تحملتُ عواقب أفعال والدتي المُتجسدة - 10
“منِ انتِ؟“
“عفواً؟“
“أعني، ما حقيقتكِ بالضبط؟“
ردت إستيل وهي تحك رأسها بتعبير مرتبك “إذا كنت تسأل بهذه الطريقة، فلا يمكنني أن أقول سوى أنني إنسانة…؟“
“آه، حقيقتي؟ ألم تعرف بالفعل؟ أنا ساحرة بارعة في التخلص ممن يحاول قتلي، ولدي خبرة عشر سنوات في النشل.”
قال بغضب “منذ أن التقيتك، لا شيء يسير كما أريد.”
“أوه! أسمع هذا كثيراً. كيف عرفت؟“
كان سلوكه الذي يعبر عن التذمر مخيفاً إلى حد ما، لكن تعبير إستيل لم يُظهر أي شعور بالانزعاج.
بالفعل، عبارة منذ أن قابلتك، لا شيء يسير بشكل صحيح كانت شيئاً سمعته من آروين مرات عديدة من قبل.
رؤية إستيل وهي تومئ برأسها بتأكيد على كلماته جعلت سيدريك يشعر بالغضب أكثر. ضغط أسنانه وكرر كالببغاء “من أنتِ؟“
“عفواً؟“
“لماذا تفعلين هذا؟“
“ماذا فعلت؟“
ردت عليه بسؤال معكوس، مما جعله يفقد الكلمات. وقف متجمداً، شفتيه تتحركان بلا صوت، بينما نظرت إليه إستيل بهدوء.
بعد لحظة من التفكير، سألت بحذر هل ضربت رأسك عن طريق الخطأ أثناء معركتنا الليلة الماضية؟“
واجهت نظراته المليئة بالغضب الكبير بصوت منخفض يتمتم “كنت أقلق عليك، فلماذا تنظر إلي بهذا الشكل؟ يا له من شخص ضيق الأفق.”
ضيقّ سيديرك عينيه وهو يفكر، كيف يمكن لها ان تكون بهذه الوقاحة؟ لديها عاشق بالفعل ومع ذلك تخونه بهذا الشكل؟
بابتسامة ساخرة وبصوت بارد قال “لم أكن أعلم أن لديك عشيقاً. يبدو أنكما قريبان جداً.”
“هاه؟ عشيق؟!”
صرخت إستيل، مما أرعب الحصان الذي قفز فجأة، وجعل جسدها يميل. أمسكها سيدريك بسرعة ليمنعها من السقوط، رغم أن جبينه كان معقوداً من ضيق المسافة.
صوتها مرتفع جداً، لكنها ضعيفة للغاية… لماذا خصرها نحيف هكذا؟
على الرغم من قرب المسافة بينهما، كان كل منهما غارقاً في أفكاره الخاصة. أول من استعاد وعيه كانت إستيل، التي سألت بتعبير مرتبك
“عشيق؟ هل لدي عشيق سري وأنا لا أعرف؟“
“هه، لقد أظهرتِ ذلك بوضوح أمامي ثم تنكرين الأمر؟“
“قلت إن لدي عشيق؟ لحظة… عن ماذا تتحدث؟“
وضعت يدها على ذقنها وهي تفكر، ثم رفعت حاجبها وسألت “هل تقصد آروين؟“
“….”
صمت سيدريك كإجابة، مما جعل إستيل تضحك بصوت عالٍ وكأنها لا تصدق.
“آروين؟ عشيق؟ لو سمع هذا الكلام، لقتلني!”
رؤية دموع الضحك في عينيها جعلت تعابير سيدريك تتحول من الضيق إلى السخط.
“آه، تقولين إنه مجرد صديق؟ لا أصدق ذلك.”
“لماذا؟ إنه مجرد صديق، هذا كل ما في الأمر!”
نظر إليها بتعبير مملوء بعدم التصديق وقال “لكن رأيتك تعانقينه.”
“وماذا في ذلك؟ عندما أكون سعيدة، أعانق أي شخص!”
قالت ذلك وهي تبتسم بتفاؤل، ثم فتحت ذراعيها وسألت “هل تشعر بالغيرة؟ هل تريد عناقاً؟“
“هل جننتِ؟“
أمسك بذراعها وأسدلها برفق.
“لماذا؟ أنا جادة. أنا أحب العناق!”
“أنا لا أحب ذلك، لذا من فضلك لا تفعليه.”
كلما استمع أكثر، زاد اندهاشه وامتعاضه. تصرفاتها كانت غير مفهومة تمامًا وفقًا لمعاييره.
لم يتأثر مطلقًا. هذا طبيعي! ولكنه استشاط غضبًا لأنه أبدى ضعفًا للحظة، نتيجةً لرغبته في صد أي مشاعر قد تحملها تجاهه، وتذكر حماقته جعله يشعر بالإحباط.
كنت مجنونًا. كان عليّ جرّها ببساطة لضمان الحماية، بدلًا من السماح لها بالتجول في الأرجاء والتفاعل مع الجميع وكأن الأمر طبيعي.
أغمض عينيه ببطء.
هذا فقط بسبب الإزعاج الذي عرقل عملي. هذا ليس مرتبطًا بالغرور، فأنا معتاد على النساء اللواتي يتعلقن بي. إنها مجرد ضيق ناتج عن تدخلها في عملي، ولا يحمل أي طابع شخصي.
ولكن رغم محاولاته لتبرير نفسه، كان فمه أسرع من أفكاره.
“إذن، هلا جربتِ ذلك معي أيضًا؟“
ما إن خرجت الكلمات من فمه، حتى اتسعت عيناه بدهشة. أمامه، كانت استيل تحدق به بعينين أوسع وأكثر ذهولًا. بينما كانت تشد على شفتيها، تمتم هو داخليًا “يا إلهي“.
لم يحدث شيء طبيعي منذ أن قابلتها.
وسط صمت ثقيل، تطلعت استيل نحوه، وكأنها حزينة بصدق، وهمست
“كنتَ حزيناً جدًا… هل أعانقك إذن؟“
لكن اقتراحها لم يخفف الأجواء. بدلًا من ذلك، أثار صدمة جديدة في نفسه. ورغم أنه كان يجب أن يعتاد على ذلك، إلا أنها دائمًا ما تفاجئه بشيء جديد.
“ما الذي تقولينه؟“
رغم نظراته الحادة، واصلت استيل حديثها بلا أدنى إحراج
“أنا أحب الكثير من الناس! أحب أروين، وأحب السيدة التي أعطتني الحلوى، وأحب السياح الذين يتركون محافظهم لي…”
قاطعتها بلهجة ساخرة “إذن تحبين الجميع بلا تمييز.”
فابتسمت وهي تضرب أصابعها معًا وتجيب “بالطبع! احب الجميع!”
هذه المرأة خصم قوي لا يمكن الإطاحة به.
“لكن لماذا تقولين ذلك لكل شخص؟“
“لأنه لا بأس بأن نعبر عن حبنا. لماذا لا أفعل ذلك؟“
في صمت غريب، تبادل كلاهما النظرات. رغم ما اعتقده، أدرك أن عينيها الذهبية لا تناسب شخصًا يوزع مشاعره بسهولة.
بدا وكأن استيل قد لاحظت ارتباكه، فأوضحت بابتسامة
“هناك أشياء تبدو طبيعية، لكنها قد تختفي فجأة. يجب أن نحبها قبل أن نفقدها.”
أصابته كلماتها بصدمة غير متوقعة.
ما الذي تخفيه تحت هذا القناع السعيد؟ من تكون حقًا؟
نظرت إليه وهي تسأل “أليس كذلك؟ أن نقول “أحبك” لا يعني دائمًا حبًا رومانسيًا. بل مثلما نقولها لوالدينا…”
قاطعها ببرود “أنا لا أقولها لوالديّ.”
“ماذا… لماذا؟“
شعر بالارتباك للحظة، لكنه أجاب بحزم “المرأة الوحيدة التي قلت لها ذلك كانت والدتي.”
“وحتى ذلك، توقفت عن قولها بعد أن كبرت قليلاً.”
“لكن… لماذا؟“
“لأنني أريد أن أحتفظ بتلك الكلمات للمرأة التي أحبها حقًا.”
ساد صمت آخر بينهما.
نظرت استيل إليه بتعبيرٍ متوتر، ثم همست بصوتٍ مرتعش “هل يمكنك إنزالي من هنا؟“
“ما الأمر؟“
“من الصعب… حقًا أن أتمالك ضحكتي…”
بلا كلمة، أنزلها بهدوء إلى الأرض. بعد بضع خطوات، جلست على الأرض وانفجرت في الضحك.
“هاهاها! يا له من شاب نادر الوجود. هاهاها!”
ترافق صوت ضحكاتها مع كلماتها التي أغضبته، ففتح عينيه بغضب وأمسك بسيفه.
بعد أن أفرغت ضحكاتها، عادت تنظر إليه بوجهٍ تغمره الدموع، ومسحت دموعها بأكمامها ثم سألت برأس مائل
“هل ستقتلني؟“
“لو لم نكن داخل المعبد، لفعلت.”
ابتسمت ابتسامة مشرقة ورفعت يديها عاليًا بحماس.
“إذن! لا يمكنك قتلي في الوقت الحالي!”
ألا يمكنني فعل شيء حيالها…؟
بدا أن علاقتهما أصبحت أقرب، لكن مهاراتها في إزعاجه ازدادت حدة يومًا بعد يوم.
رفعت استيل ذراعيها وكأنها تطلب منه أن يعيدها إلى ظهر الحصان، ونظرت إليه بثقة.
تنهد وهو يضغط شفتيه بإحباط، ثم أمسك بخصرها النحيل ورفعها ليعيدها إلى الحصان، ثم أمسك بلجامه بثبات.
“لكن، على فكرة—”
“لا تتحدثي معي.”
قطع حديثها بشكل مباشر، ونظر إلى الأمام. مواجهة هذه المرأة أصعب من قطع المسافة من العاصمة إلى أقصى الشمال في وقت قياسي.
ومع ذلك، لم تفقد استيل حماسها، بل عبست قليلاً وردت
“يا له من رجل عنيد…”
“حتى هذا الكلام، لا تقوليه.”
“إذن، ماذا عن جبان؟“
“هذا أيضًا، لا، توقفي عن التحدث معي تمامًا. أشعر أنني أفقد صوابي كلما تحدثت معك.”
“هممم…” شعرت استيل بالإحباط وأخيرًا أغلقت فمها.
في تلك اللحظة، وجد سيدريك بعض السلام. كانت ليلة هادئة… حتى الآن.
~ ترجمه : سول .
~ شكراً لـ إسراء و ريري ✨ EAMELDA rere57954