أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 73
بالطبع، أنا لست شخصًا جيدًا ولا بطلًا يسعى لتحقيق العدالة، لكن مع ذلك…
عندما رمقتني تلك الطفلة بنظرة يائسة، ودموعها تنهمر على خديها، تتوسلني طلبًا للعون…
“آه، حقًا”
لماذا عادت لي ذكريات طفولتي الآن؟
حين كنتُ يون دانا،
غارقة في الوحدة،
أتعذب وسط أقاربي القساة.
لكني كنت أعيش على أمل أن يأتي شخص بالغ طيب القلب ليخلصني يومًا ما…
ترددت قليلًا، ثم حسمت أمري.
سأكشف عن المستقبل.
ذلك المستقبل الذي ينتظر تلك الفتاة.
سأسترق النظر إليه وأحدد قراري.
نعم، لا تزال لدي القدرة على رؤية المستقبل المنقوش في أعماق الأرض، كما تأكد لي في اليوم الذي فقد فيه جاستن حياته.
كنت أستطيع استغلال جزء من هذه القدرة في اللحظة التي تُتاح لي.
في المرة السابقة، استنزفت كل قواي لعدم قدرتي على السيطرة عليها…
لكن هذه المرة هي الثانية، لذا يجب أن أتحكم في طاقتي بشكل أفضل من المرة الأولى.
حسنًا، لنبدأ المحاولة.
مددت يدي ببطء نحو الأرضية الترابية للطاحونة وطلبت بصدق.
أرني.
أرني مستقبل تلك الفتاة التي استنجدت بي لإنقاذها…
وفي تلك اللحظة، تغير المشهد أمام ناظري.
أرى بوضوح.
الليل ما زال يخيم على المكان.
كانت الساحة الرئيسية في القرية.
المستقبل الذي سيظهر بعد بضع ساعات من الآن.
“إذن، لقد هربوا،
أليس كذلك؟”
“نعم، هذا ما سمعته.
يا للأسف”
“آه، لقد كان السيد كارل رائعًا حقا”
“أعلم، أليس كذلك؟ أشك أنني سأصادف رجلاً بهذا الوسامة مرة أخرى.
يا للأسف”
“أظن أنني لن أنسى تلك المرأة ما حييت”
هل انتهت الطقوس؟
عاد الناس إلى حالتهم الطبيعية، وتجمعوا في الساحة.
وفي مواجهة العمود الضخم في وسط الساحة، صاح أحد الرجال بصوت جهوري.
“والآن، لنختتم اليوم الأخير من الطقوس بتقديم القربان للحاكمة!”
كان ذلك صوت ناتان.
وبإشارته، سُحبت فتاة إلى المقدمة.
“أرجوكم، أنقذوني،
آآآه”
كانت هي الفتاة ذاتها.
التي توسلت إليّ بمرارة لإنقاذها، والآن تبكي مرتعبة.
“أنقذوني، أنقذوني، لا أريد الموت.
هوآآآه!”
وانفجر أهل القرية ضاحكين وهم يشاهدونها.
“يا للعجب، انظروا إليها وهي تبكي!”
“روحها المفعمة بالحياة ستسعد الحاكمة بالتأكيد!”
بين الجموع كانت ناتي ونورتون، والنساء اللواتي شاركنني الاستحمام في القرية، والشاب الذي عزف على العود، والرجل العجوز الذي واسى الأطفال، والأطفال الذين لعبوا في أرجاء القرية.
“لا تبكي يا صغيرة! سيتقبلك حاكم القمر برضى!”
“قدموها قربانًا!”
“قربانًا!”
“وووه!”
“لحاكم القمر، المجد الأبدي!”
“ووووووه!”
قُيدت الفتاة على العمود الخشبي بيد الرجال، وسُكب الزيت على جسدها.
ثم أُشعل عود ثقاب.
“جيآآآه!”
وبعدها…
فتحت عيني ببطء.
“آآآه”
اضطررت إلى وضع يدي على فمي فورًا، إذ شعرت بالغثيان.
وأنا ألهث، قبضت يدي بعنف.
كيف؟
كيف يمكنهم فعل أمر كهذا!
ارتعشت أطراف أصابعي.
الآن، أصبحت واثقة مما يخطط له أهل القرية بشأن تلك الفتاة.
ما هي الا تضحية بشرية…
الطقس الذي يتطلب تقديم إنسان حي قربانًا للحاكم.
الفتاة كانت القربان المُعد لتلك الطقوس.
أحضروها هنا لتكون تضحية بشرية…
بلعت ريقي بصعوبة، محاولًة تهدئة دقات قلبي المتسارعة.
ثم فكرت بهدوء قدر الإمكان.
أنا وكارل لن نكون هنا بعد بضع ساعات.
يبدو أننا قد نجحنا في الهروب.
كان حديثهم يشير إلى أن الزوجين الغريبين قد فرا.
لكن، إن غادرت الآن، ستموت تلك الفتاة كقربان.
“دانا؟”
آه! رفعت رأسي بسرعة.
متى عاد؟ كان كارل يقف أمامي.
“هل أنتِ بخير؟”
“…”
“أنتِ غارقة في العرق البارد.
هل حدث شيء؟”
“عمي…”
“انهضي أولاً.
لقد جهزت العربة”
قال كارل وهو يرفعني برفق.
“لنغادر.
الوضع هنا شديد الخطورة”
كنت أرغب بشدة في أن أغمى عليَّ بين ذراعيه.
لقد كنت مرهقة جدًا، وكان من الممكن أن ينتهي الأمر بذلك، لكن…
“عمي”
جسدي خرج عن سيطرتي.
“هناك فتاة هنا أُسرت”
“حقًا؟”
“نعم.
لقد توسلت إليّ اليوم لأساعدها”
“وماذا بعد؟”
“يبدو أن هؤلاء الناس احتجزوها بالقوة.
ربما… لأجل تقديمها كقربان بشري”
لم أكن أستطيع أن أخبره أنني رأيت المستقبل، فاضطررت للحديث بشكل غير مباشر.
“هؤلاء الناس يقومون بطقوس فوضوية غريبة.
من الممكن أن يستخدموا فتاة صغيرة كتضحية بشرية”
“…”
نظر إليّ كارل بصمت.
كانت نظراته جادة ولكن هادئة.
وكأنه يسأل بعينيه:
وماذا بعد؟ ما شأنك بالأمر؟
شعرت بالحيرة.
حقًا؟ ماذا بعد؟ ماذا عليّ أن أفعل؟ ماذا أريد؟ أليس من الأفضل أن نهرب من هنا فورًا؟
هؤلاء المتطرفون في القرية خطيرون للغاية.
إنهم بلا شك مجانين.
بالإضافة إلى ذلك، ألم أنجز المهمة التي أتيت من أجلها؟
نعم، لقد انتهى دوري في أراضي كالتوسا.
قد لا يبدو كارل مهتمًا الآن، لكنه بمجرد عودتنا إلى ويندسور، سيبدأ فورًا التحقيق في المنجم واستغلاله.
لقد وقع في الفخ كما كنت أخطط.
نعم، كان هذا كل ما يُطلب مني، لكن…
لا. أغمضت عيني بإحكام ثم فتحتهما مجددًا.
إن تركت تلك الفتاة، فإن وجهها المتوسل سيلاحقني في أحلامي لبقية حياتي.
مشهد توسّلها لإنقاذها سيظل يتردد في ذهني بلا توقف.
كنت أعلم هذا منذ أن رأيت المستقبل.
ومنذ تلك اللحظة وأنا أحاول إيجاد طريقة لإنقاذها.
لا، في الحقيقة، لقد وجدت بالفعل طريقة لإنقاذ الفتاة.
لكنني لا أستطيع القيام بذلك بمفردي.
كان الأمر مستحيلاً دون مساعدة كارل ويندسور.
هل يجب أن أطلب من هذا الرجل المساعدة؟
هذا الرجل الذي يبدو كملاك من الخارج، لكنه مجنون وقاسٍ في داخله؟
“دانا” سألني كارل فجأة.
“لماذا لا تتحدثين؟”
“…ماذا؟”
“أخبريني”
“…”
“ألا تريدين شيئًا؟
أليس هذا سبب حديثك عن الموضوع؟”
بالطبع كنت أريد شيئًا.
لكن…
“دانا، إذا كنتِ تريدين شيئًا، فقولي لي”
“…”
“أسرعي.
هل فهمتِ؟”
فجأة، تذكرت جملة سمعتها في مكان ما:
أن الشيطان يظهر في أجمل هيئة ليغري البشر.
ربما لهذا السبب، في هذه اللحظة، شعرت وكأنني على وشك إبرام صفقة مع الشيطان…
“أحتاج مساعدتك، يا عمي”
لكن ذلك لم يكن بالضرورة أمرًا سيئًا.
تلك الفتاة كانت ستتمنى بالتأكيد أن تستعين بأي قوة، حتى لو كانت قوة الشيطان، تمامًا كما فعلت أنا في صغري.
“حسنًا” ابتسم كارل.
“كيف أستطيع مساعدتك؟
وما الذي تطلبيه مني؟”