أيها الدوق الأكبر، اركع! - 5
“حسنًا، آه…”
تلعثم الملك، الذي عُرِضَت عليهِ فجأة خطيبةُ كيرتيس، للحظةٍ وهو ينظرُ إلى مُساعده. رد كيرتيس شان بيرك ويداهُ خلف ظهره.
“الملازم الثاني أمبراز.”
آه، تردد لأنهُ لم يكن يعرفُ اسمها.
“نعم، أنه أمبرويز!”
أجاب الملك بتهيجٍ وفرك جبهتهُ. ثم التفت إلى كلوي وسألها،
“كم سنةً قد خدمتِ؟”
“لسوء الحظ، إنها مِن البحرية لذا تم اعتبارُها غيرُ مناسبةٍ كزوجةٍ لولي العهد فريدريك. لكن هَذا كان مِن حسنِ حظي.”
أجاب كيرتيس مرةً أخرى، وذقنهُ مرفوعةٌ، وكان ردهُ الواثق مُزعجًا بشكلٍ خاص.
انزعج الملك.
‘إنها زوجةٌ ملائمةٌ للغاية، مما يجعلُ الأمر أكثر إثارةٍ للشكوك!’
كان هَذا صحيحًا. على الرغم مِن مدى سخافة الأمر، إلا أن وضع كلوي وخلفيتها يتناسبان تمامًا مع موقف كيرتيس شان بيرك. على الرغم مِن أنها كانت مِن طبقةٍ نبيلةٍ مُنخفضة، إلا أنها لم تندرج تحت قيود الزواج الصارمة بين الطبقات الاجتماعية.
علاوةً على ذَلك، كانت مِن البحرية.
لا تُعتبر الجنديات في بحرية إيفانيس مُناسباتٍ للزواج السريع لأسبابٍ مُختلفة سيتمُ شرحها لاحقًا. لذَلك، أصدر الملك نفسهُ أمرًا باستبعاد نساء البحرية مِن اعتبارهن زوجاتٍ محتملين لولي العهد أثناء مفاوضات الزواج الملكي.
‘رجلٌ ماكر….’
في هَذهِ المرحلة، بدأت كلوي تشكُ في رئيسها. في البداية، اعتقدت أن الدوق مجنونٌ للحديث عن الزواج منها. لكن الآن بدا الأمر وكأن هَذهِ كانت خُطةً وضعت بعنايةٍ مِن قبل الدوق بيرك.
بغض النظر عن نظرتها المشبوهة، ابتسم كيرتيس شان بيرك على نطاقٍ واسع للملك وأجاب.
“ألا يُبدد جمالُها وذكاؤها أيَّ شكوك؟”
أغلقت كلوي عينيها لا إراديًا.
الملك، الذي بدا وكأن ضغط دمهِ قد ارتفع، تظاهر بالسقوط إلى الخلف. وفي الوقتِ نفسه، شبك كيرتيس، الذي استجاب بلا خجلٍ، أصابعهُ بأصابع كلوي وأمسكَ يدها بقوةٍ. أخيرًا بدأ النبلاء رفيعو المستوى المحيطون بهِ بالتذمر.
أمسكَ الملك بجبينه وتأوه. ثم التفت إلى كلوي وتحدث مرةً أخرى.
” أيتُها الملازم الثاني أمبرويز. أقسمي الآن بأنكِ حقًا عشيقةُ أخي.”
“إذا كُنتَ تعتقدُ تُريدُ هَذا حقًا، كجندي فخور لإيفانيس، فسأوافق بكُل إخلاص على رأي جلالتكَ.”
على الرغم من أن الآخرين قد لا يفهمون، فكرت كلوي، التي أُجبرت الآن على الإمساك بيدِ رئيسها الحقير واتُّهِمَت زورًا بأنها عشيقتُه.
بالطبع، كونها مُساعدةً ذكية للغاية، لم تقل كلوي هَذا بصوت عالٍ. بدلاً مِن ذَلك، نظرت إلى كيرتيس بتعبيرٍ مُضطرب.
“… جلالتكَ.”
كان كيرتيس يبتسمُ لها، لكن عينيهِ لم تكُن كذَلك. علاوةً على ذَلك، أومأ برأسهِ بأناقة.
بالنسبة للمشاهدين، لابد أنهُ بدا مُثيرًا للإعجاب بشكلٍ لا يُصدق. مُرتديًا زيّ الحرس الملكي الفخم الخاص بهِ لحضور المأدبة، بوجههِ الوسيم والدفء المُفاجئ في سلوكه البارد عادةً.
لكن بالنسبة لكلوي، كان الأمر مجرد،
“أجيبي بشكلٍ صحيح”
ابتسامةٌ مُهددة.
‘رائع، هَذهِ مُشكلةٌ حقيقية’
ترددت كلوي للحظةٍ وجيزة. إذا قالت، “لا، أنا لستُ كذَلك”، فلن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يقع كيرتيس شان بيرك، الذي دربها بلا رحمةٍ في ساحة التدريب بعد ظهر اليوم، في مشكلةٍ خطيرة.
لكنهُ لم ينتظرها.
“ايتُها المُلازم الثاني أمبرويز، أجيبي بسرعة”، حثها الملك. كان موقفًا مألوفًا. عندما وقعت على الأوراق لتصبح مساعدة كيرتيس شان بيرك، سارع الضابط المسؤول إليها بنفس الطريقة… فكرت كلوي بشكلٍ غامض.
‘يا إلهي، يجب أن يتم الأتفاق بعد معرفة الثمن’
كان ينبغي لها أن تأخذَ وقتها في توقيع هَذا العقد، بالنظر إلى الوضع، قبل ثلاثة أشهر فقط.
لكن لم يكُن هُناك خيارٌ آخر. كانت كلوي جُندية فخورة وشجاعة لإيفانيس، إلا أنها لم تكُن شجاعةً بما يكفي لتقول للملك، “هل يُمكنكَ الانتظار بينما أتفاوض مع رئيسي؟”
في النهاية، ابتلعت لعابها بصعوبةٍ وتحدثت.
“أولاً، مِن فضلكَ تفهم بسخاء. لقد ترددتُ لأنني غارقةٌ في المشاعر لكوني في موقفٍ يسمحُ لي بالكلام أمام جلالتكَ.”
“توقفي عن المُماطلة. هل هَذا صحيح؟”
بناءً على طلب الملك، شعرت كلوي بكيرتيس يضغط على يدها بقوة. نظرت إلى كيرتيس. بالنسبة للآخرين، ربما بدا الأمر وكأنه نظرةٌ لطيفةٌ بين عاشقين، لكن بالنسبةِ لها، شعرت أنها مليئةٌ بتحذير قاتل. رفعت كلوي حواجبها قليلاً، ثم حولت رأسها نحو الملك.
قالت أخيرًا: “نعم، هَذا صحيح. أنا حبيبة كيرتيس شان بيرك”
ساد الصمت الغرفة، وكُل العيون كانت على كلوي وكيرتيس. أظهر وجه الملك مزيجًا مِن عدم التصديق والإحباط، لكن قبضة كيرتيس على يدها قد ارتخت قليلاً، وشعرت بارتياحه.
قال الملك ببُطء: “حسنًا، إذا كان هَذا هو الأمر حقًا، فلا توجد مشكلة”
لم يكُن بوسع كلوي إلا أن تأمُل أن تكون هَذهِ هي نهاية الأمر، لكنها كانت تعلمُ أنه مِن الأفضل ألا تتوقع حلاً سهلاً. وبينما كانت عينا الملك تُحدقان فيها، شعرت بثُقل الموقف يستقرُ على كتفيها تمامًا.
“… هَذا صحيح. لقد تقدم العميد كيرتيس شان بيرك لطلب يدي مؤخرًا.”
انتفخ وريدٌ على جبين الملك. وفي الوقت ِنفسه، انطلقت صيحاتٌ مثل “يا إلهي…” و “يال الهول” مِن النبلاء المُحيطين.
“ومع ذَلك، لم تتلقَ عائلة أمبرويز وسام الاستحقاق مِن الدرجة الأولى إلا منذُ ثلاثةِ أجيال. نحنُ لسنا في نفس مستوى الدوق بيرك، لذَلك رفضتُه في البداية.”
“الملازم ثاني.”
صرير أسنان كيرتيس كان صوتُه مسموعًا عندما نادى باسمها. وعلى النقيض مِن ذِلك، وقف الملك مُنتصرًا.
“سواء كانت هَذهِ الأكاذيب السخيفة صحيحة أم لا، فقد اعترفتَ بذَلك، دوق!”
ولكن انتصار الملك لم يدُم طويلاً، فقد قاطتعهُ “شهقة” مُفاجئة. لقد فوجئ الملك. شهقة؟ استدار نحو اتجاه الصوت وسقط فكه.
كانت مُساعدةُ كيرتيس، التي كان يضغط عليها للتو، تمسحُ دموعها بينما تنظرُ إلى كيرتيس. ما حدث بعد ذَلك كان أكثر صدمة. دفنت المرأة ذات العيون الوردية وجهها في أحضان كيرتيس شان بيرك وتحدثت.
“كيف أمكنكَ فعلُ هَذا أمام جلالتهِ، يا عزيزتي!”
عزيزتي.
لم يتخيل أحدٌ قط أن يُنادي شخصٌ كيرتيس شان بيرك بمثلِ هَذا المُصطلح الحميمي. شعر جميع النبلاء الحاضرين بالصدمة وكذلك الملك.
“كلوي مُتأثرةٌ للغاية! نعم، سـ نتزوج!”
بعبارةٍ أخرى، كان على كل مِن قد سمع ذَلك أن يُنظف أذنيه وعقله، تمامًا مثل الملك.
بطبيعة الحال، اندلع ضجيجٌ في الأوساط الاجتماعية لإيفانيس في ذَلك اليوم.
***
لقد حل الليل، وكان الوقت قد تجاوز مُنتصف الليل بالفعل.
‘نحنُ بحاجةٍ للتحدث’
تم ترتيب الأثاث بلمسةٍ رائعةٍ ومدروسة، مما أضاف إلى جمالًا لجمال الغرفة. أيُّ شخصٍ قد يدخل هَذا المكتب لأول مرة سوف ينبهر بأجواء الرُقي التي تملأ المكان.
ومع ذِلك، بالنسبة لكلوي، التي كانت هُنا لأكثر مِن ثلاثة أشهر، كان مُجرد مكانٍ للعمل الإضافي، غرفة أصبحت تكرهها. المكتب الجميل، والأثاث، والكراسي – كلها كانت مُجرد اثاثٍ تكرهُه.
وكان مصدرُ كُل هَذه المشاكل جالسًا على ذَلك المكتب الأنيق. اقتربت كلوي، وأزالت البروش مِن زيّها، وسلمتهُ له.
“هممم.”
عبس كيرتيس عندما تعرف على البروش.
لقد أنهت كلوي يومها بشكلٍ مثالي باستخدام البروش الذي ثبتهُ كيرتيس عليها بشكلٍ عرضي. وبـ “بشكلٍ مثالي”، كما أنها قد قلبت الطاولة خلال لحظةٍ حرجة.
” أيتُها الملازم الثاني أمبرويز، هل تفهمين أن الكذب على الملك كـ الخيانة؟ إذا كنتما تخططان حقًا للزواج، فلماذا قمتما بإخفاء الأمر؟”
على الرغم مِن أداء كلوي، كان الملك غاضبًا، وغيرُ قادرٍ على تصديق أنهما حبيبان بالفعل.
مرةً أخرى، أثبتت كلوي أنها مُساعدةٌ سريعةٌ وذكية. بدلاً مِن الاعتراف للملك، بحثت في جسدها عن شيءٍ ما.
ثم أخرجت البروش.
قالت وهي تُقدم البروش: “هِذا أعطاني إياه كيرتيس شان بيرك كعلامةٍ على وعده. يحملُ البروش شعار عائلته، مما يدُل على نيته الصادقة.”
فحص الملك البروش، وكان تعبيرهُ مزيجًا مِن الشك وعدم التصديق. انحنى النبلاء أيضًا، وهمسوا فيما بينهم.
أضافت كلوي، وعيناها مُتسعتان وصادقتان: “هَذا صحيح، جلالتك. لقد قررنا إبقاء الأمر سرًا لتجنب المشاكل غير الضرورية. لكن الحُبنا كان حقيقي”
لقد أفقد هَذا الملك توازنه. لقد كان يعلمُ أهمية هَذا الشعار. وبينما كان لا يزالُ متشككًا، فقد أعطى البروش لـ قصة كلوي الكثير من الحقيقة كان مِن الصعب أنكارها على الفور.
أعجب كيرتيس، الذي كان يُراقب المشهد، بسرعة تفكير كلوي. لقد كانت فكرةً رائعةً تحت الضغط، وقد نجحت. لقد خف التوتر بما يكفي لخروجهما مِن الغرفة دون وقوع المزيد مِن الحوادث.
الآن، قد عادت كلوي إلى مكتبه، ووضعت البروش على المكتب. التقطهُ كيرتيس، وفحصهُ بتعبيرٍ مدروس.
قال أخيرًا وهو ينظرُ إليها: “أحسنتِ يا أمبرويز. لقد تعاملتِ مع الموقف بشكلٍ جيدًا للغاية”
تنهدت كلوي، وأدركت أخيرًا ثُقل أحداث اليوم. “لا أعرفُ كيف فعلتُ ذَلك، بصراحةٍ. لقد فهمتُ للتو إن علينا أن نجعل الأمر مُقنعًا.”
أومأ كيرتيس برأسه، وكان سلوكهُ أكثر هدوءًا مِن المُعتاد. “لقد فعلتِ الكثر. لقد قُمتِ بانقاذنا مِن المتاعب.”
انكمشت كلوي على الكرسي، والإرهاق واضحٌ على وجهها. “حسنًا، ماذا الآن؟ كيف نمضي في هَذه… الخطوبة؟”
انحنى كيرتيس إلى الوراء، مُتأملًا سؤالها. “سنستمرُ في التظاهر، على الأقل حتى نجد طريقةً للخروج من هَذا. في الوقت الحالي، أنتِ خطيبتي رسميًا. نحتاجُ للبقاء هَكذا.”
تأوهت كلوي في داخلها. ‘رائع، المزيدُ مِن العمل الإضافي.’
قال كيرتيس بابتسامةٍ نادرةٍ. “بالفعل. لكنني سأضمنُ لكِ الحصول على تعويضٍ عن ذَلك. ومَن يدري؟ رُبما ستجدينهُ… مُرضيًا.”
دارت كلوي بعينيها، لكنها لم تستطع إلا أن تبتسم. “لنأمُل ذَلك، يا صاحب السعادة. لنأمُل ذَلك.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》