البحث عن زوج للدوقة - 65
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 65 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...⁶
الفصل 65 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…⁶
يُمكن تفهُّم الأمر الأول بطريقةٍ ما، لكن الثاني لَمْ يكُن كذَلك.
الجزر؟ إذا صُنعت الحلوى بمكونٍ يُثير هَذا القدر مِن التفضيل أو النفور، فَمِن المؤكد أنْ الضيوف سيثيرون ضجة.
لكن الخادمة أبقت شفتيها مُحكمتين.
فَهي قد عاشت في القصر الإمبراطوري لفترةٍ طويلةٍ بما يكفي لتغيُّر العصور، وكانت تعلم جيدًا.
عندما يصدر أفراد العائلة الإمبراطورية أمرًا، فلا خيار سوى الطاعة دوّن اعتراض، حتى لو كان ذَلك أمرًا جنونيًا وغيرَ معقول.
“سأفعل ذَلك.”
شاهد نوكتورن كُل تلكَ الأحداث وهو يقف خلف كيليان، وارتسمت على وجههِ ابتسامةٌ وهو يفكر.
‘لَمْ لا تطلُب أيضًا تعليق لافتةٍ ضخمة عند مدخل قاعة الحفل مكتوبٌ عليها: ’نُرحب بأرتيا فون إيدينبرغ ‘، يا صاحب السمو؟’
***
بدأت أرتيا الاستعداد مُبكرًا منذُ الصباح للحفل الشاي الذي سيُقام بعد الظهر.
جلست أمام المرآة ويداها مُتشابكتان، بينما وقفت بيبي خلفها.
كان هُناك توترٌ غير مألوفٍ على وجه بيبي، التي لطالما كانت هادئة.
تزيين السيدة هو مِن مهام الخادمة الشخصية، وكانت بيبي دائمًا هي مَن تهتمُ بمظهر أرتيا عند خروجها.
لكن هَذهِ المرة، كانت المُناسبة مُختلفةً تمامًا.
حفلة شايٍ في القصر الإمبراطوري!
كان عليها أنْ تُبرز جمال آرتيا إلى أقصى حد.
نظرت آرتيا إلى بيبي التي كانت تُطلق هالةً مُرعبةً بوجهٍ جاد أكثر بعشر مرات مِن المُعتاد، ثم انفجرت ضاحكة.
“بيبي، هل تُدركين كيف يبدو وجهُكِ الآن؟ وكأنكِ خادمٌ يُرافق فارسًا إلى ساحة المعركة، وليس سيدةً إلى حفلة!”
“أعتذر.”
لكن، رغم كلامها، لَمْ يختفِ التوتر مِن وجهها.
لطالما كان حُلم بيبي، منذُ طفولتها، أنْ تخدُم سيدةً جميلة. لهَذا، كانت تستغل وقتها في قراءة الكتب والدراسة، بما في ذَلك المعرفة المُتعلقة بالمكياج والموضة.
لكن، باعتبارها ابنة صياد، كان نطاقُ معرفتها محدودًا.
وبالرغم مِن أنها تلقت تدريبًا احترافيًا بعد أنْ أصبحت الخادمة الشخصية لأرتيا، إلا أنها لا تزال تفتقرُ إلى المهارة المطلوبة.
بل إنْ هُناك العديد مِن الخادمات في هَذا القصر أفضل منها بكثير.
لكنها لَمْ تطلُب مساعدتهنَ لسببٍ واحد.
‘أريدُ أنْ أكون أنا، وليس أيُّ شخصٍ آخر، مَن يزين سيدتي.’
كان ذَلك هو الطموح المُشتعل في قلب بيبي، التي كان الجميع يصفُها دائمًا بالهدوء والثبات كالصخرة.
“حسنًا، سأبدأ الآن.”
أمسكت بيبي بأدوات التجميل بقرارٍ حازم.
وبدأت أصابعُها السميكة، التي تبدو وكأنها قادرةٌ على صيد الدببة، بالتحرك برشاقةٍ كما لو كانت تعزفُ على البيانو.
بينما كانت أرتيا تتلقى لمسات بيبي، فكرت في الأمر.
‘وجهُ بيبي صار أكثر جديةً بعشر مراتٍ مِن المُعتاد.’
لو رآها أحدٌ، لظن أنها على وشك الركوع والاعتراف بذنوبها قائلةً “أنا آسفة!”، لكن بالنسبة لأرتيا، كانت بيبي فقط…
‘رائعة.’
أرتيا، التي كانت تتعرضُ للتجاهل دائمًا بسبب ملامحها الباهتة، نظرت إلى بيبي بعينين مبهورتين.
لكن بيبي كانت غارقةً في التركيز لدرجة أنها لَمْ تُلاحظ ذَلك.
وبعد ثلاث ساعاتٍ كاملة، انتهى التزيين أخيرًا.
نظرت بيبي إلى أرتيا بعد أنْ عملت بتركيزٍ دوّن أنْ ترمش حتى.
“قد لا يكون عملي ناقصًا لدرجة تجعلُكِ محط سخرية، لكنهُ لَمْ يكُن كافيًا لإبراز جمال سيدتي بشكلٍ جيد.”
في اللحظة التي كادت تشعرُ فيها بالإحباط، ابتسمت أرتيا وهي تنظرُ في المرآة.
“واو، هَذا جميلٌ جدًا!”
“……!”
“لقد تحسنتِ كثيرًا! هَذا مُذهل، بيبي!”
“…….”
لَمْ يظهر أيُّ تعبيرٍ على وجهها، لكنها شعرت أنْ قلبها ينكمش.
حتى عندما حبست والدها في فخٍ وهربت مِن المنزل لأنه لَمْ يكُن ليسمح لها بأنْ تُصبح خادمة، لَمْ يرتجف قلبُها هَكذا.
لكن، أمام أرتيا، كان قلبُها يخفق باستمرار.
احمرَّت أطرافُ أذني بيبي.
“في المرة القادمة، سأجعلُكِ أكثر جمالًا.”
“حسنًا، سأنتظرُ ذَلك.”
ابتسمت أرتيا برقة، ثم رفعت أطراف تنورتها ودارت حول نفسها بسعادة.
كما لو أنْ مظهرها كان يروق لها تمامًا.
* * *
القصر الإمبراطوري
وقفت أرتيا بوجهٍ متوتر أمام الأبواب الضخمة لقاعة الحفل.
حضرت العديد مِن الحفلات التي أقيمت في القصر الإمبراطوري مِن قبل، لكنها لَمْ تحتفظ بأيِّ ذكرى جيدةً عنها.
كان والدُها يغضب، ولويد يسخر، والناس يتجاهلونها.
لطالما كانت تخفضُ رأسها بوجهٍ مُتحجرج بالبكاء، مُتمنيةً أنْ تُغادر المكان بأسرع وقتٍ مُمكن.
“رُبما لهَذا السبب، تبدو هَذهِ الأبواب المزينة بشكلٍ جميل وكأنها بوابةٌ إلى الجحيم.”
كان ذَلك نفورًا محفورًا في أعماق روحها.
“لا بأس، لستُ أرتيا القديمة. يُمكنني فعل هَذا.”
شجعت نفسها بثباتٍ، ثم دخلت عبر الأبواب، واتسعت عيناها مِن الدهشة.
كانت القاعة مزينةً بالكامل بأزهارٍ وردية.
“جميلة…”
بدا وكأنْ الربيع قد حلَّ في المكان.
لكن انبهارُها لَمْ يدُم طويلًا، إذ سرعان ما انهالت عليها نظراتُ السيدات الحاضرات.
“يا إلهي، إنها دوقة إيدينبرغ! لَمْ تظهر منذُ طلاقها، فَما الذي جعلُها تحضر الآن؟”
“يقولون إنها تغيّرت، وهَذا صحيح. كانت دائمًا تخفضُ رأسها بوجهٍ يبدو على وشك البكاء، لكنها الآن ترفعُ رأسها بثقة.”
كانت أرتيا تملكُ سمعًا حادًا، فَسمعت بوضوحٍ أصوات الهمسات مِن حولها.
“عذرًا، لكن التحدُث عن الآخرين بهَذهِ الطريقة يُعد تصرفًا غيرَ لائق.”
“لكن، هل كانت دوقة إيدينبرغ دائمًا بهَذا الجمال؟”
فَهي بالطبع لا تُمانع سماعها.
رسمت أرتيا على شفتيها ابتسامةً اجتماعية متوازنة، لا مُبالغ فيها ولا سطحية، بعد أنْ تدربت عليها لأيام.
لكن رغم ابتسامتها، لَمْ يقترب أحدٌ منها. بل إنْ أيِّ شخص تلاقت أعينهُما معها كان يُشيح بوجههِ بسرعة.
لَمْ يكُن السبب مُجرد عدم وجود معرفةٍ سابقة بينها وبين هؤلاء السيدات، بل لأن العديد منهُنَ تعمدنَ تجاهلها أو حتى سخرنَ منها في الماضي.
كان وجودها بشكلٍ جديد، أكثر ثقة، أمرًا غريبًا ومُخيفًا لهن.
“حتى إلقاء التحية ليس بالأمر السهل…”
شعرت بالإحباط، وكادت كتفاها تهبطان، حين سمعت فجأةً صوتًا مُفعمًا بالحيوية.
“أرتيا!”
كانت تلك بينيلوب، مرتديةً فستانًا أصفر، وهي تُمسك بيدي أرتيا بابتسامةٍ مُشرقة.
“أتيتِ مُبكرًا! أنا سعيدةٌ جدًا برؤيتكِ هُنا!”
كان الأمر مذهلًا.
رغم أنْ بينيلوب وحدها مَن أتت، إلا أنْ شعور الوحدة الذي كان يخنقُها تلاشى، وكأنْ العالم كله أصبح في صفها فجأة.
ابتسمت أرتيا بسعادةٍ.
“وأنا أيضًا سعيدة.”
بينما كانتا تتبادلان الابتسامات، اقتربت منهُما بعض السيدات.
“بيني!”
كنَ يأتين لتحية بينيلوب، لكنهنَ تجمدن عند رؤية أرتيا.
“م-ماذا تفعل دوقة إيدينبرغ هُنا…؟”
رغم أنهنَ رأينها مِن قبل، إلا أنهنَ لَمْ يسبق لهن أنْ تبادلن معها حديثًا حقيقيًا.
في ظلّ هَذا التوتر، كادت بينيلوب تتدخل، لكن أرتيا بادرت بالحديث.
“تشرفتُ بلقائكن، سيدة ماكيكيلا، وسيدة كايسيس.”
اتسعت عينا السيدات بصدمة.
أرتيا كانت مِن عائلةٍ دوقية عريقة، كما أنها كانت محور قضية الطلاق التي هزت الإمبراطورية مؤخرًا.
أما هاتان السيدتان، فكانتا مِن عائلات ذات شأن أقل، حيث يعرفُهما عددٌ قليل مِن الناس.
“هل تعرف دوقة إيدينبرغ اسمي؟!”
تقدمت أرتيا نحو السيدتين بابتسامة وواصلت حديثها.
“السيدة ماكيكيلا، الزنبق الذي يزين شعركِ جميلٌ للغاية. لطالما سمعتُ أنْ حديقة زهور عائلة ماكيكيلا تُشبه لوحةً فنية، فَهل هو مِن هناك؟”
“أما قلادة السيدة كايسيس، فهي تحملُ رمز عائلة كايسيس، البجعة البيضاء. إنها تبدو أنيقةً جدًا عليكِ.”
احمرّت وجوه السيدات على الفور.
فمديحُ العائلة، الني تُعتبر مصدر فخرٍ للنبلاء، كان دائمًا محل ترحيب، خاصة إذا جاء مِن شخصٍ غير متوقع.
بدت تعابير السيدات أكثر ارتياحًا الآن، وابتسمنَ.
“وأنتِ أيضًا تبدين رائعةً اليوم، دوقة إيدينبرغ.”
لقد نجحت!
ابتهجت أرتيا داخليًا.
كونها قد ابتعدت عن الحياة الاجتماعية لفترةٍ طويلة، لَمْ تكُن تمتلك الكثير مِن المعلومات عن السيدات النبيلات.
لكنها استطاعت أنْ تسترجع كل هَذهِ التفاصيل بفضل الدروس المُكثفة التي تلقتها مِن بينيلوب خلال الأيام الماضية.
“أحسنتِ، يا تلميذتي!”
رفعت بينيلوب إبهامها مُشجعةً أرتيا.
“شكرًا لكِ، مُعلمتي!”
شكلت أرتيا بيديها رمز القلب ردًا على بينيلوب.
وبينما كانت تتبادل أطراف الحديث مع السيدات، حلَّ الصمت فجأةً على القاعة، وتوجهت أنظار الجميع إلى جهةٍ واحدة.
استدارت أرتيا لتنظُر بدورها.
عند مدخل القاعة، كانت ثلاث سيدات يدخُلنَ بهدوء.
كنَّ سيدات الزهور.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》