الحبُّ الأخيرُ للآنسة المهجورة - 3
احم الرواية مكتملة على الواتباد : LENA_y158
أبتعدت أوريليا و هي تركض، تائهة بين الأشجار في باحة القصر،
لقد كانت تركز على الفرار بعيداً عن أنظار ترافيس وبريجيت بأسرع ما يمكن.
كانت تشعر بالأسى والخجل لأنها وثقت بالوغد ترافيس، واعتمدت عليه بهذا الشكل.
لدرجة أنها تمنّت لو تلاشت تماماً من الوجود.
حينما بدأت بوابة القصر الخارجية تظهر بوضوح، خففت أوريليا من سرعتها
وهي تتنفس بصعوبة، لكنها تعثرت بأحد حجارة الطريق وانزلقت قدماها.
“آه…!”
سقطت على وجهها، فجرحت ذراعها وبدأ الدم ينزف منها.
و من عينيها انسكبت الدموع ببطء عندما رأت فستانها الملطخ بالغبار،
شعرت ببؤس عميق ولم تكن لديها القوة للنهوض، فبقيت جالسة على الأرض.
وبينما كانت غارقة في شرودها، سمعت صوتاً خلفها.
“هل أنتِ بخير؟”
التفتت لترى فتى صغيرًا يرتدي ملابس أنيقة يقف بالقرب منها.
وبنظرة واحدة، أدركت أنه ابن عائلة نبيلة رفيعة.
مد لها يده، فبادرت إلى قبولها لتستعين به على الوقوف.
“شكراً جزيلاً لك.”
كان الفتى أقصر منها بقليل، وعمره حوالي أحد عشر أو اثني عشر عاماً.
حدّق إليها بنظرة حانية وكأنه يحاول أن يواسيها.
“آنسة أوريليا، إذا سمحتِ، تفضلي بهذه.”
قدم لها منديله الجميل بأدب، وعندها أدركت أوريليا أن دموعها كانت تبلل وجنتيها،
فاحمرّ وجهها خجلاً وسارعت لمسح دموعها.
“أعتذر، لا بد أن مظهري كان مؤذياً للعين.”
“لا بأس….إذا تعرّض المرءُ لمثل هذا الظلم الفادح، فمن الطبيعي أن يكون متأثراً.”
كان الفتى بشعرٍ أزرق داكن ناعم وعينين زرقاوين واسعتين،
وقد رفع حاجبيه معاتباً وهو ينظر خلفه.
‘هل رأى ترافيس وبريجيت معي قبل قليل؟ ربما لهذا السبب يعرف اسمي.’
“آسف. لم أكن أقصد التنصت، لكنني تصادف وجودي هناك.”
“أنا من يجب أن تعتذر على إفساد فرحة الاحتفال. بالمناسبة، من تكون؟”
“لقد تأخرت في التعريف بنفسي. اسمي بيل إليزيل.”
شهقت أورليا بصوتٍ منخفض.
“إذاً، أنت من عائلة إليزيل…؟”
“نعم، هذا صحيح.”
كانت عائلة إليزيل من أعرق العائلات في مملكة لاستور،
و معروفٌ بأنها خرجت الكثير من فرسان السيف السحريين على مر التاريخ،
وكانوا أيضاً من أقارب العائلة المالكة.
‘لقد سمعتُ عن الابن الثاني النابغة لعائلة إليزيل، لكن لم أتوقع أن يكون هو.
من الصعب تصديق أن فتىً شاباً كهذا قد خاض المعارك في الجبهة الأمامية….’
بما أن المعركة الأخيرة ضد الوحوش قُسّمت إلى فرق متعددة،
لم تتح لأوريليا فرصة لقاء بيل في ميدان المعركة، لكنها سمعت عن براعته في القتال.
“آنستي أوريليا، إذا سمحتِ لي، أود أن أرافقكِ إلى منزلك.”
ابتسم بيل لها برفق ونظر إليها بلطف.
‘هل أذهب معه؟’
لو انتهى الاحتفال كما كان مخططاً له،
لكانت أوريليا عادت مع ترافيس وبريجيت في العربة إلى منزلها.
لكن بعد ما حدث، لم تكن قادرة على تحمل فكرة الركوب معهما.
“لذا…”
“لا داعي للقلق بشأن ذلك. هيا، لنذهب.”
قاد بيل، الذي بدا كفارس صغير،
أوريليا نحو خارج بوابة القصر. وبينما كانت تصعد إلى العربة الفاخرة بحذر، التفتت إليه وسألته بخجل:
“لماذا تظهر لي هذا القدر من اللطف؟”
أجاب فيل مبتسمًا: “في السابق، ساعدتِ أخي جيلبرت، أتذكرين؟ اعتبري هذا بمثابة شكرٍ مني.”
‘إذاً، بيل يعلم بأمر ذلك!’
اتسعت عينا أوريليا في دهشة.
“لكنني لم أقم بشيء يستحق الذكر لأجله…”
كانت قد استخدمت السحر العلاجي على غيلبرت بشكل عابر في إحدى المعارك مع الوحوش.
وتذكرت بوضوح تفاصيل تلك الحادثة،لأنها تعرضت للإصابة وهي تحمي ترافيس وقتها.
“بلى، أخي لا يزال يتذكركِ جيدًا.”
ترددت أورليا قليلاً قبل أن تسأل
“ربما ليس من حقي السؤال، لكن… كيف حال غيلبرت الآن؟”
كان غيلبرت من أبرز سادة السيف السحري في عائلة إليزيل،
وقد أسرت حركاته في القتال أوريليا بجمالها المذهل.
كما أن ملامحه كانت جذابة للغاية، ولم تنسَ الابتسامة الهادئة التي رد بها بعد علاجها له،
والتي تناقضت تمامًا مع شراسته في ساحة المعركة.
لكن قبل عامين، اختفى غيلبرت فجأة عن الساحة العامة بعد إحدى معارك الوحوش.
وسمعت إشاعات عن تعرضه لإصابة خطيرة، لكنها لم تعرف التفاصيل.
أنزل بيل رأسه قليلاً، وكأن كلمات الحزن تثقل عليه، ثم تحدث.
“للأسف، حالته ليست جيدة، لقد أصبح طريح الفراش.”
“آه، فهمت…”
انخفضت نظرات أوريليا في أسى، فتابع بيل بهدوء.
“لكن، مهما كانت حالته، سيظل بالنسبة لي أخي العزيز الذي أفتخر به.
وأنا مستعدٌ لفعل أي شيء من أجل سعادته.”
‘بيل شابٌ كريم القلب ومحبٌ لأخيه.’
تبادلت معه نظرة دافئة، حينها نظر إليها بيل بنظرة جادة.
“آنسة أوريليا، لدي طلبٌ منكِ.فهل يمكنكِ مساعدتي؟”