البحث عن زوج للدوقة - 70
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 70 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...¹¹
الفصل 70 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…¹¹
تكلمت كلارا بابتسامةٍ متكلفة.
“الرغبة في تلقي الحُب تُعدّ طمعًا. يكفي أنٌ أتجاهل مشاكل زوجي مع النساء وأعيش حياتي.”
بهَذهِ الطريقة، ستتمكن مِن العيش براحةٍ طوال حياتها، تمامًا مثل باقي سيدات النبلاء.
نظرت أرتيا إلى كلارا بنظرةٍ مُشفقة.
“بغض النظر عن مدى كونهِ مثاليًا، لا يُمكن اعتبار الرجُل الذي يخون زوجًا صالحًا.”
لكن في مجتمع النبلاء، كان ذَلك مُجرد عيبٍ بسيط يُمكن التغاضي عنه.
بل إنْ كثيرين لَمْ يعتبرونه عيبًا على الإطلاق.
وعلى الرغم مِن أنْ أرتيا تمكنت مِن كسر بعض القيود، فإنْ الطلاق لا يزال أمرًا يكاد يكون مُستحيلًا.
لَمْ يكُن لديها نيةٌ لإجبار كلارا، وهي مُجرد نبيلةٍ عادية، على شيء كهَذا. ولكن…
‘لا أريدُ أنٌ يقتصر الأمر على مُجرد الاستماع إلى قصتها. أريدُ مساعدتها ولو قليلًا.’
تكلمت أرتيا بحذر.
“حتى لو لَمْ يكُن الطلاق خيارًا، ماذا لو سببتِ بعض الإزعاج لزوجكِ؟ مِن المُزعج أنْ يكون سعيدًا ويضحك بمفردهِ بينما قلبُكِ يُعاني مِن الألم، أليس كذَلك؟”
غطت كلارا فمها بيدها وصرخت وكأنها سمعت أمرًا لا يُصدق.
“ماذا أفعل؟!”
كانت عيناها الصغيرتان المُستديرتان تشتعلان حماسًا، كما لو كانت مُستعدةً لفعل أيِّ شيءٍ مروّع.
اقتربت أرتيا مِن أذنها وهمست بنبرةٍ خطيرة كما لو كانت تُخطط لمؤامرةٍ كبرى.
“رُدي لهُ الخيانة بالمثل.”
قفزت كلارا مِن مكانها في صدمة.
“خ، خيانة؟!”
“لقد قالها زوجُكِ بنفسه، أليس كذَلك؟ أنْ تجدي رجلًا آخر.”
“ل، لكني لا أرغبُ في فعل ذَلك أبدًا.”
رغم أنْ زوجها كان زير نساء مِن الطراز الأول، إلا أنها أرادت أنْ تظل وفيةً له وتُحافظ على واجباتها الزوجية.
ابتسمت أرتيا بخبث.
“ليس عليكِ فعلُها حقًا، يكفي أنْ تجعليهِ يعتقدُ ذَلك.”
“تقصدين… أنْ أمثل دور الزوجة الخائنة؟”
“نعم.”
اتسعت عينا كلارا للحظة، ثم سرعان ما بدت مُترددة.
“هل سيهتمُ زوجي حتى لو فعلتُ ذَلك؟”
لَمْ يكُن الكونت شوريكس رجلًا ذا قيّم أخلاقية رفيعة. بل حتى لو عادت كلارا إلى المنزل حاملًا بطفل رجل آخر، فَرُبما لَمْ يكُن ليبالي.
لكن أرتيا كانت لها وجهةُ نظرٍ مُختلفة.
“هنُاك احتمال كبير أنْ تصيبيه في بالغيرة. الرجال دائمًا ما يدّعون العكس، لكنهم في أعماقهم يحملون غيرةً طفولية مُثيرةً للشفقة.”
نظرت كلارا إلى أرتيا وكأنها قد سُحرت بكلامها.
***
في ليلةٍ مُظلمة.
عاد الكونت شوريكس إلى القصر، وجههُ محمرّ مِن تأثير الكحول. وكما هو متوقع، كانت ياقةُ قميصهِ مليئةً ببصمات شفاه نسائية حمراء.
“آه~ كان يومًا مُمتعًا.”
“كُل شيء في هَذا العالم يُصبح مَملًا بسرعة، لكن لماذا لا أشعر بالملل مِن ملمس بشرة النساء الناعمة؟”
بدأ الكونت في الغناء بصوتٍ قبيح.
“أنا أحبُ النساء~! النساء هنَ الأفضل~!”
دخل القصر وهو مترنح، لكنهُ لاحظ أمرًا غيرَ مُعتاد.
“أين هي؟”
كانت زوجتُه دائمًا في انتظارهِ مهما تأخر، تبكي بعينيها المُستديرتين وكأنها جروٌ صغير.
ولكنها لَمْ تكُن هُنا هَذهِ المرة.
“حسنًا، الأمر مُحبطٌ قليلًا، لكن لا بأس.”
بهِذا التفكير، دخل غرفتهُ وانهار على السرير.
ولكن، عندما استمر الوضع نفسه ليومين، ثم ثلاثة، ثم أسبوعٌ كامل، بدأ حتى الكونت نفسُه بالشعور بالغرابة.
أخيرًا، سأل الخادم.
“هل مرضت كلارا أو شيءٌ مِن هَذا القبيل؟”
“لا يا سيدي، السيدة بصحةٍ جيدة.”
“إذن لماذا لَمْ تعُد تنتظرني؟”
كان تعبيرُ الخادم غريبًا. وكأنهُ كان يتوقع حدوث ذَلك منذُ زمن طويل.
تنهد الخادم قبل أنْ يقول:
“سيدي، في الواقع، السيدة تخرج كُل يوم. وتحرص على التزين بأناقةٍ أكثر مِن المُعتاد. تبقى خارج المنزل طوال اليوم، وعندما تعود ليلًا، تكون مُتعبةً لدرجة أنها تدخل غرفتها وتنام فورًا.”
“!…..”
ارتفع حاجب الكونت المُشذب بشكلٍ مثالي، لكنه سرعان ما ابتسم.
“هَذا أفضل مِن أنْ تظل حزينةً بانتظاري طوال اليوم. أريدُ لزوجتي أنْ تخرج، وتستمتع، وتكون سعيدة.”
نظر إليّهِ الخادم بوجهٍ مُتجهم.
“لو كان الأمر مُجرد خروجٍ عادي، لما كنتُ قلقًا، لكن…”
“لكن ماذا؟ لا تقُل لي إنْ كلارا تواعد رجلًا؟”
لقد أخبرها بنفسهِ ذات مرةٍ أنْ تجد رجلًا آخر، لكنهُ كان واثقًا تمامًا بأنها لَن تفعل ذَلك أبدًا.
“كيف لامرأةٍ بريئة وساذجة مثلها أنْ تكون مع رجُلٍ آخر؟”
لكن الخادم، وكأنهُ يكشفُ عن سرًا خطيرًا.
“في الواقع، ليست مُجرد نزهاتٍ فقط. السيدة تتبادلُ الرسائل مع شخصٍ ما بشكلٍ مُتكرر.”
“رُبما يكون مُجرد صديقٍ بعيد، فَهي تملك العديد مِن الأصدقاء.”
“أنا أيضًا كنتُ أتمنى ذَلك. ولكن…”
أخرج كبير الخدم ظرف رسالةٍ مِن جيبهِ ومدّه إليّهِ.
“هَذهِ رسالة وصلت إلى السيدة اليوم. لقد سرقتُها سرًّا قبل أنْ تصل إليّها.”
“مَن أمرك بفعل هِذا العمل المريب؟ أعطِ الرسالة لكلارا فورًا…”
توقفت كلمات الكونت شوريكس الغاضبة فجأةً.
على الظرف الفاخر، كان مكتوبًا اسم “إدوارد” بخطٍ ذكوري أنيق.
إدوارد.
اسم كان محبوبًا لفترةٍ طويلة بين أفراد العائلة الإمبراطورية والنبلاء. ومِن العجيب أنْ الرجال الذين يحملون هَذا الاسم غالبًا ما يكونون وسيمين للغاية.
لهَذا، نشأت معادلة “إدوارد = رجل وسيم”، وأصبح هَذا الاسم الأكثر إثارةً لقلوب النساء والأكثر إزعاجًا للرجال.
“لماذا يوجد هَذا الاسم البغيض هُنا؟”
لَمْ يكُن الكونت شوريكس، رغم ضعف مفهومهِ عن الإخلاص، رجُلاً وقحًا إلى حد فتح رسالةٍ موجهة إلى زوجتهِ وقراءتها.
لكن في هَذهِ اللحظة، لَمْ يستطع إلا أنْ يفتح الظرف.
على الورقة المُعطرة برائحة النعناع، كانت هُناك كلماتٌ مكتوبةٌ بخطٍ ذكوري.
[إذا تجسدت الكعكة في صورة إنسان، فستكون أنتِ. فأنتِ دائمًا حلوةٌ وناعمة، وتجعلين قلبي يخفق.
كلما فكرتُ فيكِ، أشمُ رائحة الاحتراق… إنها رائحةُ قلبي وهو يشتعل مِن أجلكِ.
هل تعلمين ما الذي يوجد داخل صدري؟ قلب؟ لا… بل أنتِ.]
“تبًا، ما هَذا؟!”
كاد الكونت شوريكس أنْ يُمزق الرسالة مِن شدة غضبه.
بضع كلماتٍ فقط مِن رجُل لَمْ يرَ وجههُ حتى، كانت كافيةً لإثارة رغبةٍ قاتلة بداخله.
لاحظ كبير الخدم تعبير سيدهِ المُتوتر وتحدث بصوتٍ متردد.
“وفقًا لما قالتهُ الخادمة، فإنْ السيدة كانت تحمرُ خجلًا وتبتسم كزهرة في كُل مرةٍ تقرأ فيها الرسالة. لا تبدو رسالةً عادية، أليس كذلك؟”
لَمْ يستطع الكونت شوريكس إنكار ذَلك.
ذَلك الوجه الذي كان دائمًا يحملُ ابتسامةً فارغة، تحول الآن إلى تعبيرٍ مُتجهم محمرٍّ مِن الغضب.
***
في وقتٍ لاحق مِن نفس اليوم، عندما عادت كلارا إلى المنزل، اتسعت عيناها بدهشة.
كان الكونت شوريكس يقفُ في المدخل، مكتوف الذراعين، مُنتظرًا.
“لقد أفزعتني! ألَمْ تخرُج اليوم؟”
“لا، لَمْ أخرج.”
“ألَمْ تكُن مثل الكلب الذي لا يستطيعُ العيش دوّن نزهةٍ يومية؟ ما الأمر اليوم؟”
ردت كلارا بوجهٍ غيرِ مبالٍ أثناء مرورها بجانبه. لكن الكونت شوريكس قطب جبينهُ وأمسك بها.
“بل أخبريني أنتِ، ما الأمر معكِ؟”
تفحّصها مِن رأسها إلى قدميها.
كانت تبدو فاتنةً بشكلٍ غيرِ مُعتاد، مُختلفةً تمامًا عن مظهرها البريء المُعتاد.
“لقد كنتِ دائمًا جميلة، لكنكِ لَمْ تهتمي بمظهركِ هَكذا مِن قبل…”
كانت كلارا تملكُ ملامح بريئة وكأنها تقول ‘أنا شخصٌ طيب’، لكنها لَمْ تكُن تُعتبر امرأةً فاتنة.
ومع ذَلك، في نظر الكونت شوريكس، كانت الآن جذابةً للغاية، رغم أنهُ لَمْ يكُن مُدركًا لذَلك بنفسه.
“إلى أين كنتِ ذاهبةً بهَذا المظهر؟”
“كنتُ مع أصدقائي، نتحدُث ونقضي الوقت معًا.”
“أيُّ أصدقاء؟”
“لديّ أصدقاء.”
“مَن هم هؤلاء الأصدقاء؟”
“ألا يكفي أنْ أخبرك أنْ لديّ أصدقاء؟”
شعر الكونت شوريكس بالغضب مِن إجاباتها الغامضة، فأخرج المظروف مِن جيبهِ ولوّح به أمامها.
“هل هو إدوارد؟”
اتسعت عينا كلارا للحظة، ثم عَبُست.
“هل قرأتَ رسالتي؟”
“ليس هَذا هو المهم الآن. أجيبي أولًا، هل كنتِ مع إدوارد؟”
“وإنْ كنتُ معه، ماذا ستفعل؟”
ارتسمت على وجهِ الكونت شوريكس ملامحٌ وكأنه تلقّى صفعةً قوية.
نظرت إليّهِ كلارا بسخرية.
“لماذا هَذا التعبيّر؟ ألَمْ تكُن أنتَ مَن أخبرني أنْ أبحث عن رجُلٍ آخر إنْ شعرتُ بالملل؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة