أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 80
كان هذا ظلمًا بيِّنًا.
لطالما عاملني الجميع كالحمقاء،
ورغم سوء تصرفاتهم نحوي، تحملت بصمت، لكن هل باتوا يظنونني الآن شخصًا واهنًا يسهل التلاعب به؟
لم أعد قادرة على الاحتمال.
لم أعد أرغب في العيش بدور المغفلة التي يطؤها الآخرون دون رادع.
لقد سئمت من تحمل هذا العذاب العبثي في الدير!
لحسن الحظ، وصلت مِيونا بعد الظهيرة.
“مِيونا، أشعر بظلم شديد”
ارتميت في أحضانها، أبكي بحرقة.
“حادثة مقاطعة وِنْدسُور… لم تكن خطأي!
الأخت دَانَا ألقت باللائمة كلها عليّ…”
“بالطبع كانت فعلتها!
آه، أيتها المسكينة يا أليس”
اقتربت مِيونا بعينين تعكسان الشفقة، ولفّت ذراعيها حولي.
وبين أحضان خادمتي، لم أكن سوى فتاة يائسة تبحث عن عزاء.
“أنا خائفة من الأخت دَانَا…”
ثم هناك رَايُوس أيضًا.
لماذا سمح لي بالذهاب إلى الدير؟
ألم أخبره كم أفتقده؟
ألم يكن هو من أنقذني من هذا المكان سابقًا؟
لماذا غيّر رأيه وأعادني مجددًا؟
لم يحدث بين ذلك وذلك سوى واقعة واحدة! الأمر واضح وضوح الشمس.
منذ اليوم الذي خرجت فيه الأخت دَانَا برفقته لركوب الخيل نحو أرض الصيد، بدأ كل شيء يصبح مريبًا.
كلما استعدت ذكرى ذلك اليوم، اجتاحني القلق من جديد، وانفجرت في نوبة بكاء أخرى.
ماذا حدث في أعماق تلك الغابة معها؟
ما الذي وقع هناك حتى صار عبقها مغروسًا في أنفاسه؟
كيف لها أن تفتن رجلاً كان يجب أن يكون لي؟
أنا أكره هذا.
أكرهه من صميم روحي.
لا يمكنني الاستمرار في تحمل هذا الوضع إلى الأبد. صار واضحًا الآن…
لا يمكنني البقاء على هذا الحال أكثر.
“مِيونا”
قلت ذلك بحزم، دون تردد، وكأنني كنت أرتب كلماتي هذه منذ زمن طويل.
“هل يمكنكِ أن تتظاهري بأنكِ أنا وتبقي في الدير بدلاً مني؟”
“…ماذا؟”
“فقط تظاهري بأنكِ أنا، وعيشي مكاني، رجاءً؟
لم أعد أطيق البقاء هنا”
تجمدت مِيونا للحظة، وكأنها لم تستوعب ما سمعته للتو.
“لـ-لكن، أليس، هذا طلب…”
رفض؟
في تلك اللحظة، شعرت بالامتعاض.
ألهذا الحدّ تعجز عن تلبية طلب بهذه البساطة؟
حتى بوصفها صديقتي؟
لا—بل حتى بوصفها خادمتي؟
لولا وجودي، لكانت مشردة في الطرقات تتسوّل لقمة عيشها.
كيف لها ألا تدرك هذا المعروف ولا تستطيع ردّه؟
“أليس… لكن الكهنة سيلاحظون”
“إنهم يبدّلون الكاهن المسؤول عني كل يوم على أي حال…
يمكننا تجهيز شعر مستعار أو صبغ شعرك بلون مشابه”
“لـ-لكن…”
“ماذا لو استغلت الأخت دَانَا غيابي وأخذت صاحب السمو بعيدًا عني؟”
شهقتُ وسط دموعي.
“مِيونا، أرجوكِ، ساعديني…”
في ظل هذا الوضع، لم يكن أمام مِيونا سوى أن تقول:
“ح-حسنًا… سأتظاهر بأنني أنتِ”
“شكرًا لكِ، مِيونا!”
“لكن، في المقابل، هل تستطيعين أن تؤدي لي خدمة صغيرة؟”
“هاه؟”
“أمـ… أحد ملابسه…”
“ماذا؟”
“ملابس ل-لورد كَارْل… أي شيء منها.
الأفضل لو كان يحمل عبيره… وحتى لو كانت قطعة داخلية، سيكون ذلك أفضل.
موافقة؟”
سرت قشعريرة باردة في جسدي.
لا بد أنها مجنونة… هل يُعقل أنها مغرمة بأبي؟
[اتفق وي هَاي الكلاون بهاي النقطة]
لم يكن الأمر مفاجئًا تمامًا.
منذ طفولتي، رأيت الكثير من النساء في سنّها معجبات به، يرسلن له رسائل حب أو يتبعنه حيثما ذهب.
لكن مِيونا أيضًا؟
هذا مقزز.
مجرد التفكير في طلبها يثير في داخلي اشمئزازًا شديدًا.
كيف تفكر حتى في أمر كهذا؟
لكنها…
إذا أحضرت لها ذلك، يمكنني مغادرة الدير، أليس كذلك؟
ترددت للحظة، ثم اتخذت قراري.
نعم.
وما المشكلة في جلب قطعة ملابس واحدة؟
أبي يملك منها الكثير على أي حال.
ثم إن حبّ مِيونا ذاك لن يفضي إلى شيء.
إن كان ذلك سيمنحها بعض العزاء، فليكن.
بل ربما يكون هذا عملًا نبيلًا مني.
ألا يُعدّ مواساة الحبّ المستحيل عملاً كريماً؟
“حسنًا، سأفعلها”
“كيـاااه! شكرًا لكِ، أليس!”
إن تقديم العون لصديق هو جوهر الصداقة الحقيقية، أليس كذلك؟
•••
وجهة نظر دَانَا
في اليوم التالي، عاد فييغو وِينْدسُور من رحلته التجارية.
وبعد عودته، اقتحم إغْنِيس وِنْدسُور اجتماع الفُرسان الأول بوقاحة.
“لم أدرك أن معايير عائلة وِنْدسُور قد انحدرت إلى هذا المستوى”
جلس بلا مبالاة، رفع قدميه فوق الطاولة، وبدأ يقضم تفاحة بينما يضحك بسخرية.
“سمعت شائعات عن حضور دَانَا وِنْدسُور لاجتماعات الفُرسان، لكنني لم أتصور أن يكون ذلك صحيحًا.
بغض النظر عن كونها من السلالة المباشرة، أليس من غير اللائق أن تدخل امرأة قاعة الاجتماع؟”
يا له من تصرّف مبتذل منحط.
أجبته بهدوء:
“أنا لا أحضر هنا بوصفي وريثة مباشرة، بل بوصفي عضوًا في المجلس”
عندها، بادر الفيكونت مَانُوس قائلاً:
“هذا صحيح.
الليدي دَانَا نالت مكتبًا خاصًا بها بقرار من اللورد إغنِيس نفسه”
عقد إيغْنِس حاجبيه عند سماع ذلك.
تابع الفيكونت مَانُوس خطابه بحماسة:
“أما عن إنجازات الليدي مؤخرًا، فقد وضعت خطة تعويض لانهيار سوق زهور القمر، مما حفظ سمعة العائلة، وساهمت في إعادة قبول شيكات وِنْدسُور في مصرف لِيتن خلال يومين فقط بعد رفضها، كما تعاملت مع الخونة في المقاطعة، وحددت أراضي فاسدة كادت تؤدي إلى كارثة أوسع، مما عزّز مكانة عائلة وِنْدسُور بين السكان—”
“اصمت، فيكونت مَانُوس.
لست مهتمًا بحكاياتك” قطعه إغنِيس بضحكة ساخرة.
“كل ما أسمعه هو أنك غير كفء.
كم يجب أن تكون عاجزًا حتى تسمح لامرأة بالقيام بمثل هذه الأمور؟”
ارتعشت شفتا الفيكونت مَانُوس.
كان يكبح نفسه عن الانفجار في وجه إغنِيس، الذي لم يترك العائلة إلا بفضيحة، والآن يتجرأ على التفوّه بمثل هذه الكلمات.
“اللورد قادم!”
دخل فييغو وِنْدسُور قاعة الاجتماع في تلك اللحظة.
ورغم تأخر الوقت، بدا أنيقًا كما لو أنه لم يأخذ قسطًا من الراحة منذ أيام.
وما إن جلس على رأس الطاولة حتى رفع إيغْنِس يده قائلاً:
“اللورد، أودّ اقتراح أمر قبل بدء الاجتماع.
لديّ مسألة لمناقشتها مع الفُرسان”
كان مجنونًا، بلا شك.
جميع الحاضرين كانوا يرون فيه شخصًا طائشًا، مختلاً، لكن لم يكن هناك من تفاجأ.
فبمجرد انتشار خبر عودته، كان متوقعًا حدوث اضطراب كهذا.
“أسقطوه أرضًا”
قالها فييغو ببرود، دون حتى أن يرفع حاجبيه.
“وأنزل قدميك عن الطاولة”