الوقوع في حب الأميرة المزيفة - 3
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- الوقوع في حب الأميرة المزيفة
- 3 - صافية كالسماء مشرقة كالشمس
صافية كالسماء مشرقة كالشمس
( سيدة سيسيليا ، انسة أوفيليا ، انه لشرف عظيم ان نحظى بكن مجدداً ، عسى ان تحيطكما بركات الحاكم ) رحب كبير الخدم ادواردو المسن بالضيوف بانحناءة متقنة واضعاً يده اليمنى ناحية قلبه ، تتبعه بقية الخادمات والخدم بانحناءة ترحيب بينما تركت اخيراً سيسيليا كف الفارس الذي ساعدها على النزول ، رفعت سيسيليا رأسها بثقة ، بابتسامة حلوة تزين شفتيها اجابة بود وتلقائيّة( شكراً لك سيد ادوراردو ، عسى ان يبارك الحاكم المير ) عبرت عن امتنانها لموقفهم ، هذه الزيارة الرابعة ولا يزال الخدم يتمتعون بهذه الخصال الحميدة، لا يبدو عليهم الانزعاج او التصنع ، كان شيئاً جيداً ان تكتسب سيسيليا تأييد اياً من كان في القصر فبذلك تستطيع صرف انتباهها عن مشكلة المظيفة الجديدة التي لا تتأقلم إلى مشكلات اهم مثل الإدارة والشؤون الإمبراطورية ، ارتفعت ابتسامة الخادم اكثر حيث نزلت اخيراً أوفيليا من بين أبواب العربة ، لا يهم عدد المرات التي سترى فيها القصر ، سيبقى دائماً مبهراً خاطفاً للنظر ، كذلك كانت هي ، شعرها الأشقر المنسدل وقبعتها الجميلة التي تغطي بعض من عينيها الزرقاء ، كانت جميلة تفوق حتى السيدة جمالاً ، والاهم كانت مشرقة كيوم صيفي لم يكن للغيوم اثر فيه ، بمهارة استثنائية انحت أوفيليا بدرجة مقبولة لمكانتها المقبلة وهي تحيي جميع الخادمات والخدم الذي باتوا ينتظرون حظور الأميرة اللطيفة والذكية مجدداً ، ( من اللطيف ان اراكم مرة أخرى ) بابتسامة مشرقة تم إذابة قلوب الحضور ، حتى ادواردو المسن الصارم كاد يذوب بين لطافة تلك الكلمات النابعة من هذه الطفلة الرزينة والنقية ، مر زمن طويل للغاية منذ آخر أميرة سكنت القصر الإمبراطوري ، يبدو بأنهم باتوا في اشتياق لذلك ، أسكتت كبيرة الخدم همسات الخدم عن مدى براعة الأميرة المقبلة ليقودهم ادواردو اخيراً إلى مكان انعقاد اللقاء لليوم ، ( اسمحن لي ان أرشدكن إلى الدفيئة، سيوافينا جلالته بعد لحظات ) .
ثيودور الذي حظي بملابس اكثر نظافة ، زرع عتبة باب مكتب الامبراطور ذهاباً واياباً ، “ربما هذا الوقت المناسب ، ربما الان ، الان؟ حسناً ، كيف سأخبره ، لا ، ليس بهذه الطريقة ، لا أريد احزان والدي ، لكن … نعم الان ، يجب ان اخبره بما أريد الان ” ساورت ثيودور بعض الأفكار والشكوك وهو يقضم ظفره بين ذهاب وإياب أمام باب المكتب ، يجب ان يخبر والده بان والدته لا يجب ان تُستبدل ، يجب ان يخبره ، بأن وبفعله هذا يسيء لذكرى والدته، إمبراطورة جديدة؟ رغم انه بدأ ينخرط في السياسة إلا انه لا يزال لم يستوعب لما قد تكون إمبراطورة جديدة بهذه الأهمية للبرلمان والإمبراطور ، لقد سار القصر والإمبراطورية بخير لخمسة أعوام ، مالذي تغير الان؟ ، قاطع اتصال افكار ثيودور صوت باب المكتب وهو يفتح مع اندفاع الإمبراطور المسرع الذي كاد إلا يلاحظ ابنه المضطرب ، علت صدمة ممزوجة برحيق السعادة وجه روبرت ، الإمبراطور ، ( ثيودور!) لم يستطلع إلا إظهار ابتسامة طفيفة لابنه وهو يتحدث بفخر ( تبدو بحالة جيدة ) صمت ثيو مع تدفق كلمات والده السعيد ، رؤيته بهذا المزاج الجيد هو امر نادر الحصول ، صمت ثيودور محاولاً بصعوبة اخراج ما تدرب عليه لبعض الوقت الان ، ( جلالتك أنا…) صمت لثانية ، يعيد التفكير بالأمر ، مزاج والده السعيد لابد بانه لن يستمر كثيراً بعدما سيقوله ، ( اعلم … ثيو ) رسم الإمبراطور الذي بادر بعد لحظة الصمت بالحديث ابتسامة مطمئنة على وجهه بينما صعدت يداه على اكتاف ثيودور الصامت ، ( اعلم بأنه امر صعب … لكني سعيد للغاية لموافقتك اخيراً. أنا فخور بك وعلى يقين بأنك لن تندم ، السيدة سيسيليا وابنتها ، متأكد بأنك سوف تحب مقابلتهما ) يبدو ان دوروثيا تجيد كتم الاسرار بشدة ، لو علم الامبراطور بأنه حاول الهرب مجدداً لما تحدث بهذه الحنية المفرطة ، يبدو الإمبراطور غريباً وهو يتحدث بهذه الطريقة التي لا تناسبه ، لكنه وبشكل ما ناسبت كونه أب للغاية ، لا يمكنه ، لا يمكنه تعكير مزاج والده الجيد الان ، “حسناً ، لاجل والدي ، عائلتي الأخيرة ، لم أخيب هذا الامل المتدفق من عينيه ، لكن لاحقاً بالتأكيد يجب ان اخبره سأفعلها! “، مع صمت ثيودور المستمر لربما إنهاء المحادثة هنا كان الخيار الأمثل ، ( إنهن بالانتظار ، لنذهب ثيودور ) هذه المرة بلهجة حازمة اكثر تليق بمكانة الإمبراطور الصارم عرض روبرت الذهاب على ثيودور وهو يرفع رأسها بغرور ببدلته السوداء التي لاقت بشكل كبير مع شعره الأبيض ، ( نعم جلالتك ) انقاد ثيودور بالمشي متخلفاً بخطوتين فقط عن الإمبراطور وهو يردد في عقله ” لاجل والدي … هذه المرة فقط ” .
رغم نسمات الهواء الباردة التي يحملها فصل الخريف إلا أن الدفيئة كانت في درجة حرارة مثالية ، سقفها الزجاجي سمح بنفاذ أشعة الشمس الذهبية وصولاً للورود ، مع بعض الانعكاسات الضوئية التي شكلت الوان الطيف الزاهية على بقع محددة من المكان ، امتزجت رائحة الورود العطرة مع رائحة شاي الياسمين الذي تحتسيه سيسيليا ، بينما تتأمل أجمل وردة ، أوفيليا ، وهي تراقب مرور الفراشات من مقعدها بكل سعادة ، ( هل احببتِ المكان ؟ يشاع ان بعض الزهور التي تنموا هنا لا تنموا سوى في القارة الشرقية ) ، أدارت أوفيليا رأسها وهي تحدق في جمال بعض الأزهار الزرقاء النادرة ( نعم المكان دافئ ، يذكرني بالجنوب ) ، تمتمت أوفيليا وهي تعيد رأسها ناحية فنجان الشاي قبل ان ترتشف منه القليل جداً ، رغم كون سيسيليا تجهل ما إذا كانت هذه الزهور تنبت هنا بفضل العناية الفائقة ام السحر إلا ان المعلومة صحيحة ، الامبراطورة الارملة ، والدة روبرت ، رأت هذه الدفيئة مدعاة للفخر ، صنعت خصيصاً لها وهي أجمل حدائق الإمبراطورية ، تطاول حشد الارستقراطيين على هذه الدفيئة الفاخرة بالحسد لدرجة دفعتهم باتهام الإمبراطورة بالبذخ والتبذير ، إلا انها اعتزت بها للغاية وحافظت عليها بنفسها ، هذه الدفيئة كانت هدية الإمبراطور السابق لها لإنجابها للوريث المنتظر ، الذي سرعان ما اُعلن دخوله ، من الوهلة الاولى قد يُنظر للإمبراطور على انه حازم وقاسي ، نادراً ما يبتسم وهو منغمس للغاية في العمل ، لكنه ليس كذلك طوال الوقت ، فهو اليوم يبتسم كثيراً ، ويبتسم بود ، رغم كونه مراعياً في كل الزيارات الثلاث السابقة إلا انه اليوم مختلف ، انه يشتعل حماسة ، يبدو متحمساً لمقابلة ثيودور اخيراً لافراد العائلة الجدد ، بخطى واسعة متقنة تقدمت ساقاه ناحية السيدة التي سرعان ما وقفت باحترام شديد وهي تنحني بابتسامة لزوجها المستقبلي وإمبراطور المير ، ( من الجيد رؤيتك في أتم صحة ، جلالة الإمبراطور ) خرجت كلمات سيسيليا ورأسها لا يزال منحنياً ، كانت من الوقاحة تجاهل ولي العهد لكن رؤيته كانت متأخرة قليلاً كونه هادئاً عكس الشائعات التي تضج بكونه امير صاخب وسريع الانفعال ، ( انه لشرف ان التقي بسمو ولي العهد اخيراً عسى ان تحيطك بركات الحاكم ) في خضم لهجتها الرسمية الممزوجة بالودية قرر ثيودور التجاهل فحسب ، لم يستطع الرد بالمثل فهو ليس بسعيد لرؤيتها ، لو انه قرر الحديث لقال اشياء قد تغضب والده ، قرر تجنب لذلك هذه المرة. “لاجل والدي ” ، رفعت سيسيليا رأسها بينما امتدّت ذراعها للإمبراطور الذي طبع قبلة صغيرة على كفّها ( اتمنى ان لا تكون الآنستان قد انتظرتا لوقت طويل ) مع انقضاء المشهد الرومانسي المبتذل جاء دور أوفيليا لإلقاء التحية ، رغم كونها تبلغ من العمر عشر سنوات فحسب إلا أن انحنائها الأنيق كان شيئاً ستفخر به معلمة الآداب خاصتها بكل تأكيد ، ( تحياتي لشمس المير ، ارجوا ان تكون بصحة جيدة) ، صوتها الناعم ولهجتها الواثقة جعلتها تبدو اكثر نضجاً من عمرها ، كانت حتى تتمتع برزانة جعلت ثيودور ، انبل شاب في الإمبراطورية يشعر بالخجل من فعله منذ برهة ، أمسكت أوفيليا بكل أطراف فستانها فاتح الزرقة وهي تمدهم قليلاً ، برجل خلف الأخرى انحت ناحية ثيودور الصامت وهي تحييه بتهذيب بينما عيناها مغلقتان وابتسامة عريضة تزين محياها( اسمح لي ان اقدم نفسي ،سمو الأمير ، أنا أوفيليا بروين ) ، اخترقت أشعة الشمس الذهبية الخافتة خصلات شعرها المنسدل ، بانحناءات لا تشوبها شائبة وابتسامتها اللطيفة ، الفتاة التي تشبه الدمية ، فتحت عينيها بينما تتورد خدودها بلون الورد ، عينيها الصافية كالسماء و ابتسامتها المشرقة كالشمس ، النسخة المصغرة من سيسيليا والتي ربما فاقتها جمالاً،حدقت بأعين ثيودور الذهبية المضطربة ونطقت بصوت مرح خالطه بعض الخجل ( ارجوا ان تعتني بي جيداً … اخي ) .