوء.
حتى الأمس، كان الملك أعزبًا. ولكن يبدو أنهُ قد حاول الزواج مِن قبل.
في الواقع، كان يُرسل عروض زواجٍ سنوية لعائلات بارونات ونبلاء مِن الدرجة الأدنى.
كان الشرط الوحيد هو أن تكون العروس مِن عائلةٍ لا تهتمُ بالسلطة السياسة.
لم يأخذ الملك في الاعتبار أيِّ شيء آخر.
أراد ذِلك لمنع تشكيل تحالُفاتٍ عائليةٍ قوية.
لكن النساء جميعهن لم يصلن إلى قاعة الزفاف. كان ذَلك بسبب حوادث مُميتة وتسمم.
حتى هايلي دنكان حاولت الانتحار بإلقاء نفسها في النهر، لذا فقد فشل الملك في الزواج ثلاث مرات. بالطبع، إي-جاي وحدها كانت تعرفُ أنه فشل في المرة الثالثة أيضًا.
“هايلي دنكان، هل حصلتي على حُلمٍ جميل؟ كيف كانت ليلتُكِ الأخيرة في منزلكِ.”
عندما سمعت إي-جاي صوتًا فجأة مِن خلفها، استدارت.
كان الرجُل الذي كان يرتدي زيًا ملكيًا فاخرًا ينظرُ إليها.
شعرت إي-جاي بشيء غريب بعد فوات الأوان. كان كتفيه وظهره اليوم أنيقين بشكل غير معتاد، ونظراته الحادة كانت مستقرة اليوم.
“أعتقدً أن الجو لم يكُن مُريحًا بما يكفي ليكون مُميزًا.”
“……نعم، كانت ليلةً لا بأس بها.”
ظنت إي-جاي أنها أجابت بشكلٍ مُناسب، واستمرت في النظر إلى الملك.
بعد أن انقشعت الأرواح الشريرة، بدأت ترى ملامحهُ بشكلٍ صحيح.
الأشخاص الذين يستطيعون رؤية الأرواح لا يهتمون بجمال الشخص أو قبحه. لأن هُناك أشياءًا كثيرةً أخرى يُمكن رؤيتها.
في الواقع، حتى الوجوه الجميلة قد تحملً حظًا سيئًا.
ولذَلك، لم تُدرك إي-جاي إلا في المرة الثانية التي رأت فيها الملك كم كان وسيمًا.
عندما استمرت إي-جاي في النظر إليه خُلسةً، سألها وهو يُحرك شفاهه: ماذا؟
“………”
عندما نظرت إليه مرةً أخرى، وجدت أنهُ وسيم.
في الواقع، يُقال إن مثل هَذهِ الوجوه غالبًا ما تجلب الحظ الجيد.
لكن ما الذي حدث في المرة الماضية؟
عندما لم تستطع إي-جاي الرد على الفور وابتلعت كلماتها، رفع الملك حاجبيه الكثيفين.
“أنتِ تجعلينني أكرر كلامي كثيرًا.”
“…أنا مُتوترة جدًا. أعتذر.”
اعتقدت إي-جاي مُجددًا أنها وجدت إجابةً مُناسبة.
ولكن الملك عبس وهز رأسه.
“دعيني أوضح لكِ شيئًا آخر، أنا لا أحب الكذب.”
“………”
“أنتِ لستِ مُتوترة على الإطلاق.”
“ولكن، إذا كُنتَ أنتَ يا جلالتك مَن سيُقرر ما إذا كُنتُ مُتوترةً أم لا، فهَذا لـ…”
ترددت إي-جاي في إكمال حديثها، لكنها شعرت وكأن الملك قد ابتسم قليلاً.
بما أن تصرفاتهُ أشارت إلى أنهُ يريدهُا أن تستمر، تنهدت إي-جاي وبدأت تُفكر.
في النهاية، كان في كلامها بعض الصدق.
“أحاول أن أكون حذرةً في كلامي، لذا ربما يحدُث ذَلك كثيرًا دون أن أشعر.”
“ماذا تقصدين؟”
“أنتَ شخصٌ ذو مكانةٍ عالية، وأنا لا أعرفكَ بشكلٍ شخصي.”
لقد كانت بيننا مسافةٌ كبيرة.
لم نتبادل أكثر مِن ثلاث كلمات مِن قبل، مما يعني أننا بالكاد ق. تحدثنا في مُناسباتٍ رسمية.
“إذا لم أكُن حذرةً في كلامي معكَ، فسأرتكبُ خطأً حتمًا.”
ندمت إي-جاي بشدةٍ بعد قولها هَذا.
أدركت أنها في مُحاولتها لأن تكون صادقةً، قد بدأت تتحدثُ بجرأة أكثر مما ينبغي.
ومع ذَلك، وعلى نحوٍ غير مُتوقع، أومأ الملك برأسه بهدوء وأعاد نظره إلى الأمام.
“استمري بما تفعلينه.”
“………”
“فهمتُ ما تقصدين.”
وقبل أن تتمكن إي-جاي مِن الرد عليه، سمعت صوتًا آخر قادمًا مِن الخلف.
“حان وقتُ الذهاب، جلالتك.”
مد الملك ذراعهُ قليلاً نحو إي-جاي.
بينما كانت تُمسكُ بذراعهِ بلطف، قاموا بتعديل ذيل الفستان الطويل خلفها.
بعد أن انتهت مِن تجهيز نفسها، نظرت إلى إليه ورأتهُ يهزُ رأسه.
“لنذهب.”
ومع أنظار الجميع موجهة نحوهما، ساروا على السجادة الحمراء.
أدركت إي-جاي أن العادات التي تتأصل في الجسد قد تكون قوية. على الرغم مِن أنها لم تكُن مُعتادة على ارتداء مثل هَذهِ الملابس الثقيلة أو الكعب العالي، إلا أنها قد تمكنت مِن المشي دون عناء.
في منتصف الطريق تقريبًا على السجادة، شعرت إي-جاي بطاقةٍ نقيةٍ ومقدسة، أشبهُ بما يُمكن أن تشعر به في معبد.
أمامها كان الكاهن ينتظرهما.
وخلفهُ، كان هُناك حصانٌ أبيضٌ ضخم يطفو في الهواء.
الفارس الذي كان يمتطيه كان يملكُ وجهًا يبدو كالطفل، لكنهُ كان كبير البُنية وضخم الحجم. حتى بالنسبة لإي-جاي، التي اعتادت على رؤية الأشياء غير الواقعية، كان هَذا مشهدًا مُهيبًا.
كانت عيناه الزرقاوان، اللتان تتناقضان مع درعه الحديدي، مُركزةً مُباشرةً على إي-جاي.
‘هَذا غريب… أنهُ حقًا كبيرُ الحجم.’
في حيرتها، لم يُكن في ذهنها سوى هَذا الانطباع.
وعندما فقدت تركيزها وترددت، نادى الملك اسمها مُحذرًا
“هايلي دنكان.”
“………”
“ما الذي تفعلينه الآن؟”
“…أعتذر. لنُكمل.”
بالتأكيد، هَذا العالم مكانٌ مُخيف.
الأرواح لا تتحرك في سراب مثل الجنود العاديين، ولا يكون لديهم طاقةٌ جبارةٌ كهَذهِ الروح.
على الرغم مِن أنهُ لم يكُن يبدو كروح مشؤومة، لكنهُ لم يكُن مُجرد شبحٍ عادي أيضًا.
لهَذا، قررت إي-جاي أنهُ مِن الأفضل لها أن لا تنظر له، فواصلت المشي وهي تنظر إلى أطراف قدميها فقط.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》