القديسة؟ لا، أنا مجرد طاهية متواضعة في مطعم بسيط - 09
عندما فتح النافذة، هبت نسمة ليلية ناعمة إلى الداخل.
تطايرت خصلات شعر هارولد بفعل الرياح، متشابكة قليلاً قبل أن تنساب مرة أخرى. كان شعره المستقيم، الذي لا ينكسر مهما داعبته الرياح، يبدو وكأنه يعكس طبيعته المستقيمة والثابتة.
رجل لا يمكن لأي أحد التحكم فيه. يعيش وفقًا لما يمليه عليه قلبه.
تحت ضوء القمر، المصدر الوحيد للإضاءة، ازدادت عيناه الذهبيتان بريقًا وسحرًا.
—
“زيجفريد، هل نمت بالفعل؟”
تحدث هارولد بصوت هادئ وهو مستلقٍ على السرير، موجّهًا حديثه للرجل الملقى على الأرض. كان زيجفريد أوغست، وهو يحتضن وسادة بين ذراعيه، قد رفع جسده قليلاً.
ظهر جسده المتناسق الجميل، الذي كان مخفيًا تحت الزي العسكري، عاريًا تقريبًا باستثناء السروال الأسود الذي كان يرتديه.
“لو رأتك رين، لأغمي عليها من فورها.”
أغلق هارولد قلبه عن مشاعر غامضة تسللت إلى داخله، محدّقًا إليه بتركيز.
رغم كونه ابنًا لعائلة دوق لامبرتون التي تأتي سلطتها بعد العائلة المالكة مباشرة، فإن زيجفريد ينام على الأرض دون أدنى تردد. في البداية كان ذلك مفاجئًا لهارولد، لكنه الآن أصبح أمرًا عاديًا. زيجفريد كان رجلًا عمليًا، غارقًا في العمل لدرجة أن النوم على الأرض أصبح عادة يومية له.
مع ذلك، فإن هارولد وحده من كان يسمح لنفسه بجعل زيجفريد ينام على الأرض أثناء استضافته في غرفته. وهذا يعكس طبيعة العلاقة المميزة بينهما.
—
“هل أنت متأكد من أنك لا تريد إبلاغ عائلة لامبرتون عن مكانك؟”
“العودة في الصباح أمر معتاد بالنسبة لي. لا مشكلة في ذلك.”
“وهذا هو السبب الذي يجعلك تُساء فهمك باستمرار.”
كانت شائعات كثرة تأخر زيجفريد عن العودة منتشرة في القصر الملكي. ربما ساهم في ذلك شخصية شقيقه الأكبر، رايفورد أوغست، قائد الفيلق الأول، المعروف بجديته وانضباطه.
غالبًا ما كان الناس يقارنون بين الأخوين: “الجديّ المتميز رايفورد” و”زيجفريد الخفيف، لكنه كفء”.
لكن الحقيقة كانت مختلفة. بينما كان رايفورد يؤدي عمله الموكّل إليه بشكل دقيق، كان زيجفريد، رغم مظهره اللامبالي، يتحمل أصعب المهام بلا تردد. كلاهما كان يسير في الاتجاه نفسه، وإن كان من زوايا مختلفة.
مع ذلك، فطبيعة عمل زيجفريد الشاقة لم تكن معروفة لمعظم من حوله؛ لأنه كان يخفيها بمهارة، مفضلًا أن يبقى بعيدًا عن الأنظار.
—
“إذا كان لديك شيء لتقوله، فلتفعله الآن. أريد النوم.”
“لدي تقرير واستشارة يا قائد الفيلق.”
“كف عن ذلك. سماعك تناديني هكذا يشعرني بالغرابة.”
كان يشعر وكأنه يواجه اتهامًا مبطنًا، رغم علمه بأن ذلك مجرد وهم.
هارولد، رغم كونه شخصًا حرًّا، لم يكن يفتقر إلى الضمير. صحيح أنه كان يطلب أحيانًا أشياء غير معقولة باسم التجارب، لكنه كان يعرف جيدًا من يستطيع الاعتماد عليه.
—
“زيجفريد، هل تشعر بالغضب مني؟ هل تعتبرني غير مخلص؟”
“لا أعلم. طلبوا منك إعادة إحياء الطقوس كشرط لترك الفيلق. سواء غادرت أم بقيت، الأمر يعود إليك. وإذا كنتَ مذنبًا، فأنا مذنب أيضًا لأنني لم أوقف تلك الطقوس.”
“أنت طيب للغاية… في النهاية، أنا ضحيت بها من أجل حريتي.”
رين لم تُظهر أي غضب، بل قالت إنها ممتنة لإنقاذها عبر الاستدعاء. سواء كان ذلك صدقًا أم كذبًا، هارولد لم يكن يهتم. ما يهمه فقط هو أنها ابتسمت له، وهو ما أنقذه من مشاعره المضطربة.
“اطمئن. سأحميها، مهما كان الثمن.”
—
زيجفريد، رغم محاولاته إنكار اهتمامه، ظل يشعر بقلق عميق تجاه رين. أما هارولد، فقد قرر بصمت أن يقف كحاجز أمام كل ما قد يُهددها، متسلحًا بموهبته كفارس ساحر بارع.
نظر هارولد من النافذة إلى السماء المرصعة بالنجوم، التي بدت وكأنها ستنهمر فوقهما. كان المشهد ساحرًا، تمامًا كالحكاية التي جمعت بين رجلين مختلفين تمامًا، ووضعتهما في قلب معركة لا تتعلق بالسيف أو السحر فقط، بل بالقلب أيضًا.