أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 58
“أحقًا تمتلكين النسخة الأصلية من المخطوطة؟”
“…نعم”
ابتلعت ريقي بصعوبة، وشعرت بجفاف في فمي وثقل يسيطر على لساني.
“بحوزتي النسخة الأصلية، يا جلالة الإمبراطور”
سادت لحظات من الصمت مرة أخرى، وفي خضم هذا السكون، وجدت نفسي تائهة في دوامة من الارتباك.
عدم إدراكي لموقع الإمبراطور جعلني أكثر توترًا.
أين يقف الآن؟ هل ما زال خلفي؟
“سأكرر سؤالي مرة أخرى”
قبضت على يدي بقوة، مستعدة لتلقي صدمة جديدة.
كان أمامي تمامًا.
هذه المرة، وقف الإمبراطور مقابلتي مباشرة.
حافة ردائه الأبيض النقي، الخالي من أي زخرفة، انزلقت على الأرض بشكل لافت.
“هل تمتلكين حقًا النسخة الأصلية من المخطوطة؟”
أجبت بحزم:
“نعم، يا جلالة الإمبراطور، أعلم أنه من الصعب تصديقه، لكنني وجدت النسخة الأصلية”
بقي صامتًا، وكأن الشكوك تملأ عقله.
وكان هذا متوقعًا.
فالنسخة الأصلية من المخطوطة فُقدت منذ أكثر من ألف عام ولم تكن موجودة إلا في الأساطير.
رجاءً، قل شيئًا… شعرت بأن الهواء يضيق حولي، وكأنني أختنق. لكن أخيرًا تحدث الإمبراطور.
“ارفعي رأسك، دانا ويندسور”
كنت أنتظر هذا الأمر، ومع ذلك شعرت بثقل عند رفع رأسي.
لكن لم يكن لي خيار سوى الامتثال.
رفعت رأسي ببطء لتلتقي عيناي بعينيه، وحاولت ألا أغمض عيني رغم التوتر.
الإمبراطور كان يشع كالشمس في أوجها.
شعره الذهبي البراق ووجهه المنحوت كأنه تجسيد للحاكم الشمسي كانا يملآنني بالرهبة والارتجاف.
“سيكون من الحكمة أن تتجنبي الكذب”
لكنني لا يجب أن أخدع بمظهره الملائكي.
الإمبراطور يوستيو كان سابقًا أحد الكرادلة السبعة ورئيس محاكم التفتيش الرهيب في الكنيسة المقدسة.
لقد كان الشخص الذي يخشاه البرابرة أكثر من أي إنسان آخر…
الشائعات التي تتحدث عن قتله لما يقرب من ألف من عبدة الشياطين خلال حملاته ضد البرابرة لم تكن مجرد حكايات مبالغ فيها.
إضافة إلى ذلك، يوستيو كان إمبراطورًا غير راغب في تولي العرش، بل أُجبر عليه بوحي إلهي.
لقد تم اختياره من قبل السماء، وكان يبدو أقل إنسانية وأكثر كيانًا مقدسًا.
مجرد التفكير في التعامل معه مرة أخرى كان مرهقًا للغاية.
“يا جلالة الإمبراطور، هل تذكر حينما قمت بتطهير الأرض الفاسدة؟” بدأت الحديث بهدوء.
أشار لي بالاستمرار، فشعرت بشيء من الثقة وواصلت.
“عندما طهرت تلك الأرض، شعرت بشيء غير مألوف. وبعد عملية التطهير، بدأت تتكرر رؤى في أحلامي على مدار عدة سنوات”
“…”
“طلبت من سكرتيري حفر الموقع بناءً على تلك الشكوك، واكتشفنا المخطوطة هناك”
ما قلته قد يبدو للآخرين ضربًا من الخيال، لكنه ليس كذلك عندما يأتي مني.
أنا، دانا ويندسور، التي طهرت الأرض الفاسدة، وهي كارثة طبيعية رهيبة.
إذا كان لدي قدرات أخرى، فسيكون من السهل التصديق.
وما قلته كان أقرب ما يكون للحقيقة؛ إذ عثرت على موقع المخطوطة الأصلية من خلال ذاكرة الأرض.
نعم، هذا صحيح.
لا يمكنك تجاهل هذا الأمر.
خاصة وأنها المخطوطة الأصلية.
المخطوطة تحمل كلمة الحاكم.
لم ير أحد النسخة الأصلية من قبل.
المخطوطات الحالية ليست سوى نسخ متكررة عن النسخة الحقيقية، وهذا ما يفسر الشائعات التي تحيط بتلاعب محتواها.
في الواقع…
“منذ عشر سنوات، أحضر داميان ويندسور نسخة من المخطوطة”
وقد تغيّر محتوى المخطوطة عدة مرات منذ ذلك الحين.
“ألم يكن اكتشاف داميان ويندسور هو ما مهد الطريق لعصر جديد يتبنى حاكم القمر، دانا ويندسور؟”
لم أجب.
فقد بدا أن الإمبراطور لم يكن ينتظر مني أي رد.
في الأصل، كان يُنظر إلى حاكم القمر على أنه شيطان.
شيطان تُعبد من قبله قبائل البربر، وكان يُعتبر على نفس المستوى من الشر.
لكن قبل عشر سنوات، اكتشف والد دانا جزءًا من مخطوطة قديمة.
عثر “داميان ويندسور” على كنز هائل في جزيرة الكنز، بالإضافة إلى هذا الجزء من المخطوطة.
وقد كشفت المخطوطة أن حاكم القمر ليس شيطانًا، بل هو حاكم رحيم وعظيم، مشابه حاكم الشمس.
قام داميان بنشر هذا الاكتشاف، مما أحدث ضجة هائلة في القارة.
ومنذ ذلك الحين، بدأت الانقسامات الدينية تتصاعد.
البروتستانت اعترفوا بحاكم القمر، بينما رفضته الكنيسة الكاثوليكية.
وهكذا، أصبح من يصدق بمخطوطة “داميان” يُعرفون بالبروتستانت، بينما من لا يؤمن بها يُعتبرون كاثوليك.
كان “يوستيو” كاثوليكيًا، وكان يعتقد أن المخطوطة التي جلبها “دلميان” مزيفة.
“لكن الآن، تأتي ابنة داميان بالمخطوطة الأصلية.
يبدو أن الاكتشافات هي إرث عائلي”
صوت الإمبراطور كان هادئًا، خالٍ من أي نوع من السخرية، لكنني شعرت بسخرية غير معلنة.
“كما تعلمين، أعتبر داميان وندسور محتالًا مشهورًا ومجدفًا بالمقدسات”
“…”
“بفضل اعتناقهم حاكم القمر، بدأت عائلة “ويندسور” أعمالها في القارة الجنوبية، وأصبحت من أغنى العائلات في فترة قصيرة”
من الأمثلة البارزة على ذلك هو “زهرة ضوء القمر”.
كانت هذه الزهرة محظورة التداول، قادمة من أراضٍ وثنية في القارة الجنوبية ورمزًا لحاكم القمر.
وقد احتكرت عائلة “ويندسور” استيرادها.
وبما أنني كنت قد تلقيت تهديدًا بناءً على هذا الأمر، كان من المفهوم أنني كدت أُخنق في السابق.
وبينما كنت أفكر في ذلك، شعرت بألم في رقبتي مجددًا.
“!…”
مدّ الإمبراطور يده مرة أخرى.
هل سيفعل ما فعله من قبل؟!
“ولكن”
بيديه الأنيقتين، رفع ذقني برفق.
“أين هذه النسخة الأصلية؟”
“إنها ثمينة، لذا لم أتمكن من إحضارها”
“لابد أن هناك سببًا آخر…”
تمتم الإمبراطور لنفسه بابتسامة ساخرة، ثم سحب يده وسأل مباشرة.
“ماذا تريدين هذه المرة؟”
أخيرًا وصلنا إلى النقطة الرئيسية.
أجبت بسرعة:
“أريد فسخ خطوبتي من رايوس”
“إذا كانت النسخة التي تحضرينها هي الأصلية بالفعل، فسأوافق”
وافق الإمبراطور بسهولة غير متوقعة.
ثم تراجع خطوة إلى الوراء.
“ولكن إذا تبين أنها ليست الأصلية…”
كنت أتوقع أن يهددني بالقتل مرة أخرى.
هذا ما كنت أفكر فيه.
“سأبيد عائلة ويندسور عن بكرة أبيها”
“…”
ماذا؟
تفرست فيه مذهولة.
كان وجه الإمبراطور هادئًا، ولم يكن التهديد مجرد محاولة لترهيبي.
لقد كان يعبر عن خطته بوضوح.
“كيف تجرؤون على العبث بالأجيال؟
لدي ما يكفي من الأدلة لتوجيه تهمة التجديف ضد الإمبراطورية والقداسة”
ثم استدار الإمبراطور.
كانت عباءته البيضاء تتطاير خلفه، كما لو أنها لا تجمع أي غبار.
“أرسلي النسخة الأصلية.
سنتحدث مجددًا بعد التحقق منها “
وأثناء توجهه نحو العرش، أضاف:
“دانا وندسور، سمعت أنك تملكين حبًا عميقًا لعائلتكِ”
“…”
“يبدو أنكِ قد بلغتِ أقصى درجات اليأس إذا كنتِ على استعداد لتعريض أرواح الآخرين للخطر من أجل إنهاء خطوبتكِ من ولي العهد”