البحث عن زوج للدوقة - 24
الفصل 24 : الدوقة ترغب في الطلاق ²⁴
لَمْ يعُد لويد دوقًا بعد الآن. والأهم مِن ذَلك، أنه تخلى عن المرأة التي يُحب مِن أجل مصلحتهِ الخاصة.
لذَلك، لَمْ يكًن هُناك أيُّ سببٍ يجعل لريليكا ترغبُ فيهِ الآن.
ولكن، على عكس التوقعات، اتسعت عيناها وكأنها تلقت هديةً غيرَ متوقعة.
“أنا… حقًا يُمكنني أخذُه؟”
“نعم.”
في تلكَ اللحظة، لمعت عيناها الطفوليتان البريئتان بشكلٍ مُخيف.
لَمْ يكُن ذَلك الحُب، بل غضبًا عارمًا.
‘لويد يظُن أنْ لريليكا فتاةٌ ساذجة لا تعرفُ شيئًا، لكنهُ مخطئ.’
ولدت لريليكا ونشأت في الأزقة الخلفية، وكان لديها جانبٌ شرس يُناسب هَذا العالم.
عندما أحبت لويد، أخفت هَذا الجانب تمامًا، لكنها لَمْ تعُد بحاجةٍ إلى ذَلك الآن.
“هَذهِ فرصتكِ، لريليكا، وأنا أمنحُكِ إياه عن طيب خاطر.”
“إذا كنتِ تُريدين التكفير عن ذنبكِ، فلا تظهري أمامي مُجددًا. وخذي لويد معكِ.”
“…….”
“هل تفهمين ما أعنيه؟”
حدّقت لريليكا في أرتيا بذهول، ثم انحنت تمامًا حتى لامس جبينُها الأرض.
“نعم، سأبذلُ قصارى جهدي حتى لا أزعجكِ أبدًا، سيدتي.”
بعد أسبوعٍ مِن طلاقهِ وطرده، وقف لويد أمام البوابة الحديدية للقصر، مظهرهُ كان بائسًا.
كان يأمل أنْ يبدو مُثيرًا للشفقة، لكن المارة الذين رأوه لَمْ يُظهروا أيِّ تعاطفٍ، بل فقط تقززًا.
“لقد طُلِّق بسبب أفعالهِ، ومع ذَلك لديهِ الجرأة للبقاء هُنا.”
“لو كان يملكُ قليلًا مِن الإدراك، لما ارتكب مثل هَذهِ الأفعال منذُ البداية.”
بعد أنْ فضح النبلاء فساده، انهارت سمعتُه تمامًا.
كان الجو العام في الإمبراطورية يعتبرهُ عدوًا.
همست إحدى النساء لصديقتها:
“يُقال إنْ دوق إيدنبيرغ السابق مات بسببهِ.”
رغم أنْ التحقيقات التي أجراها كل مِن عائلة الدوق والعائلة الإمبراطورية لَمْ تجد أيَّ دليلٍ على التلاعب المُتعمد بوفاة بينديكت، إلا أنْ كراهية الناس للويد جعلت تلكَ الإشاعة قابلةً للتصديق.
“قاتل!”
صرخ أحدُهم وألقى حجرًا صغيرًا على لويد.
“بووم!”
ارتطم الحجر بجبهتهِ، فصرخ لويد بألم:
“آآآه!”
كان الألمُ غيرَ متوقعٍ بالنسبة له، فقد اعتاد أنْ يكون الجلاد، لا الضحية.
كان يكرهُ الشعور بالألم أكثر مِن أيِّ شيءٍ آخر.
بعد لحظة، رفع رأسهُ بغضب، يبحثُ عن الشخص الذي تجرأ على إيذائه.
“لَن أدع هَذا الوغد ينجو بفعلتهِ!”
لكن عيناهُ اتسعتا عندما رأى الشخص الواقف أمامه.
كانت لريليكا.
بدا أنها فقدت الكثير مِن الوزن منذُ آخر مرةٍ رآها، لكن ملامحُها اللطيفة وجسدُها المغري ظلّا كما هما.
دوّن أنْ يُدرك، نظر إلى صدرها المُنتفخ، لكنهُ سرعان ما استعاد تركيزه وقال:
“أنتِ… كيف وصلتِ إلى هُنا؟”
“الخادمات اللواتي أرسلتهُنَ لمُراقبتي رحلنَ جميعًا. لَمْ يعُد هُناك سببٌ لهنَ للبقاء بعد طلاقكَ.”
“……!”
“لذَلك عدتُ إليّك. لقد اشتقتُ إليّكَ، دوقي.”
اقتربت لريليكا وعانقتهُ بإحكام.
“فَلنذهب معًا، دوقي.”
ما احتاجهُ لويد الآن لَمْ تكُن لريليكا، بل أرتيا.
كان عليهِ بأيِّ وسيلةٍ استعادةُ مكانتهِ كدوق إيدنبيرغ.
لكن بعد أنْ قضى أيامًا في الشارع، وصل جسدهُ إلى حدوده.
كان بحاجةٍ إلى مكانٍ دافئ ليستحم، ويأكل وجبةً ساخنة، ويرتاح في سريرٍ ناعم.
وأيُّ مكانٍ أفضل لذَلك مِن أحضان لريليكا الجميلة؟
‘أرتيا لَن تذهب إلى أيِّ مكان، سأستعيدُ قوتي أولًا ثم أعود إليّها.’
بلا تفكير، تبع لويد ليليكا.
قادتهُ إلى منزلها القديم، حيثُ كانت تعيش قبل أنْ تُصبح عشيقته.
عندما رأى المنزل القديم في زقاقٍ مُظلم، تجهم وجهًه.
‘ما زال قذرًا كما هو… هل ينبغي أنْ أقترح الذهاب إلى فندقٍ بدلاً مِن هَذا؟’
في تلكَ اللحظة، دوى صوتٌ “بـاك!”، وارتطم شيءٌ صلب برأس لويد.
كان الألم يفوق كثيرًا ما شعر بهِ عندما ضُرب بالحجر، لدرجة أنهُ لَمْ يستطع حتى الصراخ قبل أنْ ينهار أرضًا.
عندما فتح عينيهِ مُجددًا، وجد نفسهُ مُمددًا على السرير، تمامًا كما كان يتمنى.
…لكن ما لَمْ يكُن في الحُسبان أنهُ كان عاريًا ومقيد الأطراف.
“م-ما هَذا بحق…؟!”
تلعثم لويد مِن شدة الصدمة، وعندها رأى وجه لريليكا أمامه.
“لقد استيقظتَ، دوقي. كنتُ قلقةً أنْ تبقى فاقدًا للوعي بعدما ضربتُكَ بقوة، لكن مِن الجيد أنكَ بخير.”
عندها فقط، أدرك لويد أنْ لريليكا قد ضربتهُ على رأسهِ بمقلاة.
امتلأت عيناهُ بالغضب.
“ما الذي تفعلينه…”
لكن قبل أنْ يتمكن مِن إكمال كلامه، خُدش خدهُ فجأةً بأظافر لريليكا الحادة.
كانت أظافرُها مقلمةً بعناية، مِما جعلها سلاحًا قاتلاً، وتركت على الفور أثرًا أحمر قانيًا على وجهه.
“آاااه!!”
صرخ لويد كأن سكينًا قد قطعت خده.
لكن لريليكا لَمْ تكتفِ بذَلك—لقد خدشتهُ مُجددًا في نفس المكان، مِما جعل الجُرح أعمق، وانفجرت منهُ قطرات دم. الألم هَذهِ المرة كان أضعافًا مُضاعفة.
“ووووآاااه!!”
نظر إليّها بعينيهِ المُمتلئتين بالرعب، لكنهُ رأى الدموع تتجمع في عينيها الواسعتين.
“هل يؤلمكَ، دوقي؟”
“بالطبع يؤلم!!”
صرخ بأعلى صوته، لكن لِيليكا أجابتهُ بصوتٍ بارد:
“أنا تألمتُ أكثر.”
“……!”
“كنتُ أرجوكَ فقط أنْ تسمح لي بالبقاء بجانبكَ، لكنكَ تخليتَ عني. لقد كان ذَلك مؤلمًا جدًا، ولا يزال يؤلمني حتى الآن.”
عيناها البنفسجيتان المتلألئتان بالدموع لَمْ تكُن تحملان أيَّ حنان—بل كانتا مُخيفتين بشكلٍ لا يُصدق.
وفي تلكَ اللحظة فقط، أدرك لويد الحقيقة.
هَذهِ المرأة لَمْ تعُد لريليكا البريئة والمحبوبة.
‘يجبُ أنْ أهرب مِن هَذهِ المجنونة بأيِّ ثمن.’،
إنْ لَمْ يفعل، فلا أحد يعلم ما قد يحدُث له.
أخذ نفسًا عميقًا، ثم حاول أنْ يتحدث معها بلطفٍ قدر الإمكان.
“لريليكا، لا تفهمي الأمر بشكلٍ خطأ… لَمْ أكُن أنوي ترككِ أبدًا. كنتُ فقط أحتاجُ بعض الوقت لاستعادة استقراري، ثم…”
“آااااه!!”
لَمْ يُكمل جملته، فقد خدشتهُ لريليكا هَذهِ المرة على شفتيه.
ارتجف جسدهُ مِن الألم بينما تجمع الدم على شفتيه.
حدقت فيهِ لريليكا ببرود وقالت:
“أنا أكرهُكَ، دوقي.”
لَمْ يستطع حتى إصدار صوتٍ مِن شدة الألم، لكنها واصلت كلامها بكل هدوء:
“لذَلك، حتى أهدأ تمامًا، عليكَ البقاء هُنا.”
لكن ذَلك الوقت سيكون طويلاً جدًا…
بطول الفترة التي أحبت فيها لريليكا لويد.
“ووووآاااه!!”
تعالت صرخاتُ لويد في أرجاء المنزل العتيق.
لكن المكان كان معزولًا تمامًا، ولَمْ يكُن هُناك أحدٌ ليسمعه.
وحتى إنْ مرّ شخصٌ بالقرب، لَمْ يكُن ليهتم.
فَفي الأزقة القذرة، كانت صرخاتُ الآخرين أقلُ أهميةَ مِن كأس خمر.
في هَذهِ الأثناء، كانت إيلما تتحدثُ بحماسٍ واضح:
“وأخيرًا، ذَلك الرجُل المزعج، لويد، قد رحل! بل أخذ لريليكا معهً أيضًا.”
كان هُناك عدةُ شهودٍ رأوا لويد وهو يُغادر مع لريليكا، وسرعان ما انتشر الخبر.
وكان النبلاء، الذين كانوا يكرهون لويد بالفعل، ينتهزون الفرصةً للسخرية منه.
“ألَمْ يكُن يبكي ويتوسل حتى لا يُطلق؟ لكنهُ الآن يبدو سعيدًا جدًا برفقة فتاةٍ مِن العامة!”
“إنهُ عارٌ على النبلاء. علينا التأكد مِن أنهُ لَن يخطو قدمًا في المُجتمع الراقي مُجددًا.”
أمسكت إيلما بيدها إبريق الشاي ونظرت إلى سيدتها، أرتيا، قائلة بحذر:
“هل أنتِ بخير، سيدتي؟ إذا رغبتِ، يُمكنني الذهاب وسحب تلكَ الفتاة مِن شعرها وإعادتُها إليّكِ.”
كانت إيلما تُحاول معرفة مشاعر سيدتها بطريقةٍ غيرِ مُباشرة.
لكن أرتيا أخذت إبريق الشاي مِن يدها وسكبت الشاي بنفسها، قائلةً بهدوء:
“لا داعي لذَلك.”
بينما كانت تصُب الشاي، فكرت أرتيا في أمرٍ آخر—كانت تتلقى تقارير سريةً من بيبي، التي لا تزال مُختبئةً وتُراقب الأوضاع عن كثب.
بحسب ما نقلتهُ بيبي، لَمْ يكُن لويد ولريليكا يستمتعان بوقتهما معًا كما كان يظُن الجميع.
بل كانا يعيشان كابوسًا.
“عندما تجسستُ على المنزل، وجدتُ لويد مُقيّدًا إلى السرير، وجسدُه مليء بالجروح.
كان يبكي وفمُه مكمم بقطعة قماشٍ مُبللة، بينما كانت لريليكا تطهو بجانبهِ وهي تُغني بسعادة.”
كانت تُخبرهُ بكل براءةٍ ‘يجبُ أنْ تأكل جيدًا، حتى تتمكن مِن اللعب معي لاحقًا’.”
لكن مِن الواضح أنْ عقلها لَمْ يكُن في حالتهِ الطبيعية.
لقد كانت أسوأ مِما توقعتهُ أرتيا.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة