أتضحَ أنّ أمي كانت مُتجسدةً! - 0
__ المُقدمة __
عندما كنـتُ صـغيرةً، كانت أمي غالـبًا ما تقـرأُ ليَّ
كتـابًا وهي تحملـني بيـن ذراعيـها.
“إليانا، ابنتـي الجميـلة…”
كانت والدتي تقرأُ ليَّ الحـكايات والقصـص الخـيالية دائـمًا بصـوتٍ رنانٍ دافـئ ولطيـف.
حيث كان الأمـرُ كما لو كانت رياح الشـتاءِ الباردة تغـادرُ ويحـلُ مَـحلها هواء الربيع اللطيـف ويهـبُّ عبـر أذنـيَّ.
“أنتِ أغـلى طفلـةً في العالم يا طفلتـي.”
كانت تقبـلُ جبهـتيَ وتقولُ لـيَّ دومًا أنني ممـيزةٌ عن باقي الأطفـال، مثل البطـلة في هذا الحـكاية.
كانت الفـتاة في هذه الحـكاية القصـيرة
جميلـةً و رائعـةً للغايـةِ.
فتـاةٌ محبـوبةٌ من قبل السـحرةِ الذين يخافهـم الناس والوحـوش الذين يرتعـدونَ بِمُـجردِ ذكـرهم.
حيث في كتـب الأطـفال، دائـمًا ما تتلقى البطلة الكثيرَ مِـن الحُـبِ، وتتغـلبُ على الشـدائدِ، ومن ثم تتـزوج الأميـر وتعيـشُ في سـعادةً أبـدّيةً دائـمًا.
وفِي كُلِ مـرةً نصـلُ فيها إلى الصفحـةِ الأخيـرةِ،
كنـت أقولُ:
“أريدُ أن أتـزوجَ من أمـيرٍ أيضًـا يا أمـي!”
وعندما أقول ذلك، كانت أمي تكـتب شيـئًا في الكـتاب وتتمـتم:
“يا إلهي، لقد تأثـرت كثيـرًا بلطافـتكِ ياطفـلتي…والدتـكِ سـوف تحـققّ لكِ ذلك، هل
تثـقين بـيِّ؟”
ثم تبتـسم ابتسـامةً مُشـرقةً.
“سأحـققُ لكِ هذا بالتأكيـد طفـلتي.”
ماذا ستحـققين ليَّ يا أمي؟
فمن المنـطقي أن مُـعظم الأمهات، عندما تقـول لهن ابنتهـن شيـئًا كهذا، فإنها ستجعـلها سعيدـة وتقول أنها ستـحقق لها ما تريـدهُ أبنتـها.
وعندما أفـكر في الأمـر، أدركُ أن أمي
كانت غير عاديـةً مُنـذ البـداية.
على أيَّ حالٍ، لم أكن أعرف ماذا يعني
هذا في ذلك الوقـت.
فقط ‘أن أمي تُحبنـي’ لقد كان هذا
كُل ما أستـطيعُ معـرفتهُ.
علاوةً على ذلك، كانت والدتي شخـصًا ذكـيًا جدًا.
حيث كانت تـعرف الكـثير من الأشـياء
التي لم يكن يـعرفها الآخرون.
والأشخـاص الذين كانوا يعـرفون
والدتي أطلقـوا عليـها لقب:
‘غريبـة الأطـوار.’
بالنسـبةِ ليَّ، كانت شخـصًا لطيـفًا للغايـة، لكن كلما قابلـت أشخـاصًا في الخـارج يعرفـون والدتي، كانوا جـميعًا يقـولون الشـيء ذاتـهُ.
ماذا قالوا؟ كان كالأتي:
أن قبل ولادتـي، كانت والدتي امـرأةً شـريرةً للغايـةِ جعلـت الناس يخافونَ منـها.
وقيّـل إنهُ على الرغم من ولادتهـا في عائـلة مرموقة إلى حدٍ ما، لكنـها كانت ذات شخـصية سـيئة ولم تكـن تتـردد في التسـبب في المـشاكل.
ولكن في أحـد الأيام تغـير سـلوكها وكل شـيء وكأنها شخـصٌ مختـلف، وأطلق الجميع على ذلك معـجزة كلودي.
ومع ذلك، فقد فعلـت الكـثير لدرجـة أنه حتـى بعد مرورِ وقـتٍ طويـلٍ، لا يزال هناك أشخـاص يقولون:
‘آه… هل أنتِ ابنـةُ غريبـةِ الأطوارِ تلك؟’
عندما يسمـعون اسم والدتي.
بعد ذلك، تركـت والدتي مـنزل العائلة
وبدأت مشـروعًا تجـاريًا.
قال الجـميع إن والدتـي سَتفـشلُ قريـبًا، لكن النتـيجة الفعلـية كانت مُخـتلفة.
لقد ابتكـرت والدتي أشيـاءً لم يستـطع
الآخرون حتى تخـيلها.
في جميع المـجالات وأبدعـت فيها كالنـقل، والهنـدسة المـعمارية وغيـرها الكثـير…
حيثُ أطلـق على أمي لقب العبـقرية.
لم يكن هناك شـيءٌ لم تـكن تعـرفهُ.
حيـثُ كانت تجيـب على أيَّ شـيءٍ كنـتُ فضـوليةً بـشأنهِ.
مهما كان الأمـر، فهـي تخبـرني عنـهُ دائمًـا وتشـرحُ ليَّ.
“سوف تصبـح ابنتي سيـدةً جميلـةً
جدًا وتتـزوجُ أمـيرًا.”
حتى في المسـتقبل، عندما سمعـت هذه الكلمات عندما كنـت صغـيرة، لم يكن لدي أدنـى شـك في أننـي سأكبـر لأصبـح إمبراطـورة.
مثل تلك الفـتاة في الحـكاية الخيـالية التي قرأتـها ليَّ والدتي، تخـيلت أيضًا مقابلـةَ أميـرٍ وسيم في القـصر الأمبراطوري الرائـع وأنا أرتدي فسـتانًا جمـيلًا مُزينًا.
لقد فكّـرتُ ذلك عنـدما كان عـمري خمـسةُ سـنواتٍ فقط.
لكن مع تقدمـي فـي السـن قليلًا، حتى بعيني
الطفـولية، أدركـت شيـئًا فشيـئًا أن كلام أمي كان
خيـاليًا بعـض الشـيء.
وأنا قلـقةٌ، سألت أمي هل يمكنـني
حـقًا الزواجُ من أميـرٍ؟
فكان الجـواب الذي يعـود إلـيَّ هو ‘بالطـبع!’.
وعندما سألتـها قائلـةً بفـضولٍ:
‘كيف تعرفين المستقبل؟’
ابتسمت أمي ابتسامةً عريضةً وأجابت بقولها:
‘بالطبعِ طفـلتي، أن هذا هو العالم الذي تحـقق فيه حـلمُ والدتكِ، لهذا السـبب أبنتي إليانا مميـزةٌ وثميـنةٌ للغايـةِ، فأنـتِ الطـفلةُ الوحيـدة التي كانت خـارج إطـار قـصة هذا العالـم، أوه وكذلك والدكِ أيضًا.’
لسـوء الحـظ، لم أستـطع أن أفهـم هذه الكلمـات وأنا في السادسـة من عمـري.
وبطبـيعة الحال، هذا ما زلـتُ لم أفـهم
ما قالـتهُ حتى الآن.
على أيَّ حالٍ، مع تقدمـي في السن، لم يكن أمامـي سوى الاعتـراف بأننـي لا أستطـيع أن أصبـح إمبراطـورةً.
فمـن أجل الزواج من الأمـير، يجـب أن تكـون
شخـصًا مميـزًا، لكنـني لم أكن كذلك.
لم تكن عائلتـنا، عائلـة كارلشت، قويـةً مثل الدوقيتـين والأرشيـدوقية الذين دعمـوا الإمـبراطورية.
في أحسـن الأحـوال، كان والدي مُجـرد فيكونت ولم يكن لقـبهُ مُرتفـعًا جدًا، وكان من الصـعب القول بأننا نبلاء ذو نفـوذ في العاصمـة.
ربما كانت أراضـي عائلة كارلشت كبـيرة وجـيدة، لكن أراضـي عائـلة كارلشت لم تـكن خصـبة جدًا.
وكانت بجـوار سلسـلة جبال مليـئة بالوحوش، وهي مدينة كان يزورها المُـرتزقة والمُـحاربونَ كثيـرًا أكـثر مِن التُـجار.
وبما أن أنشطـتهم الاقتـصادية هي مصـدر الدخـل الرئـيسي، فإن الدخـل لم يكـن كبيـرًا مـقارنةً بالأراضـي الأخـرى.
بل على العكـس، كانـت براءات الاختـراع
وحـقوق النـشر التي تجـنيها والدتـي أكثـر.
وحتى مظهـريَّ لو يكن بذلك الجـمالِ الخـلاب.
لأكـونَ صادقـةً، لم يكن الأمـرُ حتى بهذا القـدر.
ابـنةُ مـكانٍ مثل هذا تصـبح إمبراطـورةً؟ هذا مُسـتحيل.
لقد كـنتُ مُجـردَ فـتاةً عاديـة.
ومع ذلك، بسبـب اخـتراعات والدتي، جنـت
الأسرةُ الكثـيرَ مِـن المـالِ.
وكان هذا الشـيء هو الشـيء المميـز الوحـيد.
لم أتمكـن من إدراك ذلك وأنا طـفلةٌ، لكن
أمي كانت دائـمًا تضـحك وتقول:
“حتى والدكِ وقـعَ فِي حُبـيَّ بسبـبِ أموالـيَّ.”
على أيَّ حالٍ، عنـدما بلغـت السابـعة من عمـري، أدركـت مدى سخـافة كلـمات والدتي ولم أعد أحـلم بأن أصـبحَ إمبراطـورةً.
ومع ذلك، اعـتقدت والدتي أنني مازلـتُ أرغـبُ في أن أصـبحَ إمبراطـورةً، لذلك حرصـت على حصـوليَّ على تعليـمٍ واسـعٍ وعالـي الجـودة مُنذ سـنٍ مُبـكرةً.
وبفضـل ذلك، ابتـعد حلـمي عن أن أصـبح إمبراطـورة إلى أن أصـبحَ طبيـبةً وخـيميائية تصـنعُ الأدويـةَ السـحرية.
وهكذا، استـمر جـدول التعليـم هذا الذي مِن شـأنهِ
أن يُسـقط أيَّ شخـصٍ عادي، ولكن الغـريبُ أنه عنـدما
كنتُ أتـناولُ الدواء الذي أعطـتهُ ليَّ أمي، كان التعـب يزولُ في الحال ولم أنـسَ محـتويات الكُتـب التي درستـها بعد تنـاولهِ.
كان الناس يطلقـونَ عليَّ لقـب العـبقرية، لكن…ما هو هذا؟
عندما كنتُ في العاشـرةِ مِن عُمـري، عادت والدتي، التي غابت حـوالي ثلاثـة أيام، حامـلةً معـها حقـيبةً.
تساءلتُ عمـا كانت تحـويه تلك الحقيـبة، لأنها كانت دائمًا ما تحضـرُ شـيئًا مـعها عنـدما تخـرج، لذلك لم أفكـر كـثيرًا في الأمـر.
لكن ذلك الـيوم كان مُـختلفًا.
“حسـنًا، قولي مرحـبًا يا طفلتـي.”
ما خرج من الحقـيبة لم يكن آلة لإنـشاء عمـلة جديـدة، أو أداةً لتوسيـعِ مسـافة الاتصال، أو على الأقـل سحـر النـقل الآنـي لمـسافاتٍ طويلـةٍ.
“…صبـيٌ؟”
الشعر الرمادي الذي ذكّرنـي بأزهـارِ الحنـطةِ السـوداء المُتفـتحة على تل إلساس والعـينين الذهبيتـين اللتين ظهـرتا عنـدما رفعـت أمي جفـنيهِ قليـلًا.
كانَ صـبيٌ في نفـس عُـمري تقريبًـا.
“هـذا…”
“كلوديل تاينيس أديبويل.”
عندما كنتُ صـغيرةً، كانت أمـي تـقولُ لـيَّ دومًـا، أنني
عنـدما أكـبرُ، سأصـبحُ إمبراطـورة هذه الأمبـراطورية…
“إنهُ الابـن الغيـر شرعي للإمبـراطور الحـالي.”
يبدو أنها لم تكـن مُجـردَ مُزحـةً.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ يوي وبِتَدقيقيَّ