الوقوع في حب الأميرة المزيفة - 1
امير قصر المير
كان القصر في حالة من الفوضى ، لم يقتصر السبب على كون الإمبراطورة المستقبلية قادمة فحسب ، بل لان سمو ولي العهد ، ثيودور دي المير، وبشكل غريب قد اختفى ، هرعت الخادمات في خطوات سريعة للبحث عن أميرهم المضطرب ، إذا وصل لمسامع الإمبراطور خبر هروب الأمير مجدداً فان عقاباً شديداً سوف يكون في انتظاره كما وعده ، ( سيد ليونارد ! ) صاحت الخادمة بكل امل ناحية الفارس سريع الخطوات ، حاولت اخذ ما استطاعت من الأنفاس حالما وصلت إليه قبل ان تتحدث مجدداً بلهجة متوجة بالقلق ( هل وجدت صاحب السمو؟ إذا سمع جلالته بالأمر فلن يفلت الأمير هذه المرة !) ليونارد ، الذي حافظ على ملامح ثابتة ولهجة رسمية اجاب المربية القلقة بجواب لربما يريحها قليلاً ( انسة دروثيا، لا داعي للقلق ، لابد ان سموه في مكان ما قريب ، سأحرص على إيجاده قبل وصول العربة ) رغم محاولة ليونارد ذو الملامح الحادة إراحة المربية القلقة إلا أن دوروثيا اكتفت بإطلاق تنهيدة حزينة وهي تغطي عينيها المتعبتان بكف يدها ( اه لماذا يستمر في فعل ذلك ، جلالته متساهل معه للغاية ولكنه قد وصل لحدود صبره منذ زمن ، هذه المرة بالتأكيد ، ان رفض مقابلة الامبراطورة المستقبلية فان العواقب ستكون شديدة ، خصوصاً وان الزفاف الإمبراطوري على وشك الحدوث ) ، ثيودور الذي رفض بالفعل مقابلة الامبراطورة الجديدة لثلاثة مرات ها هو ذا يهرب من لقائها مجدداً رغم معرفته بالعواقب المترتبة على ذلك ، لم تفهم دوروثيا السبب ، ليس وكان زواج الامبراطور مرة اخرى كان امراً غير متوقع ، لكن ولسبب ما يرفض ولي العهد مقابلة من ستكون إمبراطورة الإمبراطورية الجديدة ، زوجة والده وعائلته ، تنهدت دوروثيا مجدداً ، نعم ربما تكمن المشكلة هنا، ربما لا يريد ان ياخذ احداً هذا المقعد ، مقعد والدته الراحلة ، فيختار الهرب بدلاً من مواجهة والده بذلك ، ( انسة دوروثيا ، لا تقلقي سوف أعود برفقة سموه في غضون لحظات ، يرجى الاهتمام والاستعداد لاستقبال الإمبراطورة المستقبلية ) رداً على ملامح دوروثيا القلقة نطق الفارس ، انحنى ليونارد بدرجة بسيطة لدوروثيا محافظاً على لهجته الهادئة المعتادة ، وسرعان ما عاودت قدماه المشي باتجاه الحديقة الخلفية للقصر .
( إلى متى تنوي التصرف كالجبناء ، هذه الصفات لا تليق بأمير المير ) بلهجة امتزجت بالبرود والسخرية نطق كاسيس بينما لايزال الاثنان يمشيان بين الأشجار الكثيفة ، ( اخرس ! لست في مزاج لسماع هرائك الآن ) استطاع كاسيس رغم الغصب الممزوج في رد ثيودور الشعور ببعض الاستياء ، “ياله من جبان ، بدلاً من مواجهة سموه بما يزعجه قرر الهرب ،ياله من امير ” ،( أستطيع سماع افكارك البغيضة ! أخبرتك ان تخرس !) رد ثيودور على افكار كاسيس غير المنطوقة بغضب مفرط ، من السهل بالتأكيد قول ذلك ، لكن ماذا عساه يواجه به الامبراطور؟ ثيودور الذي اختار الصمت لخمس سنوات ، كيف يجرؤ على اخبار والده بذلك ، الآن وبعد كل هذه المدة ، كيف يخبر والده المتعب بانه حزين ، بانه يشتاق إلى والدته ، وبان استبدالها امر يؤلم فواده بشدة، ان يرى والدته تصبح منسية ، ان تستبدل ، هل يمكنه ان يصرح بانانيته بالحفاظ على ذكراها علانية؟، نظر ثيودور إلى السماء المتخفية بين أغصان الأشجار الكثيفة، بنظرة يعلوها الحزن استطاع رؤية موقع الشمس ، ( لقد انقضت فترة الظهيرة ، يمكننا العودة الآن ) رددها ثيودور بهدوء والتف سالكاً طريق العودة ، كانت تعصف به الأفكار المحزنة ، هو صاحب الثلاثة عشر عاماً ، وكانت قد اعمت بصره عن رؤية ما أمامه ، كان كاسيس متجاوزاً إياه يسرع بخطاه في العودة ، ( لا يمكنك ان تسبق ولي العهد ، ألم تتعلم آداب السلوك !) اندفع ثيودور بجانب كاسيس محاولاً إبعاد تلك الأفكار عديمة الفائدة عن عقله ، لكن يبدو ان لكاسيس رأي آخر ( انها ليست والدتك ) قالها بهدوء بينما أصوات تكسر أوراق الخريف تأتي من تحت اقدامهم ، كاسيس الوقح ، يبدون انه يحاول انتقاء كلماته بعناية هذه المرة( انها مجرد إمبراطورة وجِدت للحفاظ على استقرار القصر والرأي العام ، التفكير بها بطرق أخرى لن يجلب لك سوى الحزن ، توقف عن التفكير بذلك ، انها إمبراطورة فحسب ) نعم ، كاسيس محق رغم مواساته الملتوية ، لم يطلب اي احد منه ان ان يرى الامبراطورة المستقبلية باي شكل آخر ، منذ اليوم الاول ، كانت فقط الامبراطورة ، لكن ثيودور كان ذو فكر مختلف ، توقف عن المشي و استغرق كاسيس بضع خطوات حتى يدرك ذلك ويتوقف بدوره ، ناظراً لثيودور الغاضب ، الذي تبدل غضبه الآن ببؤس ، يجمع الهواء الحاد في رئتيه فبل ان ينطق اخيراً باعترافه الصعب ( الامبراطورة …لديها ابنة ) … ابتسم ثيودور بحزن ، انها الحقيقة التي خاف ان ينطق بها ، تبعتها افكاره الخاصة ( الامبراطور ، قام باستبدال كليهما …)