أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 4
دانا ويندسور، النبيلة الرفيعة المقام في دوقية ويندسور، تلك المرأة التي أُطلق عليها لقب القديسة بفضل قدرتها العجيبة على تطهير “الأراضي المتعفنة”، الكارثة التي جلبت الدمار.
ومع ذلك، هذا الجسد لم يكن يُعتبر شيئًا يُذكر قبل أن أمتلكه.
طوال حياته كان أشبه بجثة حية، جسد بلا حياة، بل أسوأ من ذلك، جسد أجوف تمامًا، مُبتلى بمرض نادر يُدعى “مرض الدمية”، جسد ولد بلا روح، لا يعدو كونه وعاءً فارغًا.
عندما استحوذت على هذا الجسد الفارغ، كرست كل جهدي لأعيش من خلاله.
ومع مرور الوقت، بدأت الأحاديث تتوالى حولي:
“دانا ويندسور؟ إنها تلك التي طهرت الأراضي المتعفنة”
“السيدة دانا دائمًا ما ترتسم على وجهها ابتسامة.
لا أظن أنني رأيتها يومًا دون أن تبتسم”
“إنها لطيفة إلى حد يجعلها تبدو ضعيفة أمام الآخرين”
“أليست تلك المرأة تقدم كل شيء لعائلتها؟”
هكذا كانت الآراء التي تشكلت حول دانا ويندسور خلال السنوات الست التي قضيتها في هذا الجسد.
كنتُ امرأة لطيفة ووديعة، هادئة كالحمل الوديع.
لكن، عندما كنت “يون دانا”، كانت الأمور مختلفة تمامًا… بل كانت عكس ذلك تمامًا.
“يون دانا؟ تلك المجنونة؟”
“هذه المرأة ليست طبيعية.
ترتكب أفعالًا شنيعة وهي تبتسم.
لا شك أنها تعاني من اضطراب في الشخصية”
“إنها باردة القلب، لا تعرف الرحمة.
قلبها متجمد بالكامل”
“نعم، هي مرعبة أكثر لأن مظهرها الخارجي يبدو طيبًا”
عشت حياتي كـ”يون دانا” ببرودٍ وقسوة.
لم يكن لدي خيار سوى ذلك، فقد كنتُ محاطة بالعديد من الأعداء.
يون دانا كانت الابنة غير الشرعية لعائلة ثرية.
منذ طفولتي، كنت أتعرض للاحتقار من قِبل الأقارب البالغين، وأُستبعد من أبناء عمومتي.
وسط تلك الصعوبات، صقلت قوتي كما يُصقل الحديد، وأصبحت أقوى.
وفي النهاية، حطمت جميع أقاربي الأكثر قوة وانتزعت النصر.
“يون دانا، أنتِ الأفضل بين أبنائي وأكثر كفاءة”
اعترف بي رئيس العائلة كالقائد الأكبر، وأصبحت الوريثة الوحيدة لثروة هائلة.
وفي ذلك اليوم، احتفلت منتشية بنصرٍ أخير.
أخيرًا، فزت.
سحقت أولئك الأقارب الذين سعوا إلى تدميري، وأخيرًا انتصرت!
كانت تلك أفضل لحظة في حياتي، لكن… كنت وحيدة تمامًا في تلك اللحظة.
الصمت كان خانقًا وثقيلًا.
لم أستطع تحمل الوحدة، فقمت بتشغيل التلفاز، وبالصدفة، كان هناك فيلم وثائقي عن عائلة تعيش في غرفة ضيقة.
غرفة مكتظة، عائلة مجتمعة تأكل البرتقال…
[هاهاهاها!]
عندما سمعت ضحكاتهم، اجتاحتني رغبة ملحة.
أردت ذلك الدفء والحنان.
أردت تلك الضحكات، ذلك الدفء، تلك السعادة… لكن ذلك كان الشيء الوحيد الذي لا أستطيع امتلاكه.
لا بالمال، ولا بالجهد.
لذا، عندما امتلكت جسد “دانا ويندسور”، عقدت العزم على نيل ما حرمت منه في حياتي السابقة.
قررت أن أعيش حياة مختلفة.
لا داعي للغرق في الصراعات كما كنت أفعل في عالمي السابق، أليس كذلك؟
لم أكن أتخيل يومًا أن يُطلق عليّ لقب “الساذجة”، لكن كان ذلك أمرًا يمكن تقبله.
لقد حصلت أخيرًا على ما كنت أشتاق إليه.
ولهذا، عندما قرأت “ذكريات الأرض”، تجاهلت الأمر.
الأرض لم تكشف لي فقط عن وجود الآثار المقدسة، بل أظهرت لي مواقع المناجم المخفية، والموارد النادرة، وأسرارًا ومعلومات هائلة كانت مدفونة في أحشاءها.
لكن…
قررت أن أترك كل شيء.
لو كنت ما زلت “يون دانا”، لكنت استغليت تلك المعلومات بأقصى حد.
كنت سأستخدم نقاط ضعف الآخرين لأحولهم إلى تابعين لي، أو أجمع الكنوز وأبدأ بالتنقيب عنها.
تلك المرأة التي كانت تلهث وراء النجاح بشراهة، المهووسة بالمال. لكن…
تلك كانت “أنا” القديمة.
لقد طهرت نفسي الآن.
قررت هذه المرة أن أعيش حياة مليئة بالحب والمودة.
لا حاجة لي بالأموال هنا، فلماذا أتعامل مع الأمور المعقدة؟
نعم، حياة “يون دانا” كانت تمثل تاريخي المظلم.
… أو هكذا اعتقدت.
لكنني لم أكن أعلم أن ذلك التاريخ سيغدو أكثر عمقًا وظلمة.
***
في تلك الليلة التي أدركت فيها أنني قد خُدعت، وقفت أمام المرآة.
كان شعر فضي ينساب بسلاسة، وعينان خضراوان تلمعان بهدوء، وكانت المرأة في المرآة تحدق في وجهي.
“دانا ويندسور”
لقد عشت بسعادة في هذا الجسد.
لكن…
كنت أنوي العودة إلى عالمي الأصلي.
مهما كانت السعادة هنا، ومهما كانت مشاعري تجاه الآخرين، إلا أن… هذا ليس جسدي.
لم أكن أستطيع تحمل فكرة أن أعيش حياتي بأكملها في هذا التناقض.
لذا، رغم الألم، قررت أن أرحل.
حاولوا منعي بكل الوسائل.
لم أتمكن من تركهم يبكون ورائي.
فقررت البقاء…
“لن تذهبي إلى أي مكان الآن!”
عندما تذكرت كيف صرخ رايوس بتلك الكلمات مغرورًا، لم أستطع إلا أن أبتسم.
“ما الذي ستفعلينه؟ لا خيار أمامكِ سوى التأقلم مع الاوضاع”
ترددت كلمات “رومي” في الأجواء.
أن يقوموا بتغيير موقفهم الآن بعد إغلاق بوابة الأبعاد؟
يبدو أنهم يعتبرون ذلك أمرًا ممكنًا لأنهم يعتقدون أن البوابة لن تُفتح مجددًا إلا بعد مرور مئة عام.
في عالمي هناك قول مأثور:
“إذا لم تحتمل حرارة المطبخ، فغادره”
حسنًا، سأغادر هذا العالم، أيها الأوغاد الملعونون.
أولًا، يجب أن أحصل على الأثر المقدس.
بقوة هذا الأثر الذي يحتوي على الطاقة الإلهية، سأتمكن من فتح بوابة الأبعاد والعودة إلى جسدي الأصلي.
وهذا الأثر كان قريبًا، قريبًا جدًا، هنا في قصر ويندسور.
***
“أنا آسفة!”
في اليوم التالي، جاءت أليس لمقابلتي.
“أنا آسفة، أختي دانا.
حقًا، أنا آسفة”
حدقتُ في أليس بهدوء.
أليس ويندسور، ابنة عم دانا.
أحببتها بصدق.
كان شعرها الوردي يشبه السحاب، وجهها لطيفًا أشبه بالأرنب، وحتى أسلوب حديثها الذي كان يتسم بلثغة مميزة، أحببت كل شيء فيها.
ولكن الآن…
“أنا آسفة، أختي.
أنا حقًا آسفة”
أصبحت الآن مجرد فتاة بغيضة.
“لم أكن أريد أن أفعل ذلك.
لم أرغب في إيذائكِ، لكنني…
لم أستطع التوقف، أختي دانا. لم أستطع”
ثم، كما لو كانت بطلة مأساوية، ركعت على ركبتيها وبدأت في البكاء.
“الحب لا يسير حسبما نشاء، أليس كذلك؟ أنتِ كنتِ في حالة حب من قبل، لذا لا بد أنكِ تفهمين، أليس كذلك؟”
“…”
“أنت تعرفين كيف يمكن للحب أن يجعلك تتصرفين بجنون.
كنتِ أيضًا مغمورة في حبكِ، ولهذا بقيتِ في هذا العالم…”
“…”
“أنا آسفة، أختي.
تنهد، أنا آسفة”
“أنا آسفة لأنني خدعتكِ، لكن…”
قبضت أليس بيديها ورفعت رأسها بثبات.
“لكنني لستُ آسفة على حبي لجلالته”
“حبي ليس خطيئة”
“…”
في تلك اللحظة، ضحكت بصوت عالٍ.
لم أستطع إلا أن أضحك.
“إذا لم يكن خطيئة، فلماذا كنتما تتقابلان سرًا؟”
سألتها مبتسمة ابتسامتي المعتادة.
“أ-أختي؟”
“نعم، إذا لم يكن ذلك خطيئة، فلماذا كنتِ تختبئين تحت المكتب؟ مثل الجرذ”
عند سماع تلك الكلمات، تحول وجه أليس إلى اللون الأحمر.
“أختي، أن تصفي شخصًا بأنه جرذ… هذا قاسٍ جدًا”
حقًا؟ هل كان تعليقي قاسيًا؟ لسبب ما، واصلت الضحك، وجدت الموقف بأكمله سخيفًا.
هل أحببت هذه الفتاة طوال هذه المدة؟
كان الأمر كما لو أنني استيقظت من نوم مغناطيسي عميق.
لا أصدق أنني أحببت بصدق شخصًا كهذا.
كل هذا لأنني كنت ساذجة.
اعترفت بذلك بسهولة.
لقد تم خداعي.
خداعًا تامًا، مثل ساذجة.
وبالفعل، كنت فتاة ساذجة.
لم أعرف طعم الحب العائلي ولا الحب الرومانسي من قبل، كنت مجرد ساذجة.
حسنًا، يكفي هذا.
إدراكي لغبائي يجعلني أفهم أن عليّ التوقف عن التصرف بجهالة.
نظرت إلى الساعة.
مرت خمس دقائق منذ أن وصلت أليس.
لم أطلب منها الرحيل عن عمد.
تركتها تبكي وتئن لمدة خمس دقائق…
وحان الآن الوقت للبدء.
وقفت من مكاني.