المجهول - 1
لم يكن دان يوان مجرد فتى في السابعة عشرة من عمره. كان عبقريًا بطريقة يخشاها الجميع. عُرف بين أقرانه بقدرته على حل المعادلات المعقدة في ثوانٍ، أو تفكيك جهاز إلكتروني وإعادة تركيبه في أقل من ساعة. كان عقله أشبه بآلة، يعمل ببرود ودقة. لكن ما أثار خوف من حوله لم يكن ذكاءه فقط، بل عدم خوفه.
منذ أن كان طفلًا، تعلم دان أن الخوف ضعف، وأن الضعف سيؤدي إلى سحقه في عالم لا يرحم. تعرض للتنمر والإهانة بسبب مظهره الغريب—شعره الأبيض الطويل وعينيه الحمراوين جعلاه يبدو وكأنه خرج من كابوس. لكن التنمر لم يحطم روحه، بل صقله. أصبح عقله مكانًا مغلقًا، يعج بالأفكار المظلمة والتخطيطات الباردة.
لم يكن يشعر بالخوف، لأنه عرف أن الخوف لا يفيد. كل يوم كان يمر في المدرسة كان اختبارًا جديدًا، وتعلم أن يعيش دون أن يكترث. زملاؤه كانوا يرونه باردًا، غامضًا، وغير قادر على الشعور بأي شيء، بينما في الحقيقة، كان ذكاؤه هو الذي أبعده عن مشاعر مثل الخوف أو الحزن.
في اليوم الذي قرر فيه تفجير المدرسة، لم يكن قرارًا انفعاليًا. كان تفكيرًا منطقيًا تمامًا. القنبلة التي صنعها كانت نتيجة بحث مكثف، مكونات مختارة بعناية، وكل خطوة مخطط لها بدقة. كان يعرف أن هذا اليوم سيكون مختلفًا. لا مزيد من الألم، لا مزيد من التنمر. كل شيء سينتهي.
كانت خطته مثالية. القنبلة مخبأة في حقيبته، وكل ثانية محسوبة. لكنه لم يكن يعلم أن اليوم سيحمل مفاجأة أخرى.
بينما كان يستعد لتنفيذ خطته، سمع صوت الزجاج يتكسر، ورأى الرجال المسلحين يقتحمون المدرسة. كان المشهد فوضويًا. الطلاب يصرخون، الدماء تسيل على الأرض، والرجال يطلقون النار بلا تمييز. ابتسم دان ببرود. “فوضى غير مخطط لها”، فكر في نفسه.
لكن هذه الفوضى كانت تسير خارج نطاق سيطرته. وبينما كان ينسحب ببطء، محاولًا البحث عن مخرج ليلجأ إليه، أحس بشيء بارد يخترق جسده. نظر إلى الأسفل ورأى الدم يتدفق بغزارة من صدره. السكين كان مغروسًا في قلبه.
تشو يوان، زميله القديم الذي كان دائمًا يسخر منه، وقف أمامه يبتسم ابتسامة مفعمة بالكراهية. “لقد حان وقتك، دان. لا مزيد من الذكاء الذي سينقذك الآن”.
دان شعر بالألم الحاد يسيطر على جسده، لكنه لم يصرخ. كان الأمر أكثر غريزية. عقل دان كان يحلل حتى في لحظة الموت؛ سكين باردة، زاوية الطعنة دقيقة. سيموت بعد دقائق قليلة، وربما أقل.
أدرك دان أن النهاية كانت قريبة، لكن حتى في هذه اللحظات الأخيرة، لم يشعر بالخوف. “هذا هو الموت، إذًا؟” تساءل داخليًا وهو يشعر بدمه يتسرب من قلبه.
في اللحظة التي كان يتوقع أن يفقد فيها الوعي، حدث شيء غير متوقع. رأى أمامه ضوءًا باهتًا، وكأن العالم يتبدل. الألم بدأ يتلاشى، والأرض تحت قدميه اختفت. الدمار والفوضى تحولا إلى سكون مرعب.
فتح عينيه ليجد نفسه واقفًا في مكان مظلم وغريب. الهواء كان باردًا، والظلام يغطي كل شيء، ما عدا مجموعة صغيرة من الناس يقفون على مسافة منه. كانوا غرباء مثله، وكلهم يحملون علامات الدهشة والذهول.
لكن عقله العبقري لم يتوقف عن العمل. “أين نحن؟ كيف وصلنا إلى هنا؟” تساءل وهو ينظر حوله. لم يكن هذا مكانًا عاديًا، ولم يكن هؤلاء الناس هنا صدفة. كانت هناك قوى أكبر في اللعب.
لكن بالنسبة لدان يوان، كان الشيء الوحيد المؤكد هو أن الحياة
التي كان يعرفها قد انتهت.