أنا الوحيدة التي تعلم ان الدوق القديس هو الزعيم الاخير - 9
٩. البشر جميعًا خدمٌ عند الأسياد القطط (مع قليل من المبالغة)
“شارل ساما! أرجو أن تنتظريني!”
‘… أنتِ. رغم كونكِ فتاة ريفية، إلا أنكِ تفهمين مكانتكِ جيدًا. نعم، ناديني “شارل ساما”!’
“حاضر، شارل ساما”
‘إجابة جيدة. ومن الآن فصاعدًا، أنتِ خادمتي! صحيح أنني مضطرة لحمايتكِ بناءً على طلب ليام، لكن لا تفهمي الأمر خطأً. احفظي ذلك جيدًا’
“حاضر، شارل ساما”
‘في الواقع، كنتُ أعتبر نفسي خادمة لها منذ البداية، يا شارل ساما’
بينما تخفي هذه الكلمات داخلها، جلست غريس على ركبتيها بجانب شارل التي أشارت بمخلبها وكأنها تقول، “اجلسي هنا”.
وفي تلك اللحظة، بدت على وجه شارل ملامح غريبة جدًا.
‘الحيوانات تعبر عن مشاعرها بطرق مدهشة.’
يبدو أن شارل لم تتوقع أن تجلس غريس بهذه الطاعة، بل وتجلس بشكل رسمي.
كان ذلك بمثابة تأكيد على وضع شارل الأعلى في عيني غريس.
رغم أن شارل كانت تتحدث وكأنها ترى غريس أقل منها، من خلال وصفها لها بـ”الفتاة الريفية” أو اعتبارها خادمة، إلا أن هناك جانبًا لطيفًا يجعلها لا تُكره.
تلك الهالة التي تجعلها تبدو وكأنها “شريرة لا تستطيع أن تكون شريرة كاملة”.
‘شارل ساما… ،إنها لطيفة جدًا.’
لماذا؟ هذا اللطف يبدو مألوفًا جدًا.
بينما كانت غريس تفكر بذلك، بدأت شارل تضرب ذيلها على الارض وهي تقول:
‘همم. يبدو أن لديكِ إدراكًا جيدًا كخادمة. هذا شيء جيد’
“حاضر، شارل ساما. قد تتسخ قدماكِ، هل يمكنني أن أحملكِ؟”
‘أوه، لديكِ حسٌ جيد. حسنًا، احمليني’
“حاضر، شارل ساما. أستأذنكِ إذًا”
قالت ذلك، ثم حملت غريس شارل بلطفٍ.
وأثناء ذلك، استمتعت بنعومة فرائها الفائقة.
“إنه أكثر سلاسة مما توقعت… أود أن أظل أُربت عليها طوال الوقت…”
لكن إذا بدأت في فعل ذلك منذ البداية، فإن الأسياد القطط لن يفتحوا قلوبهم.
لذا، كان عليها أن تتحمل، وأن تفعل فقط ما تقوله شارل.
بصراحة، مجرد حملها كان شعورًا كافيًا بالسعادة.
الدفء الذي ينبعث منها يبعث على الراحة.
شعرت غريس وكأن كل المتاعب التي واجهتها سابقًا قد زالت لمجرد أنها تحمل شارل.
بينما كانت غريس تستمتع بحمل شارل، لاحظت أن مزاج الأخيرة قد تحسن، فقد بدأت تنظر إليها.
‘بالمناسبة، لماذا تحتاجين إلى حارس شخصي؟’
“حسنًا. هناك سببان لذلك. الأول هو أنني لا أستطيع استخدام السحر”
‘حقًا؟… لماذا؟’
“قبل حوالي أربعة أشهر، توقفت فجأة عن القدرة على استخدامة”
‘يا لكِ من فتاة ريفية ساذجة!؟’
‘شارل ساما بارعة جدًا في الردود السريعة، مما يجعل المحادثة ممتعة’
هذا الشعور المألوف، لماذا يبدو لي هكذا؟
بينما كانت غريس تحاول التفكير، أدارت شارل عينيها بتعبير ممل.
‘إذن. ما هو السبب الثاني؟’
“حسنًا. السبب الثاني هو أن هناك من يخطط لاستهداف حياتي”
‘… يخطط لاستهداف حياتكِ؟’
“نعم”
شرحت غريس الأمر بشكل مبسط حتى لا تشعر شارل بالملل.
عندها، أطلقت شارل همهمة صغيرة عبر أنفها.
‘البشر مخلوقات معقدة للغاية’
“أليسوا كذلك؟”
‘… ألا تبدين هادئة أكثر من اللازم؟’
“هاهاها. مع ذلك، أريد أن أعيش بكل جدية”
‘لقد ولدتُ من جديد بعد الموت. على الأقل في هذا العالم، أريد أن أعيش حياة طويلة…’
لا شيء يهمني أكثر من الألم، الخيانة، أو رؤية الموت.
منذ مجيئي إلى هذا العالم، اضطررت لقتل مخلوقات ضارة مثل الفئران والحشرات من أجل البقاء، لكني ما زلت أتمنى ألا أضطر لفعل ذلك.
قلبي ينقبض عند القيام بذلك.
إذا كان الأمر يتعلق بقتل إنسان، فأنا واثقة من أنني سأعيش كابوسًا لعدة أيام، وربما ستلازمني هذه المشاعر طيلة حياتي.
فالشعور بالذنب الذي يتلاشى بعد بضعة أيام عندما يتعلق الأمر بالفئران والحشرات، سيبقى للأبد إذا كان الضحية إنسانًا.
لهذا السبب، لا أريد أن أرى ليام يؤذي أحدًا.
كما أنني لا أريد أن أكون في موقف أضطر فيه لفعل شيء مشابه.
لذا، يجب التخلص من عمي الذي يحاول تفعيل علم “ليام يتحول إلى زعيم الاخير”.
هذا الرجل لن يتوقف عن التدخل مهما حاولنا، لذا فإن أفضل حل هو استغلال توقيت تدخله خلال خطبتي مع ليام للتخلص منه نهائيًا.
لكن العامل الأهم هنا هو وجود ليام.
‘ليام كريسويل حساس للغاية عندما يتعلق الأمر بعائلته. لذا، فإن استغلالهم في الإمساك بالعم كأول خطوة سيكون تصرفًا خطيرًا’
إذا أردنا منع تحول ليام إلى زعيم الاخير، فإن استخدام عائلته كوسيلة للإمساك بعمه سيكون مرفوضًا تمامًا.
حتى لو بدا أن الأمور تسير بشكل جيد في البداية، فإن هذا الخيار قد يشكل عقبة كبيرة في المستقبل.
لكن بالنسبة لـ ليام، غريس ليست سوى خطيبته حاليًا، أو بالأحرى مجرد مرشحة للخِطبة في الوقت الحالي، لذا فهي لا تُعد جزءًا من محظوراته.
بمعنى آخر، غريس فكرت في استخدام نفسها كطُعم للإيقاع بعمّه من أجل البقاء على قيد الحياة.
قد يتساءل البعض: “أليس هذا تصرفًا عبثيًا؟”، ولكن بالنسبة لغريس، التي رغم معرفتها بإعدادات القصة وأحداث الرواية، ليست ماهرة في التحليل والتفكير العميق، فإن ما يمكنها فعله محدود للغاية.
لذا تعتقد أنها لن تتمكن من كسر علم “تحول ليام إلى زعيم الاخير ” إلا إذا خاطرت بحياتها.
‘لم أستطع حتى كسر علم الخطوبة…’
لكن ربما يمكنني فعل ذلك لاحقًا، لذا سأركز الآن على ليام.
بالطبع، غريس ليست من النوع الذي يُضحي بنفسه دون أي احتمالات للنجاح.
‘لكن الآن، لدي السيدة شارل إلى جانبي!’
إن وجود شارل بجانب غريس أكثر فائدة بكثير من حارس بشري.
فهي تعتمد عليها أكثر بكثير، بالإضافة إلى أن شارل يمكنها استخدام السحر والقوى الإلهية.
لذا، فهي قادرة على تعويض نقطة ضعف غريس، وهي عدم قدرتها على التصدي للهجمات الجسدية.
لذلك، نجاح خطة غريس المستقبلية يعتمد بشكل كبير على مدى قدرتها على كسب ودّ شارل.
‘اعملوا يا مهاراتي في كسب الحيوانات التي طوّرتها عبر حياتي السابقة وحتى الآن…!’
فكرت غريس في ذلك وهي تقبض بيديها بحماس.
* * *
في تلك الأثناء، كان ليام قد زار الكنيسة والتقى برئيس الأساقفة للتشاور حول مسألة غريس، ثم استقل العربة مرة أخرى.
حينما غادر المنزل كان الصباح، ولكن الآن تجاوز الوقت الظهيرة.
كان الوقت تقريبًا هو وقت الشاي (شاي ما بعد الظهيرة)، وهي عادة منتشرة بين الطبقة المتوسطة في الإمبراطورية.
لكن ليام، الذي لم يكن يكترث كثيرًا بالطعام، لم يتناول غداءه المتأخر وتوجه مباشرة بالعربة نحو القصر.
“أريد العودة بأسرع وقت ممكن لأرى غريس.”
مع ذلك، وبما أن هذه الزيارة لم تكن رسمية، لم تكن العربة تحمل شعار العائلة.
كما استخدم ليام السحر لتغيير مظهره، متظاهرًا بأنه ساحر من البلاط.
وجهته كانت المكتبة الموجودة داخل القصر، وتحديدًا غرفة سرية تقع في أعماقها.
عندما أغلق باب الغرفة السرية، أطلق ليام زفرة طويلة وكأنه كان يحبس أنفاسه.
في اللحظة ذاتها تقريبًا، شعر بشخص يعانقه بقوة.
“ليام! لقد مضى وقت طويل!”
سُمعت هذه العبارة بصوت مألوف، مما جعل ليام يبتسم لا إراديًا.
كانت الابتسامة بريئة وغير متكلفة، تُذكر بملامح الصِبية أكثر من كونها تعبيرًا عن النبلاء.
“… لقد مضى وقت طويل، أخي الكبير.”
الشخص الذي عانق ىيام كان أخاه الأكبر، ثيودور أربول بلانشيت، إمبراطور إمبراطورية بلانشيت.
كحال ليام، كان ثيودور يمتلك شعرًا فضيًا وعينين أرجوانيتين، ولكن لون عينيه كان أفتح قليلًا ويميل إلى الحمرة، أشبه بلون زهرة الأوركيد.
زهرة الأوركيد :

كان شعره قصيرًا نسبيًا، مما جعله يبدو أكثر رجولة ونشاطًا مقارنة بليام، الذي كان له مظهر أكثر رقة وغموضًا.
كما أن بنيته الجسدية الأكثر قوة عززت هذا الانطباع.
من حيث الشخصية، كان ثيودور مشرقًا ومبتهجًا، بينما كان ليام هادئًا ومتزنًا. لكن رغم هذه الاختلافات، كانت رابطة الأخوة بينهما أقوى من أي أسرة أخرى.
تمكّن ليام من مواصلة معركته مع ظلامه الداخلي بسبب دعم عائلته، وخاصةً ثيودور.
رغم شعوره أنه مختلف أخلاقيًا وغير ملتزم تمامًا بالمبادئ، إلا أن ثيودور والده الراحل تقبّلاه دون إصدار أحكام.
لذا، كان قرار مغادرة القصر صعبًا جدًا على ليام.
لكنه أدرك أن وجوده سيصبح عبئًا على ثيودور، فقرر الابتعاد تدريجيًا للمساعدة بطريقة غير مباشرة.
رغم أن زيارته الحالية كانت محفوفة بالمخاطر، حيث يُفسَّر تواصله مع العائلة الملكية كدليل على اهتمامه بالعرش، إلا أنه قرر اللقاء بثيودور لنقل أخبار غريس إليه.
بعد أن قضيا وقتًا ممتعًا في الحديث، تناول بليام رشفة من الشاي، ثم بدأ يتحدث بحذر.
“أخي الكبير، بشأن شريكة حياتي المستقبلية…”
“ماذا! أخيرًا! أخيرًا!”
“… أرجوك، اهدأ يا أخي. كوب الشاي يكاد ينسكب.”
“آه، آسف! لكن، ىيام… أنا لا أستطيع السيطرة على مشاعري. إنه أمر مبهج للغاية!”
رغم أن ليام لم يذكر أي تفاصيل بعد، إلا أن حماس ثيودور العارم جعله في حيرة.
ومع ذلك، كان هذا دليلًا على مدى اهتمام ثيودور بليام.
لكن عندما حان وقت الحديث عن غريس، شعر ليام بتوتر غير عادي، أشد من أي لقاء رسمي.
بعد أن بلع ريقه دون وعي، حاول الحفاظ على هدوئه وابتسم قبل أن يقول:
“اسمها غريس تيرنر. فتاة في الثامنة عشرة، ظهرت لأول مرة في المجتمع هذا العام.”
“رائع. وما السبب وراء اختيارك لها؟”
“عائلة تيرنر لا تنتمي إلى أي فصيل، وليس لديهم طموحات سلطوية. أوضاعهم المالية بالكاد تسمح لهم بالبقاء. لذا، كان اختيارها هو الطريقة المثلى لإظهار عدم اهتمامي بالعرش.”
بعد سماع ذلك، بدا أن حماسة ثيودور بدأت تخبو تدريجيًا.
“ليام… أعلم أنك تضحّي بالكثير من أجلنا، وتلتزم بواجباتك كفرد من العائلة الم
لكية. لكن لا يجب أن تختار شريكة حياتك بناءً على هذه الأسباب فقط.”
“… أخي الكبير.”
“يجب أن تسمح لنفسك بالتفكير بأنانية. لقد تحملت الكثير من أجلنا. عليك أن تعيش حياتك أيضًا.”
حين سمع تلك الكلمات، ارتسمت ابتسامة غامضة على وجه ليام.