الوقوع في حب الأميرة المزيفة - 7
رسالة
تعالت أصوات طقطقة السيوف الخشبية واكتسحت ساحة التدريب ، رغم كون الساحة فسيحة جداً ومع كثرة الفرسان المتواجدين إلا أن نزالاً واحداً كان جديراً بجذب انتباه اغلب الحضور ، رغم كون الأمير على مسافة بعيدة إلى حد ما من السياسة إلا ان فن المبارزة كان شيئاً لا يستطيع الإمبراطور التغاضي عنه ، سلالة المير الإمبراطورية وعلى مدى اجيال طويلة تميزت بأساليب المبارزة الاستثنائية، قوة ومرونة قد لا تتواجد في اجساد من لم يحظوا بالدم الإمبراطوري ، وكأن السيوف تتوافق مع أجسادهم غريزياً ، اتصف ثيودور منذ صغره بموهبته الفريدة فالمبارزة ، بتقنيات المبارزة الإمبراطورية وحتى بعض المهارات التي سقلها بنفسه ، كان شخصاً جديراً بلقب فارس ، ثيودور الذي أطلق العنان لقدراته اليوم كطريقة لتشتيت أفكاره المزحومة واستخدام غضبه المكبوت كان قد ارهق جسده الجائع بالفعل ، استمر نزاله مع ليونارد لأكثر من ساعة دون توقف ، حرك ثيودور جسده المتعرق باندفاع نحو ليونارد وهو يلوح بسيفه استعداداً لتوجيه ضربته ، بخطى سريعة ومسكة محكمة للسيف استطاع ثيودور ان يوجّه ضربة قوية ناحية ليونارد الذي بالكاد استطاع صد الضربة بسيفه الخشبي ودفع الأمير بعيداً ، تراجع ثيودور للوراء بضعة خطوات نتيجة صد ليونارد لضربته إلا انه لم يكن راضياً عن ذلك ، اتكئ بسيفه ليستطيع الاستقامة بينما يلهث للحصول على بعض الهواء ، مسح بعض العرق الكثيف عن وجهه بكف يده وهو يحدق بليونارد بحدة ( أخبرتك إلا تتساهل معاي !) ثيودور الذي ارهق جسده بالفعل لم يكن راضياً عن مستوى ليونارد ، ايسخر منه!؟ ام حقاً هو بهذا الضعف ؟ كيف لفارس موكل بحماية الامير ان يكون ضعيفاً ! ، كان يتطلع ثيودور للمزيد ، يريد خصماً اقوى ، ( نعم اتفق في ذلك ) صوت صارم مألوف أعاد فتح أعين ثيودور على مصرعيهما ليلتفت بحثاً عنه ، ( انت متساهل معه للغاية ، ليونارد ) ، (جلالتك!) مع فتح ثيودور لعيونه الذهبية المذهولة راقب الإمبراطور الذي كان قد ارتدى بدلة التدريب السوداء التي رسمت عضلاته بشكل مثالي وهو يقترب من الساحة متحدثاً بشيء من الاستهزاء بينما يصلح قفازاته السوداء ، اعترى ثيودور بعض القلق الذي لم يرغب في كبته ، عقد حاجبيه وتحدث بنبرة تحمل الكثير من الاحترام الزائف ( مالذي يفعله جلالتك هنا ) كان شيئاً غريبين ان يوجّه هذا السؤال إلى الإمبراطور الذي يملك حتى هواء هذه المنطقة ، ( اتأمل أسلوب حياة الأمير الجديدة ، أليس هذا شيئاً مثيراً للاهتمام ؟) ، الإمبراطور الذي رد بابتسامة ساخرة كان يحدق بثيودور بثبات بينما مد ذراعه اليمنى التي سرعان ما ملئها ليونارد بسيف خشبي ، ، أطلق ثيودور ضحكة ممزوجة بالانزعاج ( اينوي جلالتك مبارزتي ؟) الإمبراطور الذي اصبح يقف أمامه بثبات بفاصل مترات قليلة بينهما حدق في عينيه الذهبيتين بتحدي ( ألم ترغب بخصم اقوى ودون تساهلات ؟ ، ام انك تستسلم الان ) ، طريقة تحدث الأمبراطور أشعلت نيران التحدي في صد ثيودور ، نعم انها طريقة جيدة لإثبات نفسه أمام والده ، سيثبت له بأنه لم يعد طفلاً وبأنه امير جدير بالخلافة ، ابتسم في تحدي وهو يرفع سيفه استعداداً للبدء ( نعم ، سيكون هذا مثالياً) ، ( دعنا نضف بعض الإثارة النا ذلك ؟ ، الفائز له الحق بطلب ما يريده مهما كان مستحيلاً ، هل الصفقة عادلة؟) الإمبراطور الذي رفع سيفه الخشبي استعداداً منه الآخر للبدء استطاع رؤية الحماسة المتأججة في أعين ثيودور ، روح التحدي قد تلبسته ، بقوة وثقة كبيرين شد على قبضة السيف وهو يرسم ابتسامة عريضة على شفتيه ، كان طفلاً سهل القراءة ، هو بالتأكيد يفكر بالفوز وطلب قطع العلاقة بتلك المرأة سيسيليا ، قُدمت له أمنيته على طبق من ذهب ، ( لا شك لدي بعدالة الإمبراطور ) ثيودور الذي اتخذ وضعيته بالفعل كان في انتظار إشارة البدء بينما رد عليه الإمبراطور بابتسامة ، عم الصمت ارجاء الساحة ، اتجهت أعين الحراس تجاه هذا النزال المشوق ، رؤية بطل الإمبراطورية جلالة الإمبراطور ونجله في مبارزة يتفاخرون فيها بمهاراتهم الفريدة لهو شيء يستحيل تفويته ، لحظات من الصمت مرت قبل ان يتم إعطاء إشارة البدء ، كان الأمر سريعاً ، ثيودور الذي لم يستطع إلا رؤية زوج من الأعين الحمراء يقتربان منه تم كسر سيفه الذي استخدمه بالدفاع عن نفسه بغمضة عين ، دون ان يدرك كان قد تراجع بعنف لبضعة أمتار للوراء ملقى على الارض الترابية ، بداء بالتقاط انفاسه بعنف وهو يرى والده ، الإمبراطور يقف بثبات في المكان الذي كان هو به منذ ثانية منزلاً سيفه ويحدق به بتلك الأعين الحمراء المشتعلة ، لقد نسي ثيودور تماماً ، وقد اعماه غروره عن تلك الحقيقة ، الأمبراطور هو سيد السيف الوحيد في الإمبراطورية ، منذ البداية لم يملك حتى الفرصة ، مهما كان ثيودور قوياً ففرق القوة بينهما شاسع ، لا اليوم ، وربما حتى بعد عشر سنوات ، ليست هنالك فرصة للتغلب على هذا الوحش النبيل ، لقد خسر في غضون ثلاث ثوان فقط.
اقترب الإمبراطور الذي يبدو وكأنه لم يبذل اي جهد من ثيودور الذي لا يزال جالساً ارضاً القى بسيفه الخشبي مع استمرار خطواته الثابتة ، استمر ثيودور يحدق به وباقترابه حتى اخرج شيئاً من جيبه وتوقف بجانبه ، (لقد خسرت ) قالها بهدوء بينما يسلم ثيودور الرسالة التي وصلته مبكراً هذا الصباح ، خطف ثيودور الرسالة بغضب وتعجب ليقرأ أسم المرسل وتهتز ذهبيتاه في حيرة ” أوفيليا بروين!” ( تناول وجباتك ، اغتسل وارتح جيداً ، وقم بتلبية الدعوة ، هذا هو طلبي ) بهدوء شديد نطق الأمبراطور مع نظرات اقل حدة من ما كانت قبلاً قبل أنا يلتفت ويكمل طريقه ، ( لكني معاقب ! لا أستطيع ) بحجة واهية كان قد تعلق بها بأمل رد ثيودور بنبرة خالطتها المعارضة الطفولية ، توقف الامبراطور عن المشي والتفت ينظر إلى ثيو المتأمل في إلغاء هذا الأمر السخيف ! ( نعم ، اعلم … هذا عقابك ) دوم كلمة اخرى عاود المشي متجهاً لخارج الساحة دون ان يلفت مرة اخرى وسط انحناءات وتحيات الفرسان الذين تدمرت أحلامهم برؤية نزال حماسي وربما اطول ، ومع ذلك لا يزال الأمير مذهلاً لمبارزته للإمبراطور بشجاعة وهو شيء لا يجرؤ احداً منهم على تخيله ، هذا الوحش النبيل لم يتساهل مع ابنه حتى ،، شاهد ثيودور ظهر والده وهو يبتعد اكثر وأكثر وتبتعد معه آمال إلغاء امر الدعوة ، رمى بظهره على الارض الترابية محدقاً بالشمس الساطعة فوق الساحة التي عادت للضوضاء ، ( لم يبدوا أسفاً كما ادعى البارحة ) ، قالها ثيودور بسخرية بينما يرفع ذراعيه للسماء ممسكاً بتلك الدعوة ومعاوداً لقراءة أسم المرسل الذي كُتب بأناقة .
………………………………………………………
( ان لن تقم بقراءتها فتوقف عن احداث الضوضاء) ، أبدا كاسيس ، الذي كان قد رفع رجليه عن الارض وقام باسنادهما على الطاولة الطويلة أمامه بظهر مرتاح واعين مغمضة انزعاجه من صوت اصطدام سبابة ثيو بالطاولة الخشبية مراراً وتكراراً بينما اسند رأسها على الطاولة واستمر بتحديقه بالرسالة المغلقة بملامح مرتخية ، ( انصرف إلى منزلك إذاً بدلاً من التذمر ) رد ثيو دون ان يتوقف او ان يغير ادنى تعبير في وجهه ، فتح كاسيس عينيه جزئياً وقام بتوجيه نظره ناحية ثيو لثواني معدودة قبل ان يغمضهما مجدداً وهو يرد بتلقائية وهدوء ( اتخذ زيارتك حجة للتملص من الدروس ، لا يمانع والدي طالما أتسكع مع ولي العهد ) على عكس ثيودور ، كان دوق دونافان صارماً بشأن تعليم خليفته ، منذ نعومة أظافره وهو في محاولات عدة لان يصبح وريثاً مثالياً، السياسية ، الادب ، التاريخ والمبارزة كلها مهارات يجب عليه إتقانها بشكل مثالي ، رغم كونها مهارات لم يحبها فعلاً إلا انها مسؤولية عليه التقيد بها حتى يحافظ على نسل وكرامة وقوة دونافان ، وحتى بعدما أتقنها جميعها لا يزال عليه اكتساب المزيد ، أشعره ذلك بالضجر ، حياته مكررة نوعاً ما ، ( تسك ، احسدك على ذلك ، على الاقل كل ما عليك فعله هو تحمل بعض الدروس السخيفة ) رد ثيو بسخرية ، بينما لا يزال إصبعه يضرب سطح الطاولة في نغمة ثابتة ، أطلق كاسيس ضحكة بينما لايزال وضعه على حاله ، اجاب صديقة بنبرة يعلم يقيناً انها ستستفزه وتثير عصبيته ، وهو شيء ممتع نوعاً ما له ،( لا تنسى ، أنا كذلك أملك اختاً صغيرة مزعجة ) ، توقع كاسيس ان تثور ثائرته ، ربما توقع حديثاً مثل ” ماكان يجب علي اخبارك بما حدث! ” ، ” لا تشملنا معاً في الحديث !”كردة فعل بعدما اخبره ثيودور بما حدث في الزيارة الأخيرة ، لكن وعلى عكس توقعاته ، اكتفى ثيودور بجمع يديه على الطاولة وإخفاء راسه بين ذراعيه وهو يطلق زفيراً طويلاً ، فتح كاسيس عينيه لرؤية سبب الصمت ، يبدو ان ثيو متعب للغاية ، منذ حصوله على الرسالة والأفكار تعصف به ، اصبح يمتلك الكثير من الأفكار مؤخراً عن الكثير من الاشخاص والمواقف ، بداءً بوالده الذي بدأ حزيناً للغاية وهو يهمس الليلة الماضية ، والده الذي خاب أمله بابنه مجدداً بالتأكيد، وصولاً لهمسات بعض النبلاء عن أحقيته وجدارته بالخلافة موخراً، وصولاً إلى صاحبة هذه الرسالة المزعجة ، شعر ببعض العار تجاه افعاله معها ، رغم كونه الأنبل في المملكة وأميراً وخليفة لعرش امبراطورية عظمة ، إلا أنه أبدا اسوء انطباع أمام الفتاة التي كانت تقطر منها الآداب والاخلاق الحميدة ، كانت ورغم كونها نبيلة متواضعة مثالية للغاية ، حتى خطأها المزعج ومناداتها له بأخي كان بطريقة لطيفة وآداب كاملة لا تشوبها شائبة ، كان يجب ، ان يكون اكثر نبالة وأكثر جدارة ، “اغ!، حتى اني هددتها بقطع رأسها ” فكر بذلك بعار وهو يدفع راسه بين ذراعيه اكثر ، لا عجب ان الناس ينظرون له بتلك النظرة ، نظرة عدم الكفاءة.
لم يكم ممتعاً لكاسيس رؤية ثيودور في حالة يئس وعار ، يفضل رؤيته بمشاعر حيوية اكثر ، مازحاً ومتحمساً وحتى غاضباً ، اضطرّ كاسيس إلى التأفف وهو يصلح جلوسه ويخطف الرسالة من أمام ثيو البائس ، ( ان لن تقراءها فسوف افعل ) ، سرعان ما قفز ثيودور من مقعده وهو يحاول استعادة الرسالة من بين يد كاسيس وقد اكتسح التوتر وجهه ، ( مستحيل !) صرخ بها ثيودور وهو ينتزع الرسالة المجعدة من يد كاسيس الذي صدم للحظة وفتح أعينه الخضراء جراء انفعال ثيودور الغريب ، ( انها … موجهة لي!) بدأ صدر ثيودور يرتفع ويهبط بعنف وكأن محتويات هذه الرسالة تعد سر من اسرار الدولة و ليست مجرد رسالة سخيفة من طفلة يكرهها ، حاول ثيو إصلاح موقفه بسرعة وتهدئة اضطرابه بينما لم تغب هذه التغييرات عن أعين كاسيس ، ” شيء ما يحدث ، شيئاً قد تغير ” . ، ( الطفلة …) نطق كاسيس وكأنه يستجوب ثيودور ( ما رأيك بها؟) .
شاركوني رأيكم وتعليقاتكم على الإنستقرام :@yumir_a27 ❤️