أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 64
“بالطبع”
في تلك الليلة، وأثناء تناولنا العشاء، طلبت من كارل أن يرافقني، فردّ بابتسامة عريضة وقبل طلبي.
“سعيد أنكِ طلبتِ ذلك،
دانا”
لكن، كانت ساندرا تبدو مستاءة.
“لقد… تقاعدت بسبب مضاعفاتٍ صحية.
هل أنت متأكد من قدرتك على ذلك؟”
“أنا بخير، لا داعي للقلق عليّ ”
“ولكن…”
كان من السهل أن أتخيل ما كانت تشعر به ساندرا.
لا شك أنها خائفة من أن أفشي أمرًا لا ينبغي لي أن أقوله.
فقد سبق لي أن قلت ما يثير قلقها.
وكما توقعت، لم تستسلم ساندرا واقترحت من جديد.
“لا تذهب، ابقى معي.
رومي ذهب لساحة المعركة، وأليس ذهبت إلى الدير… وأنا بقيت وحيدة هنا، كارل”
“ما رأيكِ بالبقاء في عزبة رولاند لبعض الوقت؟”
“ماذا؟”
“لطالما أردتِ الذهاب إلى عائلة رولاند، أليس كذلك؟ ابقي هناك الآن ما دامت الفرصة سانحة”
قال كارل ذلك دون نية سيئة، ولكن ساندرا على ما يبدو أخذت الأمر بطريقة أخرى وشدت قبضتها بغضب.
سيشتعل الجدال بينهما مجددًا.
وقفت بهدوء وغادرت غرفة الطعام.
وكما توقعت، ما إن أُغلِق الباب حتى سمعت صراخ ساندرا يتردد.
“هل ستتركني وحدي؟ تعال معي! دعنا نغادر عائلة ويندسور ونذهب معًا إلى عائلة رولاند!”
“لقد طلبتُ منكِ أن تتوقفي عن هذا الكلام، ساندرا”
“ما أهمية منصب نائب الرئيس؟ ما الذي يجعلك تتمسك به هكذا؟”
“نائب الرئيس؟ هل كنتِ ترينني دائمًا كرجل عالق في ذلك المنصب فقط؟”
“نعم! لقد استقلتَ من قيادة الجيش بحجة المضاعفات الصحية، ولكن هل تعلم كم يبدو الأمر غير مناسب وأنتَ جالس خلف مكتب!”
نعم، نعم، استمروا في الشجار.
بدأت أدندن لحنًا وأنا أبتعد.
ولكن لحظة…
مضاعفات صحية؟
ما هذه المضاعفات؟
***
في تلك الليلة، زارتني ساندرا.
“أتمنى لكِ رحلة آمنة”
دون مقدمات، سلمتني صندوقًا على نحو مفاجئ.
“أتمنى أن يحميكِ هذا”
“ما هذا؟”
“أنها هدية”
هدية؟ لماذا الآن؟
عندما فتحت الصندوق، وجدت قلادة تتلألأ بداخله.
“بينما تكونين مع كارل، آمل أن لا تتتفوهي بما لا لزوم له”
آها.
إذًا هي رشوة.
“خذيها”
“ماذا؟”
“أعتذر، عمتي”
همست في أذن ساندرا.
“إذا أردتِ أن أصمت، عليكِ تقديم شيء أكثر
قيمة من هذا”
“!…”
اهتزت عينا ساندرا، وشحب وجهها كما لو أنها قد رأت شبحًا.
هل كان الأمر مفاجئًا لهذا الحد؟ ابتسمت ضاحكة.
“فكري جيدًا، عمتي.
ما هو الشيء الذي يمكنه أن يجعلني أصمت؟”
يبدو أن حديثي السابق عن والد أليس الحقيقي أزعجها بعمق.
كلمة “والد بيولوجي” كانت جرحًا في ذهن ساندرا.
“أرحلي من هنا،
من فضلكِ، عمتي”
“…”
لم تتفوه ساندرا بكلمة واحدة.
فقط غادرت الغرفة ووجهها يتلون بلون الشحوب كما لو أنها تبتلع سمًا.
لقد أكدت للتو أنني أعرف سرها الأكبر.
ستحاول إسكاتي بأي وسيلة.
بما أن الرشوة فشلت الآن… ستخطط بالتأكيد لفعل شيء ضار بي.
بالطبع، هذا ما كنت أريده.
فكلما حاولت ساندرا إيذائي، ازداد التوتر بينها وبين كارل.
“ليثي،
في غيابي، راقب ساندرا عن كثب”
طلبتُ من سكرتيري الخاص.
“ستحاول بالتأكيد تدبير شيء ما.
لا تفوت أي تحرك وقم بالتحقيق بدقة”
“…فهمت”
هل تأخر في الرد قليلًا؟ لكن لم يكن هذا هو كل شيء. تابع سكرتيري سريعًا باقي التقارير.
“سيدتي، هو سيزورنا قريبًا”
“هو؟”
“اللورد إجنيس دي ويندسور”
عندها تنهدت تلقائيًا.
“إجنيس دي ويندسور؟”
“نعم”
لم أستطع أن أغلق فمي من المفاجأة.
إجنيس، ذلك الرجل، قادم الى هنا.
لماذا سيأتي الآن؟
[ ليش برأيكم؟]
إجنيس كان قد تم تبنيه من عائلة ويندسور، رغم أنه قرر في النهاية أن يتبرأ منهم.
جد دانا – الدوق السابق – كان قد تبناه، لكن إجنيس هو من اختار أن يغادر العائلة.
غير أن الجد لم يسمح بذلك.
فقد كان يعتقد أن إجنيس، بعدما تلقى الدعم والتربية والتعليم من العائلة، لا ينبغي له التخلي عن اسمها.
حدثت معركة قضائية كبيرة بسبب ذلك.
بعد معركة قانونية طويلة، نجح إجنيس في التبرؤ من عائلة ويندسور، لكنه لم يتمكن من التخلي تمامًا عن الاسم.
المحكمة قضت لصالح العائلة.
لقد اعترفت المحكمة بانفصاله عن العائلة، لكنها لم تسمح له بإسقاط اسم ويندسور بالكامل.
وهكذا، أضيفت كلمة “دي” كإشارة إلى الانتماء.
في النهاية، يعني ذلك أنه ما زال من عائلة ويندسور.
“لماذا يعود فجأة؟ لقد تشاجر مع العم كارل سابقًا وقال إنه لن يعود أبدًا”
إجنيس دي ويندسور كان يومًا مثل الأخ لكارل، لكنهما تشاجرا بشدة منذ سنوات، وغادر وهو يصرخ بأنه لن يطأ أرض ويندسور مجددًا.
فلماذا يعود الآن؟
“لست متأكدًا من ذلك أيضًا”
“حسنًا، فهمت…”
من يمكنه حقًا فهم عقلية إجنيس؟ تنهدت بعمق. هذا الرجل المزعج يعود…
“سيدتي، توخي الحذر خلال رحلتك إلى كالتوسا”
“آه، حسنًا”
أنهى السكرتير حديثه بوداع مقتضب وخرج من الغرفة.
كان تعبيره الجاف يثير قلقي.
هل هو مستاء؟
في الماضي، كنت دائمًا أصطحبه معي.
لقد كان ليثي يرافقني دائمًا كحارس شخصي وسكرتير أينما ذهبت.
في الواقع، كان بإمكان ساندرا أن تُعيَّن مع شخص آخر غير ليثي، خاصة أن أليس الآن تحت المراقبة.
ولكن…
يجب أن أبدأ في الابتعاد عنه.
ليس من أجلي، بل من أجله.
حتى يتمكن من العيش حياة كريمة بعد أن أترك هذا العالم.
***
في اليوم التالي، انطلقت في رحلتي إلى كالتوسا برفقة كارل.
استغرقت الرحلة أسبوعًا كاملًا في العربة، لكن قبل وصولنا مباشرة، حدث ما لم يكن في الحسبان.
“أعتذر، لكنني لا أستطيع المضي قدمًا”
أعلن السائق عن توقفه.
“أرجو المعذرة، سيدي”
كان الارتباك واضحًا على وجه كارل.
“نحن على بُعد يوم واحد فقط، كيف يمكنك أن تقول هذا الآن؟”
“لكن… إنها كالتوسا”
أجاب السائق بحزم.
“خمسة آلاف شخص ماتوا ملوثين في كالتوسا،
يقولون إن الأشباح ما زالت تظهر هناك!”
“ما هذا الهراء الذي تقوله؟”
“إنه حقيقي! أحد أصدقائي ذهب بدافع الفضول ولم يعد أبدًا!”
قال السائق مرتجفًا ووجهه شاحب.
“هناك من سمع الصرخات بنفسه أثناء مروره بجانبها ليلاً.
صرخات تشبه احتراق أحدهم حيًا”
“صرخات؟ ربما كانت مجرد غزال”
“أعتذر حقًا.
لكنني لا أستطيع الاستمرار.
حتى لو خسرت وظيفتي، لا أستطيع الذهاب هناك…”
تنهدت من داخل العربة.
ماذا يمكنني أن أفعل أمام رفض كهذا؟
“عمي، دعنا نكمل الرحلة بمفردنا”
كارل بدا غير راضٍ لكنه لم يجادل السائق أكثر.
“حسنًا، لم أقد عربة من قبل”
انتهى الأمر بكارل جالسًا في مقعد السائق.
“دانا، هل تشعرين بالخوف وحدك في العربة؟”
“كلا”
خائفة؟ مجرد التفكير في رؤية كارل وهو يتعرض للفشل التام عند وصولنا إلى كالتوسا يمنحني شعورًا بالبهجة.
ابتلعت أفكاري بابتسامة.
“سأقود العربة بنفسي، ارتاحي في الداخل.
سنصل بعد يوم آخر من السفر”
لكن توقعات كارل كانت خاطئة.
العجلة الأمامية للعربة التي كان يقودها السائق المبتدئ كارل علقت في حفرة عميقة.
“تبًا!”
انقلبت العربة بعنف.
“آه!”
تحطمت العربة بصوت مدوٍ، وبدأت الخيول بالهرب بعد أن تحررت من اللجام.
“دانا!”
كارل لم يلاحق الخيول الهاربة، بل ركض نحوي ليسحبني من بين حطام العربة المحطمة.
“دانا! هل أنت بخير؟!”
كنت محاصرة تحت الحطام، أتنفس بصعوبة.
تمكن كارل من إزاحة الحطام وسحبني خارجًا.
“عمي”
كانت الدماء تنساب من رأسي.
نظرت حولي بابتسامة خافتة.
الغابة المظلمة، العربة المحطمة، الخيول التي هربت بالفعل.
وأنا، المصابة بشدة،
وكارل ويندسور البائس الذي بدا مرتبكًا وقلقًا.
هل يمكن أن يكون هذا الرجل يحاول قتلي الآن؟
لا، هذا مستحيل.
مدة الوصاية المحددة بخمس سنوات لم تنتهِ بعد.
إذا مت الآن، لن يرث شيئًا مني.
إذًا، هل كان هذا مجرد حادث؟
“دانا، هل أنتِ بخير؟ قولي شيئًا.
دانا؟”
ما هذا؟ كنت أنا من يدبر المكائد لتدميرك، مُرشدة إياك نحو فخ…
“عمي”
“نعم؟ أنا هنا!”
“أنت عديم الفائدة تمامًا”
“هاه؟”
ماذا تعني “هاه” أيها الأحمق؟
هل أبدو على ما يرام، أيها الغبي؟
أغمضت عيني ببطء.
“دانا! لا تستسلمي!
استيقظي! افتحي عينيكِ! كلااا-“
صرخته اليائسة كانت قريبة من الهزل.
سيكون من المضحك حقًا لو لقلقيت حتفي هنا في مكان كهذا.
وبهذه الفكرة،
اغمضت عيني وفقدت وعيي.