إنه سوء فهمٍ أنني أواعد الشّرير - 4
تصويت قبل القراءة~
الفصل 4
‘تبًا!’
بالتأكيد كان يضع كلامي عنه نصب عينيه، هذا الرجل الضيق الأفق!
ابتلعتُ إهانتي داخلي، وأجبت بإجابةٍ رسميّة تليق بموظفةٍ حكوميّة.
“لا يوجد إنسانٌ فوق القانون، كيف لي كفارسةٍ أن أعترف بمن يتجاهل القانون الذي وضعه الإمبراطور العظيم هيكسين الثالث؟”
عندما سمعني رودجر، أومأ برأسه نحو القائد علي.
“يبدو أنها موهبةٌ استثنائيّة، يا سير علي.”
“بالتأكيد، لهذا السبب أوكلتُ قضية هيلبرونر هذه إلى الفارسة كلارا. هاهاها!”
في الحقيقة، كانت هذه المهمة مجرد عملٍ جانبي، لكن القائد علي كان يُبدي اهتمامًا مزيفًا.
‘أه… أتمنى لو أتمكّن من الهروب من هذا المكان.’
نظر إلي رودجر بنظراتٍ غامضة، ثم ابتسم بهدوء.
“أتمنى أن تحقّقي النجاح، أيتها الفارسة كلارا.”
“نعم.”
‘أتمنى لو تشتمني وتقول إنني لن أحقّق أي نجاحٍ أبدًا.’
“إذن، سأغادر الآن، أعتذر على إزعاجكم.”
“لا بأس، واصلي جهودكِ.”
“إلى لقاءٍ آخر، أيتها الفارسة كلارا.”
‘لا أريد رؤيته مرةً أخرى!’
وبينما كنتُ أصرخ بداخلي، خرجتُ من مكتب القائد وأنا أؤدي التحيّة كفارسةٍ محترمة.
‘أرجوكم، لا تستغلّوا هذه القضية لإزعاجي فيما بعد.’
لقد عانيتُ بما يكفي من الضغط في الماضي، وأنا أعمل بجدٍ كفارسةٍ متواضعة في فرقة جانبية.
بينما كنتُ أتمتم ببعض الأمنيات، توجّهتٌ إلى ساحة التدريب الخارجية التابعة لفرقة فرسان الماس.
بعد مغادرة كلارا، ظلّ رودجر يحدق في الباب للحظةٍ قبل أن يتحدث.
“القائدة… هل هذا هو منصبها؟ إنها شابّةٌ بالنظر لرتبتها.”
“هاها. نعم، الأمر كذلك. هناك بعض الظروف الخاصة، كما تعلم.”
“ظروف خاصة…؟”
داعب علي لحيته وضيّق عينيه.
“أنتَ تعلم جيدًا كيف تجري الأمور هنا. رغم أننا ندعي العمل حسب الكفاءة، إلا أن الوضع غالبًا ما ينقسم بين من يمتلك النفوذ والمال ومن لا يمتلكه.”
“…”
“يبدو أنني قلتُ شيئًا لا يجب قوله أمام الدوق الشاب.”
“على الإطلاق. يمكنك التحدث براحة.”
عندما سمح له رودجر بالاستمرار، شبك علي يديه واتكأ على ظهر الكرسي.
“في السابق، كان هناك فارسٌ في الفرقة، كان زميلًا للسيدة كلارا، وكان ابن شخصٍ رفيع المستوى من البلاط الملكي.”
“….”
“لكن زميلته كلارا، التي جاءت من خلفيةٍ متواضعةٍ كفارسة عاديّة من الريف، تفوقت عليه بمهاراتها… بعد ذلك، بدأت الأمور تتعقد، وتم تدبير بعض الأمور لتصبح مكروهةً من الجميع.”
“يا للأسف…”
“وفي النهاية، تم نقلها إلى منصبٍ جانبي. لكن بفضل إنجازاتها، لم يكن من اللائق التخلّص منها بلا رتبة، لذا منحناها منصب قائدةً في فرقة فرسان أقل شأنًا.”
“فهمتُ.”
“بما أنني من خلفيةٍ مشابهة، أشعر بالتعاطف مع قصتها. لكنني، كنبيلٍ ناشئ، لا أستطيع التصرّف علنًا لدعمها.”
ظلّ رودجر يحدق في علي قبل أن يسأل.
“هل تعتقد أنها قادرةٌ على القبض على هيلبرونر، سير علي؟”
“نعم، إنها عبقريّةٌ. الأفضل من بين الفرسان الذين درّبتُهم.”
مرّت شرارة اهتمام في عيني رودجر.
“لكنها تميل إلى التقليل من قدراتها. ومع ما حدث لها، فهي تحاول ألا تتعرض لمضايقاتٍ من المسؤولين.”
“….”
“على أي حال، يكفي هذا من كلامي. أعتذر إن أطلتُ على سموك.”
“لا داعي للاعتذار، بل أعتقد أن هذا هو السبب الحقيقي لدعوتك لي اليوم، أليس كذلك؟”
“….”
“لتطلب مني التعاون معها.”
لم يؤكد علي أو ينفي، بل اكتفى بضحكةٍ خفيفة.
حدق رودجر للحظةٍ نحو الباب بعينين حادتين كأنه يقيّم شيئًا ما.
“فهمتُ، سأتابعها عن كثب.”
للأسف، لم يكن ذلك خبرًا سارًا لكلارا.
* * *
‘حسنًا، ماذا أفعل الآن؟’
بينما كنتُ أنزل إلى الطابق الأول، بدأتُ أفكّر.
لقد أُسندت إلينا مهمة القبض على هيلبرونر، والتي كان من المفترض أن تتولّاها فرقة فرسان الماس.
تذكرتُ بعض المعلومات من الرواية الأصلية.
<لقد أصبحتُ وصيفة الأمير الصغير>، والمعروفة اختصارًا بـ <الأمير الصغير>، كانت رواية رومانسية تعكس ارتباطًا غير تقليدي. أصبحت البطلة وصيفة للأمير المُحتقَر، واعتنت به منذ صغره حتى أصبح مهووسًا بها بعدما كبر.
كان سياق القصة في الفترة التي تلت طفولة الأمير وأصبحت الأحداث في منتصفها عندما دخل الأمير الثاني، المحتقر سابقًا، في مواجهة مع الأمير الأول، وبدأ الدوق الشاب رودجر كاسين، الذي كان من فريق الأمير الأول، في التدخّل ضده في الخفاء بشخصية اللص هيلبرونر.
في هذه الحالة… أنا…
‘هل عليّ حقًا المخاطرة بحياتي للإمساك بهيلبرونر؟’
لكن حتى في الرواية الأصلية لم يتم القبض عليه حتى النهاية.
‘إذن، يمكنني التظاهر بأنني أعمل على الإمساك به فقط.’
لن يتوقع أحدٌ من وحدة فرسان مثل وحدتنا أن تقبض على هيلبرونر، وسيتحول هذا العمل في النهاية إلى فرسان الماس.
‘أتمنى للبطلة والبطل التوفيق، أنا سأكتفي بدور القائدة الكسولة وأعيش حياةً هادئة.’
لقد حددتُ هدفي المتواضع وسرتُ متكاسلةً خارج المبنى. كان الوقت قد اقترب من الثالثة مساءً.
“آه… من المؤكد أنني سأضطر للعمل لساعاتٍ إضافيّة اليوم.”
كان عليّ القيام بالكثير من المهام بسبب هذه المهمة الطارئة.
‘على الأقل قرأت عن حوادث هيلبرونر في الرواية، لذا لديّ بعض المعرفة.’
بينما أتنهد، توجهت نحو ساحة التدريب الخارجية لألتقي الفارس المسؤول وأحصل على المستندات المتعلقة بحوادث هيلبرونر.
عندما اقتربت من ساحة التدريب، تقدمت نحوي فارسةٌ شابة كانت تقف عند المدخل.
‘واو… إنها جميلةٌ جدًا.’
شعرها الوردي الفاتح كان مصففًا بعناية، وكانت ترتدي عباءة مرتبة. بدت أصغر مني قليلاً.
رغم أن مظهرها الرقيق لا يوحي بأنها فارسة، إلا أن حركاتها المتقنة تدل على لياقة عالية.
‘لحظة… فارسة جميلة ذات شعر وردي من فرقة الماس…؟’
ابتسمت الفارسة بلطفٍ وتحدثت معي.
“هل لديكِ رسالةٌ من القصر؟ آسفة، لكن الدخول لساحة التدريب ممنوعٌ لغير الفرسان.”
“….”
هل كان مظهري حقًا بهذا السوء؟
نظرت إلى ملابسي، نعم، ربما كانت غير مناسبة بعض الشيء.
‘لو كنت أعلم هذا لأخذت معي عباءتي.’
عادةً لا أرتدي العباءة خارج المهمات لأنها غير مريحة، لكنني الآن أُسِيء فهمي كخادمة.
ضحكت بمرارة وهززت رأسي.
“عذرًا، ربما تسببتُ في سوء فهم بسبب عدم ترتيبي لملابسي.”
“المعذرة؟”
“أنا كلارا ويفرن، قائدة فرقة فرسان الياقوت. لقد جئت لأسأل عن قضية هيلبرونر.”
“آه!”
ما أن سمعت كلامي حتى احمرّ وجهها وانحنت بزاوية تسعين درجة.
“أعتذر بشدة، لم أقصد الإساءة!”
“لا بأس، الخطأ في مظهري غير الرسمي أيضًا.”
رفعت رأسها وقدمت اعتذارًا مرة أخرى، ثم قدمت نفسها.
“أنا ران مابلور من فرسان الماس. أعتذر مجددًا على سوء الفهم.”
‘أوه…’
بمجرد سماع اسمها، تأكدت من أنها هي.
كانت فارسة تذكرني بإحدى الشخصيات في الرواية، التي كانت دائمًا قريبة من البطل، مما جعل البطلة تشعر بالغيرة.
في الحقيقة، ران لم تكن تهتم بالبطل بتلك الطريقة، بل كانت مجرد فارسة جادة.
حركتُ يدي لتهدئتها وقلت.
“لا بأس، لا تقلقـ-“
ولكن قبل أن أتمكّن حتى من الانتهاء من الحديث.
اقترب منا فارسٌ ضخمٌ ذو وجهٍ صارم، يبدو أن طوله يتجاوز ١٩٠ سنتيمترًا، وبنيته الجسدية قوية وملامحه خشنة بشكل لافت.
وقف الفارس بيني وبين ران وكأنه يحميها مني.
“ما الأمر؟ هل أنتِ خادمةٌ من خدم القصر؟ لماذا تثيرين المشاكل؟”
قال بلهجةٍ مليئة بالاستنكار، مع تأكيدٍ على كلمة “خادمة”.
رنّ صوته بحدة، كأنما يتحدّاني، مما جعلني أرفع حاجبيّ بدهشة.
تدخلت ران بسرعة وهي تقول بقلق.
“القائد كروسنر! أرجوك لا تفعل هذا، هذه السيدة ليسـ-“
قاطعها كروسنر بحدة، موجّهًا نظرة قاسية نحوها.
“ران، التزمي الصمت. مشكلتكِ أنكِ لطيفةٌ للغاية حتى مع من لا يستحقون احترامكِ.”
رفع كروسنر يده ليمسح شعره بنظرةٍ متعجرفة، ثم ابتسم بسخرية لاذعة.
“من بعيد، بدا لي أنكِ كنتِ تعتذرين، ران. ما الذي حصل ليجعلكِ تنحنين هكذا؟ ألم يكن الأمر مجرد حجّةٍ واهية؟ كيف تجرؤ خادمة…”