البحث عن زوج للدوقة - 10
الفصل 10
رفعت أرتيا صوتها بثقة.
“نعم، لقد تغيّرت. فقد سقطت تلكَ القشرة السميكة التي كانت تُغطي عيناي تمامًا.”
ثم دخلت في الموضوع مُباشرةً.
“لذا أرجو منكَ، يا سمو الأمير، أنْ تُساعدني في الحصول على الطلاق.”
وأخيرًا قالت ما كانت تُفكر فيهِ!
كان قلبُها ينبض بسرعة.
كادت تشعر أنْ قلبها سينفجر.
لَمْ تكُن قادرةً على التنبؤ برد فعل كيليان.
بعد فترة طويلة، سألها كيليان.
“ولماذا أنا؟”
هل كان ذَلك مُجرد وهم؟
على الرغم مِن أنهُ كان يتحدثُ بنبرةٍ باردة، إلا أنهُ لَمْ يبدو غاضبًا جدًا.
وما هو أكثر مِن ذَلك، لَمْ يُلوح بسيفهِ كما كانت تتوقع عندما قالت مثل هَذهِ الكلمات غيرِ المجدية.
شعرت أرتيا بأملٍ ضئيل عندما فتحت فمها.
“أعتقدُ أنْ السبب الذي جعل الأمير ينتقدُ لويد هَكذا ليس فقط لأنهُ شخصٌ غيرُ كفء، بل لأنهُ كان يكرهُ أنْ يُصبح شخصٌ مثلهُ، ذو قدراتٍ محدودة، دوقًا لعائلة إيدنبيرغ، إحدى أعرق العائلات الإمبراطورية.”
لو لَمْ يكُن الأمر كذَلك، لما تحدثَ عنهُ بهَذهِ الطريقة، فَهو لا يهتمُ بِمَن لا يُثير اهتمامه.
كان كيليان يحتقرُ الأشخاص غيرَ الأكفاء.
وكان يحتقرُهم أكثر كلما ارتفع منصبهم.
كان هَذا هو ما كانت أرتيا تستهدفُه.
“سأختارُ الرجُل الذي سيكون دوق إيدنبيرغ التالي ليكون شخصًا يُعجب سمو الأمير.”
على الرغم مِن أنْ العائلة قد ضعُفت بسبب الجيل الأخير غيرِ الكفوء، إلا أنْ إيدنبيرغ كانت لا تزال اسمًا نبيلًا وذو شرف.
كان هَذا وعدًا بأنْ يتم اختيار شخصٍ ترغبُ فيهِ للمنصب.
كانت تأمل أنْ يكون هَذا عرضًا جذابًا للأمير الذي يسعى ليكون الإمبراطور التالي.
“إذن، هل هَذا يعني أنكِ ستتزوجين بالشخص الذي ساختارته؟”
“نعم.”
“ماذا لو لِمْ يُعجبكِ الرجل الذي اخترتُه؟”
“لَن أتزوج.”
كان هَذا طلبًا محفوفًا بمخاطرٍ كبيرة. كانت أرتيا بحاجةٍ ماسة للطلاق.
ضحك كيليان ضحكةً مُنخفضةً سريعة، مِما جعل عيني أرتيا الوردية تتسعان.
‘هل ضحك الأمير الآن؟’
لا يُمكن أنْ يكون ذَلك صحيحًا، رُبما هي فقط قد سمعت خطأ.
فالأمير المجنون الذي يغضبُ بشدة عند رؤية النساء لا يُمكن أنْ يضحك هَكذا.
بينما كانت أرتيا في حالةٍ مِن الارتباك، سمعت صوتًا مُنخفضًا في أذنها.
“ارفعي رأسكِ، أرتيا فون إيدنبيرغ.”
“……”
قال كيليان وهو يوجهُ حديثهُ إلى أرتيا التي كانت مُترددةً في التحرك.
“أنا لا أنكر أنني أكرهُ النساء، لكنني لَمْ أكًن لأذهب إلى حد نزع عيونهن بِمُجرد النظر إلي.”
أملّت أرتيا أنْ تكون كلماتُه حقيقية، فرفعت رأسها بحذرٍ. وعندما نظرت إلى وجه كيليان، أطلقت شهقةً خفيفة.
رغم أنها التقت بهِ مراتٍ عدة كأميرٍ و ابنة دوق، لَمْ تُشاهد وجه كيليان عن قرب أبدًا.
كانت تخافُ منه كثيرًا.
لكن عندما نظرت إليّه عن قرب لأول مرة، شعرت بأنها…
‘هل هو إنسان؟’
شعرُه الأسود الداكن مثل السماء الليل، وعيناهُ الذهبية التي لا تحمل أيَّ شائبة، كان الجمع بين هَذا اللون المُتوهج والملامح الرفيعة يجعلُ منهُ قطعةً فنيةً كاملة، كما لو أنْ الحاكم نفسهُ قد ابتكرها بعناية.
ومع ذَلك، لَمْ تستطع أرتيا أنْ تتأمل جمالهُ غيرَ الواقعي. فقد كانت عيناه الذهبية تشُع بشكلٍ مُخيف، وكأنها ستُمزقها في أيِّ لحظة.
شعرت أرتيا بأنها بحاجةٍ إلى النظر إلى الأرض مرةً أخرى، لكنها حاولت جاهدًا أنْ تبقي رأسها مُستقيمًا.
في تلكَ اللحظة، كان كيليان يُحدق فيها.
“سأساعدُكِ.”
“……!”
“لكن تدخُلي سيكون فقط حتى يقبل القصر الإمبراطوري طلبُكِ للطلاق بشكلٍ رسمي. في النهاية، القرار بيد والدي الإمبراطور.”
“أعلم. هَذا يكفي.”
أجابت أرتيا بصوتٍ مُرتجف، ثم رفعت طرف ثوبها.
“شكرًا لكِ، سمو الأمير.”
لكن على الرغم مِن كلمات الشكر المُخلصة، لَمْ يقُل كيليان شيئًا.
طال الصمت، مِما جعل أرتيا تشعرُ بالقلق مرةً أخرى.
‘لماذا لا يقول شيئًا؟’
فكرت مًجددًا، هل يندمُ على قبول عرضي؟ أم أنْ ملامح وجهي قد جعلتهُ يضغطُ على زر جنونهِ؟
وفي تلكَ اللحظة، رأت أرتيا أنْ عينها قد سقطت على السيف الذي كان مُعلقًا على خصر كيليان.
تحدث كيليان فجأةً.
“نوكترن.”
وفي لحظة، دخل نوكترن الذي كان ينتظرُ بالخارج.
“نعم.”
“قُم بأحضار مرهم الآسياتكا.”
“نعم.”
في لحظة، عاد نوكترن حاملاً علبة دواءٍ دائرية وقدمها إلى أرتيا.
“هِذا دواءٌ خاص يُستخدم فقط في القصر الإمبراطوري. إنهُ فعالٌ جدًا في علاج الجروح.”
“……”
تسائلت أرتيا في نفسها، ‘لماذا يُعطيني هَذا الدواء الثمين…؟’
بينما كانت تُحاول فهم الأمر، نظر إليّها كيليان بنظرةٍ متعالية.
“أنا أكرهُ النساء.”
“أعلم.”
“وأكرهُ النساء اللواتي يبكين أكثر.”
لَمْ تكُن تعلم ذَلك.
“وأكرهُ النساء المجروحات أكثر مِن أيِّ شيء.”
“…..”
“لذا استخدميه. فَحتى وإنْ لَمْ يكُن لديكِ جرحٌ آخر، أعرف أنْ زوجة الدوق إيدنبيرغ يعتدي عليّها زوجها.”
عندها تذكرت أرتيا الجُرح الذي على وجهها.
كانت تأمل أنْ يشعر كيليان بقليلٍ مِن الشفقة، لكنها نسيت تمامًا أنها جاءت دوّن أنْ تتلقى علاجًا مُناسبًا.
‘كنتُ أعتقدُ بأنه لِن يهتم بذَلك… لكن.’
بالطبع، لَمْ يكُن شعوره شفقة. هو ببساطةٍ كان يتضايقُ مِن رؤية امرأةٍ مجروحة، هَذا أمرٌ يزعجه.
ورغم ذلك، فإنْ اهتمامهُ بها وإعطاؤه الدواء لها جعلها تشعرُ بالامتنان، وابتسمت قليلاً.
“شكرًا. سأستخدمُه.”
بينما كانت أرتيا تبتسمُ بخجل مع خدها المُتورم، فكر كيليان في نفسهِ.
‘عندما أرى امرأةً تبتسم، أشعرُ بالانزعاج…’
ومع ذِلك، لِمْ يشعر بأيِّ انزعاجٍ تجاهها، لا الآن ولا في الماضي.
وبدا على وجههِ الجميل قليلً مِن الاستياء.
عندما لاحظت أرتيا ذَلك، تقلصت كتفاها في خوف، مِما جعل كيليان يعبُس أكثر. لحُسن الحظ، لِمْ يوقفها عن المغادرة.
“اذهبي.”
حتى وإنْ كان أميرًا، كانت كلماتُه قاسيةً جدًا بالنسبة لسيدةٍ نبيلة، لكن أرتيا ارتاحت عندما سمعت هَذهِ الكلمات وأخذت تبتسم.
“نعم، سأذهب الآن. أتمنى لكِ الصحة حتى نلتقي مُجددًا.”
أديت تحيةً مُحترمة وخرجت بسرعةٍ مِن الغرفة.
“عندما دخلت، كنتَ مثل أرنبٍ يُجر إلى عرين الأسد، أما الآن فِهي تخرُج هَكذا.”
نظر نوكترن بحذرٍ إلى كيليان، الذي ضيق عينيهِ وقال بصوتٍ خافت.
“ماذا دار بينكما؟”
عادةً ما كان نوكترن لا يسأل مثل هَذهِ الأسئلة، لكن هَذا الموقف كان غريبًا جدًا.
كيف يُمكن لدوقةٍ أنْ تزور كيليان؟ وكيف وافق على لقاء الدوقة؟
استند كيليان على المقعد وأجاب ببرود.
“أرتيا فون إيدنبيرغ قالت إنها تُريد الطلاق.”
نظر نوكترن بذهول، واتسعت عيناهُ بالدهشة.
الدوقة تطلبُ الطلاق!
لكن كيليان لِمْ يبدو عليهِ أيُّ دهشةٍ.
بل على العكس…
“أميري، هل أنتَ سعيد؟”
“قليلًا.”
“……”
“مِن المُمتع أنْ أرى أرتيا فون إيدنبيرغ، التي كانت دائمًا تُحدق في الأرض وتترنح خوفًا، وهي تطلبُ الطلاق.”
“……”
اعترف نوكترن أنْ الأمر مُثيرٌ للاهتمام، لكن لَمْ يتمكن مِن الموافقة بسهولة.
فالشخص الذي قال هَذا كان كيليان.
منذً صغره، لَمْ يكُن كيليان يهتم أبدًا بالآخرين.
عندما رأى نوكترن يغرقوا بالدماء بسبب إصابةٍ في ساحة المعركة، لَمْ يسأل عن حالتهِ بل قال فقط: ‘هل تم إعداد الحمام؟’
شعر نوكترن بقشعريرةٍ في ظهرهِ بسبب رد كيليان غيرِ المُناسب.
***
في وقت لاحق…
“الأمور تسيرُ على ما يرام بشكلٍ غيرِ متوقع.”
عندما دخلت أرتيا إلى القصر وهي مُبتسمةٌ، رحبت بها ليريليكا، التي راحت تبكي في حضن لويد.
“أنا خائفة، يا دوق. ماذا إذا حبستني أختي في الغرفة مرةً أخرى؟”
“لا داعي للخوف، صغيرتي. الآن أنا هُنا.”
عندما كانت ترى مثل هَذهِ اللحظات، كانت أرتيا تشعرُ بحُزنٍ عميق، لدرجة أنْ دموعها كانت تنهمر.
لكن المشاعر التي كانت تشعرُ بها الآن كانت واحدةُ فقط.
“أوووك.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》