أحضر زوجي ابنة الدولة المنهارة - 2
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- أحضر زوجي ابنة الدولة المنهارة
- 2 - عاد الزوج، ولكن... ²
الفصل 2 : عاد زوجي، ولكن… ²
“أعتقد أنني يجبُ أنْ أشرح أولاً سبب مُغادرتي منزل عائلتي وسط فوضى الحرب.”
بدأت أديلين حديثها، مشيرةً إلى أنّها فقدت والدتها في وقتٍ مُبكرٍ مِن حياتها، ثم أصبحت منبوذةً بعد أنْ تزوج والدها مِن زوجةٍ جديدة. تحدثت بوجهٍ حزين قائلةً:
“لحُسن الحظ، بفضل جدتي التي كانت معروفةً بكونها معلمة آدابٍ بارزة، تلقيتُ تعليمًا لا يختلفُ عن بقية النساء النبيلات ونشأتُ بأمان… ولكن…”
عندما أصبحت بالغةً وتمكنت مِن الوصول إلى أموال والدِتها الراحلة الموجودة في البنك، حاولت زوجة أبيها قتلها للاستيلاء على تلكَ الأموال، مِما اضطرها للهروب.
خلال سرد قصتها، اغرورقت عينا أديلين الخضراوان بالدموع، كما لو أنّها شعرت فجأةً بموجةٍ مِن الحُزن. عندها أخرج إليوت منديلًا مِن جيبه وناوله لها.
“قلبي لا يحتمل أنْ أرى هَذهِ الرقة.”
“شكرًا لكَ، ايُها الماركيز.”
مشهدٌ كهَذا لَمْ يثر شعور الشفقة لدى ليتيسيا بقدر ما أشعل في داخلها شيئًا مِن الغيرة.
…هل أنا شخصٌ يغارُ بسهولةٍ أكثر مِما كنتُ أعتقد؟
كانت ليتيسيا، التي لَمْ تَهتم طوال حياتها بشيء سوى الدراسة والعمل، قد تعاملت بطيبةٍ مع عددٍ قليل جدًا مِن الرجال. لذا، كان مِن الصعب عليها أنْ تُحدد ما إذا كان تصرفُ زَوجها الذي يتضمنُ تعاطفًا ودعمًا تجاه أديلين يُعدّ تجاوزًا للحدود أو مُجرد تصرفٍ طبيعي بين الأشخاص المُقربين.
على أيِّ حال، أثناء هروبها عبر الجبال المهجورة هربًا مِن مُطاردة زوجةِ أبيها ووالدها، صادفت أديلين إليوت فاقدًا للوعي، وكان مُصابًا برمحٍ صدئ.
“لحُسن الحظ، كنتُ أعرف بعض الأعشاب التي تُساعد على علاج ذَلك، فَتمكنتُ مِن تقديم بعض المساعدة له.”
بهَذهِ الكلمات اختتمت أديلين قصتها.
أضاف إليوت، الذي كان ينظر إليّها بعطف:
“لو لَمْ ألتقِ بأديلين، رُبما لَمْ أكُن لأعود حيًا.”
كان يحثُ والدته وزوجته على التعامل مع أديلين بشكلٍ جيد.
على الرغم مِن شعور ليتيسيا بعدم الارتياح تجاه وجود أديلين، فإنْ القصة التي رواها الاثنان أكدت أنْ أديلين كانت بالفعل مُنقذة حياة زوجها. وبصعوبةٍ كبيرة، فتحت ليتيسيا شفتيها لتقول:
“شكرًا لكِ على إنقاذ زوجي، آنسة. باسم عائلة الماركيز…”
كانت على وشك أنْ تُقدم وعدًا بمكافأةٍ مُناسبة، لكنها توقفت عندما هزَّ إليوت رأسه بهدوء، فتراجعت عن الفكرة.
بدلاً مِن ذَلك، قال إليوت بنبرةٍ لطيفة:
“أعتقد أنه مِن الأفضل أنْ تستريحي جيدًا لبعض الوقت.”
وأضاف: “رحلتكِ الطويلة مِن مملكة كيلت إلى الإمبراطورية لابد أنها كانت مُرهقة.”
ثم اختتم كلامه قائلاً: “كما قُلت مِن قبل، اعتبري هَذا المنزل وكأنه منزلكِ.”
“أشكركَ على لطفكَ واهتمامك، أيُها الماركيز.”
لَمْ يكُن هَذا المشهد الذي حلمت به ليتيسيا طوال العامين الماضيين أثناء انتظارها عودة زوجها. شعرت كما لو أنّها تُجرف في تيارٍ قوي لا يُمكن مقاومته.
***
تم تخصيصُ أفضل غرفة ضيوفٍ لأديلين.
عندما كان مُعظم أفراد عائلة الماركيز نائمين في غرفهم، غادرت ليتيسيا غُرفتها بعد تفكيرٍ طويل. لَمْ تكُن بحاجةٍ إلى المشي بعيدًا، إذ كان هدفُها هو غرفة إليوت الواقعة في نفس الطابق.
طرقت الباب بهدوء.
“مَن هُناك؟”
“أنا… إيُها الماركيز. هل يُمكنني الدخول؟ أريد التحدُث معكَ لبعض الوقت.”
“تفضلي بالدخول.”
كان إليوت يرتدي ملابس نومٍ مُريحة، وكأنه كان يُخطط للنوم مبكرًا. على الرغم مِن أنّها لَمْ تكُن أول مرةٍ ترى فيها مثل هَذا المشهد، إلا أنْ ليتيسيا شعرت بالخجل، واحمرّ وجهُها قليلاً. ولحُسن الحظ، كانت الغُرفة مُظلمة.
“أنا آسفة لإزعاجكَ وأنتَ مُتعب…”
لكنها شعرت بأنّها لَن تحصل على فرصةٍ أخرى لطرح هَذا السؤال على زوجها، ولهَذا السبب قررت التحدُث معه الآن.
“ما الأمر؟”
سألها زَوجها بهدوء واحترام، دوّن إظهار أيِّ علامةٍ على الانزعاج، على الرغم مِن إرهاقه.
ما زالت ليتيسيا لا تفهم السبب وراء إدخال إليوت لأديلين إلى منزل الماركيز بشكلٍ علني.
…غدًا، بل رُبما خلال اليوم نفسه، ستنتشرُ الشائعات بأنْ ماركيز دوبون عاد إلى المنزل مُصطحبًا عشيقةً مِن دولةٍ مهزومة.
كان مِن المُمكن أنْ يُغضب هَذا الأمر دوائر النبلاء، لكن إليوت، الذي بدا أنهُ لا يهتم سوى بالسيف، لَمْ يكُن مِن النوع الذي يهتم بمثل هَذهِ الأمور.
شعرت ليتيسيا بتسارعٍ في دقات قلبها بسبب التوتر، لكنها تمالكت نفسها وسألت بصوت حذر،
“هل تُخطط لأن تُصبح وصيًا على الآنسة شالامي؟”
حاولت ليتيسيا، رغم شعورها بالقلق تجاه أديلين، ألا تشكك في زوجها.
لقد وثقت في الوعد الذي قطعه لها عندما تقدم لخُطبتها كزميلٍ أكاديمي كانت تُخفي مشاعرها تجاهه،
[ليتيسيا لوبيز.]
[…..]
[لا أستطيعُ أنْ أعدكِ بأنني سأحبُكِ، لكنني أتعهدُ بأنْ أحترمكِ واجعلكِ الزوجة الوحيدة ليّ.]
كان إليوت الرجُل الأكثر التزامًا بفروسية وأخلاق النبلاء، الذي عرفته ليتيسيا.
لهَذا السبب، استبعدت احتمال أنْ يجلبَ امرأةً لتكون عشيقته علنًا، واعتقدت أنه قد جلبها تحت وصايته فقط.
‘…على الرغم مِن أنْ مشاعر تلكَ الفتاة تبدو مُختلفةً بعض الشيء.’
لذَلك، كانت ليتيسيا تأملُ أنْ يوضح إليوت نواياه بوضوحٍ على الأقل في هَذا الحديث الخاص بينهما. أرادت أنْ يُطمئنها بأنهُ لا يعتبر أديلين أكثر مِن مُجرد منقذةٍ، حتى لا تستمر في شعورها بالقلق غيرِ المُبرر.
لكن، في اللحظة التي رأت فيها تعبيرهُ المُتجهم وعينيهِ الزرقاوين القاتمتين، شعرت ببرودةٍ تتسللُ إلى عمودِها الفقري.
“هل هَذا الأمر خطيرٌ لدرجة أنكِ جئتِ إليّ في هَذهِ الساعة مِن الليل؟”
“…لَمْ أكُن أعلم كيف أتعاملُ مع الآنسة.”
أجابت بصوتٍ يشوبه التَردد وكأنّها تُبرر فعلها، بينما كان إليوت يُحدق بها بتمعنٍ، ثم وضع يدهُ على جبينهِ كان مِن الواضح بأنهُ يشعرُ بالانزعاج.
“لقد تغيرتِ كثيرًا منذُ آخر مرةٍ التقينا فيها، يا ليتيسيا.”
“…”
“أو رُبما لَمْ أكُن أعرفكِ جيدًا منذُ البداية.”
“إليوت…”
نادتهُ ليتيسيا دوّن وعي باسمهِ، كما كانت تفعلُ في الشهر الأول مِن زواجهما عندما كانت تُناديه أحيانًا بذَلك.
“أنا مُتعب. مِن الأفضل تأجيل هَذا الحديث إلى وقتٍ آخر.”
وبنبرةٍ باردةٍ، لَمْ يُظهر أيِّ اهتمامٍ برؤية ملامحها المُتفاجئة، ألقى بكلماتهِ الأخيرة ثم اتجه نحو سريره.
“…حسنًا. آسفة لإزعاجكَ. أتمنى لكَ الراحة.”
ردت ليتيسيا بصوتٍ ضعيفٍ وغادرت غرفة نومهِ على الفور.
***
في صباح اليوم التالي، كان قصرُ الماركيز دوبون يعجُ بالحركة منذُ الساعات الأولى مِن الصباح، حيثُ كان سيد القصر أحد الأبطال الذين سيحتفي بهم القصر الإمبراطوري في حفل النصر مساء هَذا اليوم.
“أليس مِن الأفضل أنْ أرتدي ملابس بسيطةً ومُهندمة؟”
“ماذا؟ الناس سيوجهون أنظارهم بالكامل إلى نجم الحفل. يجبُ أنْ يَظهر في أفضل صورةٍ مُمكنة، فهَذا مِن باب الأخلاق!”
ورغم أنْ إليوت لَمْ يكُن مُحبًا للتأنق، إلا أنهُ لَمْ يعترض على رغبة الماركيزة، التي كانت تتطلعُ بفخرٍ لإظهار ابنها للعالم بأبهى صورة.
تحت إشرافها، انشغل خياطُ القصر وفريقٌ مِن الخدم في تجهيز إليوت.
“يا إلهي، أنا واثقةٌ أنْ جميع الضيوف لَن يستطيعوا إبعاد أنظارهم عنكَ يا سيدي!”
“حتى وأنا والدتهُ، لا يُمكنني إنكار مدى وسامته!”
استعاد شعرهُ الذهبي بريقه بعد عنايةٍ دقيقة، كما بدا وجههُ أكثر إشراقًا بعد أخذ قسطٍ مِن الراحة. لكن إليوت لَمْ يُظهر أيَّ اهتمامٍ بمديح أمهِ والخدم. ومع ذَلك، عندما تسللت أديلين إلى المكان وهمست لهُ بخجل.
“رُبما لَن تُعجبكَ هَذهِ المقارنة، لكنني لَمْ أرَ في حياتي أحدًا أكثر وسامةً منك، يا ماركيز.”
“هَذا لطفٌ منكِ، أديلين.”
“…!”
رأت ليتيسيا المشهد مِن بعيد، بعد أنْ وصلت للتو استعدادًا لحفل المساء. لقد بدا إليوت رائعًا حقًا في نظرها أيضًا؛ شعرهُ الذهبي وعينيهِ الزرقاوين المُتألقتين تناسقتا بشكلٍ مثالي مع بذلتهِ الرسمية ذات اللون الأزرق الداكن.
رغبت في أنْ تُثني عليهِ كما فعلت أديلين، ولكن…
‘…أشعر بالخوف.’
المشهد الذي جمع بين أديلين وابتسامتهِ لها ذكرها بالبرود الذي أظهرهُ لها في الليلة السابقة، مِما جعلها تترددُ في قول أيِّ شيء.
***
كانت قاعةُ القصر الإمبراطوري مُهيأةً بشكلٍ فاخر يليقُ بحفل النصر، الذي أقيم بعد انتهاء الحرب المُرهقة. مِن الممرات اللامعة إلى الزينة المُذهلة في القاعة، كُل شيء عكس عظمة المناسبة.
كان الحاضرون قد أبدعوا في التأنق والتباهي، وكأنّهم في منافسةٍ غيرُ معلنةٍ لجذب الأنظار. لكن إليوت كان النجم بلا مُنازع، إذ لَمْ يتمكن أحدٌ مِن تجاهل هيبته.
“إنهُ أحدُ أبطال النصر البارزين في الحرب الأخيرة، إلى جانب دوق غارسيا.”
“يُقال إنهُ قد أقترب مِن المستوى الأسطوري في المُبارزة، أنهُ أقربُ ما يكون إلى سادة السيوف.”
“حقًا؟ يجبُ أنْ أشاهد أداءه في مهرجان الصيد المُقبل.”
وسط الإعجاب والثناء، حافظ إليوت على هدوئهِ المُعتاد. أما الماركيزة، فَلَمْ تستطع إخفاء سعادتها، وكانت ابتسامتُها العريضة دليلًا على فخرِها.
لكن مع كُل هَذا الثناء، كانت هُناك دائمًا تعليقاتٌ تُلاحقها عن زواجهِ المبكر،
“المشكلة الوحيدة أنهُ تزوج مُبكرًا.”
“للأسف، بسبب الحرب، اضطر إلى الزواج مِن سيدةٍ مِن عائلةٍ متواضعةٍ للغاية.”
“لا بد أنْ الماركيزة تشعرُ بخيبة أملٍ كبيرة.”
كان الثناء الذي يتلقاهُ إليوت دائمًا يتبعهُ انتقاداتٌ لاذعة موجهةٌ نحو زوجتهِ.
على الرغم مِن مرور عامين على زواجها مِن إليوت، لَمْ تعتد ليتيسيا على تلكَ التعليقات الجارحة، لكنها بدت اليوم أشد وطأة عليها وأعمق أثرًا.
وبينما كان مِن الصعب اعتبارهم عائلةً واحدةً مُتماسكة بسبب الاختلاف الواضح في الأجواء بين إليوت والماركيزة مِن جهة، وليتيسيا مِن جهةٍ أخرى، غطت ملامحهُا ظلالٌ ثقيلة مِن الحزن.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》