إنه سوء فهمٍ أنني أواعد الشّرير - 3
تصويت قبل القراءة~
الفصل 3
أمسكتُ رأسي المتألم بتأفف.
بغض النظر عن أفكاري، وجدت نفسي قد وصلت إلى القصر الإمبراطوري دون أن أشعر.
بعد إبراز بطاقتي وتسليم حصاني، اتبعت خادمًا أرشدني إلى مكتب قائد فرقة فرسان الماس.
‘فرقة الفرسان المميزة حقًا تختلف عن غيرها في كل شيء.’
لم تكن المباني الضخمة وحدها، بل وحتى ساحة التدريب الخارجية كانت مُجهزة خصيصًا لفرقة فرسان الماس.
وعند وصولي إلى مكتب القائد في الطابق الثالث، لم أستطع إلا أن أُعجب بالمدخل الذي بدا كما لو كان من مكتب رئيسٍ تنفيذي في دراما من حياتي السابقة.
‘أما أنا، فلا أملك مكتبًا خاصًا وأستخدم نفس المكتب الذي يستخدمه بقية الأعضاء.’
على الرغم من أنني قائدة، إلا أنني لا أحصل على أي مزايا سوى علاوة بسيطة، مما جعلني أشعر ببعض الحزن على حالي.
تذمرتُ في داخلي، لكنني أبقيت ملامحي ثابتة.
لا أستطيع أن أُظهر وجهي العابس للقائد بسبب مزاجه السيء.
طرقت الباب ببطء، فسمعتُ صوت رجلٍ بليغ النبرة.
“من هناك؟”
“قائدة فرقة فرسان الياقوت، كلارا ويفرن هنا.”
“آه، إنها السيدة كلارا. انتظري قليلاً.”
يبدو أنه كان لديه ضيف، فقد سمعت قائد فرقة فرسان الماس والمدير العام، علي، يطلب من ضيفه الانتقال إلى قاعة الشخصيات الهامة المجاورة.
ظننت أنه سيطلب مني العودة لاحقًا بسبب الضيف، لكن المفاجأة كانت أن القائد علي سمح لي بالدخول على الفور.
“اعذرني.”
“أهلاً بكِ.”
كان القائد علي رجلًا في منتصف الخمسينات ويبدو صارمًا من النظرة الأولى.
رغم أننا نحمل نفس اللقب “قائد”، إلا أنه ليس في مستوى يمكن مقارنته بي.
فهو شخصيةٌ ملهمةٌ بدأت كفارس من العامة وارتقى بنفسه حتى حصل على لقب الكونت.
إضافة إلى ذلك، يشرف على جميع فرق الفرسان، مما يجعله رئيسي المباشر.
“لقد مر وقتٌ طويل. أعتقد أن هذه أول زيارة لكِ منذ تنصيبكِ كقائدة، أليس كذلك؟”
“نعم. أعتذر لعدم زيارتي لك كثيرًا، سيدي القائد العام.”
بالطبع، هذا مجرد كلام؛ في الواقع، لم أكن أعتذر إطلاقًا.
حين أفكر في الوقت الذي قضيته تحت قيادته، أشعر بالراحة منذ أن أصبحت قائدة فرقة فرسان الياقوت ولم أضطر لرؤية وجهه.
“أجل، لقد شعرتُ ببعض الخيبة.”
“… أعتذر.”
يا ترى، هل قرر تحويل مهمة هيلبرونر إلينا فقط لأنه شعر بالإهانة لعدم زيارتي له؟
“إن السيف يصدأ إن لم تُحافظي عليه. يجب أن تزوريني من وقتٍ لآخر.”
“… حاضر.”
كتمت شتيمتي في داخلي.
رغم أن القائد علي كان في الأصل مدربي في فنون السيف، إلا أنني لا أعتبره معلّمًا بالمعنى الحقيقي، بل كان يشرف على تدريبي من حين لآخر قبل أن أصبح قائدة فرقة فرسان الياقوت.
لكن كان أسلوبه قاسيًا لدرجة أنني لم أراكم مشاعر الامتنان بقدر ما راكمت مشاعر الانتقام تجاهه.
‘هل كنتُ تلميذةً ممتعة للمعاناة لهذا الحد؟…’
بينما كنت أشعر بالحزن في داخلي، نظرت إلى القائد علي الذي بدا كأنه يعيد ترتيب دروسي الشخصية.
“علاوة على ذلك، هيلبرونر خصمٌ متقلب الحركة، لذلك أود أن أساعدكِ في تحسين مهاراتكِ بالسيف.”
‘في الحقيقة، أُفضّل قضاء وقتي في ملاحقة السكارى بدلاً من ذلك…’
“… شكرًا لك دائمًا على اهتمامك، سيدي.”
“هذا لأنني أقدّركِ.”
‘إن كنت تقدّرني بالفعل…’
تجاوزت ذلك ودخلت في صلب الموضوع.
“على أي حال، بخصوص المهمة المتعلقة بهيلبرونر التي نُقل إلينا بشأنها…”
“أجل، إنه تقرير بخصوص هيلبرونر أرسلته شرطة الأمن.”
“نعم.”
“تم تجميعه بواسطة أحد الفرسان. من المرجح أنه في ساحة التدريب، لذا اذهبي لاستلامه لاحقًا.”
“حسنًا، شكرًا لك.”
“أتمنى لكِ التوفيق والنجاح.”
“…”
‘لحظة، هل هذا كل شيء؟’
وفقًا للأصل، كان من المفترض أن تكون هذه المهمة مسؤولية فرقة فرسان الماس، ولكن لسببٍ ما، تغيّرت الأمور.
بالنظر إلى الموقف، يبدو أنني فهمت السبب.
‘يريدون منا أن نختبر الوضع أولاً قبل أن تتحرك فرقة الفرسان النخبوية.’
سنطارد هيلبرونر ونجمع المعلومات، ثم ستتسلم فرقة فرسان الماس المهمة لاحقًا وتقبض عليه بفخر.
وبذلك سيحولون انتقادات العامة إلينا.
رغم أن هذه المهمة المتفجرة لا تجلب إلا المتاعب، إلا أنها ستزيد من عبء العمل على فرقة فرسان الياقوت.
حتى إن لم نتمكن من القبض عليه، سنكون ملزمين بالتظاهر بمحاولة القبض عليه إذا أرسل تحديًا آخر.
وسنضطر إلى التعامل مع الأوراق الإدارية قبل وبعد كل حادثة.
مجرد التفكير في هذا يجعلني أشعر بالدوار، ومن المؤكد أننا بحاجة إلى تدابير لتلبية هذا العبء المتزايد.
مع محاولة تهدئة ارتعاش زوايا فمي، تحدثت بلطف.
“سيدي القائد…”
“هل لديكِ سؤال؟”
“تبدو هذه المهمة شديدة الأهمية بالنسبة لفرقتنا.”
“أجل، هذا صحيح.”
“إذن، هل من الممكن تخصيص ميزانية أو تعزيز عدد الأفراد بما يتناسب مع هذه المهمة؟”
“… همم. لم أفكر في ذلك.”
‘هذا أول ما كان يجب أن تفكر فيه!’
“كما تعلم، عدد أفراد فرقتنا تقلص من سبعة إلى أربعة فقط، بما في ذلك كاتب السجلات…”
“فهمت…”
قام القائد علي بحك ذقنه وأومأ.
“سأفكّر في الأمر.”
“…”
‘هذا الرجل حقًا…’
في هذا المجال، عندما يقول أحدهم “سأفكر في الأمر”، فهذا يعني “لن ألتفت للأمر أبدًا.”
بمعنى آخر، هو يطلب منا أن نتدبر أمرنا بأنفسنا دون زيادة في الميزانية أو الدعم البشري.
يبدو أن ملامحي أظهرت استيائي، فطرح عليّ سؤالًا آخر.
“هل تشعرين بثقلٍ كبير في هذه المهمة؟ إن كان الأمر كذلك، فيمكننا التفكير في تمريرها إلى فرقة فرسان الزمرد.”
“…”
رغم الحديث عن تسليم المهمة لفرقة فرسان الزمرد، من المستبعد تمامًا أن يقبلوا بها.
في النهاية، ستبقى المهمة مُعلقة إلى أن تُفرض علينا من قبل السلطة الإمبراطورية.
‘آه، بما أنها مهمة صعبة لا مفر من تحملها، الأفضل أن أقبلها برحابة صدر.’
الأفضل قبول المهمة طواعية بدلًا من أن تفرض علينا قسرًا بعد جولةٍ طويلةٍ من الرفض.
كما أن كسب بعض النقاط الآن قد يساعدني لاحقًا في الحصول على موارد أو دعم إضافي.
‘حسنًا، حتى لو كان الأمر مخزيًا، سأحاول كسب رضاه.’
توصلت إلى قراري سريعًا ورفعت صوتي بثقة.
“ليس هناك مشكلة، سيدي القائد علي! إن كلّفتَني بهذه المهمة، فسأؤديها بكل جدارة!”
“أوه، حقًا؟”
“نعم! لطالما اعتبرتُ اللّص هيلبرونر، الذي يزعج المواطنين، بمثابة شوكة في عيني! يجب أن نلقي القبض عليه ونظهر للجميع صرامة قوانين إمبراطورية ليوك!”
“أوه…”
بدا القائد علي متأثرًا بخطابي وأخذ يصفق إعجابًا.
“لقد أحسنتُ الاختيار في توكيلكِ بهذه المهمة. أعتقد أن القيادة ستُسعد بذلك أيضًا.”
“لا داعي للشكر. سأبذل قصارى جهدي رغم نقص خبرتي.”
“حسنًا. بما أنكِ متحمسة، سيكون من الجيد أن تتعرفي على الضيف المنتظر في القاعة المجاورة.”
“ضيف؟”
“نعم. عندما وصلتِ، نقلته إلى قاعة الشخصيات الهامة… اتبعيني.”
أومأت ووقفت لأتبعه إلى قاعة الشخصيات الهامة.
لكن…
بمجرد أن دخلت ورأيت النبيل الذي يجلس هناك بابتسامةٍ باردة، شعرتُ بأن جسدي تجمّد في مكانه.
“تفضلي بالتعرف عليه. إنه الدوق الشاب رودجر كاسين.”
“…”
اللّص الذي يزعج المواطنين.
الذي يجب أن نقبض عليه لإظهار مثال على قوة القانون.
الشخص الذي سخرتُ منه في خطابي الحماسي، كان جالسًا بهدوء على أريكة قاعة الشخصيات الهامة.
‘ماذا… ماذا يفعل هنا؟!’
كدت أصرخ، لكنني سيطرت على نفسي بصعوبة.
يبدو أن القائد علي قد أساء فهم موقفي المتوتر. ضحك وسخر مني.
“هاها، صحيح أن مظهر الدوق الشاب رائع، لكن هل يستحق أن تذهلي بهذا الشكل، آنسة كلارا؟”
‘هذا ليس السبب!’
ولكن ماذا يمكنني أن أقول لرئيسي ومعلمي؟ انحنيت بسرعة للاعتذار.
“آسفة… سأحرص على عدم تكرار ذلك.”
“لا بأس. على أي حال، القي التحية.”
بلعت ريقي بصعوبة، ثم التفتت إلى رودجر.
“تشرفت بلقائك لأول مرة. أنا كلارا ويفرن، قائدة فرقة فرسان الياقوت.”
“سررت بلقائكِ، أنا رودجر كاسين.”
صافحني بلطف، ووجدت نفسي أُشيد بجماله داخليًا.
‘حقًا… وسيمٌ بشكل لا يصدق.’
شعره الفضي المرتب بعناية بدا كما لو كان مضاءً بضوء القمر.
أما أنفه البارز وزمردة عيناه الخضراء اللامعة، فكأنهما يُصوران جمال نبتة ربيعية يافعة.
‘هذا هو المظهر المناسب للشخصية الثانية.’
كنت قد رأيته في الصحف عدة مرات، لكن الصور لم تقترب من تصوير جماله الحقيقي.
لكن الآن، لم يكن مظهره هو المشكلة.
‘لقد سمعني أهينه للتو… ألا يعني ذلك أنني قد أتعرض لمتاعب لاحقًا؟’
وهو يعرف أنني المسؤولة عن مطاردة هيلبرونر.
كنت قلقة من أنه قد يضعني في مواقف صعبة.
“الدوق الشاب كاسين يعمل في القصر الإمبراطوري ويشرف على الآثار والمواقع التاريخية للإمبراطورية.”
‘أعلم، فقد قرأت ذلك في القصة الأصلية.’
“يبدو أن اللّص الوقح هيلبرونر قد استهدف الآثار مؤخرًا، لذا ستكون لديكِ تقارير عديدة لتقديمها له.”
“نعم. سأكون على تواصل دائم من الآن فصاعدًا.”
عندما انحنيت مرة أخرى، قال رودجر بابتسامةٍ خفيفة وهو يحدق بي كما لو كان يقيمني.
“يبدو أن السيدة تحمل كراهية شديدة تجاه هيلبرونر. هل هناك سببٌ خاص لذلك؟”
“…”