أحضر زوجي ابنة الدولة المنهارة - 3
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- أحضر زوجي ابنة الدولة المنهارة
- 3 - مضى وقتٌ طويل، أيُها الزميل ¹
الفصل 3 : مضى وقتٌ طويل، أيُها الزميل ¹
بدأت الأجواء في قاعة الحفل تهدأ قليلاً بعد دخول رجُلٍ مُعين.
“دوق غارسيا العظيم قد وصل!”
أول ما جذبَ الأنظار كان شعرهُ الفضي الناعم الذي يُشبه شلالًا مِن الضوء وعيناهُ الحمراء الجميلة التي تُشبه الياقوت. كان الرجُل، الذي يبرُز في مظهرهِ بشرةٌ بيضاء تُناسب ملابسهُ الرسمية البيضاء كـ السحرٍ عظيم، يجذب انتباه الجميع.
الدوق غارسيا، شابٌ لَمْ يتجاوز عمرهُ الرابعة والعشرين.
ومع ذَلك، لَمْ يكُن في هَذا المكان مَن يجرؤ على التقليل مِن شأنهِ أو اعتباره مُجرد شابٍ صغير.
فَبعد وفاة الدوق السابق فجأةً، تمكن مِن النجاة بعد أنْ صد محاولات اغتيالٍ مُتعددةٍ أرسلتها زوجة أبيهِ وعمهُ الطامعان في مكانة الدوق.
كما أنهُ التحق بِبرُج السحر الأحمر الغربي، أحدُ الأبراج الأربعة الموجودة في القارة، وتمكن خلال سنةٍ واحدة فقط مِن الوصول إلى القمة. لولا أنهً كان مُلزمًا بقيادة عائلة غارسيا، لكان بلا شكٍ صاحب اللقب التالي لرئيس البرج الأحمر.
وصل إلى رُتبة الساحر العظيم، التي لَمْ يبلغُها سوى خمسةُ أشخاصٍ في القارة بأكملها، وقاد عددًا قليلاً مِن أتباعهِ للمشاركة في الحرب بين الإمبراطورية ومملكة كيلت. رغم ذَلك، عاد كبطل حربٍ مِن الدرجة الأولى جنبًا إلى جنب مع إليوت مِن عائلة الماركيز ديبون.
“كنتُ أتساءل كيف يبدو شكلُه بعدما سمعتُ أنهم يلقبونه بـ’ملاك الموت الناري‘ في ساحة المعركة، لكن لمْ أكُن أتخيل جمالًا كهَذا…”
“إنه يبدو كـ الجنيات مِن القصص الخيالية.”
“أتمنى لو ينظرُ نحوي لمرةٍ واحدة!”
بدأت السيدات والشابات في القاعة بالتألق بنظراتهُنَ نحو الدوق، بينما كان النبلاء الرجال، خاصة أولئكَ الذين يُمسكون بالسلطة في عائلاتهم، ينظرونَ إليّه بإعجابٍ ممزوجٍ بالرهبة.
حتى إليوت، الذي كان يقفُ على مسافةٍ قريبة، بدا وكأنهُ مسحورٌ وهو يُحدق في الدوق.
ما يعرفُه الجميع، كانا مًجرد زميلين مِن أكاديمية شيادن، أرقى مؤسسةٍ تعليميةٍ في الإمبراطورية، ورفيقين قاتلا نفس العدو.
لكن هُناك حقيقةٌ أخرى لا يعرفُها سوى الدوق، إليوت، وقلةٌ قليلة مِن الأشخاص الذين كانوا في ساحة المعركة.
في منتصف الحرب، أصبح لإليوت دينٌ تجاه الدوق رُغمًا عنه.
[ أيُها الزميل، عليكَ أنْ تكون حذرًا.]
[… شكرًا لإنقاذي.]
[رجلٌ يملكُ زوجةً جميلة ويُساق إلى ساحة الحرب، كيف لكَ أنْ ترمي نفسكَ بهَذا الشكل المُتهور؟]
عندما واجه إليوت الدوق، الذي كان يبتسمُ بوجههِ لكنهُ كان بارد النظرات بشكلٍ مًرعب، أدرك فورًا أنْ الرجل الذي أنقذهُ لَمْ يكُن يريدً لهُ النجاة فعلاً.
مِن المستحيل على أيِّ شخصٍ لَمْ يواجه تلكَ النظرات القرمزية الباردة أنْ يتخيل مدى الرعب الذي كانت تحملُه. لَمْ يكُن مِن الصعب على إليوت معرفة سبب تمني الدوق موته.
نظرات إليوت الغارقة في الظلام اتجهت نحو ليتيسيا، التي كانت تقفُ بقربه.
كانت زميلةً لهُ في الأكاديمية، أثارت اهتمامهُ بسبب هدوئها اللافت وكفاءتها البارزة، لكنهُ كان يجهل كم مِن الرجال كانوا يدورون حولها.
والدوق، الذي كان يجذبُ أنظار الجميع في القاعة الآن، كان واحدًا منهم.
الرجُل الذي ينظرُ إليّه الجنود والفرسان في ساحة المعركة والسيدات والشابات في الحفل بإعجابٍ كبير،
‘لا يعلم أحدٌ سوي أنهُ رجلٌ وضيع، ما زال مُتعلقًا بامرأةٍ قد أصبحت زوجة رجلٍ آخر.’
مع ذَلك، عندما نظرَ إلى ليتيسيا وهي ترتدي فستانًا أزرق داكنًا يتناسقُ مع ملابسهِ الرسمية، شعر بأنْ أعصابهُ المتوترة بدأت تهدأ قليلاً.
كانت تبدو في غاية الأناقة، مِما يُناسب شخصيتها الهادئة والنقية.
‘لكن تعبيرها يبدو قاتمًا.’
هل كان ذَلك بسبب ما حدث الليلة الماضية؟
صحيح أنهُ تصرفَ ببرودٍ أكثر مِن المعتاد، لكن السبب كان يعود أيضًا إلى ليتيسيا.
أديلين هي مَن أنقذ حياته، وكفارسٍ مُخلص، كان عليهِ أنْ يرد الجميل. لكن ليتيسيا استمرت في إساءة فهم نيتهِ النقية واعتبارها مشاعر مُختلفة.
‘علينا أنْ نتحدث عن هَذا الأمر قريبًا. عندها لَن يكون هُناك داعٍ للجدال أو رفع أصواتنا مرةً أخرى.’
توصل إليوت إلى قراره، واستطاع بمزاجٍ أكثر خفةً أنْ يتبادل الحديث مع النبلاء الذين تجمعوا حوله.
“جلالة الإمبراطور، شمس الإمبراطورية، وجلالة الإمبراطورة، قمر الإمبراطورية، قد وصلا!”
“المجد للإمبراطورية!”
تقدم الإمبراطور بخطواتٍ هادئة إلى نهاية قاعة الحفل، ثم تحدث بصوتٍ قوي يملأ المكان كزئير الأسد.
“يا لها مِن حفلةٍ فاخرة لَمْ نعهد مثلها منذُ زمن!”
بدأت الحرب التي دامت عامين بسبب استفزازات مملكة كيلت، التي استغلت ضُعف الإمبراطورية لتقوية قواتها العسكرية.
ورغم أنْ الإمبراطورية، كدولةٍ عظمى، أرسلت جيشًا يفوق جيش كيلت بمرتين، إلا أنها لَمْ تًحقق النصر بسهولة.
في بعض الأوقات، كان الوضع يبدو وكأنهم مبنى يستندُ إلى أعمدةٍ واهية ينهار باستمرار.
كان الشعب في كلا الدولتين، الذين انخرطوا تدريجيًا في الحرب، يعيشون كل يومٍ في قلق وخوف مستمر.
“هَذا بفضل الجهود التي بذلتموها أنتم الموجودين هُنا، مِن أجل الإمبراطورية، استطعنا أنْ نصل إلى هَذا المجد اليوم. أقدم لكم شكري الصادق.”
مَن وضع حدًا لتلكَ الفترة المُظلمة كان…
“الحرب قد تسفُك الدماء، لكنها تصنعُ الأبطال أيضًا. دوق غارسيا وماركيز ديبون، تقدموا للأمام.”
كانا شابين مشهورين في السحر وفنون السيف.
تقدم الدوق وإليوت بخطواتٍ ثابتة، مُعتادين على الأنظار الموجهة نحوهما، ووجهيهما يعكسان الهدوء.
قال الإمبراطور بابتسامةٍ عريضة:
“ليس مِن المُبالغة القول إنْ انتصار الإمبراطورية كان بفضل دوق غارسيا وماركيز ديبون.”
“لقد بذلنا قصارى جهدنا مِن أجل مجد الإمبراطورية.”
“إنهُ لشرفٌ عظيم، يا جلالة الإمبراطور.”
كانت تصرفاتهما المُختلفة متباينةً تمامًا مثل مظهرهما الخارجي: الدوق ذو شعرٍ فضي وعينين حمراوين، وإليوت ذو شعرٍ ذهبي وعينين زرقاوين.
الدوق أظهر هدوءًا مريحًا وكأنهُ يتحدث إلى شيخ قرية، بينما تجسد في إليوت صورة الفارس المُخلص والمؤدب.
“ولهَذا، أعددتُ هديةً لأبطالنا. باسم إمبراطور الإمبراطورية، أعدُكما أنه يحق لكما طلب أيُّ شيءٍ، طالما أنهُ لا يُهدد استقرار الإمبراطورية.”
“رائع!”
“يا لها مِن مبادرةٍ كريمةٍ مِن جلالة الإمبراطور!”
بعد انتهاء كلماته، ساد الهمس في قاعة الحفل. وبينما امتدح البعض كرم الإمبراطور، لَمْ يستطع آخرون كبح ابتساماتهم الساخرة التي تعكسُ شكوكهم في نواياه.
كان إليوت أول مَن تحدث:
“إنْ الحصول على فرصةٍ للدفاع عن عائلتي، بل وعن الإمبراطورية نفسها، هو مكافأتي، يا جلالة الإمبراطور.”
كانت إجابتُه نظيفةً ومثالية، كما هو متوقع مِن قائد عائلة تُمثل الإمبراطور.
شعر الإمبراطور بالرضا، وألقى نبلاء الإمبراطور نظرات إعجابٍ نحو إليوت، في حين تحولت أنظار بقية الحاضرين نحو الدوق.
بعد إجابة إليوت، بدا مِن الطبيعي أنْ يلتزم الدوق بنهجٍ مُشابه حفاظًا على صورته.
لكن الدوق، الذي بدا وكأنهُ قرأ ما يدور في أذهانهم، ابتسم وقال:
“إنْ كان صاحب الجلالة الحكيم يلتزمُ بالمبدأ الأسمى الذي يقومُ على مكافأة المُستحقين ومعاقبة المُخطئين، فَسأقبل بِذَلك بكُل تواضع.”
ابتسم المرافق الذي تبع الدوق بهدوء. كان يعلم أنْ سيده ليس ساحرًا بارعًا في المعارك فقط، ولكنهُ أيضًا خصمٌ لا يُقهر في فنون الحوار.
“انظر إليّه الآن. بكلماتهِ تلكَ، لا يضغطُ على الإمبراطور فقط للوفاء بوعده، بل يوجهُ نقدًا مُبطنًا لإجابة إليوت الخالية مِن الطموح.”
“بفضل كرم جلالتُكَ، الغرب ليس بحاجةً إلى شيء الآن. لذا، سأؤجل طلبي إلى المُستقبل. وعندما يحين الوقت المُناسب، أرجو أنْ توافق على ذَلك.”
شعر الإمبراطور بمرارةٍ داخلية، حيثُ أدرك أنْ خُطته لتهدئة الموقف بكلماتٍ بسيطة قد فشلت.
‘مَن يدري ما الذي سيطلبهُ هَذا الرجل الماكر في المستقبل!’
لكن في هَذا الموقف، لَمْ يكُن لديهِ سوى إجابةٌ واحدة مُمكنة.
“سأكون سعيدًا بذَلك.”
“شكرًا جزيلاً، يا جلالة الإمبراطور.”
ابتسم الدوق وهو ينحني برشاقةٍ، مِما دفع الإمبراطور إلى اتخاذ قرارٍ عفوي.
“وسأمنحُ نفس المكافأة للماركيز.”
“إنهُ لشرفٌ عظيمٍ، يا جلالة الإمبراطور.”
“أهنئكَ مِن كل قلبي، ماركيز ديبون.”
نظر الإمبراطور وإليوت إلى الدوق، وشعرا بشيء مِن الإزعاج يتسلل إلى صدريهما.
بعد ذَلك، واصل الإمبراطور الإشادة بِمَن ساهموا في الحرب، ووزع الهدايا التي شملت أراضي وألقابًا وثروات، مِما أشعل أجواء الحفل.
“لنذهب، سيدتي.”
“حسنًا.”
بالرغم مِن الأحداث السابقة وقلة ثقتها في الرقص، أمسكت ليتيسيا بيد إليوت دوّن أنْ تنظر في عينيهِ.
“تبدين متوترة.”
“…كما تعلم يا ماركيز، أنا لستُ جيدةً في الرقص.”
“إنْ لَمْ تخُنني ذاكرتي، فقد قلتِ نفس الشيء قبل حفل التخرج في الأكاديمية.”
قال إليوت بابتسامةٍ خفيفة.
[عذرًا، لكني لستُ جيدةً في الرقص…]
كانت تلكَ كلماتً ليتيسيا حين طلبَ منها إليوت، الذي كانت تُحبه سرًا، أنْ تكون شريكتهُ في حفل التخرج. قوله لذَلك جعل وجهها يتورد خجلًا.
“في البداية، اعتقدتُ أنْ إجابتكِ كانت رفضًا.”
“كنتُ صادقةً لأنني خشيتُ أنْ أتسبب لكَ بالإحراج…”
“إجابتي لكِ لَمْ تتغيّر منذُ ذَلك اليوم.”
[إنْ استطعتِ مرافقتي، فلا بأس إنْ وطئتِ قدمي.]
كان ذَلك أحد ذكرياتها الثمينة القليلة.
رُبما لأن تعبيّر إليوت الآن يُشبه ذاك الذي كان على وجههِ حينها، شعرت ليتيسيا أنْ حزنها ومشاعرها السلبية بدأت تتلاشى.
في الحفلات العادية، كان أفراد العائلة المالكة هُم مَن يفتتحون الرقصة الأولى. لكن هَذهِ المرة، كونها حفلة انتصار، وقف إليوت والدوق في وسط القاعة مع شريكتيهما.
سمعتُ أنْ شريكة الدوق كانت ساحرةً وابنة أحد أتباعه، وكانت امرأةً جميلةُ بشعرٍ أحمر لافت.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة