البحث عن زوج للدوقة - 66
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 66 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...⁷
الفصل 66 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…⁷
تأملت أرتيا النساء الثلاث واحدةً تلو الأخرى، مُتذكرةً المعلومات التي حفظتها.
“ماريغولد فون غولدجرس.”
كانت المرأة ذات الشعر البرتقالي المُجعد والملامح الواضحة مُتألقةً بحُليٍّ مِن الألماس اللامع تُغطي جسدها بالكامل.
وعلى الرغم مِن تألقها كالجوهرة، إلا أنها لَمْ تكن تحظى بالكثير مِن الاهتمام في المُجتمع الراقي قبل بضع سنوات، حيث كانت ابنةً لعائلة بارونية متواضعة.
تغيّر وضع ماريغولد عندما بلغت العشرين مِن عمرها، إذ تزوجت مِن كونت غولدجرس، وهو رجلٌ ثري يمتلكُ عشراتٍ مِن مناجم الألماس. كان يكبرُها باثنتي عشرة سنة، وكان لديهِ ابنةٌ تبلغ مِن العمر خمس سنوات.
ورغم أنها أصبحت فجأة أمًا لطفلة في الخامسة بعد زواجها مِن رجل أرمل، إلا أنْ زواجها كان ناجحًا. فقد أصبحت كونتيسة ثرية، مِما رفع مكانتها في المُجتمع الراقي بسرعة.
“داليا فون كريك.”
كانت امرأةً ذات شعرٍ أسود طويل وأملس، مرفوعٍ بأناقة، وترتدي فستانًا أخضر بسيطًا، ما منحها مظهرًا راقيًا ومحتشمًا.
وبفضل انتمائها لعائلةٍ مرموقة شغل أفرادُها مناصب عُليا في الإدارة على مدى أجيال، كانت تنضحُ بهالةٍ مِن الذكاء والرُقي.
وأخيرًا…
“فريجيا فون إليزيوم.”
كانت امرأةً ذاتُ شعرٍ ذهبي متدلي وعينين زمرديتين متألقتين، وجمالُها الأخاذ بدا وكأنهُ ليس مِن هَذا العالم.
لَمْ يكُن لقبها “الأميرة فريجيا” مُجرد لقبٍ عابر، بل كانت أميرةً حقيقية.
على الرغم مِن أنْ مملكة بالينتا، وطنها الأم، كانت صغيرةً جدًا مقُارنةً بالإمبراطورية، إلا أنْ دمها الملكي كان كافيًا لجذب اهتمام الجميع.
وبفضل مظهرها الآسر، ورُقيّها، وشخصيتها النبيلة، وإلمامها بالآداب، أصبحت بسرعةٍ زهرة المُجتمع الراقي.
“ما زالت جميلةً كما كانت…”
تأملت أرتيا فريجيا وهي تسترجعُ ذكرى قديمة.
قبل بضع سنوات، عندما رأى لويد فريجيا في إحدى الحفلات، بدا عليهِ الذهول والإعجاب الشديد.
“إنكَ تمتلكُ زوجةً جميلة كما تقول الشائعات، كونت إليزيوم.”
“أشكرُكَ. وكذَلك أنتَ يا دوق، تمتلكُ زوجةً فاتنة.”
عند سماع كلمات الكونت، التفت لويد إلى أرتيا، التي كانت واقفةً بجانبهِ مُطأطئة الرأس، ثم انفجر ضاحكًا بصوت عالٍ.
“هاهاها! يا لهُ مِن مُزاحٍ ممتع! زوجتُكَ وزوجتي كاختلاف زهرةٍ في الحديقة عن عُشبةٍ برية على قارعة الطريق.”
لَمْ يكُن هَذا أول تعليقٍ مُهين تسمعهُ منه، لكنها وجدت صعوبةً في تحمله في تلكَ اللحظة بالذات.
هربت إلى زاوية القاعة، غيرَ قادرةٍ على كبح دموعها.
حينها، سمعت وقع خطواتٍ خلفها.
رفعت رأسها بسرعةٍ، لترى فريجيا تنظرُ إليّها.
“آسفة، عادةً لا يكون أحدُ هنا، فَلَمْ أتوقع وجود شخصٍ آخر.”
كم بدت هَذهِ المرأة الجميلة مُتألقةً بالمُقارنة معها…
عضت أرتيا شفتها مِن شدة الشعور بالإحراج والعار، لكن فريجيا مدت لها منديلًا أبيض.
“الرجال أحيانًا يجرحون الآخرين بكلماتهم التي تنقصُها اللباقة، أليس كذَلك؟”
في عينيها الزمرديتين لَمْ يكُن هُناك أيُّ ازدراء، ولا تعالٍ، ولا حتى شعورٌ بالتفوق.
بل لَمِ يكُن فيهما سوى تعاطفٌ صادق.
“منذُ ذَلك اليوم لَمْ تُتح لنا فرصةٌ لتبادل الحديث، لكنني كنتُ أرغبُ بذَلك إذا سنحت الفرصة.”
حينها، التقت عينا أرتيا بعيني فريجيا، فابتسمت لها بلطفٍ وأرسلت إليّها تحيةً ودية عبر نظراتها.
لكن فريجيا أدارت رأسها بسرعة.
“……؟”
اتسعت عينا أرتيا في دهشة.
كانت تتوقع ألا تتذكر فريجيا تلكَ الحادثة، فقد كانت لحظةً عابرة.
لكنها لَمْ تتوقع أنْ تتجاهلها تمامًا…
“هل يُمكن أنها… لا تُحبني؟”
* * *
كانت حفلة الشاي التي تُقام في القصر الإمبراطوري مناسبةً اجتماعية خُصِّصَت لتواصل الأميرات ونبيلات المجتمع.
كان مِن المُفترض أنْ يحضر أفراد العائلة الإمبراطورية أيضًا، لكن الإمبراطورة لَمْ تظهر بحجة أنها ليست على ما يرام.
نظرًا لكون ذَلك قد حدث مِن قبل، لَمْ يُعر الحاضرون غيابها اهتمامًا كبيرًا، بل ركزوا على الهدف الأساسي مِن الحفل.
الاختلاط الاجتماعي، أيِّ بناء العلاقات.
كانت النبيلات تعرفنَ بالفعل مع مَن يُردن تكوين صداقة.
تجمعنَ حول مجموعة سيدات الزهور.
“كما سمعت، شعبيتهنَ هائلة.”
جلست أرتيا بعيدًا قليلًا، مُستمعةً باهتمام إلى حديثهنَ، محاولة معرفة نوع الأحاديث التي تدور بين سيداتٍ يحظينَ بهَذا القدر مِن الاهتمام.
تنهدت ماريغولد، وهي تستعرضُ المجوهرات التي غطت جسدها.
“آه~ أشعرُ بالامتنان لزوجي على هَذهِ الهدايا، لذا ارتديتُها جميعًا، لكنها ثقيلةٌ للغاية.”
نظرت إليّها النبيلات المُحيطات بها بعيونٍ مبهورة.
“حجمُها وحده كافٍ لتكون ثقيلة! لَمْ أرَ ألماسةً بهَذا الكِبر في حياتي.”
“ليست فقط ضخمة، بل لونها وبريقها رائعان أيضًا. لمعانُها يكاد يخطف الأبصار!”
اتسعت ابتسامة ماريغولد مع تصاعد الإطراء.
“إنْ كنتنَ مهتمات، أخبرنني. سأطلبُ مِن زوجي أنْ يمنحكنَ سعرًا خاصًا.”
“حقًا؟! هَذا رائع!”
كان رد فعل النبيلات حماسيًا للغاية.
ثم تواصلت الأحاديث عن أحدث صيحات الفساتين وإكسسوارات الشعر ومستحضرات التجميل.
“رغم أنْ الحديث سطحي، إلا أنهُ موضوعٌ يجذب اهتمام العديد مِن النبيلات.”
وبالطبع، كانت هُناك أيضًا عيون مليئةٌ بالغيرة تتجه نحو ماريغولد، لكن حتى ذَلك كان يُعد شكلًا مِن أشكال الاهتمام، مِما زاد مِن شعبيتها.
أومأت أرتيا برأسها مُتفهمة، ثم حولت نظرها نحو داليا.
كان جو المجموعة المحيطة بها مُختلفٌ تمامًا عن مجموعة ماريغولد.
هادئٌ ورزين.
“هل قرأتِ العمل الجديد للكاتب إيرغريكو؟”
أومأت داليا برأسها.
“نعم، قرأتُه. يبدو أنه تعمق كثيرًا في دراسة العلاقة بين الحاكم والبشر. لقد أعجبتني بشكلٍ خاص تحليلاتُه لنصوص الصلوات المقدسة.”
بدأت داليا تتحدث عن الكتاب بهدوءٍ وسلاسة.
أرتيا كانت تُحب القراءة، لكن ميولها كانت مُختلفة، إذ فضلت الروايات الرومانسية، التي تُعتبر مِن قِبل الطبقة النبيلة أعمالًا مِن الدرجة الدنيا.
“أنا لا أرى الأمر كذَلك أبدًا… ولكن…”
كان هُناك نوعٌ معين مِن الأعمال الأدبية التي تحظى باعتراف الطبقة النبيلة، وداليا لَمْ تكُن فقط ملمةً بها، بل كانت مُتحدثةً بارعة أيضًا.
كانت النبيلات حولها يستمعنَ بتركيزٍ شديد، وكأنهنَ طالباتٌ يحضرن محاضرة لأستاذةٍ قديرة.
“الآن أفهم لماذا تُعد مِن أذكى سيدات المُجتمع.”
أومأت أرتيا مرةً أخرى، ثم نظرت إلى الجهة الأخرى.
رأت فريجيا، مُحاطةً بعددٍ أكبر مِن النساء مقارنةً بماريغولد وداليا.
لكن حديث فريجيا لَمْ يكُن ذا طابعٍ مُميز مثل حديث ماريغولد أو داليا.
كان بسيطًا، عاديًا للغاية.
“ورغم ذَلك، لا أحد يستطيعُ أنْ يُشيح بنظرهِ عنها.”
كان ذَلك بسبب الإعجاب والانبهار.
بأميرةٍ أجنبية أنيقة وجميلة.
“أنا لا أملكُ أيَّ سحرٍ كهَذا.”
كانت أرتيا تمتلكُ ملامح جميلة، لكنها لَمْ تكُن جميلةً بشكلٍ يخطُف الأنفاس.
لَمْ تكُن تملك الثروة المُتألقة مثل ماريغولد، ولا المعرفة العميقة مثل داليا.
الشيء الوحيد الذي تمتلكهُ هو اسم دوقة إيدينبرغ، لكنهُ لَمْ يكُن كافيًا بعد الآن لجذب اهتمام النبيلات.
‘لكن لديِّ سلاحٌ لا يمتلكهُ أحدٌ هنا.’
نظرت أرتيا إلى بينيلوب، التي ما إنْ التقت عيناها بعيني أرتيا حتى أومأت برأسها وسألت بصوتٍ واضح:
“أرتيا، هُناك كثيرات مهتمات بقضية طلاقكِ. هل يُمكنكِ التحدث عنها؟”
رغم أنْ الضجة حول الطلاق كانت قد هدأت قليلًا، إلا أنه لا يزال أحد أكثرِ المواضيع صدمةً في المجتمع الراقي.
وكما خططت أرتيا، تحولت جميعُ العيون في القاعة نحوها دفعةً واحدة.
‘سأروي قصةً لا يستطيعُ أحدٌ مُقاومة الاستماع إليّها… قصةٌ مثيرة ومُمتعة تجعل الجميع يرغبُ في معرفة المزيد عني.’
كان هَذا هو الأسلوب الذي اختارتهُ أرتيا لجذب اهتمام النبيلات، رغم أنها أمضت عشرين عامًا تُفضل العزلة داخل غرفتها.
رغم أنْ الطلاق كان موضوعًا كافيًا لجذب الانتباه، لَمْ تكُن أرتيا تنوي مشاركة تفاصيل حياتها الخاصة بالكامل.
بدلًا مِن ذَلك، تحدثت عن إجراءات الطلاق، مُتجنبةً التفاصيل الأكثر حساسية حول علاقتها مع لويد، وكأنها تُضيف التوابل إلى القصة بحذرٍ.
“بعد أنْ قررتُ الطلاق، أرسلت طلبًا رسميًا إلى العائلة الإمبراطورية. ولحُسن الحظ، تفهموا مدى إصراري على الأمر، ووافقوا عليهِ فورًا.”
تجاهلت ذكر أنْ كيليان قد ساعدها في ذَلك، إذ كان الإفصاح عن هَذا الأمر سيُثير جدلًا كبيرًا.
ورغم أنها لَمْ تخض في الجوانب العاطفية والمُثيرة مِن القصة، إلا أنْ النبيلات كُن مصغياتٍ باهتمام.
لأن الطلاق نفسُه كان موضوعًا نادرًا وغيرَ مألوفٍ، مِما جعلهُ مُثيرًا للاهتمام.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة