البحث عن زوج للدوقة - 76
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 76 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...¹⁷
الفصل 76 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…¹⁷
“……؟”
“بما أنكِ ترفُضين جميع الفساتين الجديدة، فَلنقُم بتعديل أحد الفساتين الموجودة في المنزل. قد يبدو ارتداء فستانٍ قديم في حفلة عيد ميلادكِ العاشر غيرَ لائقٍ بعض الشيء، لكنهُ سيكون أمرًا مُنعشًا. ورُبما سيُقال إنكِ ابنةُ عائلة الكونت غولدجرس وتتحلين وتتلقين بعض الشفقة.”
تفاجأت سيسيليا مِن هَذا الرد غير المتوقع وحدّقت بماريغولد بعينين مُتسعتين وكأنهما ستنفجران.
“م- ماذا تقصدين؟ هل تسخرين مني؟”
“لا، أنا فقط أحترمُ رغبتكِ.”
رفعت ماريغولد كتفيها بلا مُب.الاة.
“إذا ظهرتِ بفستانٍ قديم وبمظهرٍ بائس، فقد تنتشرُ شائعاتٌ بأنني أسيءُ إليّكِ، لكنني سأتحملُ ذَلك.”
“…….”
“إذا لَمْ يكُن هُناك شيءٌ يستحق الشراء، فلنعُد إلى المنزل.”
عندما استدارت ماريغولد بلا تردد، بدأ قلبُ سيسيليا يخفق بقوة.
‘مهلًا، هَذا ليس ما أردتُه!’
كانت تعترضُ على كل الفساتين فقط لجعل ماريغولد تشعرُ بالحرج.
لَمْ تكُن تنوي أبدًا ارتداء فستانٍ قديم -رغم أنهُ لَمْ يُرتدَ إلا بضع مرات وكان مِن أفخم الأنواع- في حفلة عيد ميلادها العاشر.
ركضت سيسيليا نحو ماريغولد وصرخت:
“سأخبرُ أبي! سأخبره بإنكِ رفضتِ شراء فستانٍ لي!”
قهقهت ماريغولد بدهشةٍ وكأنها سمعت أمرًا مُثيرًا للسخرية.
“أنتِ مَن رفضتِ هَذا الفستان وذاك. ولَمْ يكُن هُناك عددٌ قليل مِن الشهود على ذَلك.”
نظرت ماريغولد نحو خادمات سيسيليا الواقفات هُناك، اللواتي لَمْ تكُن تعابيرهنَ جيدة، لكنهنَ لَمْ يستطعن التفوه بكلمة.
“ما يجبُ أنْ تُخبري بهِ والدكِ ليس كذبةً لا أساس لها، بل شيئًا آخر، أليس كذَلك؟”
رفعت ماريغولد يدها الملفوفة بالضمادات. في تلكَ اللحظة، شحُب وجه سيسيليا.
قبل بضعة أيام، عندما رأى الكونت غولدجرس يد ماريغولد المُصابة، اشتعل غضبًا.
“مَن هو الوقح الذي تجرأ على إيذاء امرأتي؟!”
لكن ماريغولد لَمْ تُفصح عن اسم الفاعل، مِما جعل الكونت غولدجرس أكثر جنونًا.
“عندما أجدُ الفاعل، سأقطعُ يديه!”
عند تذكُر والدها وهو يصرخ مثل غوريلا غاضبة، سال العرق البارد على جبين سيسيليا.
“هُناك سببٌ واحد لعدم إخبار زوجي باسم الجاني. أنا ببساطةٍ لا أحبُ الوشاية الجبانة مثل بعض الأشخاص.”
تحدثت ماريغولد بينما كانت تنظرُ إلى سيسيليا بنظرةّ باردة.
“إذا كان لا بد مِن القتال، فالأفضل أنْ نتبادل الصفعات وجهًا لوجه.”
“……!”
منذُ البداية، لَمْ يكُن هُناك مقارنةٌ بين امرأةٍ صعدت مِن ابنة بارون إلى زوجة كونت غولدجرس وبين طفلةّ لا تتجاوز العاشرة مِن عمرها.
حتى الآن، كانت ماريغولد تغضُّ الطرف عنها فقط.
‘م- مُخيفة…….’
لأول مرة، شعرت سيسيليا بالخوف مِن ماريغولد. أخذ جسدُها الصغير يرتجف وهي تقبضُ يديها بإحكام.
‘الخادمات يشاهدن. هَذهِ المرأة لا يُمكنها أنْ تؤذيني.’
حشدت سيسيليا شجاعتها وتمكنت بالكاد من فتح فمها.
“إذن، قررتِ التوقف عن التظاهر باللطف؟”
ابتسمت ماريغولد بسخريةٍ.
“ليس التظاهر باللطف، بل التوقف عن التظاهر بأنني أمكِ.”
“……!”
لماذا؟
كانت تشعرُ بالانزعاج كلما تصنعت ماريغولد القُرب منها وقالت: “يا ابنتي~”، ولكن عندما سمعت هَذهِ الكلمات الآن…
انكمشت سيسيليا مثل جروٍ متروك.
“لَن أزعجكِ بعد الآن. لذا، إذا كنتُ بحاجةٍ إليّ، أخبريني بذَلك. سواء كان الأمر يتعلق بدور الأم أو اختيار فستان جديد، سأكون هُنا مِن أجلكِ.”
ابتسمت ماريغولد.
لكنها لَمْ تكُن تلكَ الابتسامة المُصطنعة أو المُبالغ فيها التي كانت تقدمها لسيسيليا مِن قبل، بل كانت الابتسامة الجذابة التي أسرت قلب الكونت غولدجرس، الرجل الذي لَمْ يتأثر بإغراء أيِّ امرأةٍ بعد وفاة زوجته.
حدقت سيسيليا، التي تُشبه والدها بملامح وجهها وحتى في ذوقها، في ماريغولد وكأنها مسحورةٌ، ثم احمرّ وجهها الصغير تمامًا.
***
‘أريدُ أنْ أقرأ كتابًا. أريدُ قراءة روايةّ رومانسية حيث يكون البطل رجلًا يبدو قاسيًا لكنهُ في الحقيقة مُخلصٌ حتى النهاية، والبطلة لا تفهمُ مشاعره وتتصرفُ ببراءةٍ تامة.’
حاولت أرتيا قمع رغبتها في قضاء يومها بالكامل غارقةً في الكتب، بينما كانت تكتبُ رسائل.
ردود على الدعوات التي أرسلتها سيدات المجتمع، ورسائل إدوارد، الذي كان يلقى كراهيةً شديدة مِن رجال النبلاء وعشقًا كبيرًا مِن نسائهم في آنٍ واحد.
‘عدم القدرة على قراءة الروايات أمرٌ مؤلم، لكنني أستمتعُ بكتابة الرسائل. رغم أنْ أصابعي تؤلمني قليلًا.’
ضغطت أرتيا بقوةٍ على القلم وأكملت مُهمتها لهَذا اليوم.
وبينما كانت تمد ذراعيها لتخفيف تصلُب جسدها، دخلت بيبي إلى الغرفة.
“سيدتي، السيدة ماريغولد فون غولدجرس هُنا.”
اتسعت عينا أرتيا عند سماع اسم الزائرة غير المتوقعة.
عندما فتحت باب غرفة الاستقبال، وجدت ماريغولد جالسةً هُناك، متألقةً بالمجوهرات الماسية البراقة.
استقبلتها ماريغولد بوجهٍ مشرق.
“فاجأتُكِ بزيارتي المُفاجئة، أليس كذَلك؟ أردتُ تحيتكِ في أقرب وقتٍ مُمكن، فحينما أقررُ فعل شيء، لا أستطيعُ تأجيله.”
“تحية؟”
“ما أخبرتني بهِ مِن قبل كان مُفيدًا جدًا. الفتاة الصغيرة في منزلنا لا تزال شقية، لكنها لَمْ تعُد تتجاهلني كما كانت تفعل مِن قبل. أصبحت تُراقبني بحذرٍ. بفضلكِ، أصبحت حياتي أسهل بكثير.”
ابتسمت أرتيا.
“هَذا رائع. لقد سمعتُ عن الآنسة سيسيليا أيضًا. يُقال إنكِ أعددتِ لها حفل عيد ميلادها العاشر بشكلٍ رائعٍ للغاية.”
“لقد أنفقتُ الكثير مِن المال عليه.”
حركت ماريغولد فنجان الشاي بخفةٍ وأكملت كلامها.
“على الرغم مِن ذَلك، فقد عشتُ معها لمدة خمس سنوات، لذا أعرفُ تمامًا ذوقها. حتى لو قالت بلسانها إنها لا تُحب هَذا أو ذاك، فإنها لا تستطيعً مقاومة الأشياء المُتلألئة التي تُبهرها إلى حد الذهول. تمامًا مثل والدها.”
“حتى لو كان الكونت غولدجرس يُشاركها نفس الذوق، فإنه لَمْ يكُن ليتمكن مِن إعداد حفلةٍ تُسعد الآنسة سيسيليا إلى هَذا الحد. فالرجُل البالغ لا يستطيع فهم ذوق الفتاة الصغيرة بشكلٍ كامل. بالتأكيد كانت مُمتنةً لكِ كثيرًا.”
“لَمْ تقل كلمة شكرٍ واحدة، بل استمرت في التذمُر فقط.”
“ذَلك لأنها تشعرُ بالخجل. لكنها ستلجأ إليّكِ أكثر مع مرور الوقت، وإذا ساعدتها بلطف في كُل مرة، فستفتحُ قلبها لكِ تدريجيًا. أنا واثقةٌ مِن أنكما ستُصبحان أمًا وابنة رائعتين.”
لَمْ تكُن مُجرد نصيحةٍ عابرة.
كانت كلمات أرتيا تنبعُ مِن قلبها، حاملةً معها أملًا صادقًا بأنْ تتحقق.
نظرت ماريغولد إليّها بتعبيرٍ مُعقد.
“تتحدثين وكأنهُ أمرٌ يخصُكِ.”
احمرّ وجه أرتيا قليلًا.
“ذَلك لأنني كنتُ في موقفٍ مُشابه لموقف الآنسة سيسيليا عندما كنتُ صغيرة…”
“أنا لا ألومكِ على ذَلك. فقط أجدُ الأمر مُدهشًا…”
في المجتمع الراقي، كانت النساء، ومِن بينهن ماريغولد، دائمًا ما يرتدين الابتسامة لكن دوّن أن يُظهرنَ نواياهن الحقيقية بسهولة. فقد كُن يعتبرنَ ذِلك جزءًا مِن الحفاظ على كرامتهن.
لكن عند رؤية أرتيا، أدركت ماريغولد شيئًا مهمًا.
‘الإخلاص الصادق لا يبدو سخيفًا على الإطلاق. بل على العكس…’
“إنهُ ساحر.”
“عذرًا؟”
أمالت أرتيا رأسها إلى الجانب، غيرَ مُتأكدةٍ مِما قالته ماريغولد.
لكن بدلاً مِن إعادة كلامها، أشارت ماريغولد إلى وصيفتها.
اقتربت الوصيفة مِن أرتيا، وقدمت لها صندوقًا مُخمليًا. وعندما فتحت أرتيا الصندوق بناءً على نظرة ماريغولد، أطلقت شهقة إعجاب.
كان داخل الصندوق سوارٌ مصنوعًا مِن ماسةٍ وردية متألقة.
نظرًا لأن أرتيا نشأت كأبنة لدوق، فقد رأت العديد مِن المجوهرات الفاخرة، لذا أدركت فورًا مدى قيمة هَذهِ الجوهرة.
‘عينها المُتسعة تجعلُها تبدو كأرنبٍ صغير مُتفاجئ.’
ضحكت ماريغولد بخفةٍ عند رؤية وجه أرتيا.
“أنا لا أكتفي بالكلمات فقط عندما أقدم الشكر. شكرًا لكِ، أرتيا.”
لَمْ تكُن أرتيا مِن النوع الذي يقبلُ الهدايا بسهولة. كان مِن المُحرج تلقي هدية باهظة الثمن لمُجرد أنها قدمت بضع كلمات.
‘لكن هَذهِ الماسة تُعبر عن صدقها.’
لذَلك، قررت أنْ تقبلها، بامتنانٍ واحترام.
جمعت يديها معًا وابتسمت ابتسامةً مشرقة.
“شكرًا لكِ على هَذهِ الهدية الرائعة. سأحافظ عليها بعناية.”
لَمْ يكُن في كلماتها أيُّ غزلٍ متكلف أو إطراءٍ مُبالغٍ فيه، ولكن… لماذا جعلها ذَلك تشعرُ بالسعادة؟
ابتسمت ماريغولد وهي ترد بنبرةٍ مُتظاهرة بعدم المُبالاة.
“إنها مُجرد ماسة، لا أكثر.”
***
عندما سمعت أرتيا صوت خطواتٍ خفيفة بين أوراق الشجر، التفتت بابتسامةٍ مشرقة.
“مرحبًا، نوي.”
كانت زيارات نوي تتكررُ بوتيرةٍ متزايدة—مرةً في الشهر، ثم مرةً كل أسبوعين، ثم مرةً كل أسبوع. والآن، أصبح يأتي كُل أربعة أيام.
‘أنا سعيدةٌ جدًا لأنهُ يأتي كثيرًا. أتمنى لو أنه يأتي كُل يوم.’
بينما كانت تبتسم بسعادةٍ، شعرت أرتيا بنظرات نوي تُركز عليها.
كانت عيناه الذهبيتان تُحدقان مُباشرةً في السوار الملفوف حول معصمها.
“آه، إنهُ جميل، أليس كذَلك؟”
ابتسمت بفخرٍ، وكأنها طفلةٌ تستعرض لعبتها الجديدة.
“لقد تلقيتُه كهديةٍ قبل فترة.”
“…..!”
اتسعت عينا القط الأسود في دهشة.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة