الحبُّ الأخيرُ للآنسة المهجورة - 1
خرجت أوريليا، وهي تبحث عن خطيبها ترافيس،
إلى حديقة القصر الملكي تحت ضوء القمر الخافت.
في هذه الليلة،
أُقيم مهرجانٌ احتفالي في قصر مملكة لاستور احتفالاً بنجاح حملةٍ ضخمة ضد الوحوش.
وكان ترافيس، بطل تلك الحملة وقادَ قوات المملكة نحو النصر،
بالطبع كان الشخصية الرئيسية لهذه الحفلة، وقد دُعيت خطيبته أوريليا كذلك لتكون إلى جانبه.
ترافيس، الذي يحمل موهبة نادرة في المبارزة بالسيف السحري،
ويحمل أمل المملكة على كتفيه رغم شبابه،
كان محاطًا بعدد كبير من الناس في الاحتفال، لجاذبية مظهره وجسارته.
لكن أوريليا كانت تتابع ترافيس عن بعد خلال الحفل، دون أن تقترب.
‘لو كنت بقربه، ربما كنت سأتسببُ له بالإزعاج…’
تحملُ أوريليا جرحًا كبيرًا في جبينها، و لا يستطيع شعرها إخفاءه بالكامل.
كان ذلك الجرح نتيجة تضحية قامت بها عندما حاولت حماية ترافيس
من أحد الوحوش في السابق.
وقد شاع سرًا أن السبب الوحيد الذي جعل ترافيس،
أحد أفضل مستخدمي السيف السحري في تاريخ المملكة،
يكمل بخطوبته من أوريليا حتى الآن، هو شعوره بالذنب تجاهها.
ولدت أوريليا في عائلة فيكونت فورغ التي تنحدر من سلالةٍ تحملُ قوى شفاءٍ قوية،
ويقال إن النسب والقوة السحرية غالبًا ما يكونان مرتبطين وراثيًا.
وقد لُوحظت موهبتها السحرية الاستثنائية منذ صغرها، مما جعلها محط التوقعات الكبيرة.
وحين علم الكونت غيوريس بموهبتها، أُعجِب بها ترافيس الذي يكبرها بعامين من النظرة الأولى، وتم ترتيب خطوبتهما عندما كانت أوريليا في الثانية عشرة من عمرها.
مستخدمو السيف السحري يتمتعون بقوة تفوق قوة المبارزين العاديين،
ولكنهم يعانون أيضًا من تأثيرات جسدية شديدة.
لهذا، غالبًا ما يتم اختيار معالجٍ كشريك لمستخدمي السيف السحري،
حيث تحتاج أجسادهم المُجهدة للعناية المستمرة بعد كل معركة.
ومن المعتاد أن يتعهد مستخدمو السيف السحري بالتزامٍ مبكر
مع شركائهم ذوي قوى الشفاء ليكونوا إلى جانبهم،
حيث إن التوافق بينهما يؤثر بشكل كبير على قوة السيف السحري.
لكن مع بروز قوة ترافيس المذهلة،
لم تزداد قوة أوريليا السحرية بالقدر الذي كان متوقعًا.
بل بات يُلاحظ أن قدراتها السحرية الآن دون المعدل بين أقرانها،
وكان يمكن سماع بعض الأحاديث الجانبية التي تشير إلى أن ترافيس،
في الآونة الأخيرة، لم يعد يخفي انزعاجه من ضعفها.
بدأت أوريليا تسمع كذلك بعض الشائعات الجارحة التي تتساءل
لو كان ترافيس قد اختار مُعالجةً آخرى، هل كان سيحقق نجاحات أكبر؟
في بداية الحفل، رافق ترافيس أوريليا،
لكنه سرعان ما تركها وحدها دون أن يبدي اهتمامًا بوجودها،
وانشغل في حديثه مع المحيطين به.
وبعد أن فقدت أثره، بدأت أورليا تبحث عنه، حتى قادتها خطواتها إلى الفناء.
‘إذًا كنت هنا، يا سيد ترافيس..’
في الظلام الخافت، استطاعت عينا أوريليا أن تلتقطا بوضوح شعره الأحمر البارز.
لكنها توقفت فجأةً وهي تهم بالاقتراب منه،
فقد سمعت صوته وهو يتحدث مع شخصٍ بجانبه،
كأنَّ حديثهما يتناثر في الهواء مع النسيم.
“سيد ترافيس، هل حقًا تنوي الزواج من شقيقتي الكبرى؟”
كانت ذلك الصوتُ مألوفًا جدًا لأوريليا.
‘هذا صوتُ بريجيت..’
بريجيت هي شقيقةُ أوريليا التي تصغرها بسنة واحدة.
قبل أن تتعرض أوريليا لجرح كبير على جبينها،
كانتا تُعرفان كأجمل أخواتٍ في المملكة.
في الآونة الأخيرة، برزت بريجيت بوضوح كمعالجةٍ بارعة،
وقد شاركت في هذه الرحلة التي تهدف للقضاء على الوحوش،
وقد اعتادت أوريليا أن تراها بجوار ترافيس.
رد ترافيس قائلاً بلهجة ملؤها التساؤل،”لماذا تسألين هذا؟”
“لأنه من المؤسف أن تُهدر مواهبك الرائعة بسبب شقيقتي الكبرى.
أعتقدُ أن الجميع يعلم ذلك.”
وصل إلى مسامع أورليا صوت ترافيس المفعم بالرضا،”أحقًا؟ … حسنًا، أظن أنه بوجه يحمل ذلك الجرح القبيح، لن تجد أوريليا من يقبل بها سواي. لا خيار لدي سوى أن أستسلم للأمر.”
حبست أوريليا أنفاسها ووجنتيها تتلوّنان بالزرقة جراء الصدمة.
‘إذًا كان هذا ما يعتقده حقًا..؟’
حتى مع كل تضحياتي!؟
أمام نظرتها المثقلة بالألم،
رأت ترافيس وهو يمرر أصابعه بلطف بين خصلات شعر بريجيت.
“كم أتمنى لو كان بجانبي مُعالجةٌ جميلة وموهوبة مثلكِ يا بريجيت.”
“في هذه الحالة، لِمَ لا تختارني بدلاً من شقيقتي الكبرى؟”