البحث عن زوج للدوقة - 14
الفصل 14
منذُ اليوم الذي اقتحمت فيهِ لريليكا قاعة الحفل، لَمْ يُقابلها لويد بشكلٍ مُناسب.
كانت لريليكا، التي لَمْ يرها منذُ وقتٍ طويل، قد انتفخت عيناها مِن البكاء، لكنها كانت لا تزال جميلة.
كانت صدرُها المُمتلئ كما هو، وهو ما زاد مِن تأثير مظهرها، وهو ما جعل لويد ينجذبُ إليّها دوّن أنْ يشعر.
ركضت لريليكا نحو لويد، وعانقتهُ بشدةٍ، وهي تبكي كطفلة.
“دوق، لريليكا أخطأت. أنا فقط أحببتُكَ كثيرًا فارتكبتُ خطأ.”
“…..”
“لَن أقول أبدًا إنني سأصبحُ زوجتكَ. سأظلّ في المنزل بهدوء. مِن فضلكَ اغفر لي.”
كان صوتها الذي يبكي مثل الأطفال مثيرًا للشفقة.
قام لويد بتمرير يدهِ عبرَ شعر لريليكا البنفسجي المُجعد وقال:
“انصرفي، لريليكا. اذهبي إلى قريةٍ بعيدةٍ عن العاصمة.”
“…..!”
اتسعت عينا لريليكا أكثر، وهزّت رأسها بعُنف.
“لا، لا! لريليكا ستكون معكَ إلى الأبد!”
على الرغم مِن أنْ لريليكا كانت دائمًا تومئ برأسها بلطف، إلا أنْ كلماتها جعلت وجه لويد يتجعد.
وضع لويد كلتا يديهِ على كتفي لريليكا الضعيفتين.
“هل تعتقدين أنني مُرتاح؟! أنا أيضًا مُتألم مِن الانفصال عنكِ! لكن ماذا يُمكنني أنْ أفعل؟!”
إذا أبقى لريليكا في القصر، ستنتشرُ الإشاعات بشكلٍ أكبر.
سيقولون أنْ دوق إيدنبيرغ وقع في حُب عشيقتهِ مِن العامة وحاول قتل زوجته، وستُصبح القصةً فاحشة.
كان لويد لا يريدُ هَذا الوضع على الإطلاق.
“لا أخبركِ أنْ تذهبي للأبد. عندما تهدأ الأمور ويصمت أولئك الذين يتحدثون عنك، سأعيدُك. لذا حتى ذَلك الحين، كوني هادئة.”
كان في عينا لويد نظرةٌ قاسيةٌ ومتغطرسة، وكأنها تُهدد بعدم تركها في حالها إذا لَمْ تتبع كلامه.
سقط الدموع مِن عيني لريليكا الكبيرتين.
“أنا أحبُك.”
“….”
“أحبُك، دوق. مِن فضلك لا تتركني. مِن فضلك…”
كان لويد أيضًا يُحب لريليكا.
لكن لَمْ يكُن مُستعدًا لتحمل المخاطر التي قد تُهدد سلامته.
رفع لويد يدهُ، وبِمُجرد ذِلك، قامت الخادمات بسحب لريليكا بعيدًا.
“دوق! دوق!”
كان صُراخ ليليكا الحاد يملأ القصر.
بعد وقتٍ قصير، اختفت تمامًا عن الأنظار داخل القصر.
***
دخلت إيلما غرفة أرتيا وقالت بفرح:
“تم طردُ لريليكا مِن القصر!”
“حقًا؟”
“نعم، الخادمات اللواتي أمرهنَ دوق إيدنبيرغ أخذوها إلى قريةٍ بعيدةٍ عن العاصمة.”
بينما كانت إيلما تتحدثُ بحماس، كانت أرتيا هادئةً وهي تقضمُ عيدان الجزر التي أحضرتها.
“ما كنتُ أهدف إليّه هو أنْ أرى لويد يتعرضُ للضغوط وينهارُ مثل الجيلي، أما لريليكا فكنتُ لا أهتم بِما يحدُث لها.”
بالطبع، كان هَذا خبرًا جيدًا.
لَمْ يعُد عليها أنْ ترى تلكَ الحشرات المُتطفلة التي كانت تُثير اشمئزازها.
‘أهمُ شيءٍ هو أنهُ قد طرد لريليكا التي كانت تتصرف كما لو أن الدوق سيموت إذا ابتعد عنها، يعني أنْ الانتقادات تجاه لويد قد زادت.’
كان هَذا بفضل بينيلوب.
لَمْ تكُن أرتيا وبينيلوب صديقتين مُقربتين، لكن كانا في نفس العُمر وكانا يتقابلان كثيرًا في صغرهِما.
على عكس أرتيا التي كانت دائمًا تجلسُ في الزوايا وحيدةً، كان المكان حول بينيلوب دائمًا يعجُ بالحيوية.
‘رغم أنْ عائلة بينيلوب لَمْ تكًن مِن العائلات النبيلة الكبرى، إلا أنْ الكثير مِن الأشخاص كانوا يحبونها.’
كان هَذا منطقيًا.
على عكس الفتيات الأخريات اللواتي كُن حريصاتٍ جدًا في تصرفاتهن، كانت بينيلوب صادقةً وحيوية مثل اللهب.
‘لَمْ تكُن بينيلوب تهتمُ بي بشكلٍ خاص، لكنها لَمْ تكُن تتجاهلني. عندما كان الآخرون يتصرفون بقسوةٍ معي، كانت في بعض الأحيان تتدخل وتخبرهم أنْ يتوقفوا.’
لذَلك أرسلت أرتيا رسالة إلى بينيلوب.
توقعًا منها أنْ تُحرك مشاعرها من خلال التعاطف مع الوضع الذي كانت تمرُ بهِ أرتيا، وكذَلك مِن خلال مُعاناتها مِن زوجٍ خائن.
كما كان مُتوقعًا، دعمت فدبينيلوب أرتيا بكُل حماس، مِما أدى إلى تصاعد الانتقادات ضد لويد.
‘لكن الآن، بما أنْ لريليكا قد رحلت، فإنْ اهتمام الناس سيتراجعُ تدريجيًا. وبالتالي، سيختفي اهتمامُهم بي.’
عندها سيكون الموقف مُحرجًا.
كان عليها أنْ تجد طريقةً للحفاظ على الوضع الراهن وتحقيق هدفِها في تقليل سمعة لويد إلى أدنى حد.
وكان يجبُ أنْ تجعل الإمبراطور المُتطلب يوافق على الطلاق، حتى لو كان ذَلك يعني أنْ الأمور ستصل إلى الحضيض.
أرسلت أرتيا مرةً أخرى إيلما إلى بينيلوب.
* * *
على عكس المرات السابقة التي كانت فيها بينيلوب تُرسل الرسائل فقط وتستلمها، استقبلت بينيلوب إيلما بحرارةٍ.
“أهلاً بكِ.”
شعرت بينيلوب بشعورٍ غيرِ مُعتادٍ مِن الألفة تجاه أرتيا، حيثُ كانت هَذهِ هي المرة الأولى التي تطلبُ فيها المساعدة منها.
“كيف حال السيدة؟ هي على قيد الحياة، أليس كذَلك؟”
جعل الاهتمام الحار بالسيدة، إيلما تشعرُ بالحماس، لكنها أخفت ذَلك وأظهرت تعبيرًا حزينًا.
“هي على قيد الحياة، ولكن حالتُها ليست جيدة. هي لا تخرُج مِن الغرفة، فلا يوجد ما يُمكن فعله.”
“ماذا سنفعل…؟”
شعرت بينيلوب برغبةٍ قويةٍ في أخذ سوط ركوب الخيل والذهاب مُباشرةً إلى قصر إيدنبيرغ لإنقاذ أرتيا وإخراجها مِن غرفتها.
لكن الواقع كان يختلف، إذ كان مِن الواضح أنها لَن تتمكن مِن الوصول إلى غرفة أرتيا، بل ستُطرد.
‘لقد أرسلت الخادمة لتُخبرني عن الوضع الصعب الذي تمرُ بهِ، ولكنني لا أستطيعُ فعل أيِّ شيء…’
عضت بينيلوب شفتيها بشدةٍ وهي تُظهر تعبيرًا غاضبًا، وفي تلكَ اللحظة، قدمت إيلما إليّها رسالة.
“السيدة طلبت مني أنْ أوصل هَذه الرسالة إليّكِ.”
فتحت بينيلوب الظرف وقرأت الرسالة، وفجأةً وضعت يدها على فمها في حالةٍ مِن الذهول.
***
بعد أنْ عادت إيلما مِن قصر بينيلوب، قالت بابتسامةٍ مملوءةٍ بالمُجاملة لأرتيا:
“السيدة بينيلوب كانت قلقةً جدًا على حالتكِ.”
“حقًا؟”
“نعم، كانت قلقةً مِن أنْ صحتك قد تتدهور بسبب بقائكِ في الغرفة، لذا أرسلت لكِ هدية.”
قدمت إيلما الصندوق الذي جلبتهُ مِن بينيلوب.
توقعّت أرتيا أنْ إيلما قد أخفت بعض الأشياء مِن الصندوق، لكنها لَمْ تُظهر ذلك وأخذت تفتح الغطاء بهدوء.
كان الصندوق مليئًا بالأعشاب المُفيدة والمأكولات الصغيرة اللذيذة.
‘كنتُ أظُن بأنها ستدعمُني، لكن لَمْ أتوقع أنْ تعتني بي إلى هَذا الحد.’
شعرت أرتيا بشيءٍ في قلبها، كان تُفاجأ بمقدار العناية التي تلقتها.
بينما كانت أرتيا تُحسن ترتيب الصندوق بحذرٍ، قالت إيلما:
“السيدة بينيلوب قالت إنها ستفعلُ كل ما في وسعها لمساعدتكِ، لذا لا داعي للقلق وكوني مُرتاحة.”
ابتسمت أرتيا لأول مرةٍ منذُ أنْ كانت محبوسةً في هَذهِ الغرفة، وكانت هَذهِ ابتسامةً مليئةً بالحُب والامتنان.
***
بعد عدة أيامٍ، كانت بينيلوب جالسةً مع بعض النساء المُسنات اللواتي يشيُب شعرهن.
قالت سيدةٌ مُسنّة، وقد رفعت شعرها الأبيض برقي:
“شكرًا لكِ على دعوتنا، لكنني قلقة. ألَن تشعري بالملل إذا كنتِ تجلسين معنا نحنُ كبار السن؟”
“لا على الإطلاق. إنها فرصةٌ وشرفٌ لتعلُم الحكمة منكنَ. شكرًا لحضوركنَ حفل الشاي.”
ابتسمت السيدة المُسنّة بتقديرٍ وقالت:
“بما أنكِ تقولين ذَلك، هل لي أنْ أقول كلمة كأمٍّ كبيرة؟”
“بالطبع، تفضلي.”
“سمعتُ مؤخرًا أنكِ تُخبرين الفتيات الشابات قصصًا مُثيرة. تلكَ القصص عن أنْ دوق إيدنبيرغ حبس زوجتهُ في الغرفة.”
أجابت بينيلوب بصوتٍ جريء:
“نعم، ذهبتُ إلى قصر إيدنبيرغ وتأكدتُ مِن ذِلك بنفسي.”
“إذا كانت حقيقةٌ أم لا، ليس هَذا هو المهم. التدخل في شؤون عائلةٍ أخرى هو تصرفٌ غيرُ لائق ولَن يعود عليكِ بأيِّ فائدة. خصوصًا إذا كانت تلكَ العائلة هي عائلة الدوق إيدنبيرغ.”
كان هِذا تحذيرًا ضمنيًا لها بأنْ تكون حذرةً لتجنب أنتقان لويد.
لكن يينيلوب لَمْ تكُن في مزاجٍ للاستماع إلى هَذا التحذير.
“شكرًا على قلقكِ، لكن كامرأة لا أستطيعُ أنْ أظلّ مكتوفة الأيدي وأنا أرى زوجها يُعاملها بهَذهِ الطريقة. إذا كانت السيدة إيدنبيرغ قد قدمت بطلب للطلاق، فهَذا يعني أنها كانت تُعاني كثيرًا.”
السيدة المسنّة التي كانت تشربُ الشاي نفثت منهُ فجأةً، وكأنها كادت أنْ تخنقها.
سألت سيدة أخرى، وقد أمسكت بمنديلها:
“ماذا قلتِ؟ طلاق؟”
كانت الكلمات تتلعثمُ في فمها كما لو أنها تنطق بكلمةٍ محظورة.
“نعم، تم تقديمُ طلب الطلاق رسميًا، والآن يُجري الإمبراطور فحصهُ.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》