الأدميرال وكابتن القراصنة يضايقونَّي - 4
يوجدُ في هَذا العالم أشخاصٌ يمتلكون قدراتٍ خارقة تتجاوزُ قوانين الطبيعة.
هَذهِ القُدرات الخارقة نادرةٌ للغاية، وغالبًا ما تكون موروثةً فقط مِن قبل النبلاء، ولكن في بعض الأحيان، تظهرُ لدى أشخاصٍ عاديين مثلي. أما أولئك الذين يمتلكون قدراتٍ فهم يُعتبرونها مُفيدةً، فعادةً ما يتم تسجيلهم في عائلاتٍ نبيلة قبل بلوغهم العاشرة، وهَذا ما حدث لي أيضًا.
‘وأما قدرتي الخارقة فهي….’
بدأت عضلاتُ ذراع الرجُل الضخم تتوتر بينما كان يوجهُ سيفًا ضخمًا نحوي. القوة الهائلة التي يُمكنها تقطيعُ الصخور بسهولةٍ كان مِن الصعبِ حتى إيقافُها بيدي.
لكن مع صوتُ انفجارٍ حاد، كان الرجُل الضخم هو مَن تراجع وسقط على ظهره. كانت الضربة التي تلقيتُها قويةً لدرجة أنهُ كاد يسقطُ في البحر. نظر إليَّ بدهشةٍ وقام بالهجوم مرةً أخرى، وكانت هَذهِ المرة أشدُ مِن سابقتها.
‘كلما زادت قوةُ العدو، كان ذَلك أفضل بالنسبة ليّ.’
قُدرتي الخارقة هي الانعكاس، تعكسُ قوة العدو. كلما حاول العدو مُهاجمتي بقوةٍ أكبر، استطعتُ الرد عليهِ بقوةٍ أكبر.
ولم يكُن مِن المُفاجئ أن هجوم الرجُل الضخم لم يصل إليّ. كُل ما عليّ فعله هو تلقي الهجوم واستغلال القوة للرد. وهَذا هو السبب الذي جعلني أتربى في منزل ليشتنبرغ منذُ صغري.
لأنني كُنتُ الشخص المُناسب لأصبح الدع البشر الذي يُمكنهُ حماية ريتشارد في حالة حدوث طارئ.
كـانغ-
ومرةً أخرى، كان هُجوم الرجُل الضخم بلا جدوى. بدلاً مِن ذَلك، تفكك سيفُه بسبب الضربة العنيفة وتطاير بعيدًا، وسقط مِن الدرج.
سمعتُ صوت كسرٍ، وكان الدرجُ في السفينة ضيقًا ومُنحدرًا. إذا سقط شخصٌ بهَذا الحجم، فمِن المُستحيل أن ينجو.
الرجُل الضخم الذي سقط مِن الدرج ارتعش مرةً واحدة، ثم بدأ يخرج فقاعات مِن فمه، وأصبحت عيناه بيضاء. يبدو أن عُنقه قد كُسر.
قتل الناس لم يكُن شيئًا يٌسعدني قبل العودة أو الآن. لكن الآن، كان يجبُ أن ألتزم بواجبي كجُندي.
“تافه.”
بعد التأكد مِن أن العدو لم يعُد قادرًا على القتال، أسرعتُ إلى السفينة للبحث عن فانتوم.
حتى قبل العودة لم أكُن أعرفُ مَن هو قائدُ فانتوم، ولا الآن.
حتى المعلومات التي حصلت عليها وحدة المُخابرات التابعة لريتشارد في وقتٍ لاحق كانت فقط معلوماتٍ محدودة، حيثُ قالت إنهُ رجلٌ في مُنتصف الأربعينيات. ليس مِن السُّكان الأصليين. لديهِ خلفيةٌ عسكرية نظرًا لتنظيمه وقيادته السفينة، ويبدو أنهُ يجذبُ الناس بشكلٍ جيد، وله بنيةٌ قويةٌ وشخصيةٌ محبوبة، وينتمي إلى طبقة ثرية نسبيًا.
‘لم تستطع حتى مُخابرات ريتشارد الشهيرة اكتشاف المزيد عنه. لكن اليوم سأكتشفُ هويتهُ بأيّ ثمن.’
كان سطحُ السفينة لا يزالُ مزدحمًا بسبب القتال. بدأتُ في البحث عن شخصٍ يبدو في مُنتصف الثلاثينيات مِن عُمره ومظهرهُ جيد.
“أيتُها ُها المُلازم!”
عندما ناداني أحدُهم فجأة، استدرتُ لأجد فأسًا ضخمًا يتجهُ نحو رأسي. بشكلٍ غريزي، رفعتُ سيفي في وضعيةٍ دفاعية.
كانغ!
تلقيتُ الهجوم بكامل قوتي، مما جعل الفأس يطيرُ بعيدًا في الهواء، غيرُ قادرٍ على مُقاومة القوة المُفاجئة.
يجبُ أن أتبع خطة الهجوم السريع. قبل أن يتمكن العدو مِن الهجوم مرةً أخرى، هاجمتهُ بسيفي صوب عُنقه، فسقط ميتًا، ورش الدماء قبل أن يلمس جسده الأرض.
عندما نظرتُ إلى جسدهِ الميت، اكتشفتُ أنهُ لم يكُن يرتدي زيًا عسكريًا، بل كان يرتدي زيًا رماديًا وأسودًا يشبهُ ملابس السجناء. سمعتُ أن بعض السجناء كانوا يُجندون على السفن. يبدو أن هِذا الرجل كان سجينًا مِن جمهورية العدو.
“حتى وإن كانت هَذهِ سفينة قرصنة، عليكِ أن تكوني حذرةً، أيتُها المُلازم.”
مَن حذرني كان ريتشارد. كان وجههُ الأبيض النقي قد تلطخ بدماء العدو.
“هل تحملين ERP (نظام التعافي لحالات الطورائ)؟”
“نعم، أحملُه.”
“أتمنى ألا تُصابِ.”
قال ريتشارد ذِلك وهو يتجهُ نحو مؤخرة السفينة حيثُ كان القتال مُشتعلًا. بحثتُ مُجددًا عن القبطان المفترض، لكن لم أرهُ في أيِّ مكان.
‘العنة! أين هو؟’
مع مرور الوقت، كانت الخسائر تتزايد ليس فقط بين الأعداء، بل بين رفاقي أيضًا. لإيقاف هَذهِ الخسائر، كان يجبُ أن أجد قبطان فانتوم بسرعة. في زاوية سطح السفينة، الذي أصبح أقل ازدحامًا بعد أن اجتاحته قواتنا، رأيتُ أحد أفراد طاقم السفينة مُصابًا ويستند إلى الحائط.
سألتُه بعدما أمسكتُه: “أين قبطانُكم؟ أين هو؟”
“آه…”
كان يبدو أنهُ قد تجاوز بالكاد العشرين مِن عمره، وهو العمر الذي يُسمح فيه بركوب السفينة، وكان ملامحهُ لا تدُل على انهُ شاب. رغم أن السفن كانت تخضعُ للقانون العسكري، مما يعني أن مُعاملة أفراد الطاقم لم تكُن سيئةً كما هو الحال في سفُن القراصنة، إلا أن التمييز والتنمر ضد أفراد الطاقم الصغار بحجة فرض النظام كان شائعًا. وهَذا ما جعل اختيار أصغر أفراد الطاقم هم الخيار الأمثل لاستخراج المعلومات.
لكن هَذا الفتى كان يتألُم بشدةٍ ولم يستطع الكلام. نظرتُ إلى جروحه فوجدت أن الدم كان يتسربُ مِن جرحٍ في بطنه مع كُل نفسٍ يأخُذه.
‘يبدو أنهً قد تعرض لطعنةٍ عميقة.’
شعرتُ بالشفقة تجاهه. إذا تركتُه هُنا سيموت بلا شك. فكرتُ في البحث عن شخصٍ آخر، لكنني تراجعتُ عن ذُلك وأخرجت الـ ERP الذي كان معي.
‘اللعنة… كُنتُ أنوي استخدامهُ لنفسي …’
الـ ERP، الذي يتم تصنيعهُ مِن دماء المخلوقات المصقولة، يُثخن الدم مؤقتًا ليوقف النزيف ويُعزز وظائف خلايا الدم البيضاء لتسريع شفاء الجروح. بالطبع، إذا كانت الإصابة قاتلةً لا يُمكن إنقاذها كـ اختراق القلب مثلاً، فلن يكون لهُ تأثير، لكنه كان علاجًا فعالاً يُمكنه إنقاذ الأرواح في مُعظم الحالات.
“هَذا الشيء يُمنح فقط للضُباط.”
يُمنح الـ ERP للضابط مرةً واحدةً في السنة فقط، وهو بمثابة شريان الحياة بالنسبة لهم. شعرتُ ببعض التردد في إعطائه، لكن ريتشارد كان يحرصُ دائمًا على توفير هَذا العلاج الثمين قبل انتهاء المدة، لذا لم أتردد في فتح العبوة.
“عليكَ أن تأخذ هَذا، وإلا ستموت. وبعد أن تأخذهُ، أخبرني أين هو قائدك ومَن يكون. يجبُ أن أجد القائد لأتمكن مِن منع المزيد مِن القتلى بين طاقمكم. أنتَ تعرف مَن هو القائد، أليس كذلك؟”
هل كان ضغينةٌ ضد قائده؟ عندما ذكرتُ كلمة “قائد”، فتح عينيه بصعوبةٍ ونظر إليّ.
ظهرت عيناه الخضراوتان قليلاً. كان وجههُ الوسيم مُحاطًا بشعر ذهبي يُشبه أشعة الشمس وعينين خضراوين عميقتين تُشبهان أشجار الصيف، لكن وجههُ كان مشوهًا بسبب الألم ومغطى بالعرق والدم.
على الرغم مِن أنهُ كان فردًا مِن طاقم سفينة القراصنة، إلا أنني شعرتُ بعدم الارتياح لفكرة تركه يموت في هَذا العمر الصغير. حاولتُ وضع الحبة في فمه، لكنهُ تأوه بصوتٍ ضعيف. ربما كان مِن الصعب عليه بلعها بسبب الدم المُتجمع.
“آه… هَذا مُثير للمشقة.”
خلعتُ قفازاتي وفتحتُ فمه. انفتحت شفتاه الحمراء مثل التفاح الناضج، كاشفةً عن أسنانه البيضاء.
“لا تعض إصبعي. لا أظنُ أن لديكَ القوة لذَلك الآن. يجبُ أن تبتلعها بعنايةٍ. إذا وصلت إلى معدتكَ فقط، ستبدأ الحبة في العمل بسرعة.”
لكن الحبة انزلقت مِن فمه وسقطت على جانب. لم أكن أرغب في دفعها بقوة، لكن كان ينزفُ بشدةٍ والـ ERP المفتوح يجبُ تناوله قبل أن تنتهي المدة الفعالة.
أخذتُ الحبة مرةً أخرى ووضعتها في فمه، لكني شعرتُ أنهُ لن يتمكن مِن بلعها بمفرده، لذا وضعتها على لسانه الناعم وبدأتُ أدوّر إصبعي برفق. تم تعليمنا في الجيش أن هَذا يُساعد في تقليل رد الفعل العكسي مِن المريء عند ابتلاع الحبة.
رأيتُ قليلًا مِن المقاومة في عينيه الخضراوين التي بدأت تدمع.
“لا تبكِ. أحاول إنقاذكَ.”
بعد عدة محاولات، ابتلع الحبة أخيرًا. كان يجبُ أن أسقيه ماءًا، لذا فتحت قارورة الماء المعلقة على خصري وأخذتُ جرعةً صغيرةً في فمي.
“آه… هل عليّ حقًا القيام بهَذا؟”
لم أقم بهَذا مِن قبل. شعرتُ بالتردد لأن الفتى كان أصغر مني، لكن لم يكُن لدي خيارٌ. أمسكتٌ وجهه بكلتا يديّ وفتحتُ شفتيه وأفرغت الماء مِن فمي إلى فمه. كان هَذا أفضل حلٍ لشخصٍ مُصاب لا يستطيعُ الشرب بمفرده.
على عكس ما توقعت، كانت مقاومتُه أقل مما كانت عندما وضعتُ الحبة، ربما بسبب العطش الناجم عن النزيف المًستمر. في البداية، كانت المياه تتسرب مِن جانبي فمنا، لكن في المحاولة الثانية بدأ يشرب الماء بشكلٍ أفضل.
في المرة الثالثة التي كُنت فيها سأشربُ المزيد مِن القارورة، لاحظتُ أن لون وجهه بدأ يعود وأن النزيف بدأ يتوقف. حتى أن عينيه الخضراوين أظهرتا بعض الحيوية.
“يبدو أن الدواء يعمل. كيف تشعر؟ هل أنتَ بخير؟”
رأيتُ شفتيه تتحركان وكأنهُ يريدُ أن يقول شيئًا، فاقتربت أكثر.
“أريدُ المزيد مِن الماء.”
“هل يُمكنكَ شربهُ بنفسكَ؟”
هز رأسه نافيًا. كان يطلبُ المزيد مِن الماء بالطريقة نفسها. هززتُ رأسي بتذمرٍ وأخذتُ جرعةً أخرى مِن الماء ووضعتُ شفتي على شفتيه مرةً أخرى. رأيتُ رموشه الذهبية ترتعش ورقبتهُ البيضاء تتحرك بشكلٍ لطيف مع كُل جرعة مِن الماء.
بعد تكرار العملية مرتين، سمعتُ صوت خطوات على سطح السفينة.
“ما الذي تفعلينه الآن، أيتُها المُلازم؟”
كان ريتشارد يقتربُ مني، وهو يُغمد سيفهُ. بدا أن الوضع قد استقر إلى حد ما، حيثُ كان سطحُ السفينة هادئًا وزيهُ العسكري قد تلطخ بالدماء. ولكن، هَذهِ المرة، كان هُناك تجاعيدٌ خفيفةٌ في جبهته، على غير عادته.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》