أيها الدوق الأكبر، اركع! - 1
إذا كنتَ قد عملتَ مِن قبل، فمن المحتمل أن يكون لديك رئيسٌ وأحدٌ على الأقل ترغبُ في ضربهِ.
الجندية إيفانيس الفخورة، كلوي أمبرويز، كانَ لديها رئيسٌ كهذا.
تمتمت كلوي لنفسها.
“هل هَذا حقًا حياتي….”
منتصف الصيف، الثانية بعد الظهر. تحت أشعة الشمس الحارقة في ساحة تدريب الحرس الملكي التابعة للجيش الملكي في مملكة إيفانيس.
تم دفن رؤوس حوالي أربعين من الحرس الملكي في التراب. مسلحون بالكامل وهم يحملون أسلحتهم.
بعبارةٍ أخرى، تم تأديبهم. عدد قليل مِن الذين كانوا يتعرقون أثناء وقوفهم وأيديهم خلف ظهورهم تذمروا بهدوء.
“ألم تعلم أن الحياة تحت قيادة العميد بيرك ليست جيدة؟”
“اللعنة. سأتركُ هَذهِ الوظيفة بالتأكيد مع التغيير التالي للموظفين.”
يتكون الحرس الملكي مِن أمهر وأنبل الفرسان. بكُل كرامةٍ وشرف، كيفَ أنتهى الأمر بهؤلاء الحراس المرموقين إلى هَذا الحدٍ؟
كان السبب سخيفًا.
رئيس كلوي أمبرويز، كيرتيس شان بيرك، مجنون.
في الأصل، كانَ مِن المفترض أن يتدرب الحرس على الاستعراض الاحتفالي القادم مع مملكة جلينتلاند. لكن المشكلة كانت في المشاحنات المستمرة بين الفريقين الأولى والثانية.
قائد الفرقة الأولى جورج وقائد الفرقة الثانية عزرا. دائمًا في حناجر بعضهم البعض. بدأوا في تصيد أخطاء بعضهم البعض، بالطبع.
‘الافتقار إلى الانضباط. المسؤولية الجماعية. إجراء التفتيش.’
كيرتيس شان بيرك، أعلى رؤساءهم والعميد، جعل الحرس بأكملهُ يُدفن رؤوسهم في التراب بهذا الأمر الوحيد.
كانَ ذلك قبل ساعة فقط.
نادرًا ما يكون هناك سبب وجيهِ لتأديب الجنود في الجيش، لكن كلوي شعرت بالظلم بشكلٍ خاص.
لأنهُ كانَ مِن المفترض أن يكون اليوم يوم إجازتها.
لم يكُن لديها أيُّ سببٍ للقدوم إلى العمل.
إلا أنها كانت في الخدمة طوال اليومين الماضيين بسبب المهام التي أسندها لها العميد. كانت تنوي تقديم التقرير، ولم تكد تنتهي ألا بحلول وقتِ الغداء وتعود إلى المنزل.
لكن العميد، الذي أعتقدت أنهُ سيكون في ساحة التدريب، لم يكن هناك. مع تزايد إحباطها، وجدت جورج وعزرا يتجادلان بشكلٍ طفولي.
‘لا أستطيع العودة إلى المنزل لأنكم تتشاجران هَكذا. ألا تستطيعان فعل الأمور بشكلٍ صحيح؟ فكروا مليئًا في ما الذي سيفعلهُ العميد أذا رأى هَذا؟’
كانت كلوي تقصد فقط توبيخهم.
‘فهمتُ، أيتُها الملازمة الثانية أمبرويز. يجب أن تنضمي إلى زملائكِ في التفتيش.’
عندها فقط ظهر العميد بيرك.
الآن، بعد مرور ساعة مِن العقوبة ومع مرور وقت عودتها إلى المنزل، أصبحت رؤية كلوي غير واضحة.
يا.
أيها الوغد المجنون.
فقط دعني أعود للمنزل….
لا؟ أنسى العودة إلى المنزل، فقط دعني أتقاعد.
“أرجوكَ دعني أتقاعد….”
لقد كانت نداءً مغمغمًا انزلق أثناء التأديب القاسي، ولم يكن مِن المُفترض أن يسمعهُ أحد. لكن من المدهش أن أحدهم إستجاب.
“هذا أمر مؤسف، أيتُها الملازم الثاني أمبرويز.”
إتسعت عيون كلوي. لقد ضربها صوتٌ عميق مألوف مثل مطرقة على رأسها. كانَ الأمر كما لو أن شخصًا ما قد سكب الماء البارد على عقلها الضبابي، مما جعلها ترتعش.
“التقاعد ليسَ خيارًا.”
ضغطت كلوي على أسنانها. مِن فضلكِ ليخبرني شخصٌ ما أن هَذا كانَ حلمًا.
“الملازم الثاني أمبرويز. ألم تسمعيني؟”
في اللحظة التالية، قفزت كلوي تلقائيًا مثل الدمية، وألقت التحية، ووقفت منتبهة.
“نعم. سيدي. كلوي أمبرويز، لقد سمعت بوضوح كلمات العميد كيرتيس شان بيرك.”
سخر الرجل الذي يقف أمامها بغطرسة ويداهُ خلف ظهرهِ.
كيرتيس شان بيرك.
كانَ الرجل الوسيم الأشقر الذي كانَ بإمكانهِ إغماءُ أي شخصٍ هو العميد الشهير بيرك، ورئيس كلوي، ودوق إيفانيس.
الأخ غير الشقيق للملك الحالي وبطل إيفانيس الفخور الذي قاد حوالي عشر معارك كبرى إلى النصر.
و.
‘لقيط مجنون.’
بالطبع، ‘اللقيط المجنون’ كانَ أشبهُ بمصطلحٍ مُحبب. كانَ جنود الجيش الملكي بقيادة العميد بيرك يصرون على أسنانهم ويطلقون عليهِ ذلك بمودة.
كانَ ذلك الوغد المجنون يبتسم الآن لـ كلوي.
كانَ العرق البارد يتدفق على ظهرها.
‘متى وصل إلى هُنا؟ ألا يستطيع على الأقل أن يُصدر بعض الضجيج عند وصولهِ؟’
هُناك مقولة يسمعها المجندون الجدد عندما ينضمون لأول مرةً إلى الحرس الملكي.
<إذا كانَ العميد بيرك بلا تعبير، فأنتَ إما محكوم عليك بالفشل أو غير محكوم عليك بالفشل.
إذا كانَ منزعجًا، فأنتَ محكوم عليك بالهلاك بالتأكيد.
لكن إذا أبتسم، فهذا يعني أنكَ في ورطةٍ حقًا.>
لقد كانت في ورطة بالتأكيد. قررت كلوي، بعد أن شعرت بالفشل التام، أن تُصبح صادقة.
“سوفَ أتحمل مسؤولية الفشل في إظهار الاحترام المناسب للعميد وسأجري ثلاثين دقيقة إضافية من التفتيش هُنا!”
‘التفتيش’ يعني أنها ستتلقى عقوبة إضافية.
‘أفضل أن أموتُ اليوم. إذا أصبت بضربة شمس ومتُ هنا، على الأقل ستحصل عائلتي على معاش تقاعدي.’
أغلقت كلوي عينيها بإحكام وانحنت نحو الأرض مرةً أخرى.
لكن بينما كانت على وشك توديع صحة فروة رأسها، لوح رئيسها بشكلٍ غير متوقع بيدهِ باستخفاف.
“أنا أتفهم رغبتكِ في أن تكوني قدوةً لمرؤوسيكِ. انهضي.”
“أعذرني؟”
ترددت كلوي، التي كانت على وشك الركوع.
عبس كيرتس وكانَ ما يعنيهُ هو، ‘هل ستجعليني أقول ذلك مرتين؟’ تراجعت كلوي ووقفت. بينما كانت تستقيم، تسابقت زوبعة من الأفكار في ذهنها.
‘هل يخطط لشنقي اليوم كمثال؟’
قد يعتقد شخص ما أن كلوي كانت تُبالغ في رد فعلها.
لكن أيُّ شخصٍ في الحرس الملكي سيوافق على أن أفكار كلوي كانت صحيحة.
كانَ كيرتيس شان بيرك هَذا النوع مِن الرجال.
كانَ يُعاني مِن الوسواسٍ القهري، ومدمنًا للعمل، ويفتقر تمامًا إلى الأخلاق، وكانَ يُعاقب مرؤوسيهِ بشكلٍ مُفرط. في بعض الأيام، شعروا وكأنهم تلقوا عقوبات أكثر مِن وجبات الطعام.
لم يتمكنوا من المقاومة. في الجيش، كانت الرتبة مطلقة، وكانَ ذَلك الرجل عميدًا ودوقًا.
هَذا هو بالضبط السبب الذي جعل كلوي تُصبح مساعدة كيرتيس.
لقد مر هذا الرجل اللعين بعشرين مساعدًا في العام الذي سبق انضمام كلوي. كانَ الأمر سيئًا للغاية لدرجة أن كلوي التي تم تجنيدها في البحرية جاءت مع وعد دفع التعويضات بنسبةً 400٪.
‘لكن، يا إلهي، هل يُمكن أن أكون المساعد الحادي والعشرين الذي يطردهُ؟’
هَذا مستحيل. المنصب الذي أخلاهُ عشرين مُساعدًا جاء بعقد. في مقابل التعويضات البالغة 400%، وقعت كلوي على بند يلزمها بالعمل كمساعدة لـ كيرتيس شان بيرك لمدة عامين.
يقولون دائمًا أن علينا عدم توقيع العقود بشكلٍ متهور.
“الملازم الثاني أمبرويز.”
“نعم سيدي. أرجوك تفضل، أيها العميد.”
دون أن تبدي رغبتها في فسخ العقد على الفور، ردت كلوي أمبراز على رئيسها بلهجةٍ حادة ومنضبطة.
أعطى العميد بيرك أمرًا مباشرًا.
“سوفَ تساعديني في المأدبة الدبلوماسية الملكية اليوم، حيث سيكون دوق جلينتلاند حاضرًا.”
“ماذا؟ لكن اليوم أنا….”
كادت أن تقول أن اليوم هو إجازتها، لكنها عضت لسانها بشكلٍ لا إرادي وابتلعت كلماتها. أجبرت نفسها على الرد مرةً أخرى.
“هل أجرؤ على مساعدة العميد بيرك في مثل هذا المنصب؟”
جاء ردٌ صارم.
“هل تستجوبين رئيسكِ الآن؟”
“لم أسمعكِ جيدًا؟”
ضاقت عيون كيرتيس الأرجوانية بسبب استجابة كلوي الانعكاسية. أجابت على عجلٍ.
“أعتذر، يا صاحب السعادة الدوق الأكبر. لكن ليسَ لديّ فستان للولائم….”
تحول تعبير كيرتيس إلى السخط.
“هل تعتقدين أنكِ سترتدين فستانًا هناك؟ هل فقدتي عقلكِ؟”
كانَ عليها أن تقول أن اليوم هو إجازتها.
“هل تخططين للذهاب بزيكِ القذر هَذا؟”
كانَ بإمكانها سماع ضحكات جورج وعزرا بهدوء خلفها. هؤلاء الأوغاد. صرّت كلوي على أسنانها وأنحنت بابتسامةٍ مُشرقة.
“نعم. سأتبع أوامرك.”
نقر كيرتس على لسانهُ.
“تعالي إلى قصري بزي الحرس الملكي الخاص بكِ بحلول الساعة السادسة مساء.”
“نعم سيدي!”
“و.”
ضيق عينيهِ ومد إصبعهُ، ومسح جبين كلوي المبلل بالعرق. عندما جفلت، أخرج منديلاً ومسح يدهُ، وتحدث بانزعاج.
“لحسن الحظ، لا رائحة لكِ.”
“اعذرني؟”
“لكن تأكدي من الاستحمام قبل المجيء.”
“…نعم. سيدي.”
استجابت كلوي متأخرةً، ثم عضت شفتها.
لقد أرادت ضرب هَذا اللقيط مرةً واحدة فقط.
حتى لو اضطرت إلى بيع روحها.
بالطبع، لم تعتقد كلوي أن هَذا كان ممكن حقًا.
لإن، في الجيش، الرتبة هي كل شيء، وهَذا الرجل هو دوق.
مع ذلك، نادرًا ما تسير الحياة كما نُخططُ لها.
هَكذا، حصلت كلوي بشكلٍ غير متوقع على فرصةٍ لضرب رأس رئيسها.
في ذلك المساء بالذات.
رغم أنها لم تكن تعلم أن ذَلك سيُكلفها زواجها.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》