البحث عن زوج للدوقة - 11
الفصل 11
كانت بيبي تدعمُ أرتيا التي كانت تسدُ فمها بسبب القيء المتزايد.
“هل أنتِ بخير؟”
“لا، مِن الصعب التحمل عندما أرى شخصًا كنتُ أظُن بإنهُ جميل يتحول إلى شيءٍ قبيح.”
تجهمت وجوهُ لويد ولريليكا، اللذان أصبحا فجأةً قبيحين في تلكَ اللحظة.
لكن ما كان غريبًا هو أنْ لريليكا، التي كانت في السابق ستهجُم على أرتيا في هَذا الموقف، بقيت هادئة. رُبما أصبحت تخافُ منها بعدما تعرضت لرد فعلٍ شديد في المرة السابقة.
‘هل كانت هَذهِ الشجاعة هي بسبب الدوق؟’
ضحكت أرتيا ساخرًا، فقال لويد:
“هل تشعُرين بالسعادة بعد زيارتكِ للقصر الإمبراطوري؟”
“……!”
“هل تعتقدين أنني لا أعرف؟ لا يُمكن أنْ يكون ذَلك. أنا دوق إيدنبيرغ. أنا أعلم كًل شيء عن أفعالكِ.”
توجه لويد نحو أرتيا وأشار إلى جبهتها بإصبعهِ.
“مهما قابلتِ في القصر الإمبراطوري، ومهما تحدثتِ معهم، هَذا لَن يُغيّر شيئًا. ستبقين حشرةً تحت قدمي، ولَن تتمكني مِن عضّ إصبعي الصغير مهما حاولتِ.”
ضحك لويد باستخفاف.
لكن تلكَ الابتسامة اختفت في اليوم التالي كما لو كانت كذبة، مع ورقةٍ واحدةٍ مِن القصر الإمبراطوري.
***
دخل لويد غرفة أرتيا دوّن أنْ يطرق الباب.
كان يحملُ ورقةً بيضاء عليها شعار القصر الإمبراطوري.
“ماذا يعني هَذا؟!”
قالت أرتيا وهي تضعُ الكتاب الذي كانت تقرأهُ جانبًا.
“أنتَ، رغم أنكَ لستَ ذكيًا، على الأقل يُمكنكَ القراءة. هَذهِ ورقة تأكيدٌ لطلب الطلاق مِن القصر الإمبراطوري.”
“إذن لماذا وصل هَذا؟!”
“لأنني قدمتُ طلب الطلاق للقصر الإمبراطوري.”
“ماذا؟!”
تجهم وجهُ لويد كما لو أنهُ تعرض لضربةٍ قوية على مؤخرة رأسهِ.
كان مِن الصعب تقديمُ طلب طلاق ما لَمْ يكُن الشخص مِن النبلاء الكبار ذوّي القوة أو مِن أفراد العائلة الإمبراطورية. كان مِن غيرِ المُتوقع أنْ يتم كل هَذا في يومٍ واحد، ولكن بفضل كيليان، تم الأمر بسرعة.
‘لَمْ أتوقع أنْ يتم الأمرُ بهَذهِ السرعة… على الرغم مِن أنني كنتً خائفة، لكنني فعلتُ ذَلك جيدًا عندما طلبتُ المساعدة منه.’
ابتسمت أرتيا بسرورٍ، بينما صرخ لويد في وجهها.
“لا أعرف أيُّ فردٍ مِن العائلة الإمبراطورية المجنونة قد ساعدكِ في هِذا، ولكن اذهبي الآن واطلبي منهم أنْ يتراجعوا. قولي لهم إنكِ كنتِ في حالة جنونٍ عندما تفوهتِ بكُل هَذا الهراء، وأنكِ تُريدين إلغاء طلب الطلاق.”
“لا.”
“……!”
“وأريدُ أنْ أخبركَ شيئًا. عندما يبدأ الطلاق رسميًا، سيصبحُ أمرًا مِن اختصاص الإمبراطور، ولا يستطيع أحدٌ إيقافه، حتى لو كان دوق إيدنبيرغ.”
واصلت حديثها بينما نظرت إلى لويد بعينيها الحادتين.
“لذا سيكون مِن الأفضل لكْ أنْ توافق على الطلاق. إذا اتفق الزوجان، يُمكنهم ببساطةٍ طلبُ الطلاق مِن الإمبراطور بكُل تواضع، ولكن إذا اختلف الزوجان، ستكون الأمور مُعقدةً.”
سيتعيّن عليهما تقديم حُججٍ قويةٍ حول لماذا يجبُ الطلاق أو لماذا لا يجبُ الطلاق.
“عندئذٍ، أمام الإمبراطور، سأسردُ كل الأفعال القذرة التي قمتَ بها ضدي، ألَن يكون ذَلك مُحرجًا لكَ حتى لو كنتَ شخصًا بلا خجل؟”
“هَذا حقًا……!”
رفع لويد يدهُ بغضب.
لكن يدهُ لَمْ تنزل.
كان العُنف أحد أسباب الموافقة على الطلاق.
على الرغم مِن أنهُ نادرًا ما يتم قبوله.
بدلاً مِن أنْ يصفع أرتيا على خدها، أمسك لويد بمعصمها الرفيع.
‘مؤلم.’
نظر إلى أرتيا وهي تُكشر مِن الألم وقال:
“الإمبراطور لَمْ يوافق على طلاق أيِّ شخصٍ طوال فترة حُكمه.”
“هل تعتقدُ أنْ أرتيا، التي لا قيّمة لها وليست سوى حشرة، كان مِن المُمكن أنْ تُقدم طلب طلاقٍ إلى القصر الإمبراطوري؟”
“……!”
“هل كان مِن المُمكن أنْ يُصبح الابن الرابع لعائلة البارون التي كان يعيشُ بمنزلةٍ أقل مِن عام الشعب دوق إيدنبيرغ؟”
تشوه وجهُ لويد الوسيم بشكلٍ بشع. شعرت أرتيا ببعض الرضا وأكملت كلامها.
“ما إذا كان هَذا مُمكنًا أم لا، يجبُ أنْ نختبره.”
لأول مرة، كان هُناك خوفٌ في عيون لويد.
بعد لحظة، ضغط لويد على معصم أرتيا بشكلٍ أقوى وقال:
“يبدو أنْ زوجتي لا تزالُ في حالةٍ غيرِ طبيعيةٍ بسبب السقوط في البحيرة. يبدو أنها بحاجةٍ إلى رعاية.”
“……!”
رمى لويد أرتيا على الأرض كما هي. ثم فتح الباب وهو يتركها مُلقاة.
“استريحي جيدًا، أرتيا. لا تُفكري في أمورٍ تافهة.”
ثم أغلق الباب بقوة.
***
أمسك الطبيب بمعصم أرتيا وهي مُستلقيةٌ على السرير وقال:
“نبضُكِ ضعيف، وهَذا يعني أنْ صحتك الجسدية والعقلية ليست على ما يرام. يجب عليكِ الراحة.”
كانت أرتيا في حالةٍ مِن الذهول.
فجسدها كان أكثر صحةً مِن أيِّ وقتٍ مضى.
“كم دفع لكَ مُقابل هَذا التشخيص الكاذب؟”
“……!”
وجهُ الطبيب تشوه فجأةً، فأضافت أرتيا:
“مهما كان المبلغ الذي تقاضيتَه، فسيكون الثمن عشرة أضعاف ما أخذته.”
“لا، لا أعلم ما الذي تعنينه. أنا فقط أضعُ صحة السيدة في المقام الأول.”
بعد أنْ هرب الطبيب مِن الغرفة، جلست أرتيا وحدها وتنهدت بعمق.
“كنتُ أتوقع رد فعلٍ قوي بعد استلام طلب الطلاق، لكنني لَمْ أتوقع أنْ يُغلق عليَّ في هَذهِ الغرفة…”
بعد أنْ أغلق لويد الباب خلفهُ في اليوم السابق، قال:
“أرتيا تحتاجُ إلى الراحة. أيُّ شخصٍ يدخل هُنا دوّن إذني سيُمنع مِن دخول القصر تمامًا.”
انحنى جميع الخدم رأسهم، باستثناء خادمة واحدة، وهي بيبي.
تقدمت بيبي نحو لويد وقالت:
“أنا خادمة السيدة الخاصة. أرجو السماح لي بالبقاء بجانبها.”
“آه، أنتِ إذًا. الخادمة التي لَمْ تخدمي سيدتكِ بشكلٍ جيد وتركتيها في هَذهِ الحالة.”
“……!”
“يجبُ أنْ تتلقي عقابًا على عدم أدائكِ لعملكِ بشكلٍ صحيح. امسكوا بهَذهِ المرأة فورًا!”
صرخت أرتيا مِن داخل الغرفة، مُستمعةً إلى ما يحدُث خارجها:
“اهربي، بيبي!”
سمعت أرتيا أصوات خطواتٍ عدة أشخاص تقتربُ ثم تبتعد.
في تلكَ الليلة، سألت أرتيا الخادمة التي جلبت لها الطعام:
“ماذا حدث لبيبي؟”
كان لويد قد أمر الخادمات بعدم الرد على كلام أرتيا، ولكن كان هُناك شيء أغفلته.
كان قد طرد أيَّ خادمةٍ قادرةٍ على التصرف بوقاحةٍ معها.
ترددت الخادمة قبل أنْ تُجيب:
“لقد أرسل السيد الخدم للبحث عنها، ولكنهم لَمْ يجدوا أيَّ أثرٍ لها. يبدو أنها خرجت مِن القصر.”
تنفست أرتيا الصعداء.
‘لقد حاول لويد إيذاء بيبي بسبب.’
كان يريد أنْ يريها ما سيحدث لأيِّ خادمةٍ تتبعُني.
تصورت أرتيا مشهد بيبي وهي تتعرضُ للضرب مِن عصا لويد، ويُغطى جسدها بالجروح، مِما جعل جسدها يرتجفُ مِن الخزف.
لحُسن الحظ، لَمْ تتعرض بيبي لمثل هَذا العذاب.
جمعت أرتيا قبضتيها وقالت بصوتٍ خافت:
“لا تعودي أبدًا، بيبي.”
حتى أتمكن مِن طرد لويد مِن هِذا القصر.
وإذا فشلتُ في ذَلك، إلى الأبد.
حينها، سُمعت صوت طرقاتٍ على الباب ثم فتح.
عدا الطبيب، لَمْ يكُن يدخُل غرفتها سوى الخادمات اللاتي يأتين بالطعام.
لكن الذي دخل هَذهِ المرة لَمْ يكُن خادمةً مألوفة.
كانت إيلما.
“لقد أمر السيد بأنْ صحتكِ ليست جيدة ومِن الصعب عليكِ هضمُ الطعام، لذا يجبُ أنْ يقدمي لكِ طعامٌ بسيط.”
بالطبع، كان الأمر عكس ذَلك تمامًا.
كان لويد يريدُ معاقبة أرتيا تحت ذريعة المرض.
وكان يحسبُ أنْ أرتيا ستكون أكثر هدوءًا ولَن تتمكن مِن التحرك إذا كانت جائعة.
“كنتُ أشعر بالحُزن الشديد حين فكرتُ في السيدة التي ستتناول حساء خفيف طوال اليوم.”
قالت إيلما بدموعٍ في عينيها بينما وضعت طبقًا مليئًا بالخبز الطري والخضروات الطازجة.
“تفضلي، جلبتُ لكِ الأطعمة التي تُحبينها.”
نظرت أرتيا إلى الطعام المُعد بعناية ثم قالت:
“ما زلتِ تحتفظين بمنصب كبيرة الخدم، إيلما.”
عندما كانت أرتيا في صراعٍ مع لريليكا، حبست إيلما لريليكا في غرفتها.
وعندما علم لويد بذَلك، ظُن أنها ستُعاقب، لكن إيلما ما زالت مُحتفظةً بمنصبها.
أجابتها إيلما مبتسمة:
“ركعت أمام السيد وتوسلت بيدين مُجهدتين، وأخبرتُه أنني فعلتُ ذِلك خوفًا مِن أنْ أتلقى عقابًا أشد إذا لَمْ أغلق على لريليكا في غرفتها. لحُسن الحظ، تفهم السيد موقفي وغفر لي بلطف.”
لا يُمكن أنْ يكون لويد شخصًا مُتسامحًا.
‘إذا كان لويد قد أبقى إيلما في منصب كبيرة الخدم…’
نظرت أرتيا إلى إيلما بتركيزٍ ثم قالت:
“أنتِ أخبرتِ لويد عن بيبي، أليس كذَلك؟ كان عليهِ أنْ يُهددنني باستخدام خادمتي المُفضلة.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》