تحملتُ عواقب أفعال والدتي المُتجسدة - 3
“ماذا؟ مجرد خرزة؟ هل تمزح معي؟!”
كانت المرأة التي تغلبت دون أن تدري على أقوى فارس في الإمبراطورية تفحص مكاسب يومها في الزقاق الخلفي.
إستيل، التي وجدت خرزة سوداء بين مقتنياتها، عبست وهي تتفحصها في راحة يدها ثم ترفعها نحو الضوء.
“ما هذا؟“
عندما سألها صديقها أروين، الذي كان ينقل المسروقات إلى كيسه، رفعت كتفيها بلا مبالاة.
“لا أدري.”
“هل هو حجر كريم؟“
“شعرت بشيء غريب، فأخذته بغريزتي… لكن يبدو أن صيد اليوم كان سيئًا.”
رغم أنها تعيش بسرقة جيوب الآخرين، كانت لديها مبادئها. فهي تدرك أنه من الجحود سرقة الرجل الذي أنقذها من مأزق.
ولكن الشيء الذي كان يحمله ذلك الرجل أصدر طاقة غريبة، مشابهة للأدوات السحرية التي اعتادت سرقتها، لكن هذه كانت أقوى بكثير.
وبشكل لا إرادي، اختطفتها بفعل غريزتها. نظر إليها أروين بدهشة وقال:
“تسرقين بغريزتك؟ هذا كثير.”
“كانت طاقته السحرية قوية جدًا، لم أستطع التحكم بنفسي… آه، يبدو أن امتلاك هذه الموهبة أمر مرهق.”
كانت لإستيل، التي وُجدت وحدها في أحد الأزقة الخلفية قبل عشر سنوات، موهبة غريبة. فمنذ أن تعلمت النشل، كانت تجد بين يديها أدوات سحرية باهظة الثمن يمتلكها النبلاء.
حتى الأشياء المخفية بإتقان بشكل غير جذاب كانت تسرقها بسهولة. وعندما يُسألها الآخرون عن سرها، كانت تجيب بوجه بريء:
“فقط أشعر أن عليّ مد يدي هنا، وإذا بها تصيب الهدف.”
لم يكن من الممكن شرح عبقريتها، تمامًا كما لا يمكن للعبقري تقديم دروس.
عندما همّت برمي الخرزة على الأرض بخيبة أمل، أمسك أروين بمعصمها وأوقفها، قائلاً:
“من يدري؟ قد تكون ذات قيمة. احتفظي بها الآن.”
“ولماذا؟ هل سنلعب بها؟“
“لا أعرف.”
وبعد أن أعاد الخرزة إلى يدها وأغلق أصابعها عليها برفق، أشار بيده قائلاً:
“لنذهب. هناك حظر تجول الليلة.”
“حظر؟ لماذا؟“
تساؤلها البريء جعل أروين يرتجف قليلًا. السبب غير معروف، لكن الإشاعات…
“هل شخص من ذو المكانه العالية فقد شيئًا مهمًا؟“
“من أجل البحث عن هذا الشيء فقط، فرضوا حظر تجول؟ هل هو بطل ينقذ العالم؟“
… لا، ربما لا؟
فكر أروين في الخرزة الغريبة التي دخلت يد صديقته إستيل، والتي كانت تعرف جيدًا كيف تسرق الأدوات السحرية القيمة، وهو ينظر إليها بحذر.
لا يمكن أن يكون الأمر كذلك. لا، من المؤكد أنه ليس كذلك! من غير المعقول أن يتقاطع شخص مهم مثل ذلك مع إستيل.
“ماذا هناك؟“
تقترب إستيل فجأة حتى أصبحت على مسافة قريبة جدًا منه، ودفع أروين وجهها بعيدًا بعصبية ثم تنهد قائلاً:
“لا تقتربي مني هكذا.”
“ماذا؟ هل أنت غاضب؟ أنا فقط أحبك!”
بدلاً من أن يخجل أو يغضب من كلماتها، ضحك أروين ضحكة خفيفة ثم أمسك بشفتي إستيل بأصابعه قائلاً بجدية:
“كم قلت لك مرارًا أن تغيري هذه العادة؟ هل تذكرين؟“
“آه، آه! نعم، نعم!”
“أنتِ في هذا العمر ولا تزالين هكذا؟ إذا استمررتِ على هذا النحو، ستجدين نفسك في ورطة!”
كانت إستيل شخصًا مليئًا بالحب والإفراط في المشاعر لدرجة أنها كانت تقع في مشكلات بسببها. لكن الناس الذين يعرفونها في الزقاق الخلفي لم يعيروا اهتمامًا كبيرًا لهذه التصرفات.
ومع ذلك، أروين كان دائمًا قلقًا، فهو يعرف كيف يمكن أن تكون هذه العاطفة الزائدة خطرًا إذا تم استغلالها من قبل شخص غريب. كانت إستيل دائمًا تبدو كإنسانة بريئة تضيع في العالم.
“دفعت إستيل يد اروين التي كانت تعض شفتيها، وتنهدت بغضب.
“آه، إذًا، ما الذي يحدث؟ لماذا تم فرض حظر التجول؟“
“أنا لا أعرف! لا تتجولي وابقِ في المنزل. هل فهمتِ؟“
“ابتعد، أنت تزعجني.”
“أعرف أنكِ لا تكرهينني.”
أجاب أروين باستهزاء، ثم قفز بخفة فوق جدار الزقاق واختفى.
“واو، ما هذا!؟” كانت إستيل تطقطق قدمها بغضب بينما دخلت إلى المنزل الخالي.
كان المكان الصغير منظمًا بشكل أفضل مما توقعت. كان ذلك بفضل صديقها الذي دائمًا ما كان يزعجها بالاعتناء بالأشياء.
رمت إستيل الجيب الذي سرقته اليوم على الطاولة، وعندما سمعت صوتًا متحركًا، تجهمت وجهها.
“ما هذا؟“
غمغمت إستيل وهي تفتح الجيب، واكتشفت ورقة كانت قد فوتتها أثناء انشغالها بالخرزة.
فتحت الورقة بصوت خفيف وقالت:
“أوه، لا أستطيع أن أفهم شيئًا من هذا…”
كانت إستيل أمية. حاول أروين أن يعلمها القراءة والكتابة، لكنه فشل في تعليمها، رغم أنها لم تكن غبية في معظم الأمور. كان هناك دائمًا شيء ما يمنعها من التقدم في هذا المجال.
“فكت إستيل الزر العلوي من بلوزتها، ثم ابتسمت. رغم أنها كانت تعيش حياة فقيرة، كانت لا تزال تشعر بالسعادة. كان لديها أصدقاء، وكان لديها منزل.”
بعيدًا، في السماء، لاحظت إستيل النجوم تتلألأ، فجمعت يديها معًا وتمنت.
“أرجو أن تستمر حياتي هذه كما هي.”
لم تكن تطلب الكثير، فقط أن يتوافد الأشخاص الأغنياء إلى غلاسيوم.”
بينما كانت إستيل تفكر “الى اين اذهب؟ هل اذهب الى أروين؟ ام الى التاجر الذي يتعامل مع اامسروقات؟ ام رمبا…”، اصطدمت فجأة بشخص يركض بسرعه هائلة في الاتجاه المقابل.
حدق بها بعينين زرقاويتين حادتين، وقبل ان تدرك ما يجري، امسك برقبتها من الخلف بقبضة باردة وصوت غاضب حاملًا في طياته قسوة قال
“إذن انتِ.”
صرخت إستيل “أمي!!” وهي ترتجف
ادركت فورًا انه الرجل الذي قابلته خلال النهار، وبالنظر الى ملامحه الغاضبة، بدا واضحًا انه اكتشف انها اخذت شيئًا منه.
راودها تساؤل “كيف عرفت مكاني؟!”، ثم حاولت الانكار قائلة “آه، لا، لستُ انا! من انت أصلًا؟ اتركني!”
رد عليها ببرود “سنكتشف ذلك إذا فتشنا.”
لاحظت إستيل ان عيناه تكادان تشتعلان من الغضب، فتجمدت مكانها، وبدت كجرو صغير مذعور. زمجر الرجل قائلًا
“وإذا وجدته…”
قاطعت كلامه قائلة “ماذا؟ ضربه واحده مقابل كل عملة؟“
فأجاب “لا، سنة إضافية في السجن.”
فصرخت : “أمييي!”
فكرت “يضربني افضل من ان ادخل السجن!” ولكن عندما نظرت الى ذراعيه القويتين، ادركت ان التحمل غير وارد، فأغلقت فمها بصمت.
بينما كانت عيناها تتحركات بفوضوية، توقفت فجأة على شيء خلف ظهره، فتجمدت.
قالت بتوتر “هناك…هناك!”
كان المطاردون قد اقتربوا، وكانو ينظرون اليهما بعينين مملوءتين بالعدوانية القاتلة. شعرت إستيل بقشعريرة في جسدها.
“ما هؤلاء؟ عيونهم كأنها مسكونة بالجنون!”.
استدار الرجل بملل وكأنه اعتاد على مثل هذه المواقف،واخرج سيفه قائلا بنبرة خالية من المشاعر
“إذا اردتم الموت، تعالو.”
بشكل غريب، بدا ان الجميع لديهم رغبة بالموت، فقد اندفعوا نحوه باسلحتهم. استجمعت إستيل شجاعتها وسط هذه الفوضى، عندها قررت وقالت
“ليتقاتل الحيتان، اما انا، ساهرب!”
لكن عندما حاولت الانسحاب، امسك الرجل بمعصمها بقوة، التفتت لترى عينيه الزرقاويتين تحدقان بها بغضب.
“الى اين تظنين انك ذاهبة؟“
عندكا ادركت استيل
“لا يمكنني الهروب من هذا الرجل. سيمسكني في ثلاث ثوانٍ على الاكثر.”
عرفت انها بحاجة الى خطه بديلة. ابتسمت ابتسامه متوترة ورفعت ابهامها قائلة
“حسنًا، انا معك!”
“آه، لا، لا، انا فقط سأبقى هنا بهدوء. حظًا موفقًا!”
كانت إستيل تأمل ان يتركها الرجل بعدما ادارت رأسها كأنها غير معنية بالأمر، لكنها شحبت عندما ادركت انه رغم اقتراب الاعداء، لم يكن ينوي تركها.
هل هذا الرجل مجنون؟ هل سيستخدمني كدرع؟ ما الذي فعلته ليستحق كل هذا؟
عندما فكرت في لامر، ادركت انها ارتكبت اخطاء كثيره. سرقت ممتلكات السياح الابرياء هنا وهناك بالتأكيد جعلتها تراكم كثيرًا من الكارما السيئة…
لكن، حتى مع كل هذا، لا يعني ان استخدم كدرع واموت بهذه الطريقة!
مع صوت اصطدام السيوف والاسلحة، كان الرجل يقاتل الاعداء بلا هوادة، وبطريقة مدهشة، كان يحميها اثناء قتاله.
بينما كانت إستيل تُجرّ وتُدفع من مكان الى اخر كما لو كانت مجرد أداة جمدت مكانها عند رؤية الدم المتطاير امامها.
بدلاً من ان يظهر الرجل تعاطفًا مع حالتها، ابتسم ساخراً وقال
“لم يكن لديك الاستعداد لمواجهة هذا عندما قررتِ ارتكاب جريمتكِ؟“
“هه… ما الذي فعلته؟!”
“تسألين وكأنك لا تعرفين؟“
“اعني، نعم، ارتكبت اخطاء، لكن هذا عقاب غير متناسب مع ما فعلت، اليس كذلك؟!”
نظر اليها سيدريك بدهشة، لقد رأى كثيرين من المذنبين، وكثيرين من الوقحين، ولكن عادةً عندما يقفون امامه، كانو يستسلمون ويطلبون المغفرة. اما هذه المرأة، فما زالت ترفع رأسها متحديةً.
كان هذا التحدي هو الشيء الوحيد الجيد فيها.بخلاف ذلك، لم تكن هناك اي ميزة، بل كانت اشبه بعدو مزعج.
~ ترجمه : سول.