أتمنّى لو أنّك أحببتني - 5
الفصل الخامس 🩷
حسنًا، تباهيه ببعض الكلمات عني وتمسّكي بالمقابل بالغرباء هما شيئان مختلفان تمامًا.
لأنني أُحبُّ عائلتي، لم أرغب في إزعاج فاسيلي بأي شكل. وعندما تركتُ يد فالنتين، اقترب مني فاسيلي وربّت على خدِّي بلطف.
“لا تشعري بخيبة أمل. سأجد وقتًا للعب معكِ غدًا أيضًا. فالنتين، بما أن الطقس قد تحسّن كثيرًا، ماذا عن ركوب الخيل؟ ما رأيك؟”
“يبدو جيدًا.”
مرّا بجواري بشكلٍ طبيعي.
بينما كنتُ أراقب الشخصين اللذين بقيا في غرفة المعيشة وسرعان ما ابتعدا، توقّف فالنتين فجأة عند المدخل، رغم أنه كان من المفترض أن يبقى خلف فاسيلي. ثم نظر للخلف ولوّح بيده بلطفٍ للأسفل.
‘هل تخبرني أن ألحق بك؟’
اقتربت منه بنظرةٍ متحيّرةٍ وأخذتُ يده. سرعان ما أخذني فالنتين معه دون أي تردّد، متّبعًا خطوات فاسيلي.
نظر فاسيلي، الذي كان يتحدّث ببضع كلماتٍ مع فالنتين، إلى يديَّ الممسكتين بدهشةٍ خفيفةٍ عندما رآني أمشي بجانبهما، لكنه لم يوبّخنا.
‘لماذا يأخذني معه؟’
راودني الشك، لكنني بقيتُ صامتة. هل يشعر بالشفقة عليّ لأنه يظنّ أنني أشعر بالوحدة؟ أخذتُ أتسلّل بنظراتٍ خاطفةٍ إلى وجه فالنتين، الذي كان يمشي بضع خطواتٍ خلف فاسيلي.
عند وصولنا إلى الإسطبلات، بينما كان فاسيلي يوجّه العديد من الطلبات إلى مدير الإسطبل، سألني فالنتين.
“أليس لديكِ دروسٌ اليوم؟”
كان فالنتين بالنسبة لي أشبه بالعدو.
هل يمكنني الرّد عليه بلباقة؟
لم تستمرّ حيرتي طويلًا.
“لا، عادةً لا تكون هناك دروسٌ في أيّام الأحد.”
“يمكنكِ دعوة صديقةٍ في عمركِ.”
“والدي لا يحبّ ذلك كثيرًا. أعتقد أن الجميع يظنّون أنهم سيستغلونني. حسنًا، إنهم أطفال، فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟”
“أليسوا في مثل عمركِ؟”
“لأنني الأذكى على أيّ حال.”
نظر إليّ فالنتين وكأنه يراقب حيوانًا غريبًا. هذا صحيح، لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ اقترب فاسيلي.
“فقط إلى الإسطبلات، لارا. خُذي فالنتين في جولةٍ أثناء وجودكما هنا.”
مع فالنتين بجانبي، ركضتُ إلى أحد الأكشاك المريحة المصطفة في الإسطبل. فرسٌ أبيضٌ ذو عرف فضّي جذاب، قوّيٌّ كأنه شجرةٌ عمرها قرن، تعرّف على صوتي واستدار لمواجهتي.
“هذه حِجري. اسمها لارا –أذكى فرسٍ في ماخاتشكالا. من الواضح أنها تشبهني، صاحبتها.”
(بلوفي: الحِجْر أنثى الفرس)
بدت على وجه فالنتين ملامح قلقٍ حول أي جزءٍ يختار التعليق عليه أولًا، لكنه سرعان ما استسلم ونظر إلى لارا.
“إنها فرسٌ مميّزة.”
كان صوته نادرًا وصادقًا.
“لديكَ نظرةٌ جيّدةٌ، فالنتين. الأفضل هو مزيج بين شير وريد فوكر. سهول الشمال أرسلت حيوانين فقط كهديةٍ لصاحب الجلالة، وهذا واحدٌ منهما.”
(بلوفي: شير وريد فوكر أنواع أحصنة)
“يبدو أن مكانتكِ مرتفعة جدًا لاستخدامها، يا صاحبة السمو.”
“إنها فتاةٌ ذكيّة، لذا هي تسمح فقط للأذكياء الذين تحبّهم بالاقتراب. ما باليد حيلة إذا رفضتْ أن يلمسها صاحب الجلالة وتاتيانا، وهدأت فقط أمامي؟ إذا تُركت لتتجول بالقرب من الشجيرات خلال النهار، تعود بمفردها قبل غروب الشمس. إنها عبقريّة.”
“ليس مُفاجِئًا أن الفرس الأجمل يحبّ الشخص الأجمل. ألا تعتقد ذلك، فالنتين؟”
لم يُظهر فالنتين الوقح حتى إيماءة مجاملة.
بدلًا من ذلك، رفع يده إلى جسر أنف لارا، التي كانت مُنشغلةً بشمّ شعري. عادةً، كان من الممكن أن يجعلها ذلك تشعر بالانزعاج بشدة، لدرجة الركل بأرجلها الخلفية أو الإصابة بنوبة غضب.
هل سمحت لارا للتو له بلمس وجهها بهدوء؟
يا إلهي، لارا. أن تُقدِّمي وجهكِ لشخصٍ آخر غيري…
“مُذهل. هذه هي المرة الأولى التي أراها تُعجب برجل.”
‘يا خائنة!’ تنهّدتُ بعمق، متظاهرةً بالانزعاج.
“ربما لأن فالنتين جميل، تمامًا مثل لارا…”
كانت عبارةً قد تُشعل قتالًا بين النبلاء، لكن المدهش أن فالنتين لم يُظهر أي ردّ فعلٍ خاص.
‘ألا تعرف أنني جميلة؟’
بمزيجٍ من المشاعر المُربكة، قمتُ بلطفٍ بمداعبة وجه لارا، ثم سألتُ فالنتين عرضًا ونحن نمشي بجوارها.
“ألا تستطيع أن تركبها يومًا ما؟”
“هل تتحدّثين عن لارا؟”
“نعم. لارا لم تُجرّب من قبل أن تتفاعل مع البشر أثناء ركوبهم. بحلول الوقت الذي أكبر فيه، ستكون قد تجاوزت أفضل أيامها. فكّرت أنه لن يضر أن تجرّب ركوب أحدهم قبل ذلك.”
بصراحة، شعرتُ بالغيرة من فالنتين.
لارا العنيدة، باستثناء وقت تنظيفها، لم تسمح لأحدٍ غيري بلمسها في القصر، لذا لم يكن ممكنًا حتى أن يمتطيها البالغون الآخرون. لقد تجوّلت فقط بالقرب من الإسطبلات مرّاتٍ قليلة تحت إشراف إخوتي. لارا، التي كانت أكبر وألطف فرسٍ في القصر بعدي، كانت الوحيدة التي أستطيع ركوبها.
حدّق فالنتين في وجهي بخلوٍ للحظة، ثم قَبِلَ العرض مباشرة. لارا العنيدة، التي قادت بحزمٍ تحت يدها رجلاً جديدًا، بدت مطيعةً أكثر من أي وقتٍ مضى، مما ملأني بمزيجٍ من الراحة وخيبة الأمل.
“رائع. استمتع بالركوب.”
عندما عاد فالنتين ولارا يركضان معًا، اضطررتُ للتشبث بفالنتين مجددًا. لكنه لم يردّ على تهنئتي، بل أمسك باللجام، واقترب من فاسيلي وبدأ محادثة.
على أي حال، بما أنك تستعير لارا مني لتستمتع بركوبها، أليس عليك على الأقل أن تشكرني؟ كنتُ أحدّق في فالنتين بعينين متجهتين جانبيًا، ولم يمرّ وقتٌ طويلٌ حتى سلّمني مدير الإسطبل بعض الأغراض.
عندما ألقيتُ نظرةً سريعة على الأشياء، اكتشفت أنها كانت خوذة الركوب وقفازين لي.
‘آه؟’
نظرتُ إلى القفازات بذهولٍ ثم ركضتُ نحو فاسيلي.
“هل سأركب معكما أيضًا؟ ألا بأس بهذا؟ ألا يُزعجك ذلك؟ هل ينبغي أن أذهب لأجلب لارا الصغيرة الآن؟”
“اهدئي، لارا. يقول فالنتين إنه سيأخذكِ في جولة، لذا ليس هناك داعٍ لجلب لارا الصغيرة. كما قال، إذا لم يكن الآن، فسيكون من الصعب أن تصعدي على ظهر لارا في المستقبل.”
نظرتُ إلى فالنتين بتجمّدٍ من كلمات فاسيلي. لم يكن الأمر أنك تجاهلت تهنئتي، بل إنك سألت فاسيلي بخصوص الأمر.
“عذرًا، يا صاحبة السمو.”
رفعني فاسيلي وأجلسني أمام فالنتين. مدّ فالنتين ذراعيه من خلفي وكأنه يعانقني وأمسك باللجام. جلستُ بتردّدٍ وأمسكتُ باللجام معه.
ربما كان ذلك بسبب سماعي أنفاس فالنتين الهادئة فوق رأسي مباشرة؟ شعرت أنني سأفقد صوابي بسبب الجلوس بجانبه. ناهيك عن دقّات قلبي المُتسارِعة.
مع ذلك، بدأ توتّري يخفّ تدريجيًّا بينما شعرتُ بخطوات لارا مليئةً بالحماسة الواضحة. بعد أن تقدّم فاسيلي أمامنا، زاد فالنتين سرعته قليلًا. شعرتُ بشعورٍ غريب، كونها أوّل مرّةٍ أركب فيها بهذا الارتفاع وهذه السرعة.
“يبدو أن لارا تحبّ صاحبة السمو كثيرًا.”
بينما كنت أنظر إلى المناظر الطبيعية، أجبتُ على كلمات فالنتين بشعورٍ منعشٍ للغاية.
“بالطبع. وكيف لا تحبّني؟ لقد فعلتُ الكثير من أجل هذه الصغيرة. من الاستحمام، إلى إطعامها، إلى إخراجها في نزهات…”
“ألم تُطلقي اسم لارا أيضًا على كلبتكِ من نوع يوركشاير تيرير؟”
“بلى، لقد سميتهما معًا. فكلاهما سهل المناداة والاستجابة. في النهاية، ما فائدة الاسم إن لم أتمكّن حتى من مناداته؟”
“يبدو أن موظفيكِ يشعرون بعدم الارتياح عندما يستخدمون اسم لقب صاحبة السمو بشكل عشوائي.”
“إذا كانوا يشعرون بعدم الارتياح بسبب شيءٍ كهذا، فهذا يعني أنهم ضيّقو الأفق.”
تمامًا مثلكَ.
“صاحب السمو فاسيلي يزيد من سرعته. إنه أمر خطير، لذا عليكِ الإمساك جيّدًا باللجام.”