أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 52
وجهتُ كل تركيزي على التحكم بتعابير وجهي، متجنبة أن أبدو مفرطة في السعادة.
“أحقًا؟”
“نعم
. قبل أن يغادر فييغو في رحلته، أوعز للخدم بتجهيز مكتب خاص بكِ”
“آه، فهمتُ”
يا لها من راحة.
كنت قلقة من أن يُنظر إليّ على أنني فاشلة بعد ما حدث من إراقة الدماء في أراضي ويندسور.
لكن يبدو، ولحسن الحظ، أن الأمر يُرى كنجاح.
وهذا يعني أن عائلة ويندسور تمنحني مكانًا بينها.
وهذا يعني…
لو أنني فقط أُنهي خطبتي من رايوس…
سأصبح أقرب إلى منصب نائب الرئيس.
إذ إن هذا المنصب محفوظ فقط للورثة الشرعيين لعائلة ويندسور.
وإن قرر كارل ويندسور التنحي، ربما…
سيصبح المنصب لي.
نظرتُ إلى الجوهرة اللامعة في إصبع كارل.
“دانا؟”
“نعم؟”
“ألا تشعرين بالبرد؟”
“قليلًا.
آه…”
توقفت كلماتي فجأة عندما لفّ كارل وشاحه حول عنقي.
ثم وضع يده على كتفي، جاذبًا إياي نحوه.
كانت دفء يده يبعث على الطمأنينة…
“ما الخطب، دانا؟”
ابتسم كارل بلطف.
“هل تودين قول شيء؟”
“فقط…”
ارتسمت على وجهي ابتسامة متصلبة.
“عمي دائمًا ما يعلق على ذلك”
“ماذا تعنين؟”
“عمي دائمًا ما يقول إنني أبدو وكأنني أتجمد بردًا”
“آه، نعم، هذا صحيح”
ضحك كارل، مدركًا ما أعنيه.
وسامته المفرطة كانت مثيرة للانزعاج.
“هل تتحدثين عن ما حدث في الماضي؟”
“في الماضي؟”
“عندما جئتِ إلى هذا القصر لأول مرة.
أصبتِ بنزلة برد شديدة بعد أسبوع تقريبًا”
“آه…”
نعم، أتذكر تلك الحادثة جيدًا.
كان مرضًا قاسيًا شعرت معه بالخوف.
كنت غريبة في عالم لا أعرفه وبين أشخاص لم أتعرف عليهم بعد، ولم أتمكن من الاسترخاء حتى وأنا مريضة.
حينها، ووسط التوتر، لم أتمكن من النوم لعدة ليالٍ بسبب القلق.
ولكن حينها…
“لا تقلقي، ونامي”
أمسك كارل بيدي، محاولًا تهدئتي وسط قلقي.
“لا داعي للقلق، فلا شيء هنا في هذا القصر يمكن أن يؤذيك، يمكنك أن تنامي بسلام”
تسللت نبرته الهادئة والدافئة إلى وعيي المتلاشي. كان صوته واضحًا وحاضرًا لدرجة أنني شعرت كما لو أنه ما زال يهمس في أذني حتى الآن…
“سأحميكِ”
كدت أطلق ضحكة مكتومة، لكنني أمسكت نفسي كيلا انفجر ضاحكة.
هل كان يخطط للاستيلاء على ثروتي منذ ذلك الحين؟
“لم أنسَ مظهرك في ذلك الوقت”
“أحقًا؟”
“نعم.
في كل مرة أراكِ، أرغب في أن أخلع شيئًا وان ابقيكِ دافئة.
هاها”
ضحكت معه، ضحكة باهتة، ولكنني تذكرت…
“علينا ضمان موتها المبكر”
لطالما ترددت هذه الكلمات القاسية في ذهني.
وهذا ما يخيفني منك.
وفي ذات الوقت، يثير لدي فضولًا لا يُحتمل.
كيف تخطط لقتلي؟ بالسم؟ بسكين؟ أم…
“عمي”
أم بهذه اليدين؟
“يداك باردتان، عمي”
وضعت يدي على يده التي كانت على كتفي.
“يداك متجمدة كالجليد”
شعرت بنعومة يده تحت أصابعي، لكنها كانت مشدودة، تبرز منها الأوتار، و… الأثر المقدس.
لو كان بإمكاني أخذه الآن.
“ربما عليّ أن أشتري لك قفازات”
“شكرًا لك على هذا الاهتمام.
حقًا، أنتِ الوحيدة التي تهتمين بي، دانا”
“بالطبع، أنا دائمًا قلقة عليك،
عمي”
بكل لطف، رفعت نظري لألاحظ تلك النظرة الثاقبة التي شعرت بها منذ فترة.
كان مصدرها ساندرا، التي كانت تراقبنا بنظرة ملأها الغلّ من داخل القصر.
كيف ترينني، وأنا الشخص الذي تكرهينه، أُغمر بعطف زوجك؟
حتى مع علمها بنواياه الخفية، لا بد أنها كانت عاجزة عن تحمل هذا المشهد، شعور بالحسرة والمرارة، وربما الكراهية تجاه زوجها…
إذن، اغادر هذا الرجل سريعًا.
كنت أرجو أن يُترك كارل وندسور معزولًا، منبوذًا من الجميع، ليغدو وحيدًا.
وبعيدًا عن مسألة الأثر المقدس، تمنيت له بكل صدق بؤسًا عميقًا لا يُطاق.
ليغرق كارل وندسور في شقاءٍ عميقٍ بلا حدود.
***
“تهانينا، سيدتي دانا! أصبح لديك مكتبك الخاص الآن!”
دخل الفيكونت مانوس حاملاً باقة من الزهور لتهنئتي.
“أشكرك.
سأعتمد عليك في المستقبل، فيكونت مانوس”
لمست سطح مكتبي الجديد بلطف.
“متى سيعود أخي؟”
“أعتقد أنه سيعود بعد نحو أسبوع.
لقد ذكر أنه سيوكل إليكِ عملًا فور عودته”
أشار الفيكونت مانوس بيديه كأنما ينصحني بالاستعداد.
“لذا خذي قسطًا من الراحة حتى ذلك الحين.
لقد مررتِ بأوقات عصيبة في أراضي وندسور”
لم يكن فييغو الغائب الوحيد.
حتى ليثي لم يعد بعد.
أرسلته لجمع معلومات حول صفقة مع الإمبراطور، لكنه لم يعد بعد.
والإمبراطور لا يزال في الفاتيكان…
كان جدولي مزدحمًا للغاية.
لذا، قليل من الراحة لن يكون سيئًا.
عليّ أن أرد على الرسائل المتراكمة.
خلال فترة غيابي، تراكمت العديد من الرسائل. ولكن…
[إلى السيدة دانا المحبوبة، من جاستن لانكاستر]
ألم يتخلَّ بعد؟
في المرة السابقة، لم أرد على رسالته، وكان ذلك بمثابة رفض، لكن لا يُصدق أنه أرسل خمس رسائل أخرى، وآخرها وصل بالأمس.
[أعتذر إن كانت مشاعري تشكل عبئًا عليك.
أنا آسف.
لن أكون مصدر إزعاج إذا كنتِ لا ترغبين.
أرجوك، اسمحي لي بسماع ردك هذه المرة.
أستجدي عطفك، سيدتي دانا.]
همم.
عبست دانا قليلاً.
يبدو أنه… لا يفهم؟ فهو بنفس عمر نواه.
ربما شاب في السابعة عشرة لا يدرك أن الصمت كان رفضًا لطيفًا.
قد يكون الأفضل أن أكون واضحة معه.
وأثناء تفكيري في الأمر، اكتشفت شيئًا آخر داخل الظرف.
كانت تذكرة لحفل بيانو.
حفل للعازف الشهير مورغان دايل، والموعد… اليوم؟ وفقط بعد قليل من الآن؟
تأملت قليلاً ثم نهضت.
بدا التوقيت مناسبًا.
ربما من الأفضل أن أذهب وأوضح الأمر له بجلاء.
***
أمام قاعة الحفل الموسيقي، كان جاستن لانكاستر يقف حاملًا باقة من الورود البيضاء.
“س-سيدتي دانا!”
عندما رآني، صاح جاستن لانكاستر.
ثم أسرع بوضع يده على فمه، وكأنه أدرك أنه رفع صوته دون قصد.
“آسف! لقد كنت متفاجئًا للغاية!”
“لا بأس بذلك”
“شكرًا جزيلاً على قدومكِ وقبولكِ دعوتي! أنا سعيد جدًا!”
قدم لي جاستن باقة الورود، ويداه كانتا ترتجفان من التوتر.
“آسفة، لكن لا يمكنني قبول هذه”
كان من الأفضل قولها بسرعة.
أعدت الباقة إليه بابتسامة تعبر عن الشفقة.
“يا متدرب لانكاستر، سيكون من الأفضل ألا ترسل لي مثل هذه الرسائل بعد الآن”
“ماذا؟”
“هذا هو سبب مجيئي إليك.
آسفة لأنني لم أقولها في وقتٍ أبكر”
“ل-لماذا؟”
“…”
“م-ما الذي لا يعجبك فيّ؟”
للحظة، عجزت عن الإجابة.
لماذا؟ هل حقًا سألني ‘لماذا’ بهذه السرعة؟
“حسنًا”
هناك أسباب عديدة تجعل الأمر غير ممكن.
اخترت الأكثر منطقية.
“أيها المتدرب لانكاستر، أنت صغير جدًا بالنسبة لي. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال قاصرًا”
“ل-لقد بلغت سن الرشد مؤخرًا!”
“…عيد ميلاد سعيد.
لكنك لا تزال صغيرًا جدًا بالنسبة لي”
بدا جاستن وكأن الصدمة تملكت ملامحه.
“ولكن اللورد كارل تزوج من السيدة ساندرا عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، وكانت تكبره بعشر سنوات!”
لماذا أتى على ذكر كارل الآن فجأة؟