الوقوع في حب الأميرة المزيفة - 4
أوفيليا
تستغرق العربة حوالي الساعة والنصف من فيلا عائلة بروين في العاصمة وحتى القصر الإمبراطوري ، في حين ان الفيلا المعزولة كانت على أطراف المدينة ، إلا ان القصر الإمبراطوري كان يتمركز في قلب العاصمة ، شيئاً ما عن ذلك ولد فكرة عابرة في ذهن أوفيليا ، “انها خطوة كبيرة وتناقض شاسع ” ، تدرك أوفيليا ورغم صغر سنها مكانتها الاجتماعية في هذا المجتمع الزائف المحاط بالطبقية ، انها ابنة كونت متواضع ، والدتها ابنة بارون ريفي لربما لم يسمع احد خارج الإقطاعية عن اسمه ، رغم ذلك لم تكن نظرتها للأمر بازدراء ، هي فقط تدرك كون انتقالها من تلك المكانة إلى ان تصبح أميرة الإمبراطورية تعد خطوة هائلة بل ومخيفة ، يجب الاستعداد جيداً لهذا ، لا بأس هي على دراية بالأساسيات ، أوفيليا التي تجيد كل ما تفعله ، أوفيليا لم تفشل في اي من ما تفعله يمكنها سريعاً التأقلم على الحياة الجديدة المقبلة ، هذا لا شيء لاوفيليا المثالية ، حسب آخر زيارة استطاعت أوفيليا كسب ود الجميع وتأييدهم ، التصرفات الصحيحة والخطوات المتقنة ، الكلمات المعسولة ونظراتها المدروسة ، أوفيليا المثالية قد بذلت جهداً جباراً حتى ترسم افضل لوحه لنفسها في اذهان الجميع ، ” أميرة مثالية ” أوفيليا المهووسة بالكمال وضعت هذا الهدف نصب عينيها ، تريد ببساطة ان تكون جديرة بالمنصب والمكانة التي ستتمتع بها قريباً ، مع السلطة تأتي مسؤوليات اكبر ، أوفيليا صاحبة العشرة أعوام كانت مستعدة لهذه المسؤوليات ، ربما اكثر من اللازم ، الأمبراطور وموظفي القصر ، بعض العائلات الأرستقراطية التي بدأت بالانخراط معهم ، يبدو ان جهودها تؤتي ثمارها ، لكن هنالك مشكلة واحدة فحسب ، “ولي العهد ” ، لسبب ما يرفض الأمير مقابلتهما ، بينما يختلق الامبراطور الأعذار لابنه المتمرد تستطيع أوفيليا ببساطة ان تقراء المشهد وتحلله ، حسناً ليس بالمشهد الصعب ، الأمير الغاضب سيء المزاج حاد الطباع ، كان يرفض وجود بديل للإمبراطورة الراحلة فحسب ، قصة سهلة تنبأ بها الاغلب ، لكن المشهد ليس كاملاً ، الأمير يخفي شيئاً آخر ، شخص بمثل هذه الشخصية المتمردة وتلك الأفكار الغاضبة ماكان ليفوت فرصة للقاء مرشحة منصب الإمبراطورة وان يبصق بكلماته الغاضبة البغيضة في وجهها ، قطعة الأحجية المفقودة هي سر سمو الأمير ، ” مالذي يقيده؟، لما اختار الهرب ؟”
، بينما كان الصمت يخيم على العربة تسربت أصوات قعقعة الحجارة تحت العجلات في أوقات متقطعة ، أوفيليا التي انغمست في تطريز المنديل أمامها رفعت رأسها بعدما ندهتها والدتها بخفة .( ليا ) التقت أعين أوفيليا بوالدتها وهي تزيل جزءاً من ستار نافذة العربة وتنظر للخارج ، ( لقد وصلنا ) أردفت سيسيليا مما دفع أوفيليا للتوقف عن تطريز منديلها الجميل مثالي الغرز ووضعه جانباً ، تلاشت افكارها التي صاحبتها طوال الطريق ، ليس وقت التشتت الآن ، انه وقت التصرف السليم ، اجابة أوفيليا بقدر معقول من السعادة وهي قد عقدت العزم على سير اليوم بشكل مثالي كما العادة ( نعم ، من اللطيف العودة مجدداً) .
………………………
مراقبة الفراشات في الدفيئة الجميلة كان افضل وسيلة للانتظار بصبر ، ” تلك الورود الزرقاء جميلة ” فكرت أوفيليا بذلك بعدما تبادلات بعض الجمل مع والدتها المستمتعة بشاي الياسمين ، اخيراً اعلن الحارس دخول الامبراطور ، وقفن احتراماً لشمس امبراطورية المير مع تبادل طفيف للتحيات ، ( انه لشرف ان التقي بسمو ولي العهد اخيراً عسى ان تحيطك بركات الحاكم )، بعدما حيته سيسيليا ، أوفيليا سريعة الملاحظة ادركت انها محقة ، أوفيليا التي كشفت عن ابتسامة قد لا تبدو غريبة استطاعت ان تقراء تعابير ثيودور بعناية. ” انه غاضب ” رغم كونه في حالة غضب واضحة من موقف سيسيليا إلا ان الأمير الشاب الذي ذاع صيت عصبيته جميع ارجاء الإمبراطورية قد اختار الصمت والتجاهل فحسب ، لكنه واضح للغاية ، انه غاضب للغاية ، يريد بصق تلك الكلمات ، فمالذي يمنعه اذاً؟ احتراماً لمكانته ووالده؟ ليس فعلاً وإلا لما نشأت عنه سمعة كتلك ، مهما كان ما يخفيه فلا يبدو امراً يصب في مصلحته كما يعتقد ، وإلا ما ارتجفت عيناه وتعرق جبينه كما الان ، هنالك شيء خاطئ ،
حان دورها الان لإلقاء التحية ، بخطوات مدروسة بعناية فائقة انحت أوفيليا لتحية الإمبراطور والأمير ، ( تحياتي لشمس المير ، ارجوا ان تكون بصحة جيدة) ، الأمير الذي لا يتحكم جيداً في تعابيره قد كان انزعاجه من أسلوب أوفيليا واضحاً ، اختلطت ملامحه المشدودة بالدهشة ، ليست اول مرة يندهش فيها احدهم من مثالية تحية أوفيليا ، لكن ليس هذا المهم الان ، أوفيليا الذي اعتراها الفضول تريد معرفة سر هذا الامير الذي يبدو كالكتاب المفتوح لكنه يخفي هذه الصفحة الوحيدة عن بصيرتها ، ” وفقاً لما تبديه شخصيته ، يحتاج فقط إلى قطرة حتى يفيض ، اسفة سموك ، هذا لاجل مصلحة العائلة ” هذا ليس مجرد سر تريد معرفته بدافع الفضول فهذه ليست شخصيتها المعتادة ، انه سر يهاب الأمير مواجهته حتى لنفسه، وإلا لما اختار الهرب ، الأمير يحتاج إلى نطق ما هو محبوس بين طيات خاطره ، يحتاج إلى مواجهة ما يهرب منه بلا وعي ، وإلا فأن العائلة لن تكون كما يجب ، لن تكون مثالية ، ( اسمح لي ان اقدم نفسي ،سمو الأمير ، أنا أوفيليا بروين )، نجحت أوفيليا في لفت انتباه ثيودور رغم اشتعال عينيه بالكره إلا ان الأمر بات واضحاً لها اكثر الان ” لن تصمد جدرانه اكثر ” أوفيليا التي كانت على أتم الاستعداد لرؤية انهيار جدار الأمير فتحت عينيها بإشراقة وهي تردف بصوت مرح خالطه الحماس ( ارجوا ان تعتني بي جيداً … اخي ) ، ببساطة ثيودور يرفض حتى ان تكون هنالك إمبراطورة جديدة ، لكن كون فرض أوفيليا الأخوية على شخص لا يريد ان يرتبط بهن باي رابطة ،كانت المفتاح ” فهمت الان ما يخشاه الأمير§§، خسارة عائلته الهشة مجدداً “…
ماكانت سوى لحظات حتى اثبتت صحة تحليلها ،ثيودور الذي صدم لبضع ثواني قبل يشد قبضته بقوة قد اسقط جداره اخيراً وبدأ بالصراخ .