البحث عن زوج للدوقة - 61
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 61 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...²
الفصل 61 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع … ²
في تلكَ اللحظة—
“أرسين! ماذا تفعل هُناك!”
دوّى صوتٌ هيستيري مع ظهور الإمبراطورة.
اقتربت الإمبراطورة بوجهٍ شاحب ولمست وجه أرسين.
“الطقس باردٌ جدًا، كيف تخرُج؟ ماذا لو أصبتَ بالبرد؟”
قبل أنْ يتمكن أرسين مِن الرد، التفتت الإمبراطورة بسرعةٍ وصاحت.
“كيف تأخذُ أرسين للخارج في مثل هَذا اليوم؟ هل فقدت عقلكَ؟!”
“أراد سموهُ أنْ يستنشق بعض الهواء النقي.”
“كان عليكَ منعُه! أنتَ فقط تتمنى أنْ يموت أخوكَ بسرعة!”
لَمْ تكُن عينا الإمبراطورة تنظرانَ إلى ابنها كأمٍ تُراقب طفلها، بل كانت نظراتُ قاتلٍ يُريد القضاء على ضحيته.
قبل أنْ يتمكن كيليان مِن الرد، دفعت الإمبراطورة كرسي أرسين المُتحرك بعيدًا ورحلت.
حاول أرسين الالتفات إلى الخلف، لكنهُ خفض رأسه بسرعةٍ عندما رأى وجه الإمبراطورة الغاضب.
وقف كيليان في مكانهِ يُراقب ابتعاد الاثنين.
كان هَذا يحدُث دائمًا.
لَمْ يعُد الألم يُمزق قلبه كما في طفولتهِ، لكنهُ لَمْ يعتد أبدًا على هَذا الفراغ الذي يشعرُ به داخله.
قبضَ كيليان بصرامةٍ على صدرهِ الأيسر.
***
بعد بضع ساعاتٍ، ظهر قطٌ أسود في قصر إيدينبرغ.
لَمْ يكُن هُناك أيُّ منطقٍ وراء مجيئهِ إلى هُنا، بل كان مجرد غريزة.
ظنّ أنْ رؤيتها ستُخفف قليلاً مِن عذابه.
لَمْ يسبق لهُ أنْ جاء في ساعةٍ مُتأخرةٍ كهَذهِ.
“هل هي نائمة؟”
إذًا، سأعود أدراجي.
… لا، لا بأس لو ألقيتُ نظرةً خاطفةً على وجهها فقط، أليس كذَلك؟
كان يترددُ أمام النافذة المُغلقة بإحكام على غير العادة، حتى اتسعت عيناهُ فجأةً عندما فُتحت النافذة وظهرت أرتيا.
“أهلًا بك، نوي!”
رحبت أرتيا بالقط كما تفعل دائمًا بابتسامةٍ مُشرقة، لكن كيليان لَمْ يتمكن مِن التصرف بهدوءٍ كعادته.
كانت أرتيا ترتدي ثوب نومٍ خفيف، يكشفُ عن تفاصيل جسدها بالكامل.
“…..!”
في تلكَ اللحظة، تبخرت كُل المشاعر الثقيلة التي كانت تُسيطر على عقل كيليان.
أصبح ذهنهُ فارغًا تمامًا.
بعد وقتٍ طويل استعاد وعيّه، وضغط بمخالبهِ على الأرض.
‘يجبُ أنْ أعود.’
رغم أنهُ كان معروفًا بتهورهِ إلى حد وصفه بـ الأمير المجنون، إلا أنهُ لَمْ يكُن وقحًا لدرجة التحديق في امرأةٍ بمثل هَذهِ الحالة مِن انعدام الحماية.
ولكن عندما همّ القط الأسود بالاستدارة، نادت أرتيا بصوتٍ يائس:
“لقد أتيتَ للتو، فَلماذا ترحلُ بهَذهِ السرعة يا نوي؟ لا تفعل ذَلك، تعال إلى الداخل، إنها تُمطر بغزارة.”
كانت هَذهِ أول مرةٍ يطلبُ منه أحدُهم البقاء بمثل هَذا الإلحاح.
حتى الإمبراطورة التي أنجبتهُ لَمْ تكُن قادرةً على التحكم بهِ كما تشاء، ولا حتى الإمبراطور الذي يحكُم الإمبراطورية. ولكن…
‘لا يُمكنني عصيان أرتيا فون إيدينبرغ.’
لحُسن الحظ، كان على هيئة قط،
فَلَمْ يكُن عليهِ الكشف عن مدى ارتباكه.
عندما دخل القط الأسود إلى الغرفة بخطواتٍ رشيقة، شعرت أرتيا بحماسٍ و توترٍ شديد.
حتى لو كانت ستُقابل جلالة الإمبراطور نفسه، فَلَن تشعُر بهَذا القدر مِن التوتر!
احمرّت وجنتاها وهي تُحدق في القط الأسود، لكنها لاحظت أمرًا غريبًا.
“لطالما كنتَ تُحدق بي، لماذا تنظرُ إلى الأرض اليوم؟”
ظنت أنْ هُناك شيئًا شهيًا على الأرض، لكنها لَمْ تجد شيئًا.
“ما الأمر فجأة؟”
هل يشعرُ بالخجل لأنه لَمْ يرَها منذُ أيام؟ أم أنها تبدو قبيحةُ في عينيه الآن؟ أم أنهُ لَمْ يعُد مُهتمًا بها؟
… سيكون ذَلك مُحزنًا.
بينما كانت تُفكر في كل الاحتمالات، أحضرت منشفةً دافئة.
“تعالَ إلى هُنا، نوي. سأجففُكَ.”
“…..؟!”
“لقد تبلل فراؤك مِن المطر.”
“…..”
كانت تُحاول إقناع القط الأسود الذي تجمدت في مكانهِ وكأنه سمع شيئًا لا ينبغي لهُ سماعه، تابعت.
“لقد أمسكنا بأيدي بعضنا مِن قبل، ألا يُمكن أنْ تسمح لي بهَذا الأمر على الأقل؟”
“…….”
تبًّا، مُجددًا تلكَ النظرات.
عندما كان يلتقي بعينيها الورديتين، اللتين تُشبهان زهور الكرز المطحونة، كان يشعرُ وكأنه مسحورٌ بتعويذةٍ ساحرة لا يستطيع مقاومتها.
خفض القط الأسود نظره وسار نحو أرتيا وهو يفكر:
‘يُمكنني تسليم جسدي، لكنني لَن أنظر إليّها أبدًا.’
مِن أجل شرف أرتيا فون إيدينبرغ وكيليان فون أورفيوس.
لكن ذَلك القرار انهار على الفور عندما وقعت عيناهُ فجأةً على صدر أرتيا المُمتلئ.
“……!”
اتسعت عينا القط لا إراديًا، قبل أنْ يُغلقهما متأخرًا بلحظة.
‘لا تنظُر!’
بينما كان القط يُكافح أفكاره، لَمْ تكُن أرتيا على درايةٍ بما يجول في رأسه، بل اكتفت بالضحك وهي تُجفف فراءه الأسود المُبلل بالماء بحماس.
“ها قد عاد فراؤك ليُصبح ناعمًا ونظيفًا، نوي الجميل.”
حسنًا، لقد عاد كُل شيء إلى طبيعتهِ، لذا توقفي عن ذَلك.
لا تفعلي شيئًا آخر، أرتيا فون إيدينبرغ.
لكن على عكس أمنيات كيليان، خرجت أرتيا مِن الغرفة وعادت بعد قليل تحملُ طبقًا ساخنًا يتصاعد منهُ البخار.
كان الطبق يحتوي على حساءٍ دافئ مُحضر باللحم والخضار.
“يجبُ أنْ تأكل هَذا أيضًا حتى لا تُصاب بالبرد.”
تلألأت عيناها الورديتان.
في النهاية، خفض القط الأسود رأسه وبدأ يلعق الحساء.
متناسيًا كبرياء الأمير ولو مؤقتًا.
فراءٌ جاف وناعم، بطنٌ مُمتلئ بحساءٍ دافئ،
وصوت أرتيا الذي بدا كأنشودةٍ لطيفة.
كان الجو دافئًا ومريحًا للغاية.
دُحض قرارهُ بالاكتفاء بالنظر إلى وجهِها، وسرعان ما أغلقت عينا القط الأسود ببطء.
عندما بلغ كيليان الثامنة مِن عمرهِ، زار دوق إيدينبرغ القصر الإمبراطوري مُصطحبًا فتاةً صغيرة.
“هَذهِ ابنتي الوحيدة العزيزة، أرتيا.”
انحنت أرتيا، ورفعت طرف فُستانها المُرتجف بينما كانت يداها ترتعشان بقوةٍ.
“أ، أ، أقدمُ تحياتي لسلالة أورفيوس العظيم. أ، أرتيا فون إيدنبيرغ، ي، يسرُني لقاءك.”
كان صوتُها المُرتبك والمُتردد يثير الشفقة، فتجمد وجهُ بينديكت ببرود.
لحُسن الحظ، أو رُبما لسوء الحظ، لَمْ يكُن للإمبراطور والإمبراطورة أيُّ اهتمامٍ بفتاةٍ ضعيفة بالكاد تستطيعُ تقديم التحية.
قبلا تحيتها شكليًا فقط، ثم تجاهلاها تمامًا.
لكن الشخص الذي لًمْ يفعل ذَلك كان كيليان، الذي كان جالسًا بجانبهُما.
على الرغم مِن أنهُ لَمْ يكُن مُهتمًا بالناس عادةً، إلا أنْ نظراتهِ توجهت نحو أرتيا.
‘أرتيا؟ اسمها يُشبه اسم أخي. وشعرُها فاتح اللون مثله.’
حتى بشرتُها كانت بيضاء مثل أرسين.
‘هل لون عينيها يُشبه لون عينيهِ أيضًا؟’
لَمْ يكُن كيليان مُدركًا لذَلك، لكنه للمرة الأولى كان يشعرُ بالاهتمام بشخصٍ غير أرسين.
لكن منذُ البداية، لَمْ ترفع أرتيا رأسها أبدًا، كما أنْ عينيها كانتا مخفيتين خلف خُصلات شعرها.
لو كان قد رأى عينيها منذُ البداية، لكان فقد اهتمامهُ بها بسرعة.
لكن الفضول غيرِ المُشبع بدأ يتزايد، وشعر برغبةٍ شديدة في التوجه نحوها ورؤية وجهِها بوضوح.
ظلّ يُحدق بها مِن مكانهِ البعيد، مُفكرًا:
‘انظري إليّ، أرتيا فون إيدينبرغ.’
لكن أرتيا لَمْ ترفع رأسها حتى النهاية.
حدث الأمر ذاتٌه في اللقاء الثاني، ثم الثالث.
كان فضوله، الذي بدأ برغبةٍ بسيطةٍ في رؤية عينيها، قد تحول ببطء إلى هوسٍ قوي.
“يجبُ أنْ أراها اليوم.”
للمرة الأولى، وقف كيليان مِن مقعدهِ، بعد أنْ اعتاد الجلوس بلا حراكٍ كدُمية.
في تلكَ اللحظة، توجهت كُل الأنظار في القاعة إلى الأمير الصغير.
وبخطواتٍ أرستقراطية لا تتناسبُ مع عمره، اقترب مِن أرتيا، ثم اتسعت عيناهُ بدهشة.
كانت يداها المُتشابكتان ترتجفان بشدة، كما لو كانت تُعاني مِن نوبة ارتعاش.
أدرك كيليان على الفور:
‘إنها خائفةٌ مني.’
لقد كان رد فعلٍ مألوفًا.
فمع قوتهِ وشخصيته الفريدة، لطالما كان الناس يشعرون بالتوتر أمامه.
لَمْ يكُن يهتم بردود أفعالهم مِن قبل.
لكن اليوم…
شعر بانزعاجٍ لَمْ يعهدهُ مِن قبل.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》