البحث عن زوج للدوقة - 77
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 77 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...¹⁸
الفصل 77 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…¹⁸
كان مِن الواضح أنها كانت مِن أفخر المجوهرات. بل وأكثر مِن ذَلك، فقد كانت الماسة الوردية مُماثلةً تمامًا للون عيني أرتيا.
لَمْ يكُن شيئًا يُمكن تقديمهُ كهديةٍ عابرة.
كبح بصعوبةٍ رغبتهُ في السؤالها.
مَن الذي أهداها لكِ؟’
كان يعلمُ أنه بِمُجرد أنْ ينطق بتلكَ الكلمات بصوتهِ البارد، فَلَن يرى الابتسامة المُشرقة التي تُزين وجهها الآن.
لَمْ يكُن كيليان يريدُ تحطيم العلاقة التي بينهما. أبدًا.
ثم إنه لَمْ يكُن بحاجةٍ إلى سماع الإجابة منها، فالعثور على ذِلك اللعين الذي أهدى لها السوار لَمْ يكُن أمرًا صعبًا…
***
عاد كيليان إلى القصر الإمبراطوري بعد أنْ قضى بعض الوقت مع أرتيا، وأصدر أمرًا صارمًا:
“اكتشفوا مَن الذي أهدى أرتيا فون إيدينبرغ سوارًا مصنوعًا مِن الماس الوردي.”
‘في الآونة الأخيرة، لا يُصدر سوى هَذا النوع مِن الأوامر…’
هَكذا فكر نوكتورن وهو يومئ برأسهِ بسرعة.
وفي تلكَ الأثناء، وصل الأمر إلى جرذان الاستخبارات، وكان لهم رأيٌّ مُشابه.
قال أحدُهم، وهو يخفي وجههُ تحت غطاء رأسه العميق.
“مرةً أخرى، يطلبُ منا التحقيق في أمر الدوقة إيدينبرغ… هل يُعقل أنها تُخطط للخيانة؟”
“لا بد أنْ الأمر كذَلك. فَصاحب السمو لا يهتم عادةً بأمور الآخرين إلا إذا كانت مِن هَذا النوع.”
“توقفوا عن الثرثرة، وأسرعوا في جمع المعلومات قبل أنْ يبرُد شاي صاحب السمو.”
ومع هَذا الظن الخاطئ العظيم، اختفى الجرذان في الظلام.
بعد ساعةٍ واحدة، كان كيليان قد عرف هوية الشخص الذي أهدى السوار إلى أرتيا.
“ماريغولد فون غولدجرس. قدمتهُ كهدية امتنانًا للنصيحة التي حصلت عليها مِن الدوقة إيدينبرغ.”
عندما سمع التقرير مِن نوكتورن، هدأ غضبُ كيليان قليلاً.
لَمْ يكُن رجُلًا.
لكن لِمْ تدُم راحته طويلًا، إذ سرعان ما اجتاحهُ شعورٌ بالاستياء مُجددًا.
لَمْ يكُن الأمر يتعلق بكون المُهدي رجلًا أو امرأة، بل بفكرة أنْ أرتيا كانت ترتدي مجوهراتٍ أهداها لها شخصٌ آخر.
كان ذَلك شعورًا طفوليًا وسخيفًا إلى حد أدهشه هو نفسه.
***
زار كيليان قصر إيدينبرغ.
لَمْ تعُد أرتيا تتفاجأ أو ترتبك مِن زياراتهِ المُفاجئة، لكنها شعرت ببعض التوتر لعدم تمكُنها مِن تخمين سبب قدومهِ هَذهِ المرة.
‘ما الذي جاء بهِ إلى هُنا…؟’
بعد أنْ ألقت تحية رسمية، رفعت رأسها بنصف فضولٍ ونصف قلق، لتتسع عيناها مِن الدهشة.
كان كيليان يرتدي البدلة السوداء التي اختارتها لهُ سابقًا.
أكتافٌ عريضة، خصرٌ نحيل، وساقان طويلتان مُستقيمتان.
كان يبدو تمامًا مثل فهدٍ أسود أنيق، بجسدهِ القوي المصقول في ساحات المعارك، وملامحهِ المُهيبة التي جمعت بين الوحشية والغرور والكسل الجذاب.
لاحظ كيليان نظرات أرتيا، فابتسم بطريقةٍ غامضة.
“هل أعجبكِ؟”
“نعم، يُعجبني كثيرًا.”
لَمْ تُدرك أنها نطقت بما كان يدور في ذهنها إلا بعد أنْ خرجت الكلمات مِن فمها، فِشهقت بسرعةِ وهي تُغطي شفتيها بيدها.
‘يا إلهي، أرتيا! ما الذي تفوهتِ بهِ؟!’
لكن كيليان لَمْ، يُظهر أيَّ رد فعلٍ غاضب أو مُستنكر. على العكس، بدا أنه مسرور.
وكأنْ ذَلك الشعور لَمْ يكُن مُجرد وهم، تحدث معها كيليان بنبرةٍ راضية.
“وأنا كذَلك. التصميم رائع، كما أنْ ارتداءهُ مريحٌ للغاية.”
رجلٌ مُتغطرس كهَذا، لا يهتزّ حتى لو قُدمت لهُ أروع التصاميم مِن أعظم مُصممي العصر، يثني بهَذهِ السهولة على البدلة… ثم أخرج صندوقًا صغيرًا مِن جيبه، ومدهُ نحوها.
“لهَذا قد جئت. أردتُ مكافأتكِ على اختياركِ الجيد.”
شعرت أرتيا بالارتباك.
لَمْ يكُن اختيارها للبدلة أمرًا يستحقُ مكافأةً خاصة.
بصراحة، كانت تعتقدُ أنْ أيَّ قطعة ملابس مِن أيِّ متجر، حتى لو كانت مُجرد قطعة قماشٍ بالية، ستبدو رائعةً عليه.
لكن كيليان كان جادًا جدًا، ولَمْ تمتلك أرتيا الجرأة لرفض هديةٍ أحضرها لها بنفسه.
“شكرًا لكَ، صاحب السمو.”
تحدثت بابتسامةٍ مُتكلفة بينما تأخذُ الصندوق بحذر.
ظنت أنْ الأمر قد انتهى، لكنها وجدت أنْ عينيهِ الذهبيتين تلمعان بنظرةٍ صارمة.
‘هل يُريدني أنْ أفتحها الآن؟’
شعرت بثقل الموقف، لكنها فتحت الصندوق على أيِّ حال… واتسعت عيناها فورًا.
كان داخلهُ سوارٌ مرصعًا بماسةٍ ورديةٍ براقة.
أكبر بمرتين مِن الماسة التي في سوارها الحالي.
حدقت أرتيا في السوار بوجهٍ مصدوم، ثم رفعت نظرها إلى كيليان.
كان يبتسمُ بفخرٍ، تمامًا كقطٍ ألقى بفأرٍ كبير كمكافأة وينتظرُ ردة الفعل.
لَمْ تستطع أرتيا إخفاء ارتباكها، فعضّت شفتيها قليلًا قبل أنْ تتشجع وتتحدث.
“أعتذر، لكنني سأكتفي بامتنان سموّك، لذا هل يُمكنكَ استرجاع الهدية؟”
في تلكَ اللحظة، اختفى تعبيّرُ كيليان المُبتهج.
“ألَمْ يُعجبكِ؟”
شهقت أرتيا بسرعةٍ ونفت برأسها.
“مُستحيل، إنهُ سوارٌ مذهل لدرجةٍ تجعلني مُندهشة بِمُجرد رؤيته.”
“إذن لماذا ترفضين قبوله؟”
سوارٌ منحتُه لها امرأة تُدعى ماريغولد قبلتهُ بكل سرور، بل حتى تفاخرَت بهِ. فلماذا؟
‘هل لأنني أمير؟’
لطالما كان كيليان يمقتُ أصوله.
كان بإمكانهِ امتلاك كنوز العالم، لكنهُ لَمْ يستطع امتلاك الناس.
الخدم، المساعدين، بل حتى والديه، لَمْ يعاملوه سوى كـ “أمير”.
لَمْ يكُن هُناك كيان يُدعى “كيليان فون أورفيوس” في هَذا العالم، بل كان مُجرد “الأمير الثاني كيليان”.
وهَذهِ كانت المرة الأولى التي يشتري فيها شيئًا لشخصٍ آخر بدافعٍ شخصي بحت، دوّن أيِّ حساباتٍ سياسية أو مسؤوليات ملكية.
كان يتوقع أنْ أرتيا لَن تفرح كثيرًا بالهدية، لكنهُ لَمْ يتخيل أنها سترفضها تمامًا.
‘رُبما كان يجب أنْ أقدمها لها وأنا على هيئة قطة.’
لو فعل ذَلك، لكانت قد قبلتها بسعادةٍ أكبر مِما تفعل الآن.
بينما كان يعَبُس مِن إحساسهِ بندمٍ غير مألوف، سمع صوت أرتيا الهادئ.
“سأكون صريحةً معك، لقد وضعتُ قاعدةً لنفسي بعد الطلاق: لَن أقبل الهدايا مِن الرجال.”
“……ماذا؟”
“بالطبع، أعلم أنْ سموك قدمها كنوعٍ مِن المُكافأة النقية، لكنني ببساطة لا أستطيع قبول أيِّ شيء يُهدى إليّ مِن قِبَل رجُل، حتى لو كان مِن الأمير نفسه.”
لَمْ يكُن الأمر مُشابهًا للجزر المُجفف أو كعكة الجزر.
كان عقدًا مرصعًا بماسة تتناسبُ مع لون عينيها—رومانسيًا جدًا، وبكُل ما فيهِ مِن رمزية ومعانٍ خاصة.
“قبول الهدية سيجعلُني أشعر بالامتنان كدين عليِّ سدادُه. سألتقي بالكثير مِن الرجال قبل أنْ أتزوج مُجددًا، ولا أريدُ أنْ أترك أيَّ مشاعرٍ غيرٍ مُريحة لأيِّ شخص.”
“……”
“أعتذر إنْ كنتُ قد تصرفت بفظاظةٍ بناءً على مشاعري الشخصية.”
أغمضت أرتيا عينيها وانحنت مُعتذرة، متوقعةً أنْ يغضب كيليان بشدة.
لكن حتى بعد مرور وقتٍ طويل، لَمْ يُصدر أيَّ رد فعل.
لَمْ تستطع تحمل الصمت، فرفعت رأسها بحذرٍ…
كان كيليان يُحملق فيها بعينين مُتسعتين كمَن تلقى ضربةً غير متوقعة.
“إذن، ليس لأنني أمير، وليس لأنني شخصٌ مجنون، وليس لأن لديّ رُهابًا مِن النساء… بل فقط لأنني رجُل؟”
“……نعم.”
بِمُجرد أنْ أومأت أرتيا برأسها تأكيدًا، أشرق وميضٌ في عيني كيليان الذهبيتين، وكأنهُما تشعان نورًا مُبتهجًا.
استعاد السوار الذي قدمهُ لها، وليس بوجهٍ مُتجهم، بل بابتسامةٍ مرحة على شفتيه، وكأنهُ يستمتع بذَلك.
***
في طريق عودتهِ إلى القصر الإمبراطوري، جلس كيليان في العربة وأغمض عينيهِ مُتذكرًا كلمات أرتيا.
‘لا أقبلُ الهدايا مِن الرجال.’
كم كان غريبًا أنْ يكون الرفض بهَذه ِالدرجة مِن العذوبة.
نظر إلى العقد المُرصع بالماسةٍ الوردية بين يديه، وابتسم بسخرية.
لَمْ يعُد يشعر بأيِّ أسف.
لكنهُ لَمْ يكُن يعلم بعد كم سيُعذبه لاحقًا ذَلك الإحساس الساحق برغبتهِ في تزيين معصم أرتيا بذَلك السوار بنفسهِ.
***
في مكانٍ آخر، جلست ثلاثُ سيداتٍ مِن زهور النبلاء معًا، لتقول ماريغولد.
“ماذا عن دعوة دوقة إيدينبرغ إلى الحفل القادم؟”
على الفور، تلاشت ابتسامة فريجيا الساحرة.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة