إعادة إحياء سيينا - 001
“كيف لجلالته ألّا يعتبر هذا الطفل ابنه؟”
لم تستطع المرأةُ احتواءَ غضبها، فألقت بفنجان الشاي على الأرض، فتحطَّم إلى قطعٍ صغيرة عند اصطدامه بالرخام.
ومع ذلك، لم يهدأ غضبها. ركَلَت مزهريَّةً زخرفيَّةً كبيرة كانت موضوعةً كزينة، فسقطت وتكسَّرت، متناثرةً شظاياها على الأرض، ما أدَّى إلى خدش خدِّ إحدى الخادمات التي كانت تحاول تنظيف المكان. لكنَّ المرأة، سيينا، كانت غارقةً في حزنها، ولم تلاحظ أو تكترث.
كان قلبها يؤلمها وكأنَّه سينفجر مثل المزهريَّة المكسورة. صرخت في الفراغ:
“يمكنني أن أتحمَّل تجاهُل جلالته لي! لكنَّني لا أستطيع تحمُّل ذلك مع جوزيف أيضًا!”
غطَّت سيينا وجهها بيديها وسقطت على الأرض. حاولت هايين، رئيسةُ الخدم، مواساتها بوضع يدها برفق على كتفها، لكن دون جدوى.
استعادت سيينا في ذهنها قصَّةً أخبرتها بها إحدى الخادمات الصغيرات بسذاجة.
بدأت خادمات القصر الإمبراطوري يُطلقن عليها لقب “الإمبراطورة بالاسم فقط.”
كان هذا الوصف يعكس حالتها بدقَّة، ولم تستطع سيينا سوى أن ترسم ابتسامةً حزينة على وجهها كردِّ فعل.
ومع ذلك، كانت تأمل بشدَّة ألّا يُشار إلى ابنها، جوزيف، بلقب “الأمير بالاسم فقط” أيضًا…
“سينتهي الأمر بجوزيف مثلي، يتوق إلى حبِّ كارل حتى يذبل ويموت.”
حاولت هايين تهدئتها وهي تُربِّت على كتفها:
“ما الذي تقولينه، جلالتُكِ؟ مهما قيل، يظلُّ الأميرُ جوزيف أوَّلَ أبناء الإمبراطور!”
“رغم أنَّني الإمبراطورة الأولى، يتمُّ تجاهُلي بهذه الطريقة. هل تعتقدين أنَّ جوزيف سيحظى بمعاملةٍ أفضل؟ جلالته لم يمنحه حتى اسمًا…”
كانت هايين على وشك الاعتراض، لكنَّ خادمًا من الخارج قاطع حديثهما ليُعلن عن قدوم الإمبراطورة الأرملة آريا، زوجة والد الإمبراطور.
هرعت هايين لمساعدة سيينا على الوقوف.
حاولت سيينا أن تتماسك وتحافظ على هدوء تعابيرها قدر الإمكان.
لقد علَّمتها سنواتُها في القصر الإمبراطوري كتمان مشاعرها بمهارة.
وبصوتٍ هادئ قالت:
“اسمحوا لها بالدخول.”
فُتحت الأبواب، ودخلت آريا.
كان شعرُها الأسودُ اللامعُ كظلام الليل مرفوعًا بأناقة. وعلى الرغم من أنَّها كانت في عمرٍ يمكن أن تكون فيه أمًّا لسيينا، إلا أنَّ جمالها لم يكن أقل شأنًا. بل إنَّ الكرامة والجاذبيَّة التي اكتسبتها على مرِّ السنين طغت على سيينا، وأشعرتها بالضآلة.
ألقت آريا نظرةً سريعة على شظايا الزجاج المنتشرة على الأرض قبل أن تُقدِّم تحيَّتها:
“يبدو أنَّني جئتُ في وقتٍ غير مناسب.”
عند كلمات آريا، احمرَّ وجه سيينا. حاولت بكلِّ جهدها إخفاء مشاعرها، لكنَّ شظايا المزهريَّة التي أطاحت بها بغضب ما زالت مبعثرةً على الأرض ولم تُزَل.
“أعتذر. الخادمة الجديدة تفتقر إلى الخبرة…” تقدَّمت هايين، كبيرةُ الخدم، لتختلق عذرًا نيابةً عن سيينا.
“تجاهلت آريا كلمات هايين ونظرت مباشرة إلى سيينا قائلةً:
‘الخادمة التي تجلب العار لسيدتها يجب أن تُؤدَّب بالسوط. لكن يبدو أن الإمبراطورة سيينا ذات قلبٍ لينٍ للغاية.'”
كانت آريا قد أظهرت لسيينا سابقًا أساليبها في التعامل مع الخدم، حيث قامت شخصيًّا بالتلويح بالسوط أمامها لتعليمها “كيفية فرض السيطرة.”
ورغم أن سيينا لم توافق على أساليب آريا القاسية، إلا أنها لم تكن تمتلك القوة للدخول في جدال معها. فقالت بصوت متعب:
“لا أزال مبتدئةً في التعامل مع المرؤوسين. هايين، هل يمكنكِ تحضير الشاي للإمبراطورة الأرملة؟ ويفضَّل أن يكون من زهور الملتيرين المجفَّفة جيّدًا.”
ربما خشية أن تلجأ آريا إلى السوط مجددًا، سارعت هايين لتحضير الشاي وتقديمه.
التقطت سيينا زهور الملتيرين المجففة بعناية باستخدام ملقط، ثم وضعتها في فنجان آريا وفنجانها. وصبَّت الماء الساخن بدرجة الحرارة المناسبة في الفناجين. ومع امتصاص الزهور المجففة للماء، تفتحت وأطلقت لونًا أصفر مائلًا إلى الحمرة، واستعادت شكلها الطبيعي.
“رائحة الشاي رائعة. لقد تحسَّنت مهاراتكِ في تحضيره كثيرًا.” قالت آريا وهي تُثني.
لكن سيينا ظلَّت صامتة، تحدِّق بشرود في فنجان الشاي. بالنسبة لها، بدت الزهور التي تُلوِّن الماء وكأنها تسخر من غيرتها وآلامها العاطفية، مما زاد شعورها بالكآبة.
وأثناء مراقبة آريا لردة فعل سيينا الباردة، قالت:
“هل سمعتِ أخبار حمل الملكة بلوبيل؟”
أجبرت سيينا نفسها على كبح العبوس الذي كاد يظهر على وجهها. حتى دون شظايا الزجاج المتناثرة على الأرض، كان واضحًا أن آريا تعلم أن سيينا قد سمعت الخبر مسبقًا. فلماذا تذكره الآن؟
“نعم، سمعت. إنه خبر سعيد للعائلة الإمبراطورية، التي تُقدِّر الورثة.”
“وهل سمعتِ أيضًا الشائعات التي تقول إن الطفل الذي تحمله بلوبيل صبي؟ سمعت أن رئيس عائلة فاير، الذي حضر مع الطبيب، قد غادر مبتسمًا بوضوح، لذا قد لا تكون الشائعة كاذبة.”
ردت سيينا، محاولة الحفاظ على هدوئها:
“حقًا؟…”
كانت تعرف ذلك من قبل.
حقيقة أن كارل قد أهدى بلوبيل القلادة التي تُنقل تقليديًا إلى الإمبراطورات اللواتي يحملن ورثة ذكور كانت دليلًا كافيًا على أن الطفل الذي تحمله صبي.
ومع تصلب ملامح وجه سيينا، نظرت إليها آريا وكأنها تشفق عليها.
لكن سيينا لم تستطع التخلص من شعورها بأن آريا تستمتع بهذا الموقف سرًا. عيناها السوداوان اللامعتان أشبه ما تكونان بعيني مفترس يقتنص فريسته.
حاولت سيينا تهدئة نفسها، مُقنعة ذاتها بأن مشاعرها المتوترة هي التي تُشوِّه نظرتها للأمور.
تابعت آريا حديثها:
“الإمبراطورة سيينا والأمير الإمبراطوري… أوه، أعتذر. لا أزال لا أعرف اسم الأمير. بماذا عليّ أن أناديه؟”
شعرت سيينا بالحرج واحمرَّ وجهها، لكنها أجابت بصوت هادئ:
“اسمه جوزيف.”
كان الاسم، الذي يعني “المحبوب”، مليئًا بالأمل الذي وضعته في طفلها.
“جوزيف… إنه اسم قديم ذو معنى جميل. ومع ذلك، بالنظر إلى خبر حمل الملكة بلوبيل والقلادة الزرقاء التي تلقتها، أليس من المؤسف لكِ وللأمير جوزيف؟ فمن المرجَّح أن يحصل ابن بلوبيل على منصب ولي العهد.”
عبست سيينا عند سماع تلك الكلمات.
رغم أن جوزيف هو الابن الأكبر، إلا أن نبرة آريا كانت توحي بأنه من الطبيعي أن يرث طفل بلوبيل العرش، وكأن شرعية جوزيف لا تعني شيئًا. اشتعل الغضب في صدر سيينا.
“الأمير الأول للإمبراطورية هو جوزيف. ومن الطبيعي أن يكون الوريث التالي هو الابن الأكبر، جوزيف.”
“هل تعتقدين ذلك حقًا؟” سألت آريا، ووجهها يكتسي بسخرية ظاهرة.
قبضت سيينا على طرف تنورتها بيديها المرتجفتين بإحكام، في محاولة يائسة للحفاظ على هدوئها، لكن ملامح وجهها خانتها وأظهرت ما تشعر به.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : اوهانا
انستا : Ohan.a505
الواتباد : Ohan__a505