أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 77
“كلا، فقط أشعر أن الأمر يبعث على الحرج بعض الشيء”
“وما الذي يحرجكِ تحديدًا؟”
“حسنًا، في نهاية المطاف، إنها لحظة خاصة للغاية”
“أنا من يقوم بها، أما أنت فلا يتطلب منكِ سوى تشاهديها.
هل في ذلك صعوبة؟”
“…”
بهدوء صارم، وكأنه يشرح قاعدة رياضية بديهية، قال: “هذا تقليد قديم تتوارثه رؤوس عائلة وندسور.
لا ينبغي أن تختلط المشاعر بالواجب، سواء راق لكِ ذلك أم لا”
هكذا إذن؟ حسنًا، لا بأس، لا ضير في ذلك.
ورغم ذلك، اعتراني شعور غريب بالاغتراب.
كان الأمر جليًّا—أنا وفييغو ننتمي إلى زمنين متباينين، إلى عالمين لا يجمعهما شيء.
“هل أكتفي بالتوقيع هنا؟”
“نعم”
بيد ثابتة، خططت توقيعي أسفل الوثيقة، غير أن شيئًا ما في داخلي كان يهمس لي أنني أرتكب خطأً فادحًا.
بدا الأمر عبثيًا، كأنني أشارك في مهزلة سخيفة.
لم أستوعب بعد أنني سأكون شاهدة على الليلة الأولى في زواج فييغو.
“ومن ستكون العروس؟”
“إحدى بنات عائلة رولاند”
أي فتاة من تلك العائلة فحسب، زواج خالٍ من المشاعر، مجرد التزام شكلي.
لم يكن هذا غريبًا هنا.
إذن، لا يزال مستمرًا في نهج الزيجات المدبرة مع آل رولاند.
حين فكرت في الأمر، تذكرت أن زواج كارل وساندرا لم يكن سوى تحالف سياسي أيضًا.
سمعت أنهما خُطبا حتى قبل أن يولدا.
“ومتى سيتم الزفاف؟”
“في غضون شهرين على أقرب تقدير، ولن يتجاوز ستة أشهر كحد أقصى”
“أفهم…”
ما إن فرغت من التوقيع حتى وُضعت أمامي وثيقة أخرى.
يا إلهي، لا نهاية لهذا الكم من العمل!
كان يراكم عليّ المهام—وهذا بحد ذاته مؤشر جيد.
“سأتولى مسؤولية الإشراف على مشروع إنشاء خط السكك الحديدية في كالتوسا”
كان هذا مشروعًا بالغ الضخامة.
“أقدّر ثقتك بي، سأحرص على إنجاز المهمة بأفضل ما لديّ”
كان هذا دليلًا على أن فييغو يثق بي إلى هذا الحد، وهو أمر لم أعهده من قبل.
“لقد أوكل إليّ مهمة بهذه الأهمية!”
“سمعت أن العم كارل اكتشف منجم ريتيلاين في كالتوسا.
هل هذا صحيح؟”
كتمت ضحكة ساخرة.
بالطبع…
كارل وندسور، كنت أعلم أنك لن تقف مكتوف اليدين.
بالكاد عاد إلى وندسور، وها هو الآن يباشر مخططاته كما توقعت.
وهذا بالضبط ما يجعلك لا تنخدع به أبدًا.
أمامي، يتظاهر بعدم الاكتراث، لكنني أرى ما يخفيه جيدًا.
“منجم ريتيلاين، هاه؟ أعتقد أنني سمعت شيئًا بهذا الشأن، لكن… في الحقيقة، لم أكن في أفضل حالاتي وقتها، لذا لا يمكنني الجزم”
تراجعت خطوة محسوبة، لا تأكيد ولا إنكار.
وبهذا، إذا انهار مشروع كارل، فلن يكون لي أي يد في الأمر.
“ربما من الأفضل أن تسأل عمي مباشرة”
كنت أشعر بالرضا.
كل شيء يسير كما ينبغي.
علاقتي مع فييغو تحسّنت بشكل ملحوظ، وهذا التغير حدث بعدما أثبتّ كفاءتي.
إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فسينهار كارل قريبًا.
منصب نائب الرئيس الشاغر لا يمكن أن يشغله إلا وريث مباشر لعائلة وندسور، مثلي تمامًا.
أثر وندسور المقدّس…
ذلك الخاتم الذي يرمز إلى منصب نائب الرئيس، سيكون لي قريبًا.
بنشوة خفيفة، بدأت أدندن لحنًا هادئًا، متأملة أن تبقى الأمور على حالها.
لكن…
“بالمناسبة، هناك أمر لم أخبرك به بعد”
“ما هو؟”
“إغنيس دي وندسور قد عاد”
“…”
آه… لقد تعكر مزاجي كليًا.
إغنيس دي وندسور.
الرجل الذي ضمّته عائلة وندسور إلى صفوفها ذات يوم.
وُلد في كنف أسرة نبيلة تهاوت من عليائها، لكنه برز وسط رماد مجدها الغابر كنابغة استثنائي.
كان تميزه في الأكاديمية العسكرية لافتًا، إذ نافس على المراتب الأولى وتفوّق بجدارة، حتى وقع بصر جد دانا عليه، وهو القائد الأعلى للجيش آنذاك، فقرر تبنّيه وجعله فردًا من العائلة.
لكن لاحقًا، بإرادته الكاملة، تخلّى إغنيس عن اسم وندسور، مطالبًا بمسحه من سجل العائلة، قاطعًا بذلك آخر صلة تربطه بهم.
لم يكن أحد يعلم السبب على وجه الدقة، سوى أنه دخل في نزاع شديد مع جد دانا، نزاع بلغ من الحدة ما دفعه للرغبة في القطيعة التامة.
ومع ذلك، ظل العجوز متمسكًا به، رافضًا أن يتركه يختفي من حياة العائلة تمامًا.
أكان يكنّ له مشاعر حقيقية؟
مهما يكن، لم يُمنح إغنيس يومًا فرصة للتخلص من إرث وندسور بالكامل.
لكنه، وقبل أي شيء، لم يكن سوى وغد لا أكثر.
“مرحبًا، دانا.
مضى وقت طويل، أليس كذلك؟ لقد ازددتِ جمالًا”
رفعت بصري نحوه، وجهي خالٍ من أي تعبير.
لقد جاء حقًا.
ولم يستغرق الأمر طويلًا حتى وقعت مواجهتنا…
كنت أتجول في الحديقة عندما ظهر أمامي فجأة، شامخ القامة، بشعره الأحمر وعينين تلمعان بمكر مألوف.
إغنيس دي وندسور.
أحد الأشخاص الذين أمقتهم بشدة.
“آخر مرة رأيتك فيها،
كنتِ مجرد طفلة أنفها دائمًا يسيل”
لا يزال وقحًا ومتعجرفًا كما عهدته.
فكرت في ذلك دون أن أسمح لنفسي بالرد.
“اللورد إغنيس، مر وقت طويل”
“نعم، نعم، دانا.
اشتقت إليّ كثيرًا، أليس كذلك؟”
بوقاحة معهودة، امتدت يده إلى شعري الفضي، أمسكه بخشونة وهزّه بمرح مستفز.
“لا يزال شعرك ساحرًا… يجعلني أرغب في قصه بالكامل”
“لم أتوقع عودتك” تجاهلت استفزازاته المعتادة،
وأجبت ببرود: “ألم تقسم ذات يوم أنك لن تعود إلى وندسور مجددًا؟”
في الواقع، كان وجود إغنيس في العائلة كعدمه.
بالكاد يذكره أحد، وإن حدث، فبهمس متردد.
ولم يكن ذلك من فراغ—فآخر مرة وطئت قدماه أراضي وندسور، جرّ وراءه الفوضى والدمار، ثم رحل متعهدًا بأن لا تكون له علاقة بهذه العائلة بعد الآن.
كان ذكره أشبه بمحظور لا يُكسر، ومع ذلك، ها هو الآن، يقف أمامي بكل وقاحة، كأن شيئًا لم يكن.
“آه، صحيح، قلت ذلك، لكنني غيّرت رأيي”
قالها بلهجة لا مبالية، كأن عودته ليست بالأمر الجلل.
“بعد كل هذه السنوات، وجدت نفسي مشتاق للوطن.
فقد عشت هنا لفترة، أليس كذلك؟”
“هل هذا صحيح؟”
“نعم، نعم. اشتقت إليه كثيرًا” ثم شدّ شعري قليلًا، واقترب ليهمس في أذني بنبرة خبيثة:
“حتى شخص غبي مثلك، خطر ببالي من حين إلى آخر”
“…”
مضى وقت طويل منذ أن تلقيت إهانة بهذه البلاغة. لا يزال شخصًا بغيضًا، كما كان دائمًا.
“ما الذي تفعله؟”
في تلك اللحظة، صدح صوت هادئ، مختلف تمامًا عن نبرة إغنيس الوقحة.
“إغنيس”
كان ذلك كارل.
ما إن ظهر، حتى شعرت بتوتر يخترقني.
بصراحة، خوفي من كارل… كان يفوق خوفي من إغنيس بكثير.
“آه، أخي كارل.
مرحبًا.
مضى وقت طويل”
لم يترك شعري بعد، لكنه ابتسم ابتسامة واسعة، تنضح بالسخرية.
“أخي العزيز، يبدو أنك ازددت وسامة.
سمعت أن الفتيات يذُبن عشقًا بسببك، الشائعات في كل مكان”
“وأنت تبدو بخير أيضًا، إغنيس.
لكن ربما يجدر بك أن تترك ذلك الشعر الآن.
إنه تصرف غير لائق، أليس كذلك؟”
تحدث كارل بصوت هادئ، لكنه حمل في نبرته شيئًا يصعب تجاهله.
“في الواقع، إنه وقح للغاية”
“هاها، أخي لا يزال لطيفًا كعادته”
“إغنيس”
ابتسم كارل ابتسامة خفيفة، لكنها لم تصل إلى عينيه.
“اتركه”
“…”
ضيّق إغنيس عينيه، وحدق في كارل للحظة، ثم تمتم بشتيمة خافتة، وأطلق شعري أخيرًا.
“نعم، نعم.
لم أعد طفلًا في العاشرة، ولم يعد هذا وقت اللعب بشعر الفتيات”
ثم ألقى نظرة بيني وبين كارل، وابتسم بمكر خبيث.
“يبدو أن أخي العزيز ما زال منشغلًا برعاية دانا، أليس كذلك؟ لا وقت لديه لرؤية زوجته أو ابنته؟”