البحث عن زوج للدوقة - 62
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 62 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...³
الفصل 62 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع … ³
‘لَمْ يكُن لدي أيُّ نيةٍ لتخويفها.’
كل ما في الأمر أنهُ كان يريدُ رؤية عينيها.
ظلّ الفضول يراوده، لكنهُ لَمْ يكُن يرغب في رؤية عيني تلكَ الفتاة الصغيرة لو عنى ذَلك إزعاجها.
لذَلك، مر كيليان بجوار أرتيا دوّن أنْ يتوقف، ولَمْ يقترب منها مرةً أخرى.
وبعد بضعة أشهر، وبينما كان في هيئة قطٍ أسود، رأى أرتيا جالسةً القرفصاء في أحد أركان القصر الإمبراطوري.
كانت ردود أفعال الناس عند رؤيتهِ على هَذهِ الهيئة مُختلفةً تمامًا عن ردود أفعالهم حين كان أميرًا.
كان البعض يجدونهُ لطيفًا، بينما كان البعض الآخر يتجاهلُه تمامًا. لَمْ يكُن هُناك أحدٌ يشعر بالتوتر أمامه.
ورُبما تكون أرتيا فون إيدينبرغ واحدةً مِن هؤلاء أيضًا.
هَذهِ المرة، قد يتمكن أخيرًا مِن رؤية لون عينيها.
“…….”
تقدم القط الأسود نحو أرتيا بخطواتٍ بطيئة.
عندما سمعت صوت خطواتهِ الخفيفة، رفعت رأسها.
وفي اللحظة التي التقى فيها بعينيها، شعر كيليان بأنْ قلبهُ قد سقط فجأةً.
كانتا مُختلفتين تمامًا عن عيني أخيه، اللتين كانتا شاحبتين لدرجة بدت كأنهما خاويتان.
أما عيناها، فقد كانتا مُشرقتين، بلونٍ يُشبه زهور الكرز المهروسة، مُتألقتين، وواضحتين… وجميلتين.
قطبَ القطُ الأسود حاجبيه أمام هَذا الشعور الغريب الذي لَمْ يختبرهُ مِن قبل.
فتح كيليان عينيه.
كانت الفتاة لا تزال أمامه.
“لا، لقد كبرت قليلًا، أليس كذَلك؟”
كان وجهُها المُستدير قد أصبح أكثر نحافةً، وشعرُها الفضي الذي كان يصل إلى كتفيها قد طال حتى خصرها.
لكن الأهم مِن ذَلك…
في اللحظة التي رأى فيها صدرها المُستدير يبرز مِن خلف قماش النيغليجيه الرقيق، استفاق كيليان تمامًا.
“……!”
نهض بسرعةٍ، وعندها فقط أدرك الموقف.
قبل بضع ساعات، كان قد غفا في هيئة القط.
“نم في مكانٍ مُريح، نوي.”
كانت أرتيا قد احتضنت القط الأسود برفقٍ، وضعتهُ على سريرها، ثم استلقت بجوارهِ مُبتسمة.
كان الأمر مقبولًا حتى تلكَ اللحظة، لكن المُشكلة كانت أنْ السحر يزال في مُنتصف الليل.
النوم بجوار قطٍ صغير قد يكون أمرًا لطيفًا، لكن النوم بجوار رجُلٍ في الثالثة والعشرين مِن عمرهِ لَمْ يكُن كذَلك أبدًا.
كان الوضع أكثرَ خطورةً مِن النوم بجانب أسدٍ جائع.
لحُسن الحظ، كانت أرتيا نائمةً بعُمق ولَمْ تدرك شيئًا مما حدث.
‘يجبُ أنْ أعود فورًا.’
لكن على عكس ما أرادهُ، لَمْ يستطع تحريك جسدهِ بسهولةٍ.
لَمْ يكُن قادرًا على صرف نظرهِ عن أرتيا.
شعرُها الفضي المُتناثر، شفتاها الورديتان المفتوحتان قليلًا مع أنفاسها الناعمة،
الخطوط الناعمة لجسدها التي ظهرت مِن خلف قماش النيغليجيه الرقيق.
لَمْ تعُد تلكَ الطفلة الصغيرة ذات الثمانية أعوام، بل أصبحت امرأةً ناضجة، ناعمةً كنُضج تفاحةٍ في خريفها.
“…….”
لَمْ يكُن قادرًا على التنفُس.
جف حلقُه تمامًا.
كان قلبُه ينبض بعُنف.
اجتاح جسدُه دفءٌ شديد.
ظلّ يُحدق بها وكأنهُ مسحور، لكنه انتفض فجأةً عندما أصدرت أرتيا صوتًا ناعسًا وحرّكت جسدها قليلًا.
وفي لحظةٍ، تحول إلى قطٍ وقفز مِن النافذة، كما لو كان يهرًب بعد أنْ رأى شيئًا لا ينبغي لهُ رؤيته.
* * *
عندما استيقظت أرتيا في الصباح، حدقت بالمكان الفارغ بجانبها وتمتمت:
“نوي، قد رحل.”
كان مِن الأفضل لو بقي قليلًا… أشعرُ بالأسف.
“أتمنى أنْ ننام معًا مرةً أخرى في المرة القادمة.”
بدأت أرتيا يومها بهَذهِ الأمنية الصغيرة.
لَمْ يعُد لديها أيُّ علاقةٍ بشايلوك، ولكن هَذا لا يعني أنْ حياتها اليومية قد أصبحت هادئة.
فَبِمُجرد أنْ شاع خبر عدم إتمام زواجها مِن سيمون، بدأت طلباتُ الزواج تتدفق إليّها مُجددًا.
أرتيا نظرت إلى كومة الرسائل في يد بيبي وقالت:
“الجو بارد، وستكون هَذهِ الرسائل وقودًا مُناسبًا للمدفأة.”
لو كان أيُّ شخصٍ آخر في مكانها، لرُبما صُدم مِن طريقة تعاملها مع رسائل الخُطاب، ولكن بيبي لَمْ تتردد وألقت بها كلها في المدفأة.
بالنسبة لبيبي، كان تنفيذُ أوامر سيدتها أمرًا بديهيًا، حتى لو طلبت منها التخلُص مِن هؤلاء الخُطّاب تمامًا دوّن أنْ يتركوا أثرًا.
لكن الرسائل لَمْ تكُن المُشكلة الحقيقية، بل أولئكَ الذين يأتون لخُطبتها دوّن إذن.
“افتحي الباب، يا سيدة إيدينبرغ. أود شرب الشاي معكِ والحديث قليلًا.”
خرجت بيبي وأوصلت كلام سيدتها:
“سيدتي لا تجدُ شيئًا لتتحدُث بهِ معكَ.”
“كيف لا؟ لقد أرسلتُ إليّها رسالةً بالفعل!”
أخذت بيبي الرسالة التي قدّمها الرجُل وسلمتها لأرتيا، التي ما إنْ قرأتها حتى ضاقت عيناها دهشةً.
“ما هَذا؟”
كان المُرسل هو عمّها، ومحتوى الرسالة كان على النحو التالي:
[إنْ عائلة إيدينبرغ تُفكر بكَ باعتباركَ الزوج المُناسب لأرتيا.
لكنها فتاةٌ خجولة، لذا مِن الصعب ترتيب لقاءٍ معها.
إذا أظهرتَ لها اهتمامًا أكبر وسعيت وراءها بجد، فسيكون هُناك احتمال كبير لنجاح الأمر.]
“إذًا، لهَذا السبب يأتي الخُطّاب بهَذهِ الجرأة وكأنهم مدعوون رسميًا.”
قبضت أرتيا على الرسالة بشدةٍ، ولمعت عيناها الوردية بحدة.
لَمْ تكُن تُريد لقاء أعمامها على الإطلاق. لَمْ يكُن هُناك شيءٌ يُسمى روابط العائلة بينهم، فقد كانوا غرباء عنها أكثر مِن الغرباء أنفسهم.
لكن طالما أنهم تصرفوا بهَذا الشكل، لَمْ يكُن هُناك خيارٌ آخر.
حان الوقت لمواجهتهم.
ارتدت أرتيا فستانها بعنايةٍ وتوجهت إلى قصرٍ فخم.
سارت بثباتٍ حتى وصلت إلى الباب الكبير وفتحته.
صرير—
في الغرفة المُزينة بأسلوبٍ أرستقراطي صارم، جلس مجموعةٌ مِن الرجال الذين بدوا تمامًا كما لو كانوا جزءًا مِن هَذا الديكور.
كانت عيونهم جميعًا ذاتُ لونٍ أحمر مائل إلى السواد، وكانوا شيوخ عائلة إيدينبرغ، وإخوة بينيديكت، والدها الراحل، أيِّ أعمامُها.
لكن لَمْ يكُن في نظراتهم أيُّ ترحيبٍ بابنة أخيهم.
تحت أنظارهم المُخيفة، أمسكت أرتيا بتنورة فستانها وانحنت تحيةً لهم.
“كيف حالكم؟ لَمْ أركم منذُ وقتٍ طويل.”
لكن بدلًا مِن الرد، دوّى صوتٌ بارد في المكان:
“بعد أنْ لوّثتِ سمعة العائلة، لا تزال لديكِ الجرأةٌ لتحيتنا بهَذهِ البساطة؟”
كرانك فون إيدينبرغ، الأخ الأكبر لبينيديكت.
“لقد أحدثتِ فضيحةً بطلاقكِ، والآن يتحدُث الجميع عنكِ بسوء. أشعرُ بالعار حتى أنني لَمْ أعد أجرؤ على مواجهة الآخرين.”
ديريك فون إيدينبرغ، الأخ الثاني لبينيديكت.
“إذا كنتِ قد أحدثتِ هَذهِ الفوضى، فَعلى الأقل أسرعي في الزواج مُجددًا! لماذا ترفضين كُل الخُطّاب؟”
إيان فون إيدينبرغ، الأخ الثالث لبينيديكت.
كانوا مُتحدين تمامًا في هجومهم عليها، وكأنهم يصدرون حكمًا على مذنبة.
قبل سنواتٍ، كانت أرتيا ستبكي بحرقةٍ وتُكرر اعتذاراتها.
لكنها الآن لَمْ تكُن تهتزُ أمامهم، بل تأملتهم بهدوء.
‘وجهٌ نحيف، عينان حادتان، وأنفٌ معقوف… إنهم يشبهون والدي تمامًا. إنهم التجسيد المثالي للأشرار الأرستقراطيين.’
‘الحمد لله أنني أشبهُ والدتي.’
“لابد أنكم مُستاؤون جدًا لأنكم لَمْ تتمكنوا مِن بيعي إلى عائلة البارون لوشيان، أليس كذَلك؟”
عند كلماتها، تشوّهت وجوه الرجال الثلاثة في آنٍ واحد.
“أتقولين بيع؟ لقد أصبح لسانُكِ بذيئًا بعد الطلاق!”
“كنا نفكر في مصلحة العائلة! هل تُدركين كم هو أمرٌ خطير أنْ يبقى منصب دوق إيدينبرغ شاغرًا؟”
“سنجدُ لكِ زوجًا مُناسبًا، لذا تزوجي فورًا!”
بدوا كأنهم ثلاثة ضباعٍ غاضبة تُحاصر أرنبًا صغيرًا، مُصممين على مسح وصمة العار عن اسم العائلة.
لكن أرتيا أجابتهُم بوجهٍ لا يحمل أيَّ أثرٍ للاضطراب.
“في الواقع، جئتُ اليوم للحديث عن هَذا الموضوع.”
عندما سمعت الأعمام ذَلك، تنهدوا براحة.
لكن قبل أنْ تطول سعادتهم، تابعت أرتيا كلامها.
“لكن الشخص الذين أرغبُ في الحديث معهُ ليس أنتم.”
“ماذا؟!”
سارت أرتيا بخطواتٍ ثابتة نحو الستارة الثقيلة التي تفصلُ جزءًا مِن الغرفة، ثم قالت بصوتٍ واضح.
“أطلبُ لقاءً خاصًا… مع عمّتي.”
مِن خلف الستار، لمع بريقٌ حاد في عيون امرأة التي كانت تُراقب المشهد بصمت.
إيفانجلين فون غلوستر.
كانت الابنة الكبرى لجدها، أيِّ الأخت الكبرى لبينيديكت، وأعمامُها الذين وقفوا أمامها الآن.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة