أجاهد لإنهاء هذا التلبس || I’m Trying to End This Possession - 19
اقترب “هوان” بخطى واثقة وجلس بجانبي، قائلاً بنبرة هادئة:
“ما أتعسكِ يا دانا”
ثم أضاف بابتسامة خبيثة:
“لا تكوني متحفظة، اختاريني.
سأجعل حياتكِ مليئة بالسعادة”
فأجبته بنبرة باردة:
“أرجوك، اخرج،
نظر إلي بتعجب:
“ماذا؟”
فأردفت بحزم:
“يا لك من وقح، كيف تقتحم غرفتي دون إذن؟”
ابتسم بسخرية وأجاب:
“وما المشكلة؟ سنشارك نفس السرير بعد الزواج”
ثم مسحني بنظراته المريبة وقال:
“وإذا أردتِ، يمكننا أن نبدأ الآن”
شعرت بقشعريرة تجتاحني.
ما هذا الجنون؟ وما الذي يقوله بتلك النظرات المنحطة؟
اقترب أكثر وقال:
“ماذا لو جربنا النوم معًا؟ أعدكِ أنكِ ستبدئين بالإعجاب بي أكثر”
رفعت نظري نحوه بنظرة مملوءة بالاحتقار وأجبته:
“اغرب عن وجهي”
فقال مذهولاً:
“ماذا؟”
أعدت عليه القول بحدة:
“قلت اغرب.
لا أطيق رائحتك الكريهة”
وقف هوان مصدومًا وهو يراقبني بابتسامة تزداد استفزازًا.
ثم أضفت بعبارة تقصدت أن أجرحه بها:
“أنت تظن نفسك شيئًا كبيرًا؟ لست حتى بمستوى أليس في الكفاءة”
كانت كلماتي كالسهم الذي أصاب كبرياءه الهش في مقتل.
***
في حانة ضيقة تقع في أحد الأزقة المظلمة، ضرب هوان رولاند زجاجة الخمر على الطاولة بغضب شديد، صارخًا:
“اللعنة! اللعنة، اللعنة!”
كانت حالته النفسية في أسوأ وضع منذ فترة.
كيف لا؟ النساء حوله جعلنه يفقد عقله!
دانا ويندسور… تلك المرأة الماكرة.
ظنها لطيفة وودودة، لكنها كانت مليئة بالسم.
ماذا؟ اغرب عن وجهي؟ لا أحتمل رائحتك؟ تقول ذلك لي، زوجها المستقبلي؟ انتظري حتى نتزوج، سأعلمك درسًا لن تنسيه!
لكن دانا لم تكن الوحيدة التي تثير جنونه.
أليس، تلك الفتاة الصغيرة المتكبرة!
مؤخرًا، انقلبت حياته رأسًا على عقب بسبب نجاح “أليس” الذي جعله يشعر بالتفاهة.
“يبدو أن خالي يفتقر إلى الذكاء أكثر مما كنت أعتقد”
قالت له أليس بلهجة مليئة بالغرور والاحتقار.
ثم أضافت بابتسامة خادعة:
“فكرة بيع المصابيح، لو توقفت بسبب اعتراض خالي، لكانت كارثة، أليس كذلك؟”
ورغم مظهرها اللطيف، كان هوان يدرك تمامًا أنها تسخر منه.
تلك الفتاة التي كانت تجلس في غرفتها وتعزف الموسيقى، أصبحت الآن تتدخل في أمور لا تخصها!
شعوره بالنقص كاد أن يقضي عليه.
لطالما كان هوان الفاشل في عائلة “رولاند”.
لم يتقن الرماية، ولا المبارزة، ولا أي شيء آخر.
كان دائمًا خيبة أمل لعائلته البحرية العريقة.
والده، القائد البحري، لم ير فيه إلا مصدرًا للإحباط والعار.
“تعلم من ابن أختك، رومي.
يا له من عار عليك”
ابن أخيه الصغير، الذي تسلق مراتب الجيش وأصبح قائدًا لأعظم سفينة حربية في الإمبراطورية.
كان “رومي” يجعله يشعر بالدونية أيضًا، لكنه استطاع أن يتحمل ذلك، لأنه رجل.
رجل يحمل الدماء البحرية العريقة لعائلة “رولاند”، وتلقى تعليمه في بيت “ويندسور” العسكري.
لكن “أليس”؟ فتاة؟ كيف يمكن لفتاة أن تتفوق عليه بهذا الشكل؟
لكن الأمر لم يكن مسألة غيرة فقط.
“أنا لست مؤهلاً للعمل تحت إمرة أحد.
انتظروا فقط، سأجعل دانا زوجتي بأي وسيلة، وسأبدأ مشروعي بثروتها.
وحينها، سأثبت للجميع قدراتي الحقيقية!”
لهذا السبب، جاء إلى هذه الحانة.
“سيدي، الطلب الذي طلبته جاهز”
كان ذلك لأجل هذه الصفقة القذرة.
التاجر الذي أمامه سلّمه مغلفًا أسود بنبرة متحفظة قائلاً:
“جرعة الحب التي يصنعها الشامان”
سأله هوان بحذر:
“هل أنت متأكد من أنها تعمل؟”
فأجابه التاجر بثقة:
“بالتأكيد.
كل ما عليك فعله هو إضافة شعرة إلى الجرعة، وستذوب فورًا.
قدمها لها مع الطعام، وستصبح مهووسة بحبك”
شعرة واحدة للحصول على “دانا”! أيمكن أن يكون هناك اتفاق أفضل من هذا؟
لكن التاجر أضاف بحذر:
“لكن هناك جانبًا سلبيًا طفيفًا”
سأله هوان بقلق:
“وما هو؟”
فأجابه:
“إنها قوية للغاية لدرجة أنها قد تجعلها تصبح غبية”
تفاجأ هوان:
“غبية؟”
“نعم، قد تصبح مهووسة بحبك لدرجة أنها لن تستطيع التفكير في أي شيء آخر”
تأمل هوان للحظة، ثم قال:
“إذن كلما استهلكت المزيد، زادت احتمالية حدوث هذه الآثار الجانبية؟”
“نعم، ولهذا عليك أن تستعمل كمية صغيرة للغاية”
سوف يستخدمها كلها.
في داخله، احتفل “هوان” بانتصاره.
ممتاز! تلك المرأة كانت دومًا مغرورة.
تلك المتعجرفة التي تظن أن ثروتها تمنحها الحق في الترفع على الرجال.
ولهذا السبب تركها ولي العهد عنها.
أن تصبح غبية؟ هذا أفضل حتى! النساء في أفضل حال حين يكنَّ بلا عقل وصامتات.
هكذا يعم السلام في المنزل.
بدأ يتخيل “دانا” وقد تحولت إلى فتاة بسيطة التفكير، عديمة الذكاء، مما زاد من حماسته.
شابة، جميلة، غنية وغبية –
إنها النموذج المثالي لي!
سنكون زوجين سعيدين يا دانا.
أنتِ توفري المال، وتنجبي الكثير من الأبناء.
ضحك هوان ضحكة صاخبة:
“واهاهاها!”
***
وصلت باقة من زهور “القمر الفضي”، مرسلة من “أليس”.
[إلى أختي الحبيبة دانا،
لقد آلمتني كلماتك القاسية وتركت في نفسي جروحًا لا تندمل، لكنني قررت أن أسامحكِ.
لذا، إن كنتِ تعتقدين أنني أخطأت بحقكِ، آمل أن تسامحيني بقلبكِ الكبير.
دعينا نكف عن الصراع بيننا، ولنعيش في محبة وغفران.
الحياة جميلة جدًا لتُهدَر في الكراهية.
بما أنك اخترت العيش في هذا العالم، أتمنى أن تعيشيه بمشاعر مليئة بالحب.
-من أليس، التي تحبكِ.]
رميت الرسالة مباشرة في المدفأة، حيث ابتلعتها النيران بلهيب شديد.
لا حاجة للغضب.
لقد حان الوقت بالفعل.
اقترب الموعد الذي سأُسقط فيه تجارة زهور “القمر الفضي”.
“ليثي، كم عدد زهور ‘القمر الفضي’ التي اشتريناها؟”
“ها هي السجلات، سيدتي”
أخذت أراجع الوثائق وابتسمت بثقة.
لا يوجد أحد في الإمبراطورية يمتلك هذا العدد الهائل من زهور ‘القمر الفضي’ بقدر ما أملك
غدًا سأبدأ فورًا.
لقد حان الوقت للوفاء بوعدي للإمبراطور.
وأيضًا لتهديد نفوذ “كارل ويندسور” والاقتراب أكثر من الحصول على الأثر المقدس.
“سيدتي، ها هي رسالة من اللورد ‘هوان’ أيضًا”
“…”
كانت مليئة بالتفاهة والهراء المعتاد الذي تراه في رسائل الحب.
“ماذا نفعل بها؟ هل نحرقها أيضًا؟”
“لا”
“حقًا؟”
“اتركها.
ستنفعنا في وقت لاحق”
“فيما ستستخدمين هذا الشيء المزعج؟”
ابتسمت ببرود وأنا أضع رسالة “هوان” في الدرج كما أفعل دائمًا.
“سأستخدمها كطعم في الوقت المناسب”
***
بعد أن غادرت سكرتيري، خرجت إلى الشرفة وجلست على المقعد في الحديقة الخاصة بي.
ثم استدعيت إحدى الخادمات.
“إميلي، أحضري لي كوبًا من شاي البابونج”
“حاضر، سيدتي”
في تلك اللحظة، هبت الرياح وأسقطت بعض الأوراق على العشب.
التقطتها دون أن أفكر كثيرًا.
وبعد لحظات:
“سيدتي، ها هو شاي البابونج”
“شكرًا”
“الجو يزداد برودة، هل أحضر لك شالاً؟”
“كلا لست بحاحته.
أنا بخير.
يمكنك الانصراف”
“نعم، سيدتي”
بعد أن غادرت الخادمة، تناولت الكوب وارتشفت من الشاي.
كان عبير البابونج الهادئ مريحًا.
وفجأة، عادت إلى ذهني ذكرى قديمة.
“دانا، ألا تحبين شاي البابونج؟ دائمًا ما تشربين البابونج”
تذكرت حديثًا بسيطًا مع عمي،
“كارل ويندسور”.
“نعم، عمي.
أحب رائحته”
“هاهاها.
إذًا، كلما شممت رائحة البابونج، سأتذكركِ”
كان حديثًا عاديًا مع عمي “كارل”، ولكن بعدها جاء ذلك الهمس المقيت:
” إذاً، يجب أن نضمن موتها قبل أوانها”
ذلك الصوت البشع الذي تحدث عن قتلي.
أيها الخبيث.
بجهد كبير، تمكنت من السيطرة على ملامحي التي كادت تظهر اشمئزازي.
ارتشفت من شاي البابونج ببطء.
انتظر فقط يا “كارل ويندسور”.
ستدفع الثمن غاليًا لاستخدامك لي.
قريبًا سأنتزع الخاتم من اصبعك وأعود إلى عالمي…
لكن فجأة شعرت بشيء غريب.
حرارة لطيفة بدأت تنتشر في صدري كالماء الدافئ.
نبضات قلبي تسارعت.
دق، دق، دق.