البحث عن زوج للدوقة - 80
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 80 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...²¹
الفصل 80 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…²¹
تخضبت أذنا داليا بالحمرّة وقفز قلبُها بقوةٍ عندما تذكرت صوت أرتيا.
لقد كانت أول معجبةٍ لها التقت بها في المجتمع الراقي.
***
في تلكَ اللحظة، كانت أرتيا مُستلقيةً على السرير تقرأ رواية للكاتبة “ريدليب”.
على الرغم مِن أنها قرأتها عشرات المرات ضمن ذكريات أرتيا الحقيقية، إلا أنْ قلبها ما زال يخفُق بقوةٍ، وحرارة تتصاعد إلى وجهها.
“يا إلهي! كيف يُمكن للدوق الشمالي، البارد والقاسي، أنْ يكون بهَذهِ الحرارة أمام المرأة التي يُحبها…؟”
كل جملةٍ في الرواية كانت مُباشرةً وصادمة.
قد يراها البعض كتاباتٍ سطحية، لكن هَذا حكمٌ مُتحيزٌ للغاية.
“لو أنهم قرأوا أعمال ريدليب حقًا، لما تمكنوا مِن قول ذَلك أبدًا.”
العواطف الدقيقة بين الشخصيات، الحبكة المُتقنة، والوصف الدقيق الذي يجعل القارئ يشعرُ وكأنه داخل القصة…
رواياتها كانت بلا شكٍ مِن الأفضل على الإطلاق.
“ليتها تُصدر روايةً جديدة قريبًا…”
احمرّت وجنتا أرتيا بينما كانت تُقلب الصفحة التالية بحماس.
***
لَمْ يكُن هُناك أيُّ تجمعاتٍ اجتماعيةٍ اليوم، كما أنها أنهت كتابة جميع الرسائل الموجهة إلى السيدات النبيلات.
بعد أنْ وجدت لنفسها وقتًا نادرًا مِن الفراغ، قررت أرتيا، بوجهٍ مُفعم بالسعادة، التوجه إلى المكتبة.
ارتدت قبعةً واسعة الحواف تُغطي نصف وجهها، وفستانًا بسيطًا خاليًا مِن الزينة كي تُقلل مِن لفت الأنظار، ثم همست لصاحب المكتبة.
“هل صدرت الرواية الجديدة للكاتبة ريدليب؟”
“ليس بعد.”
أجابها صاحب المكتبة، ثم تابع كلامهُ بعد أنْ لاحظ خيبة أملها.
“هُناك شائعاتٌ بأنْ الإصدار الجديد سيصدُر بعد شهر.”
ما إنْ سمعت ذَلك حتى رفعت كتفيها بلهفةٍ وقالت بصوتٍ مُتحمس.
“سأدفع المال مقدمًا، فهل يُمكنكَ حجز نسخةٍ لي مِن الرواية الجديدة؟”
لكن صاحب المكتبة هزّ رأسهُ بحزم.
“هَذا غيرَ مُمكن.”
كان هُناك العديد مِن الأشخاص ينتظرون صدور الرواية الجديدة للكاتبة ريدليب، والعدد المحدود مِن النسخ كان يجعل الحصول عليها أمرًا صعبًا للغاية.
لدرجة أنْ بعض الزبائن عرضوا دفع مبالغٍ إضافية لضمان حصولهم على نسخةٍ مُسبقًا.
لكن صاحب المكتبة رفض جميع تلكَ العروض بصرامة.
“العالم مليءٌ بعدم المُساواة بالفعل، ولا أريدُ أنْ تكون الكتب أيضًا حكرًا على أصحاب المال.”
قال ذَلك وهو يُحدق في أرتيا بعينين جادتين.
“إذا كنتِ ترغبين بشراء الكتاب، عليكِ القدوم والوقوف في الطابور مثل الجميع. بشكلٍ عادلٍ ونزيه.”
كان ذَلك موقفًا مبدئيًا يستحقُ الإعجاب.
استعادت أرتيا رُشدها بعد أنْ كادت تنجرفُ مع حماسها لرواية ريدليب الجديدة، ثم أومأت برأسها.
“حسنًا، سأأتي عند الفجر وأصطفُ في الطابور.”
على الرغم مِن فشلها في حجز الرواية، إلا أنْ المكتبة كانت مليئةً بالفُرص لاستكشاف كتبٍ جديدة.
“حان الوقت لاكتشاف روايةٍ جديدة!”
اشتعلت روح الحماس داخلها، وبدأت تتفحصُ الرفوف العلوية واحدةً تلو الأخرى.
وبينما كانت تنزلُ بنظرها على العناوين، توقفت عيناها عند كتابٍ معين.
[سر الأمير المجنون]
ما إنْ رأت عبارة ‘الأمير المجنون’ حتى خطر ببالها شخصٌ مُعين.
سحبت الكتاب مِن الرف وبدأت بتقليب صفحاتهِ، وفجأةً اتسعت عيناها بصدمة.
كان بطل الرواية المرسوم في الرسوم التوضيحية يُشبه كليًا كيليان.
“صحيحٌ أنهُ لا يصل حتى إلى نصف وسامةِ جلالتهِ… ولكن…”
لكن هَذهِ ليست النقطة المُهمة هُنا.
ما يثير الدهشة هو أنْ الكاتب تعمد بشكلٍ واضح استلهام شخصية البطل مِن كيليان نفسه.
“يا لهَذا الكاتب الجريء!”
صحيح أنْ كيليان كان مصدر إلهامٍ للعديد مِن كتاب الروايات الرومانسية، ولَمْ يكُن هَذا أول بطلٍ مستوحى منه، لكن لَمْ يسبق أنْ رأى أحدٌ شخصيةً مُستنسخة منه بهَذا الشكل المُباشر.
كان ذَلك محفوفًا بالمخاطر، إذ قد يُعتبر إهانةً للعائلة المالكة ويؤدي إلى اتهام الكاتب بالخيانة.
توقفت أصابع أرتيا، مُترددةً في تقليب الصفحات.
“أنا فضوليةٌ جدًا لمعرفة ما كُتب… لكن في الوقت نفسه، أشعرُ وكأنني أرتكبُ جريمةً بحق جلالتهِ لو قرأتُه.”
بينما كانت تتردد بين قراءتهِ مِن عدمها…
“أرتيا فون إيدينبرغ.”
“آه!”
شهقت أرتيا بفزعٍ عندما سمعت صوتًا يُناديها قُرب أذنها، لدرجة أنها نسيت أنها داخل مكتبة وصرخت بأعلى صوتها.
ما إنْ غطت فمها وأدارت رأسها حتى وجدت أمامها بطل الرواية المرسوم وقد تم ترقيتُه ثلاث مرات، ليظهر مُتجسدًا أمام عينيها.
حاولت أرتيا استعادة هدوئها وهي تُمسك قلبها النابض بعنفٍ، ثم سألت بتلعثُم.
“جلالة الأمير… كيف أتيتَ إلى هُنا؟”
نظر إليّها كيليان مِن أعلى بابتسامةٍ باردة.
“نفسُ سبب مجيئكِ. لشراء الكتب.”
لكن… القصر يضُم مئات الآلاف مِن الكتب، وأيُّ كتابٍ يطلبهُ يصل إليّه فورًا بكلمةٍ واحدة.
فِلماذا إذن جاء بنفسهِ إلى هَذا المكان؟
ليس حتى إلى إحدى المكتبات الفاخرة في الشوارع الرئيسية، بل إلى هَذهِ المكتبة الصغيرة المُختبئة في أحد الأزقة الخلفية؟
قرأ كيليان التساؤلات في عيني أرتيا.
“سمعت أنْ هَذهِ المكتبة تحتوي على كتبٍ مُثيرةٍ للاهتمام.”
ثم هبطت عيناهُ الذهبيتان الحادتان إلى الكتاب الذي كانت تُمسكه بيدها.
“ذَلك الكتاب، هل هو مُمتع؟”
“……!”
ارتبكت أرتيا وسارعت بإخفاء الكتاب خلف ظهرها، لكنها كانت مُتأخرةً.
اقترب كيليان قليلًا وقال بصوتٍ مُنخفض.
“الشخص المرسوم على الغلاف يبدو مألوفًا… لا تُخبريني أنهُ يشبهني؟”
“لا، ليس كذَلك!”
“شعرٌ أسود، عينان ذهبية، لقب ‘الأمير المجنون’، وحتى الاسم ‘كيريان’… لكنكِ تقولين بإنهُ ليس أنا؟”
كيف تمكن مِن قراءة الكتاب بهَذهِ السرعة ورؤية الاسم المكتوب أسفل الرسم؟
حدقت أرتيا في كيليان والعرق يتصببُ منها، وجههُ كان باردًا كعادته، لكنهُ بدا أكثر رعبًا مِن أيِّ وقتِ مضى.
بدأت تتخيل سيناريو مرعبًا: سيتمُ القبض عليها، ورُبما حتى المؤلف نفسه، وسيتم قطع رأسيهما.
لذا، مِن أجل إنقاذ نفسها، سارعت إلى تبرير الموقف.
“هًناك العديد مِن الروايات المستوحاة مِن شخصياتٍ مشهورة مِن العائلة المالكة أو النبلاء، إنها ضريبةُ الشهرة، لذا أرجو أنْ تتفهم ذَلك بسعة صدر…”
“هل هُناك روايةٌ مستوحاة منكِ أيضًا؟”
“ماذا؟”
ارتبكت أرتيا مِن السؤال غير المتوقع، لكنها أجابت بصراحة.
“بالطبع لا، لا توجد.”
صحيح أنْ طلاقها الأخير جعلها تكتسبُ بعض الشهرةً، لكنها لَمْ تكُن معروفةً لدرجة أنْ تُصبح مصدر إلهامٍ لرواية.
“أنا لستُ امرأةً فائقة الجمال، كما أنني لا أتمتعُ بحضورٍ قوي، فَلماذا قد يجعلني أحدُهم بطلة روايته؟”
رغم أنها كانت تتحدثُ بهدوء عن الواقع، إلا أنْ ردة فعل كيليان بدت غريبة.
عقد حاجبيهِ، وكأنهُ لا يفهم كلامها.
“إذا صادفتِ روايةً مُستوحاةً منكِ، أخبريني.”
“هل تنوي السخرية مني؟”
“بالطبع لا. فقط أريدُ أنْ أقطع أصابع الكاتب الذي تجرأ على فعل ذَلك.”
كان وجهُ كيليان الوسيم مُشعًا بهالةٍ قاتمة إلى درجة أنْ أرتيا لَمْ تستطع حتى أنْ تتساءل ‘لماذا؟’.
فقط شدّت قبضتها على الكتاب وكأنها تُحاول حماية الكاتب المسكين.
لحُسن الحظ، لِمْ يُبدِ كيليان أيِّ اهتمامٍ إضافي بتلكَ الرواية، بل غير الموضوع تمامًا.
“يبدو أنْ لديكِ ذوقًا جيدًا في الروايات، لذا أريدُ منكِ أنْ توصيني ببعض الكتب.”
هل يطلبُ منها الآن اختيار رواياتٍ له، بعد أنْ طلب منها مساعدتهُ في اختيار الملابس مِن قبل؟
‘هل يظُن أنني سكرتيرتُه الشخصية؟!’
لكنها لَمْ تستطع قول ذَلك.
في النهاية، مِن طبيعة البشر أنْ يشعروا بالسعادة عندما يُظهر شخصٌ ما اهتمامًا بما يُحبونه.
تألقت عينا أرتيا الوردية بحماس.
“ما نوع الرواية التي تُريد قراءتها؟ هل لديكِ نوعٌ مُفضل مِن البطلات؟”
في عقلهِ، فكر كيليان في إجابته.
‘بيضاء، صغيرة، نحيلة، تلتقطُ الإشارات بسرعة، وتبتسمُ مثل الزهور.’
“اخترِ لي رواية يكون بطلها الذكر هو الأكثر جاذبيةً في نظركِ.”
“……؟”
رمشته أرتيا بارتباك وكأنها سمعت شيئًا غيرَ مفهومٍ، ثم تذكرت فجأةً معلومةً مهمة.
‘آه، صحيح! جلالتُه يُعاني مِن رُهاب النساء!’
حينها، خطر لها تساؤلٌ جريء.
‘هل يُمكن أنْ يكون ذوقه مُختلفًا عن المتوقع…؟’
وقبل أنْ تتمادى أكثر في تفكيرها، لاحظ كيليان نظرتها المُتشككة، فعبُس بإحباطٍ. كان تعبيّرهُ يوحي بأنهُ مستاءٌ بطريقةٍ يصعُب تفسيرها.
استعادت أرتيا وعيّها فورًا، ثم تحركت بسرعةٍ وسحبت بعض الكتب مِن الرفوف وقدمتها له بحماس.
“هَذهِ بعض الروايات التي تركت أثرًا كبيرًا في نفسي! أبطالها الذكور رائعون جدًا!”
ناولت كيليان الكتب بابتسامةٍ خجولة.
“أتمنى أنْ تجدها مُناسبةً لذوقكَ.”
ورغم أنْ كليان شعر بأنْ ابتسامتها لطيفة، إلا أنْ نظراتهِ بقيت باردة.
لَمْ يُعجبه كيف أنها تتحدثُ عن رجالٍ آخرين بإعجاب، حتى لو كانوا مُجرد شخصياتٍ خيالية على الورق.
***
بعد أيامٍ قليلة…
دعت أرتيا كُلًا مِن ماريغولد وداليا إلى منزلها.
خلال اللقاء، بدا الجو أكثر وديةً مِن المعتاد، حتى أنْ ماريغولد طرحت فجأةً اقتراحًا غيرَ متوقع.
“سيدة إيدينبرغ، أعتقدُ أننا أصبحنا مقرباتٍ الآن، لذا هل يُمكنني مناداتكِ باسمٍ أكثر ودية؟”
“بالطبع!”
أومأت أرتيا بسعادةٍ، فابتسمت ماريغولد بحماس.
“إذن، ما رأيكِ في ‘جميلتي♡’؟”
“كحح!”
كادت أرتيا أنْ تختنق بالشاي الذي كانت تشربُه.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》