البحث عن زوج للدوقة - 4
الفصل 4 : الدوقة ترغب في الطلاق ⁴
“آرتيا، كيف يُمكن أنْ نكون مُتشابهتان في كُل شيء ما عدا ذوقنا في الرجال؟”
لكن لا، لَمْ يكُن الأمر هَكذا.
لقد وقعت آرتيا في حب لويد لأنهً كان لطيفًا معها.
كان الرجل الذي كان وجههُ متألقًا بخداعٍ، يُخبئ نواياه بينما كان يهزُّ ذيله، وكأنّه مُستعدٍ لسحب قلبها بأسره، مِما جعل آرتيا الساذجة تقع في حبه.
لحًسن الحظ، كان لويد قد غادر القصر الآن.
“أتمنى أنْ يُصاب بصاعقةٍ ولا يعود أبدًا…”
تمتمت آرتيا وهي تمضغُ الجزر بصوتٍ عالٍ، وفي تلكَ اللحظة دخلت الخادمة.
“الآنسة لريليكا تقول بإنها ترغبُ في شرب الشاي مع السيدة.”
رفعت آرتيا حاجبيها بدهشة.
منذُ فترةٍ، كانت لريليكا تُحاول دائمًا أنْ تقضي وقتًا مع آرتيا بهَذهِ الطريقة.
لكن بما أنْ آرتيا لَمْ تكُن تستطيع النظر إلى لريليكا براحة، كانت ترفضُ عرضها بتقديم أعذار عن حالتها الصحية.
لكن بعد عدة مراتٍ مِن الرفض، جاء لويد.
أمسك لويد يُمسك بشعر آرتيا الفضّي.
“ألا ترين كم تبذلُ لريلي جُهدًا لتكون صديقةً لكِ؟”
“آه، هَذا مؤلم…”
“اتّبعي كُل ما تقوله لريليكا، وإلا ستتعرضين للعقاب.”
آرتيا كانت ترتجفُ مِن الخوف ووافقت على مضض.
لَمْ يكُن أمامها خيار آخر، فقد كان لويد مُخيفًا جدًا بالنسبة لها.
في اليوم التالي، شربت آرتيا الشاي مع لريليكا.
ضحكت ليريكا بسعادةٍ، قائلة إنها مُتحمسةٌ أخيرًا للحديث مع أختها، واستمرت في التفاخُر.
فستانُها الذي كان مُزينًا بمئات الزهور.
وربطة الشعر الكبيرة التي كانت تُزين رأسها.
“كل هَذا هديةٌ مِن الدوق لي. لكن هِذا هو المُفضل لدي.”
مدت ليريكا يدها أمام آرتيا.
كان هُناك خاتمُ ألماسٍ ضخم يلمعُ على إصبعها الرابع.
“أليس جميلاً، أختي؟”
“…..”
حدقت آرتيا في الخاتم بدهشةٍ، ثم أغلقّت فمها.
كانها كانت على وشك أنْ تبصُق الشاي الذي كانت تشربُه.
عادت آرتيا للتفكير في ذَلك الموقف، وشعرت مُجددًا بأنْ معدتها تلتوي.
نظرت إليّها الخادمة بنظرةٍ مليئةٍ بالشفقة.
“هل نخبرها بأنكِ لا تستطيعين الحضور بسبب حالتكِ الصحية؟”
بما أنْ لويد لَمْ يكُن في القصر، لَمْ يكُن هُناك مشكلةٌ إذا لَمْ تذهب.
…لكن، هل هُناك سببٌ للاختباء؟
***
كما هو متوقع مِن اسمٍ كبير مثل عائلة إيدنبرغ، كانت حديقة القصر واسعةً وجميلة.
في وسطها، كانت هُناك أبراجٌ بيضاء تتوسطُ حديقة الورود التي كانت تُعتبر الأكثر فخامة.
كانت لريليكا هُناك، تشربُ الشاي وتُهمهم بأغنيةٍ خفيفة.
“في البداية كان الشاي مرًا وذو طعمٍ سيء، لكن الآن أصبح لذيذًا. يبدو أنني أصبحتُ السيدة ااحقيقية.”
أجابت الخادمات بجانبها بحماس.
“بالطبع، الآنسة لريليكا أصبحت السيدة الحقيقية.”
“نعم، وحتى مِن بين السادة الحقيقيين، مِن النادر أنْ نجد مَن هي جميلةٌ وأنيقةٌ مثل الآنسة لريليكا. بالنظر إلى السيدة آرتيا، كما تعلمون.”
حتى لو كانوا يبالغون في المدح، كان ذَلك أكثر مِن اللازم.
عبُست إحدى الخادمات، لكن وجهُ لريليكا كان مُشرقًا كالشمس.
بينما كانت الأحاديث حول آرتيا تزداد، كانت شتائمُ آرتيا تُمثل أحد مصادر متعة لريليكا الصغيرة.
“نعم، عندما قابلتُ أختي لأول مرة،ٍ كنتُ حقًا في صدمة.”
كانت لريليكا، كونها مِن عامة الناس، تحملُ مشاعر مختلطةً مِن الإعجاب والخوف تجاه النبلاء.
وكانت تتصور أنْ دوقة إيدنبرغ ستكون جميلةً وأنيقة ومغرورة.
لكن آرتيا لَمْ تكُن تمتلك أيًّا مِن هَذهِ الصفات.
وجهها الشاحب الذي كان يبدو كوجه مريضٍ بلا حياة، وكتفاها المُنحنية التي كانت مليئةً بالتوتر.
وما كان يُثير استغراب لريليكا أكثر هو أنْ آرتيا لَمْ تكُن قادرةً على النظر إليّها بشكلٍ مُباشر.
“كنتُ مُحبطةً للغاية عندما رأيتُها بتلكِ الهيئة…”
بينما كانت تهزُّ رأسها، وضعت لريليكا فنجان الشاي على فمها.
وفي تلكَ اللحظة، ظهرت آرتيا بين الورود المُتفتحة.
عندما رأت لريليكا آرتيا قادمة نحوها، شعرت فجأةً بجفافٍ في حلقها.
كانت تلكَ اللحظة التي كانت قد شهدتها قبل أيام، ولا زالت في ذاكرتها، تجلُب لها الخوف الغريب.
لكن مشاعرها هَذهِ اختفت سريعًا.
وذَلك لأن الخادمات اللواتي يخدمن لريليكا بدأوا في الهمس.
“يبدو أنْ السيدة آرتيا تلقت صدمةً كبيرة، لذَلك أصبحت غيرَ قادرةٍ على التفكير بشكلٍ طبيعي. لكن مع مرور الوقت، ستعود إلى حالتها السابقة.”
كما قالت الخادمات، كانت آرتيا قد تصرفت بشكلٍ مُرعب في تلكَ المرة فقط.
ولكن الآن، كانت آرتيا تعود إلى كونها كما كانت مِن قبل، تختبئ في غرفتها، خائفة مثل الأرنب الذي يختبئ في جحره.
‘على الأقل، أنا المرأة التي يُحبها الدوق. لا شيء يجبُ أنْ أخافه.’
رفعت لريليكا أنفها بتفاخُر، ورفعت يدها مُرحبة.
“مرحبًا، أختي!”
جلست آرتيا على الكرسي بينما كانت تُراقب لريليكا التي كانت تلوح بيدها مثل طفل.
‘منذُ أيامٍ فقط قُمت بتوبيخها، ومع ذَلك هي الآن تُحيّني بهَذهِ الطريقة. يبدو أنني لا أزالُ في نظرها سهلة المنال.’
حسنًا.
بمثل هَذا الوضع، سيكون مِن السهل التخلص مِن تلكَ الصراصير.
بدلاً مِن لوم لريليكا على قلة إدبها، جلست آرتيا على الكرسي.
ولَمْ تلبُث لريليكا حتى بدأت بالكلام بحماس.
“الشاي أرسلهُ لي الدوق لأنه كان قلقًا عليّ لوجودي وحدي لذيذٌ جدًا. جربيهِ أنتِ أيضًا، أختي.”
دوّن أنْ تنتظر إجابةً مِن آرتيا، سكبت لريليكا الشاي.
وبسبب حركتها الفوضوية، تناثرت بعض قطرات الشاي في المكان.
حدقت آرتيا في فنجان الشاي لبعض الوقت، ثم جلبتهُ إلى شفتيها.
ومع ذَلك، أظهرت لريليكا استياءها مِن حركات آرتيا غيرِ الأنيقة.
“الشاي ليس لذيذًا فقط، بل يُساعد على تحسين البشرة أيضًا. كنتُ حزينةً جدًا بسبب غياب الدوق ولَمْ أتمكن مِن تناول الطعام بشكلٍ صحيح، مِما جعل بشرتي جافة، ولكن الآن أصبحت أكثر إشراقًا.”
وأثناء قيامها بتدليك خديها الناعمين مثل البيض المُقشور، قالت آرتيا.
“يبدو ذَلك صحيحًا. لكن أعتقد أنْ تحسن بشرتكِ ليس بفضل هِذا الشاي، بل بسبب الأعشاب.”
“أعشاب؟”
“نعم، هُناك بعضُ الأعشاب التي أهداني إياها لويد.”
عندما أصبح لويد دوقًا، أهدى آرتيا زجاجةً تحتوي على ماءٍ صافٍ.
“لا تنسي أنْ تتناولي هَذهِ الأعشاب يوميًا. إنها ستقوي جسدكِ الضعيف.”
“شكرًا.”
تلقت آرتيا الزجاجة، ووجهها كان مليئًا بالحُزن كما لو كانت على وشك البكاء.
كانت الأعشاب خاليةً مِن الرائحة ولكن طعمُها كان حلوًا كالماء المُحلى.
كان ذَلك مزعجًا لآرتيا التي لا تُحب الحلاوة، ولكنها كانت تتناولها كل صباح دوّن أنْ تنسى.
لقد كانت هَذهِ أول هديةٍ مِن لويد بعد أنْ أصبح دوقًا وبدأ في تجاهلها بشكل كامل.
“كانت الأعشاب التي أعطاها لي ثمينة، وكان لها تأثيرٌ جيد حقًا. عندما أتناولها، أشعر أنْ جسدي يُصبح أكثر دفئًا وأمتلئ بالطاقة.”
“….”
“سمعتُ مؤخرًا بأنكِ تشعرين بالحزن بسبب غياب لويد، فأخبرتُ الخادمة أنْ تتاكد مِن أخذكِ لتلكَ الأعشاب، ولكن دوّن أنْ تعلمي، حتى لا تشعُري بالحرج.”
نظرت آرتيا إلى الإبريق على الطاولة وأكملت حديثها.
“إذا وضعتيها في الماء الدافئ، سيكون تأثيرُها أقوى. كما أنْ طعمها الحلو كان جيدًا، أليس كذَلك؟”
“…..!”
شحُب وجه ليريكا عندما فهمت المعنى.
ثم بدأ التقيؤ فجأة.
“أوووه!”
آرتيا نظرت إلى لريليكا التي كانت تتقيأ.
الأعشاب التي أعطاها لها لويد كانت مفيدةٌ للصحة، لكنها كانت قاتلة للنساء في فترة الخصوبة.
فالأعشاب تحتوي على مكوناتٍ تمنعُ الحمل.
‘طالما تتناولين الأعشاب، لَن يتمكن أيُّ طفلٍ مِن الدخول إلى جسدكِ. وإذا كنتِ حاملاً، فقد يؤدي ذَلك إلى الإجهاض.’
لقد أعطاها لويد تلكَ الأعشاب.
حتى تلكَ الزوجة التي لَمْ تقضِ ليلةً واحدةٌ مع زوجها منذُ يوم زواجها.
‘هل كان يخشى أنْ يجعلني أحمل عن طريق الخطأ، حتى لا يضطر إلى نقل لقب الدوق إلى ابني؟’
مهما كانت الأسباب، كانت تصرفاتُه حقيرةً وقاسيةً للغاية.
فجأة، نظرت لريليكا إلى آرتيا بعيونٍ مليئةٍ بالدموع.
“أنا على عكسكِ، يا آرتيا. كُل ليلة كنتُ أحظى بحُب الدوق. رُبما يوجد طفلٌ في بطني الآن!”
تفاجأت الخادمات مِما قالته لريليكا.
كما بدا على آرتيا أنها صُدمت.
“أعرف، لذَلك أعطيتُكِ تلكَ الأعشاب. أنتِ شخصٌ مُهم بالنسبة للويد.”
“.…!”
سكبت آرتيا المزيد مِن الشاي في فنجان لريليكا.
“لا أعرف سبب غضبكِ، لكنني أيضًا أستمتعُ بشربهِ، لذا اشربيهِ براحة.”
“كفى!”
ابتسمت آرتيا بابتسامة خفيفة باتجاه لريليكا.
“لماذا؟ أليستِ دائمًا تُحبين كل ما يُعطيكِ إياه لويد؟”
“….!”
“أنتِ فعلتِ ذَلك عن عمد، أليس كذَلك؟ جعلتِني أشربُه وأنتِ تعرفين!”
أنتِ أيضًا كنتِ تعرفين.
بدلاً مِن الرد، رفعت آرتيا زاوية فمها قليلًا.
وفي تلكَ اللحظة، تجعد وجهُ لريليكا بشكلٍ مُخيف. وكأنها فقدت عقلها.
بدوّن أنْ يتمكن أحدٌ مِن منعها، رفعت يدها وصفعتها بقوة.
صفعة قوية!
تركت الخد الأحمر الذي ظهر بوضوحٍ على وجه آرتيا.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》