الدوقة التي كسبت كغنيمة - 145
الفصل 145
رغم أنه شاهد هذا الجسد عدة مرات من قبل، إلا أن انحناءاته الناعمة، خصرها النحيل، أطرافها الرشيقة، وبشرتها البيضاء الناعمة كانت كفيلة بأن تسلب عقله تمامًا.
وكأنها شعرت بحرارة نظراته التي تلامس جلدها، احمرّت وجنتاها وشحمة أذنيها، قبل أن تغمس قدميها في حوض الاستحمام.
“هل الماء ساخن جدًا؟”
“إنه مثالي.”
عندما غمرت إيديل جسدها في الحوض، انسكب الماء قليلًا وبلل أرضية الحمام.
ابتلع لازلو ريقه بينما كان يخلع رداؤه ويلقيه جانبًا.
رغم أن بشرته المرنة غطت عضلاته المنحوتة بدقة، إلا أن آثار الندوب البارزة في أماكن متفرقة آلمت قلب إيديل.
“هل يؤلمك هذا؟”
“أبدًا. بالكاد أتذكر متى أصبت بهذه الجروح.”
“ولكن يبدو أنها كانت مؤلمة جدًا عندما حدثت.”
“أفضل من الموت، بكل تأكيد. … بالمناسبة، إن كنت ستنظرين إلي بهذا الوجه الحزين، فلماذا لا تقبّلينها بدلاً من ذلك؟”
تذكرت حينها حديثهما في السرير عندما كانت تتحسس تلك الندوب.
كان لازلو يبدو غير مكترث بجروحه، لكن عندما قبلت آثار تلك الندوب لطمأنته، احتضنها بشغف كما لو أنه يثبت لها أنه أصبح بخير بالفعل.
‘لديه جانب خفي ومشاكس.’
بينما كانت تراقبه يغسل جسده، يصب الماء فوقه ليزيل أثر العرق والمطر، رسمت إيديل ابتسامة خفية على وجهها.
لم يدرك الآخرون كم كان ساحرًا بشعره الأسود المبلل الذي عاد للخلف كاشفًا عن جبينه الواضح، ونَفَسه المتسارع الخارج من شفتيه الرطبتين.
لم يعرفوا مدى روعة عضلات كتفيه وظهره، أو جاذبية التجويف الخفيف أسفل ظهره بين خصره ووركه، أو صلابة عضلات فخذيه.
لكن الأمر لم يقتصر على مظهره.
لم يعرف الناس أن هذا الرجل، الذي يبدو مخيفًا، كان في الحقيقة شخصًا لطيفًا ومستقيمًا.
ولا يعلمون شيئًا عن الصعوبات والمحن التي مر بها حتى يحقق هذا النجاح.
كانت هذه الأشياء لا يعرفها سوى إيديل.
‘هذا الرجل… زوجي…’
لم تتمنَّ يومًا حظًا كهذا في حياتها، ومع ذلك حصلت عليه.
لكن المؤسف أن الأيام التي تستطيع فيها الاستمتاع بهذا السعادة أصبحت معدودة.
تذكرت الحرب الوشيكة، فتسللت تنهيدة عميقة من شفتيها.
وكأن لازلو التقط الصوت كالشبح، التفت لينظر إليها.
“هل جعلتك تنتظرين طويلًا؟”
“لا، أبدًا.”
“لكن من الصعب تجاهل تنهيدات زوجتي.”
لم تستطع إيديل كبح ضحكة خفيفة عند سماع مزاحه.
“الأمر ليس كذلك… فقط…”
“بسبب الحرب؟”
بدلًا من الإجابة بنعم، اكتفت إيديل بالتحديق في سطح الماء بصمت، مما أضفى على وجهها براءة، ومع ذلك أثارت توتره بشكل غامض.
أنهى لازلو سكب الماء على جسده، ثم رفع يديه ليمررهما على شعره قبل أن يخطو داخل الحوض حيث جلست إيديل.
“آه، هذا رائع.”
جلس لازلو مسترخيًا، محاصرًا إيديل المتكومة بين ساقيه، وأسند رأسه إلى حافة الحوض متنهّدًا بارتياح.
كان مشغولًا للغاية في الآونة الأخيرة، فلم يجد وقتًا للاستحمام جيدًا، وكان الحوض نعمة، خاصة عندما تكون زوجته المحبوبة معه.
“إيديل.”
رفعت إيديل عينيها فقط، بينما كانت تسند ذقنها على ركبتيها المثنيتين.
شعرها المبلل كان يلتصق بخديها المحمرتين وعنقها الأبيض، مما أضفى عليها جمالًا آسرًا.
“الأمور التي لم تحدث بعد لا يمكن معرفة نتائجها مهما فكرتِ بها. بدلًا من أن تنغمسي في قلق بشأن مصائب لم تأتِ بعد، ألا تعتقدين أن الأفضل هو الاستمتاع بهذه اللحظة؟”
“أعلم ذلك. لكن لا أعرف لماذا أتصرف كـ الحمقاء .”
“لأنكِ تحبيني. عندما يقع الإنسان في الحب، يصبح أحمقًا.”
كانت إجابته الوقحة والواثقة كافية لإطلاق ضحكة أخرى من إيديل.
لكن الأحمق لم يكن إيديل وحدها، بل لازلو أيضًا.
“أنا أيضًا أقلق أحيانًا من ترككِ وحدكِ. قد يزعجكِ أحدهم بكلام سخيف، أو تمرين بأوقات صعبة…”
مد لازلو يده ليقبض على ذراعها ويجذبها نحوه.
“لكن هذا ثمن اسم كريسيس ومسؤوليته. لم يكن هذا غير متوقع، وأنا لست الوحيد الذي عليه تحمل هذا العبء.”
أومأت إيديل برأسها وهي تنجذب نحوه بتردد.
جذبها لازلو أكثر، ثم طبع قبلة على جبينها المستدير.
“سأنهي الأمر وأعود سريعًا.”
“سأنتظرك.”
نزلت شفتيه من جبينها إلى شفتيها لتغمرها قبلة عميقة.
“الآن…”.
“مممم…”
“ركّزي على الرجل الذي هنا معكِ الآن. كما أفعل أنا.”
صوت مغرٍ داعب أذن إيديل وعنقها، وجعل جسدها ينساب ببطء فوق لازلو.
“آه…! لازلو…”
***
في اليوم الأخير من الأسبوع المتفق عليه كجزء من الاتفاقية، استدعى ديماكروس إيديل إلى القصر.
“لقد عانيتِ كثيرًا لتأتي، سيدة كريسيس.”
“لقاء صاحب الجلالة الإمبراطور ليس معاناة بل شرف.”
“أعتقد أن زوجك لن يوافق على هذا الكلام، لكنه يروق لي.”
نظر بخفة إلى لازلو الذي كان يرمقه بنظرات متشككة، متسائلًا عن سبب دعوة إيديل إلى القصر أيضًا. ضحك ديماكروس بخبث.
“لقد دعوتكما للوفاء بوعدي، ليس إلا.”
“وعد…؟”
“هل نسيتِ ما قلتُه يوم زفافكما؟ كنت قد وعدت بإهداءكما هدية كتعويض عن كل المعاناة، وأيضًا كتهنئة بالزواج.”
“آه…”
في الحقيقة، كانت قد نسيت تمامًا كلامه ذلك اليوم بسبب انشغالها، وحتى لو تذكرته، لكانت اعتبرته مجرد مجاملة.
“استغرق الأمر بعض الوقت لإعداد الهدية، لكن من حسن الحظ أنها اكتملت قبل انطلاق الحملة.”
ابتسم ديماكروس بلطف ولوّح بإشارة إلى الكونت تالون لإحضارها.
حضر الكونت تالون حاملًا صينية مغطاة بقطعة من المخمل، وعليها علبتان صغيرتان من الخشب المنقوش. من شكلها، كانت تبدو كعلب لوضع الخواتم، لكن زخرفتها كانت استثنائية.
“لازلو، اقترب وافتحها معها. هذه هدية لكما أنتما الاثنين.”
عند سماع ذلك، اقترب لازلو من إيديل وجلس بجانبها.
كان ديماكروس قد لاحظ بالفعل أن نظرات لازلو لإيديل تغيرت بشكل واضح. فمنذ بضعة أيام، بدا وكأنه شخص مختلف تمامًا.
‘يبدو أنهما قضيا وقتًا رائعًا معًا.’
أن منحهم نصف يوم للراحة قبل الخروج للحملة كان قرارًا حكيمًا.
على أي حال، عندما فتح الزوجان الجالسان أمام ديماكروس العلب الخشبية في نفس الوقت، ظهرت عليهما تعابير من الحيرة.
“ما هذا، جلالتك؟”
ما وُجد داخل العلب كان خاتمًا ذهبيًا مزينًا بحجر لازورد مسطح على شكل ورقة برسيم رباعية. بدا أن سطح الحجر المصقول نُقش عليه شيء ما.
“حاول أن تخمن.”
نظر لازلو إلى ديماكروس الذي كان يبتسم بخبث وبتصرف مرح، مما أثار لديه شعورًا بعدم الراحة. في مثل هذا الوقت، حيث قد تعلن الفصائل النبيلة القديمة الحرب في أي لحظة، كانت سعادة ديماكروس بهذه الطريقة تشير إلى أمر واحد فقط من وجهة نظر لازلو.
“إنه يجد متعة في السخرية مني.”
لكن لازلو لم يستطع فهم السبب وراء كون هذا الخاتم مثيرًا لهذه الدرجة من المرح بالنسبة له. تصميم الخاتم كان يبدو ملفتًا للأنظار قليلًا للاستخدام اليومي، لكنه لم يكن طفوليًا أو مبالغًا فيه. بل على العكس، كان يتمتع برونقٍ فخم إلى حد كبير.
وفجأة، وبينما كانت إيديل تنظر بعناية إلى سطح اللازورد، تجمدت كالصخرة. رفعت عينيها المتوسعتين باتجاه ديماكروس ونطقت بصوت مضطرب:
“جلالتك… هل ما نُقش هنا بلغة الماميت؟”
كانت لغة الماميت تُستخدم في مملكة بيسفيرا القديمة، لكنها أصبحت الآن مقتصرة على الطقوس الإمبراطورية والشعائر الدينية فقط.
“أوه، كما توقعتِ تمامًا، سيدتي، لقد تعرفتِ عليها.”
عندها، ازداد شحوب وجه إيديل أكثر.