البحث عن زوج للدوقة - 18
الفصل 18
أطلق لويد شتيمةً سوقية لا يستخدمُها سوى العامة، وهو يعضّ أظافرهُ بقلق.
كان يشعرُ بألمٍ يمزق قلبهُ إربًا وهو يودّع لريليكا المحبوبة بعيدًا عنه.
وأرسل الكثير مِن الهدايا للنبلاء الذين كان على علاقةٍ جيدةٍ معهم.
ومع ذَلك، لَمْ يتحسن الوضع، بل كان يزدادُ سوءًا يومًا بعد يوم.
لَمْ يكُن النبذ مِن قبل النبلاء هو المشكلة الوحيدة.
“إذا استمرت الشائعات السيئة عني، فقد يوافق الإمبراطور على الطلاق بالفعل…”
عندها، لَن يكون لقبُ دوق إيدنبيرغ مُلكي بعد الآن.
“لقد حصلتُ عليهِ بشق الأنفس… لا يُمكنني أنْ أفقدهُ بهَذهِ السهولة…”
عضّ لويد شفتيهِ ووجههُ مشوهٌ بالغضب.
“ماذا أفعل؟ كيف يُمكنني حل هَذا الوضع؟”
بعد لحظات، خطرت على بالهِ صورة امرأةٍ ذاتُ شعرٍ فضي وعيونٍ وردية.
عندها فقط، أدرك الحقيقة التي نسيها لفترةٍ طويلة.
“أنتِ من جعلتِ مني دوق إيدنبيرغ، أرتيا.”
تألقت عينا لويد وكأنهُ قد وجد الأمل وسط اليأس.
***
صرير—
استيقظت أرتيا على صوت الباب وهو يُفتح.
كان الوقت هو منتصف الليل، والجميع كانوا نيامًا.
لَمْ تكُن الخادمة التي تُحضر لها الطعام، ولا إيلما التي كانت تأتي لرؤيتها سرًا، تزورانها في هَذا الوقت.
‘مَن…؟’
اتسعت عينا أرتيا.
كان لويد واقفًا تحت ضوء القمر الساطع.
كان يرتدي بدلة توكسيدو بيضاء، مُمسكًا بيدهِ باقةً مِن زهور كوبية وردية متفتحةً بغزارة.
تمامًا كما فعل في اليوم الذي طلب يدها للزواج قبل ثلاث سنوات.
‘هل جُنّ بسبب تدهور الأوضاع؟’
على عكس أفكار أرتيا الساخرة، تحدث لويد بوجهٍ يملؤهُ الحزن.
“عندما أصبحتُ دوق إيدنبيرغ، انحنى لي أولئك الذين كانوا يتجاهلونني. لقد كنتُ مخمورًا بالاحترام والاهتمام الذي تلقيتُه لأول مرةٍ في حياتي، فأخطأت. لَمْ يكُن يجبُ أنْ أجرحكِ. أنتِ أهمُ شيء لدي…”
اقترب لويد مِن أرتيا وركع أمامها.
“سامحيني، أرتيا.”
امتلأت عيناهُ الزرقاوان بدموعٍ شفافة وهو ينظر إليّها.
لَمْ يكُن يبدو وكأنهُ الشخص نفسه الذي أساء مُعاملتها وحبسها في غرفتها قبل فترةٍ قصيرة.
كانت أرتيا تعرفُ هَذا الوجه.
إنهُ لويد الذي كان قبل الزواج.
لويد فون راينر، الذي همس لها بحبهِ.
“أحبُكِ، أرتيا.”
عندما قال تلكَ الكلمات وهو يُقدم لها زهور الكوبية الوردية، ابتسمت أرتيا.
في ذَلك الوقت، نسيت خوفها مِن الرجال، وخجلها من الناس، وابتسمت ببهجةٍ كأشعة الشمس.
رُبما كان يتذكر ذَلك.
نظر لويد إليّها بعينين تملؤهما التوقعات.
‘لكن ماذا عساي أنْ أفعل…؟ بالنسبة لي، هَذهِ مُجرد كلمات مملةٍ لا أكثر.’
تكلمت أرتيا بوجهٍ خالٍ مِن التعبيّر.
“لويد، لا تطلبُ مني المغفرة. لا تتحدث عن الحُب. لا داعي لذَلك. لَمْ يعُد لدي أيُّ شيء أريدهُ منك.”
“……!”
“آه، هُناك شيءٌ واحد أريدهُ بالفعل.”
“ما هو؟!”
صرخ لويد بقلقٍ، فردت عليهِ أرتيا.
“أرسل رسالةً إلى القصر تفيدُ بأنكَ تُريد الطلاق أيضًا. إذا طلبنا الطلاق معًا بقلبٍ واحد، فقد يوافق جلالة الإمبراطور بسهولةٍ…”
لَمْ تستطع إكمال كلامها.
كان ذَلك لأن لويد شدّ قبضتهُ عليها ومنعها مِن الحركة.
“كان يجبُ أنْ أفعل هَذا منذُ البداية…”
عندما التقت عيناها بعينيهِ اللتين تُشبهان عيني الأفعى، أصابتها قشعريرةٌ في كُل جسدها.
“ابتعد.”
“لا.”
“إذا لَمْ تبتعد عني حالًا، سأقتُلك!”
لوهلةٍ، بدا أنْ لويد ارتجف مِن نبرة أرتيا القاتلة، لكنهُ سرعان ما ضحك ساخرًا.
“لا تتظاهري بالرفض الآن. لقد كنتِ دائمًا ترغبين في أنْ نكون معًا.”
في ليلة زفافها، استقبلت أرتيا لويد وهي مُتأنقةٌ بأجمل حلة.
كانت خائفةً لدرجة أنها كانت ترتجفُ بالكامل، لكن الترقب لقضاء الليلة مع الرجل الذي تُحبه كان أقوى مِن خوفها.
لكن حينها، قال لويد لها بوجهٍ مُتردد.
“لا أستطيع…”
تذكرت أرتيا ما قالتهُ لها الخادمة أثناء تحضيراتها لحفل الزفاف.
“بعد الزفاف، عليكِ أنْ تُسلمي كل شيء لزوجكِ وتتبعيهِ بهدوء. ولكن إذا لَمْ يقُم زوجكِ بأيِّ تصرف، فَهُناك سببان لذَلك: إما أنه لا يملك أيَّ قوة، أو أنْ زوجتهُ تفتقر تمامًا إلى الجاذبية.”
ثم نظرت إليّها الخادمة بعينين باردتين وقالت.
“يجبُ أنْ تبذلي جهدًا حتى لا تكوني ضمنَ الفئة الثانية.”
كان لويد يملكُ جسدًا صحيًا وقويًا لا شك في ذَلك.
إذن، السبب هو…
شحُب وجه أرتيا فجأةً.
“أ-أنا آسفة… لا بد أنني لستُ كافية…”
ربّت لويد على أرتيا التي كادت تبكي، لكنهُ لَمْ يقل لها أبدًا أنْ الخطأ ليس منها.
في تلكَ الليلة، أمضت أرتيا ليلتها باكية.
كانت تشعرُ بالخجل مِن نفسها لدرجةٍ لا تُحتمل.
لكن لأن والدها، بينديكت، كان شديد الاهتمام بإنجاب وريثٍ لهما، كان عليهما أنْ يناما في الغرفة نفسها كل ليلة.
ومع ذَلك، وعلى الرغم مِن استلقائهما جنبًا إلى جنب في السرير نفسه، لَمْ يحدث أيِّ شيء بينهما.
كان لويد يغطّ في نومٍ عميق حتى يشخر، بينما لَمْ تستطع أرتيا أنْ تغفو ولو لثانيةٍ واحدة.
فقد كانت أسيرةً للخزي الذي انطبعَ في ذهنها منذُ ليلة الزفاف.
انتهت تلكَ الليالي المُحرجة عندما توفي بينديكت.
ومنذُ ذَلك اليوم، لَمْ يعُد لويد يزور غرفة أرتيا.
وبقيت أرتيا وحيدةً، غارقةً في الوحدة.
كانت تشتاقُ إليّه بشدة.
ثم، في أحد الأيام، جاء لويد إلى غرفتها تفوحُ منه رائحة الخمر.
عندما رأت زوجها بعد غيابٍ طويل، ابتسمت بخجل.
لكن لويد اقترب منها وهمس بصوتٍ هادئ:
“هل تعلمين، أرتيا؟ كُل النساء يبدين لي كـ نساء… إلا أنتِ.”
“……!”
ولإثبات كلماتهِ الصادمة، بدأ لويد يقضي كُل يوم مع لريليكا.
شعرت أرتيا وكأنْ قلبها يتمزق.
كانت تغارُ مِن لريليكا، تلكَ التي كانت امرأةً بالنسبة له.
وكانت تمقتُ نفسها، لأنها لَمْ تكُن حتى امرأةً في نظرهِ.
والآن، الرجل الذي جعلها تشعرُ بكل هَذا العار، قال أخيرًا:
“لو أردتِ الحقيقة، لَمْ تكوني قبيحةً لدرجة أنني لا أطيقُ لمسكِ.”
“……”
“لكن والدكِ أراد مني أنْ أنجب طفلًا لتوريثهِ لقب الدوقية، وكان يُعاملني وكأنني مُجرد فحلٍ لتكاثر نسله. لذا، أردتُ أنْ ألقنهُ درسًا.”
“……”
“وبعد موتهِ، لَمْ يكُن هُناك أيُّ سببٍ يدفعني للبقاء معكِ. لَمْ أرغب في تسليم لقب الدوق إلى أيِّ ابنٍ قد أنجبُه. ولكن الآن، قد غيرتُ رأيي.”
“لنُنجب طفلًا.”
“……!”
“الناس يتحدثون عن الطلاق بسهولة لأننا لا نملكُ طفلًا. ولكن إذا أنجبنا طفلًا، فَسيُصبح الأمر مُختلفًا تمامًا.”
فالدم رابطٌ لا يُمكن قطعه.
“الطفل سيكون السبب الذي يمنعُنا مِن الطلاق إلى الأبد.”
شعرت أرتيا برغبةٍ عارمة في قتله، وهي ترى لويد يتقدمُ نحوها بلا خجل، مُتحدثًا عن هَذا الأمر بكل وقاحة.
“اغرُب عن وجهي!”
لكن، رغم إرادتها، كان جسدُها ضعيفًا للغاية.
بذلت كًل قوتها للمقاومة، لكن لويد لَمْ يتحرك قيد أنملة.
في هِذا الوضع، لَمْ يكُن أمام أرتيا سوى خيارٌ واحد.
“ساعدوني!”
صرخت بأعلى صوتٍ يُمكن أنْ يصدرَ مِن جسدها النحيل.
كانت الصرخة قويةٌ لدرجة أنها جعلت لويد، الذي كان غارقًا في نشوتهِ، يتوقف للحظة.
لكن سرعان ما انفجر ضاحكًا.
“لا تُضيّعي جهدكِ. لقد صرفتُ جميع الخدم قبل دخولي. حتى لو صرختِ وكأنكِ تحتضرين، لَن يأتي أحدٌ لإنقاذكِ…”
صفعة!
في تلكَ اللحظة، دوّى صوتُ ضربةٍ قوية، وسقط لويد أرضًا.
وخلفهُ، ظهرت بيبي.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》