البحث عن زوج للدوقة - 5
الفصل 5 : الدوقة ترغب في الطلاق ⁵
الحديقة الجميلة التي كانت كلوحةٍ فنية خيمَ عليها صمتُ بارد.
لقد صرخت لريليكا بالطبع، وكذَلك الخادمات المُحيطات، لكن آرتيا لَمْ تُدهش إطلاقًا. فقد كان كل شيء كما توقعت.
‘لقد وقع الصرصور في الفخ.’
شعرت بفرحٍ نتيجة نجاح خُطتها، لكنها في نفس الوقت شعرت بمذاقٍ مرير.
‘حتى وإنْ كان الأمر كذَلك، كيف لَمْ يقترب أحدٌ لفحص الشخص الذي تم ضربهُ أمام أعينهم…؟’
في تلكَ اللحظة، ركضت خادمةٌ مِن بعيد.
“هل أنتِ بخير، سيدتي؟”
كانت الخادمة التي رأت آرتيا في طريقها لمًقابلة إيلما قبل أيام، طويلة القامة ولديها ندبةٌ على خدها.
نظرت آرتيا إليّها ببرود.
“انتظري، هُناك شيء يجبُ أنْ أفعله أولاً.”
ثم وجهت بنظرها نحو لريليكا.
“حاولتُ أنْ أفهمكِ لأنكِ طفلةٌ محبوبةٌ مِن قِبل لويد، لكن لَمْ أعد أستطيع تحمُل تصرفاتكِ بعد الآن.”
أشارت إلى ليرليكا، التي كانت تُحدق فيها بعيون مُتسعةٍ مثل قطة مذعورة.
“امسكِ هَذهِ المُتطفلة التي تجرأت على لمس جسدي فوراً وقيدوها.”
“……!”
فزعَت الخادمات مِن الأمر المُفاجئ، لكنهن ترددوا قليلاً قبل أنْ يقُمن بأيِّ تصرف.
لقد قررن أنْ يقفن إلى جانب العشيقة المحبوبة مِن لويد بدلاً مِن الوقوف مع زوجة دوق ضعيفة.
“هاهااها.”
حين أدركت ليرليكا ذَلك، انفجرت في الضحك. في تلكَ اللحظة، اقتربت الخادمة ذاتُ الندبة على خدها بسرعة وأمسكت بذراع ليرليكا.
“أنتِ! مَن تظُنين نفسكِ لتلمسين جسدي؟!”
“……”
لَمْ تردُ الخادمة ذات الندبة، بل سحبتها بعُنف. حاولت ليريليكا الصراخ على الخادمات.
“ماذا تنتظرون؟! امنعوا هَذهِ المجنونة فورًا!”
حينها، ترددَت الخادمات، لكنهن تحركن أخيرًا نحو الخادمة ذات الندبة، مُحاولين وقفها.
“اتركي الآنسة لريليكا الآن!”
على الرغم مِن أنْ عدد الخادمات كان أكبر، كانت الخادمة ذاتُ الندبة صامدةً كالصخرة، ولَمْ تتحرك.
وسط الشجار، كان وجهُ ليريليكا الذي بدا وكأنهُ على وشك البكاء قد تغيّر فجأةً، وكأنها عثرت على مُخلص.
“كبيرة الخدم!”
ظهرت إيلما فجأةً.
“ما الذي يحدُث هُنا؟”
صرخت لريليكا بصوتٍ مُتقطع وكأنها طفلة.
“أختي أصبحت مجنونة! لقد جعلتني أشرب السم ودفعت الخادمة لقتلي!”
نظرت آرتيا إلى جانبها وضغطت على خدها الأحمر المتورم.
“لريليكا هي التي صفعتني على خدي.”
“……!”
“حتى وإنْ كانت محبوبةً مِن لويد، فَهل يُمكن التغاضي عن هَذا؟”
إنْ ضرب خادمةٍ مِن طبقة عامة وجه نبيلةٍ يُعتبر جريمةً واضحة. ومع ذَلك، لَمْ تجرؤ إيلما على الوقوف إلى جانب آرتيا مُباشرة.
ترددَت إيلما، لكن آرتيا حركت شفتيها بصمت.
“كبيرة الخدم.”
“……!”
كلمات سحرية أغلقت بسرعة على عُنق إيلما.
“حتى لو كنتِ خائفةً مِن عقاب لويد، فَالمحاكمة وإنْ كانت مُرعبة، أفضل مِن قطع رأسكِ.”
أغمضت إيلما عينيها وهي ترتجف، ثم قالت بصوت منخفض.
“خذوها إلى غرفتها.”
“……!”
تغيّر وجهُ لريليكا بشكلٍ مُفاجئ مِن الفرح إلى الانهيار الكامل مع ظهور إيلما.
“هل أنتِ مجنونة؟ كيف يُمكن أنْ تفعلي هَذا بي؟”
لَمْ تُجب إيلما بل نظرت إلى الخادمات، وأشارت إليّهن.
“أسرعوا.”
رغم أنْ الدوقة ضعيفة لَمْ يكُن لأوامرها تأثير، إلا أنْ أوامر كبيرة الخدم كان لا يُمكن تجاهلها.
ترددت الخادمات للحظة قبل أنْ يسحبوا ذراع لريليكا.
“لنذهب الآن، آنسة لريليكا.”
بينما كانت لريليكا تصرُخ وتُحاول الهروب.
“عندما يأتي الدوق، ستعرفون كُل شيء! سأجعلكم جميعًا تتعرضون للضرب ولَن تستطيعوا المشي بعدها!”
اسم دوق إيدنبرغ جعل وجوه الخادمات شاحبة، لكن ذَلك لَمْ يُغيّر الوضع.
بعد اختفاء لريليكا، ابتسمت إيلما ابتسامةً لَمْ تكُن مُعتادةً عليها تجاه آرتيا.
“رأيتِ، أليس كذَلك؟ إيلما هي في صف السيدة.”
كانت تبدو كمَن يُريد أنْ يتم التربيت على رأسها.
لكن آرتيا لَمْ ترد على إيلما، بل وجهت بالكلام إلى الخادمة التي كانت ما زالت تقفُ في المكان ولديها ندبةٌ على خدها.
“ما اسمُكِ؟”
فوجئت الخادمة بالسؤال المُفاجئ، ثم نظرت إلى آرتيا وأجابتها بصوتٍ هادئ.
“بيبي.”
“بيبي، بيبي إذًا…”
همست آرتيا باسمها مُبتسمة.
“بيبي، مِن اليوم فصاعدًا ستكونين خادمتي.”
“……!”
اتسعت عينا بيبي، التي كانت لا تلملكُ تعبيرًا، بشكلٍ واضح.
أما عينا إيلما فقد اتسعتا أكثر بِمقدار الضعف.
قالت إيلما بتعبيرٍ مُرتبك:
“لا يُمكن اتخاذ قرار تعيين خادمةٍ للسيدة بهَذهِ السرعة. يجبُ أنْ نكون صارمين في تحديد ما إذا كانت مُناسبةً لهَذا المنصب.”
“إنها خادمتي، إذا أعجبتني فَهَذا يكفي.”
“لكن……”
بدت إيلما وكأنْ لديها الكثير لتقوله، لكن آرتيا تجاهلتها بسهولة وبدأت في التحرك.
“لنذهبِ، بيبي.”
مدت آرتيا يدها نحو بيبي.
ترددت بيبي قليلاً، لكنها أخيرًا انحنت احترامًا وذهبت مع آرتيا، متبعوةً بنظرة إيلما.
كان جسدُ بيبي القوي والمتين يُشعرها بالراحة والأمان بشكلٍ غيرِ عادي.
عندما دخلت آرتيا الغرفة، جلست على الكرسي.
وقفت بيبي أمامها وانحنت لتضع مرهمًا على خد آرتيا المتورم مِن الضرب.
كانت يدي بيبي كبيرةً ومليئةً بالجروح الصغيرة. ومع ذَلك، كانت حركتُها حذرةً للغاية، على عكس مظهرها الخشن.
‘أشعرُ وكأنني أتلقى العناية مِن دبٌ ضخم ذو مخالب مُدمرة.’
بينما كانت بيبي تنظرُ إلى آرتيا، تحدثت.
“سيدتي، أرجو أنْ تُعيدي التفكير في تعييني خادمتكِ. أنا لا أستحقُ هَذهِ المهمة.”
بدا أنْ بيبي كانت مُترددةً بشأن قبول أمر آرتيا، لكن آرتيا لَمْ تستطع التخلي عنها.
كان هُناك سببٌ لهِذا.
“كنتُ أعرفكِ مِن قبل.”
“……!”
منذُ عدة أشهر…
عندما أرسل لويد رسالةً يدعو آرتيا لتناول الطعام معه، قامت آرتيا بتزيين نفسها بكُل جمال قبل أنْ تُغادر غرفتها.
كان قلبُها ينبض بسرعةٍ بفعل فكرة أنْ لويد طلب منها الحضور بعد فترة طويلة.
لكن عندما وصلت إلى القاعة، تراجع قلبُها بشدة.
كان لويد جالسًا على المقعد الرئيسي، وعلى ركبتهِ كانت تجلس لريليكا.
كانت لريليكا ترتدي فُستانًا مزخرفًا بأربطةٍ كبيرة وتبتسمُ ابتسامةً مُشرقة.
“أختي، اليوم هو اليوم الـ 100 منذُ أنْ التقينا أنا والدوق. احتفلي معنا.”
عانق لويد لريليكا.
“كنتُ أرغبُ في الاحتفال بهَذا اليوم معكِ فقط.”
“آه، لكن في الأيام الخاصة مثل هَذهِ، مِن الأفضل أنْ يكون هُناك كثير مِن الناس، أليس كذَلك؟”
“آه، صغيرتي، أنتِ طيبةٌ جدًا.”
تصلب وجهُ آرتيا فجأةً وشحب.
نظر إليّها لويد بنظرةٍ غاضبة.
“ماذا تنتظرين؟ اجلسي.”
لِمْ تستطع آرتيا، كما هو الحال دائمًا، رفض أوامر لويد.
لكن هَذهِ المرة، لَمْ تستطع الجلوس في ذَلك المكان.
“آ… آسفة.”
لَمْ تستطع آرتيا إلا أنْ تهمس بهَذهِ الكلمات قبل أنْ تُدير جسدها بسرعة، لكن أطرافُ ثوبها عرقلت قدمها وسقطت على الأرض.
صوت سقوط قوي
مِن خلف آرتيا، سُمع صوت ضحكةٍ عاليةٍ مِن لويد.
“هاهاها! يا للغباء، حتى الهروب لا تستطيعين القيام بهِ بشكلٍ صحيح!”
حاولت لريليكا أنْ تكتُم ضحكتها.
“هاهاها، هل أنتِ بخير، أختي؟”
شعرت آرتيا بمذلةٍ شديدة لدرجة أنْ عقلها أصبح خاليًا تمامًا.
لَمْ تستطع أنْ تُحاول النهوض، وكانت ترتجفُ مِن شدة الإهانة.
ومع ذِلك، لَمْ يقترب منها أيٌّ مِن الخادمات المتواجدات في الغرفة.
في لحظةٍ مِن اليأس، تدفقت دمعةٌ واحدة مِن عين آرتيا… حينها، شعر جسدها بيدٍ ضخمةٍ ورحيمة تلمسُها.
كانت اليد حذرةً للغاية وهي ترفعُ آرتيا.
“سوف أخذكِ إلى غرفتكِ، سيدتي.”
لَمْ تكُن آرتيا تعلم كيف وصلت إلى هُناك.
بينما كانت في سريرها بالغرفة، كان دموع آرتيا تتساقط بلا توقف، فيما كانت الخادمة تضعُ الغطاء عليها وتقول بصوتٍ خالي مِن العاطفة.
“استريحي.”
ورغم نبرتها الجافة، كانت هُناك لمسةٌ مِن الحُزن في صوتها.
“هل تعلمين يا بيبي، كم كنتُ بحاجةٍ لهَذهِ الراحة في ذَلك اليوم؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》