الأدميرال وكابتن القراصنة يضايقونَّي - 2
في الصباح الباكر، رن الجرسُ على سطحِ السفينة. وبمجرد أن سَمعه جميع البحارة والضُباط، قفزوا مِن وجباتِهم وهرعوا إلى مواقِعهم.
حتى لو كُنتُ أفكر فيما إذا كان بإمكاني العودة بعد العمل وتناول ما تبقى مِن الوجبة، لكن تلك الأفكار سرعان ما دُفنت بسبب صوت الصافرة وصراخ الضُباط.
حتى قبل أن تزول عني صدمة ما حدث للتو، عن عودتي للماضي، لم أكن سعيدةً أبدًا لوجودي في مثل هَذا الموقف السيء.
‘لماذا أرسلتني تلك القطعة الأثرية اللعينة إلى هَذهِ اللحظة؟ لو أنها أرسلتني قبل هَذا ببضع سنوات، أو على الأقل في يوم إجازة، لَكُنت الآن قد حصلتُ على إجازة رائعة ….’
ولكن لم يكن هناك وقتٌ لذلكَ الآن. اضطررت إلى إزالة هَذهِ الأفكار غير الضرورية وتركيز كل انتباهي على الوضع الحالي.
ريتشارد، الذي كان أمامي، ارتدى أيضًا قبعتهُ التي كانت على الطاولة وأعطى أمرًا موجزًا.
“أيتُها الضابط إلى الجِسـر.”
استجاب جسدي أولاً للوضعِ المألوف تمامًا. تبعتهُ بسرعة حتى الجِسـر، وقام الأدميرال فانبرج، الذي جاءَ بعد سماعِ الجرس، بِتسليم مِنْظار إلى ريتشارد.
“هل اكتشفتَ ماهو هَذا أيها اللواء؟”
أجاب ريتشارد بصوت منخفض.
“قراصنة. أعتقد أنهم كانوا يحاولون مهاجمة سفينة تجارية إمبراطورية عابرة، ولكن مِن شكلِ علمِهم يبدو أنهم غالبًا ما يتم رؤيتهم في الجوار.”
“هل تقصد قراصنة العلـم الأزرق؟”
عندما نظرتُ مِن خلال التلسكوب الذي أعطاني إياهُ ريتشارد، رأيتُ في الأفق علمًا به جمجمة تحمل خنجرًا بشكل كوميدي على قماش أزرق سماوي لامع بدلاً مِن اللون الاسود المعتاد.
“إنها سفينة خاصة تابعة لـ USSK، لا أعتقد أنهم قراصنة مستقلون.”
كان علم الجمهورية يرفرف أيضًا، مع عبارة “USSK” أسفل الجمجمة والعظمتين المتقاطعتين. وبما أن المياه التي كُـنا نُبحِر عبرها لم تكُن مياهًا إمبراطورية ولا مياهًا للجمهورية، كان بِإمكان القراصنة الجمهوريين أن يفترسوا السفن التجارية التي ترفع علم يارنفيدوريا بشكل قانوني.
“إذن أعتقد أنني سـ أضطر إلى التخلص مِنهم.”
حتى لو كانت سفينة خاصة قانونية في الجمهورية، فلن يكون لها أي فرصة في الإمبراطورية، ويمكن أن يتم الاستيلاء عليها أو مهاجمتها.
“هل هناك أي فرصة لظهور قوات الجمهورية؟ هناك مستعمرة جمهورية على بعد 200 كيلومتر مِن هنا.”
عندما سألت بعناية، ضحك الأدميرال فانبرج.
“لا يمكن لهؤلاء الفئران الأوغاد المنشغلين بالحرب الأهلية أن يهتموا حتى بـ المستعمرات.”
كان ذلك صحيحًا. فالجمهورية، التي لا تزال في خضم حرب أهلية، تدعم هؤلاء القراصنة بشكل كبير بسبب ضعف الدولة. يقوم القراصنة الحاصلون على تراخيص رسمية بمداهمة السفن التجارية التابعة لـ “يارنفيدوريا” وإعادة نصف البضائع المنهوبة إلى الجمهورية.
وبِهَذهِ الطريقة، ستعترف حكومة الجمهورية بغنائمهم كإيرادات مشروعة وستحمي القراصنة الذين يفرون إلى مضايقها. فيحصل كل من القراصنة والحكومة على جزء مِن الغنائم.
لكن…… أنا أتذكر هذا العلم الأزرق الفاتح غير العادي، هَذا الرجل هو الـ شبح. قد لا يكون معروفاً بعد، لكنهُ سـ يصبح مشهورًا يوماً ما كـ مصدر إزعاج لأسطول يارنفيدوريا. و اليوم بالتحديد، سيندم الادميرال فانبرج كثيرًا على سخريتهُ مِن هَذا القرصان المغرور.
“لا تزال هناك مسافة لسفينة العدو. ماذا عن الريح؟”
“إنها بِـ أتجاه الشمال الشرقي.”
“قم بزيادة السرعة، تابع، و أكسر السـاري.”
“لم نتأكـد بعد مِن قوة العدو. مِن الخطر أن نقترب بِهَذهِ الطريقة.”
أعربَ ريتشارد عن رأي مختلف ردًا على أمر فانبرج.
“أعتقدُ بِـ أننا يجب أن نتأكدَ أولاً مِن أسلحة العدو وقوته ثُمَ نُدمر الساري أو، إذا لم تكُن قوتُهم كبيرة، نغرقُهم بِـ نيران المدفعية مِن مسافة. بالنظر إلى الرياح والتسليح، فإن مجموعتنا ستكون ذات اليدِ العُليا. إذا حافظنا على مسافة وأطلقنا النار مِن بعيد، يمكننا الفوز بسهولة.”
“إذا غرقوا، فإن الغنيمة التي يحملونها سوف تغرق معهم. هَذهِ المنطقة هي طريق مشهور للذهب. يجب أن يكون هناك على الأقل عدد قليل مِن صناديق الذهب على متن سفينتُهم.”
إذا كانت بحرية يارنفيدوريا ترغب في مهاجمة سفن العدو، فهناك طريقة واحدة فقط. إنه عليهم الدفع. يجب إرسال النقود إلى العائلة الإمبراطورية ويجب كل شهر.
“آه.. عندما افكر … لقد اقترب موعد نهاية الشهر. إذا قمنا بدفع بواسطة الإمدادات التي على سفن العدو، فسيتمكن جنودنا أيضًا من الحصول على إجازة مبكرة”
أجاب ريتشارد ببرود، وكأنه يتفق مع رأي الأميرال. ربما يظن أن هَذا نوع مِن الأشياء بسيطة في الجيش، لكنه كان عرفًا طبيعيًا جدًا في إمبراطورية يارنفيدوريا.
كانت سلطة القيادة والموظفين في البحرية الإمبراطورية الـ مملوكة لعائلة إيلنبرغ، عائلة الأمير الثاني الحالي، كل ما أرادوه هو الذهب.
“حاليًا قُم بفتح 5 عقد. علينا أن نسرع.”
بعد الإبلاغ عن المعلومات الواردة، أصدر الأدميرال فانبرج أمرًا آخر.
“اقترب بسرعة من العدو.”
وبما أن السفينة التجارية كانت على اليسار، كان الأمر طبيعيًا. لكن بعد فترة خطر لي شيء واقترحتُ على الأدميرال رأيًا مختلفًا.
“أدميرال. أطلبُ منكَ تعديلَ المسار.”
كما هو متوقع، سمعتُ تأوهاته كما لو كان في مزاج سيئ. لقد كان فانبرج رافضًا وكارهًا جدًا لي، كـ ضابط مِن عامة الناس وامرأة. ومع ذَلك، نظرًا لأن التمييز ضد المرأة كان شديدًا في إمبراطورية يارنفيدوريا، فقد كان هَذا أمرًا طبيعيًا إلى حد ما.
“أشرحِ أيتُها الضابط”
“شكل سفينة العدو غريب بعض الشيء. وهي ليست سفينة باركيه عادية، فـ هيكلُها طويل ورفيع. وشكلُ الساري مختلف قليلاً. إنها تبدو وكأنها سفينة مِن نوع الـ مقص.”
“ماذا لو كانت سفينة مِن النوع المقص؟”
“هَذا النوع سريع جدًا بدأت الجمهورية في صناعتِه. سمعتُ أنها أكثر أسُرع بِكثير مِن السفينة الشراعية العادية. إذا كانت تلكَ السفينة عبارة من نوع المِقَص حقًا، فهي سريعة في تغيير مسارها، لذا فَمِن المستحيل أن تظل ساكنة وهي تعلم أن القواتنا تقترب مِنها.”
“حسنًا. لذا، كما اقترح اللواء ليشتنبرغ لأول مرة، أعتقد أنهُ سيكون مِن الأفضل الاقتراب مِن مسافة قصيرة. ليس مِن السهل علينا تغيير مسارنا مقارنة بسفن العدو، لكن نيران مدفعيتنا أقوى منهم ولها مدى طويل”
لَمحتُ عيونَ ريتشارد الحمراء وهي تُحدق بي لفترة وجيزة. كان هَذا اعترافهُ الصامت وموافقتهُ. كان رويهالت دائمًا هَكذا.
ومع ذلك، لم يكن هناكَ أيَّ رد مِن أيِّ نوع مِن الأدميرال. أثناء صمتِه الطويل، قدم ريتشارد هَذهِ المرة رأيه إلى الأميرال.
“أنا أتفق تقريبًا مع رأي الضابط لأنني أعتقد أن هناك بعض الصدق فيه. إذا أطلقنا النار بشكل نصف دائري مِن بعيد، فيمكننا زيادة دقة التوجيه، بحيث يمكن استهداف سارية العدو دون الحاجة إلى الاقتراب.”
الأدميرال فانبرج، الذي ظل صامتًا لفترة طويلة، يعبث بلحيته وكأنه لا يستطيع سماع رأيي، فتح فمه أخيرًا.
“حسنًا. في هذه الحالة، دعونا نفعل ما قاله اللواء. ومع ذلك، بعد قصف سفينة العدو بطريقة لا تسمح لهم بالغرق وتسبب قدرًا معينًا مِن الضرر، اقترب بأقصى سرعة ودمر الساري.”
أعتقد أنني لست شبحًا آذان هَذا الرجل العجوز تعمل بشكل جيد. نعم، كنت أرغب في شتمه بصوت عالي، لكنني لم أرغب في أن يتمَ جري إلى المحكمة العسكرية واتهامي بإهانة رئيسي أو أحد النبلاء.
ولكن عندما كنت أعبر عن رأيي تظاهر بأنهُ لم يسمعني، لكنهُ قد استمع إلى ريتشارد بأهتمام. ومع ذلك، للوصول إلى المناصب العليا، عليَّ دائمًا المرور بِهَذهِ الأشياء.
وسرعان ما تم إجراء وحساب الزاوية وصدر أمر بتغيير المسار.
“حافظ على السرعة وافتح 7 عقد واقترب ببطء مِن سفينة العدو. يبدأ الاستعداد لإطلاق النار عندما تصبح المسافة إلى سفينة العدو في حدود ميل بحري واحد.”
وسرعان ما سُمع صوت الأوامر الصادرة هنا وهناك عبر أنبوب الصوت (أنبوب متصل بين كل قسم لنقل الصوت)، وسمع صوت خطوات تتحرك بانشغال على سطح السفينة.
وكان سبب الهزيمة في الحروب الماضية هو سوء التخطيط. تعرض الطاقم، الذين هاجموا سفينة العدو بشكل أعمى دون معرفة مدى سرعتها ومرونتها، لأضرار جسيمة من هجوم العدو المضاد غير المتوقع. بعد عدة جولات مِن نيران المدفعية، استغلت الفانتوم ارتباك رودشلانغر وأطلقت الكثير مِن النيران قبل أن تُغادر مكان الحادث في وقت متأخر.
(الفانتوم: سفينة العدو | رودشلانغر: السفينة الي فيها البطلة)
على الرغم مِن أن الاشتباك لم يستمر سوى بضعِ دقائق، إلا أن الأضرار التي لحقت برودشلانغر كانت كبيرة.
ونتيجة لذلك، تم إقالة الأدميرال فانبرج واستبداله بـ ريتشارد. بعد هَذهِ المعركة، أصبحت الفانتوم أشهر سفينة قرصنة في بحر الشمال.
كان مشهد الأدميرال فانبرج وهو يخلع قبعته ويمسح عرقه مزعجًا.
‘يجب أن اراقب هَذا الوجه القبيح أكثر لفترة اطول قليلاً … هل أخبرتكَ كم أكرهك؟’
شعرتُ بالندم، لكنني غيرتُ رأيي لأنني لم أرغب في رؤية الجنود يموتون. على أية حال، الأدميرال فانبرج قد أقتربَ مِن التقاعد.
‘سيكون مِن الأفضل الانتظار بضعة أشهر أخرى ومراقبته، فقط مِن أجل إنقاذ حياة الجنود’
أعطى ريتشارد، الذي كان يراقب الخط الأمامي مع فانبرج من خلال التلسكوب، الأمر.
“استعدوا لاطلاق النار!”
بعد أن تلقيت الأمر، قمتُ بنقلِه على الفور إلى المدفعيين في الطابق السفلي.
“استعدوا لاطلاق النار!”
“استعدوا لاطلاق النار!”
وتتناثر الأصوات العالية هُنا وهُناكَ كأصداء ترن الواحدة تلو الأخرى.
وبينما كُنتِ أستعدُ بِشكل محموم للقصف وتعديل زاوية التوجيه، سمعتُ صوتَ ريتشارد المنخفض يأتي مِن خلفي.
“إرفريا.”
لقد مرَ وقت طويل منذُ أن ناداني ريتشارد بأسمي، لذلك أذهلتُ دون أن أدرك ذَلك. نظر إلى وجهي بِصمت وفتح فمه .
“ماذا حدث؟ أنتِ لستِ كـ المعتاد.”
غرق قلبي، وتجمدتُ على عجل.
“آه… ، لا أعلم. أنا حقًا لا أعلم ما الذي تقصد بِـ قولكَ بِـ لستُ كـ المعتاد.”
وساد الصمت مرة أخرى لبعض الوقت.
كان ريتشارد هو نفسه لم يتغير حتى قبل عودتي. ملامحه الأنيقة، كما لو كانت منحوتة من الجليد، وقدرته المتميزة كـ جندي، وموقفه الصادق والبريء، لم تقلل مِن سمعته باعتباره الضابط الواعد في الإمبراطورية.
لقد نظر باهتمام إلى وجهي. كان الأمر كما لو كان يحاول تحليلي بعينيه.
“هذا أمر غريب أيتُها الضابط”
“ماذا تقصد؟”
“كيف عرفتِ عن نوع السفينة؟ وكانت تلكَ المعلومات المتعلقة بالسفينة معلومات سرية لم يعرفها أحد في الإمبراطورية. لقد علمتُ أيضًا مِن التقرير الذي تلقيتُه صباح أمس. هل دخلتِ غرفتي مِن قبل؟”
“!”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》