أميرةُ القراصنة المحبوية - 1
【تم تحديد موعد إعدام قائد قراصنة كايلوم!】
نظرتُ إلى الصحيفة التي كانت بين يدي. كان موعد الإعدام بعد ثلاثة أيام فقط.
بالرغم من سمعة قراصنة كايلوم السيئة، إلا أن هذا الموعد كان سريعًا نسبيًا.
بدا أن كبار ضباط البحرية يرغبون في استغلال هذه الفرصة لإظهار قوة البحرية،
وفي الوقت ذاته التخلص من القراصنة بأسرع وقت ممكن.
“أليس يومًا جيدًا، أيتها الطبيبة أكيرا؟”
تحدث الجندي البحري الذي كان بجانبي. فأومأت برأسي بشكل عشوائي.
“الآن وبعد أن بدأنا بقراصنة كايلوم، سيتم تطهير جميع القراصنة،
وسينتهي عهد البحر المظلم، أليس كذلك؟”
عهد البحر المظلم، هكذا كان يُطلق على هذا العصر
الذي كان فيه القراصنة منتشرون بشكل واسع.
لك يكن من المبالغة القول إنه إذا واجهتَ سفينة في البحر، فإنها حتمًا سفينة قراصنة.
“دكتورة أكيرا، هل تشعرين بالسوء؟”
“ماذا؟ بالطبع لا، إنه يوم القبض على ‘طاغية البحر’، كيف لي أن أشعر بالسوء؟”
كيف يمكن أن أشعر بالسوء؟ فقد تم أخيرًا القبض على ذلك الرجل البغيض وسيُعدم قريبًا. لن يكون هناك يوم أفضل من اليوم سوى يوم الإعدام بعد ثلاثة أيام.
“أشعر بالراحة الآن بعد أن تم القبض على قراصنة كايلوم أخيرًا. لقد كانوا مثل الصراصير البحرية.”
“لكنهم كانوا الأقرب إلى ‘نهاية البحر’، أليس كذلك؟”
“هل تشعر بالأسف لذلك؟”
“لا، بالطبع لا. من الجيد أن هؤلاء الحثالة لم يصلوا إلى هناك.”
“كن حذرًا فيما تقوله.”
كنت متأكدة أنني أكثر شخص في البحرية يفرح بنهاية قراصنة كايلوم. وكان ذلك لسبب وجيه.
‘إنها نهاية جيدة…’
في البحرية، كنتُ معروفة كطبيبة عسكرية، ماريا أكيرا، ابنة العقيد دانديل أكيرا، لكن كان لدي سر،كنت في الأصل “طفلة قراصنة كايلوم”.
وبشكل أكثر تحديدًا، كنت طفلة مهجورة، وفي يوم من الأيام قبل عشر سنوات، كنت أعيش كابنة لقراصنة كايلوم.
‘في الواقع، لم أكن ابنته حقًا. لقد كنتُ فقط أعتقد بسذاجة أنني جزء من عائلتهم.’
منذ أن كنت في الرابعة من عمري، عشتُ مع قراصنة كايلوم. كنت غير مجدية، لكن طاقم القراصنة كانوا يقولون لي دائمًا: “سنظل معك مهما حدث”.
ولكن في النهاية، اكتشفت أن ذلك كان مجرد كذبة منذ عشر سنوات.
لأنهم تخلوا عني بمجرد أن أُصبت بالوباء الذي كان يجتاح القارتين الشرقية والغربية في ذلك الوقت.
حتى لو كان ذلك الوباء غير قابل للعلاج في ذلك الوقت، فقد استطعت فهم قرارهم بشكل ما. أو ربما، لو تركوني عندما طلبت منهم ذلك في البداية، لكان الأمر أسهل.
“كيف لنا أن نترككِ؟ نحن لن نتخلى عنكِ!”
لقد كنت خائفة من أن يتخلوا عني بالفعل. لم أنسَ تلك الأيدي الخشنة لكنها دافئة، والتي كانت تواسيني في أوقات الخوف. لكنها تركت جرحًا بقدر ما أعطتني من راحة.
تخلوا عني في جزيرة مهجورة، دون أن يقولوا لي أي كلمة.
‘ولكن عندما أنظر إلى وضعي الآن، أجد أن الحياة مليئة بالمفاجآت.’
كنت على وشك الموت هناك، لكن الحظ ساعدني عندما تعرفت على العلاج وتمكنت من النجاة. ثم قابلت سفينة بحرية أنقذتني.
قائد تلك السفينة كان داندل أكيرا، والدي بالتبني.
ربما رأى فيَّ قيمة بسبب معرفتي بالعلاج، لذا أعطاني اسم “ماري” وتبناني.
بفضل العلاج، استطعت الانضمام إلى الجمعية الطبية “فيتار” التي تُعتبر الأعلى مرتبة دون الحاجة إلى إجراء أي اختبارات، ومن ثم التحقت بالبحرية كطبيبة.
‘لقد تعلمت الكثير هنا. لقد كنت بالفعل عديمة الفائدة، ولذلك تخلوا عني بسهولة.’
عدم الفائدة يعني أنك لا تستحق الحماية. لقد كنت مجرد عبء بالنسبة لهم.
أدركت ذلك بمرور الوقت الذي قضيته هنا في البحرية.
بعد اختفائي، ازدهر قراصنة كايلوم أكثر،
حتى أنهم أصبحوا أسوأ القراصنة حينما أشعلوا النار في علم القراصنة الشهير لجوليروجر.
على كل حال، انهيارهم بهذه السرعة كان أمرًا مضحكًا.
في نهاية الأمر، تم القبض على قراصنة كايلوم بعدما تحطم نصف سفينتهم، ولم ينجُ سوى القبطان نيريوس كايلوم.
وبينما كنت أطوي الصحيفة وأضعها على الطاولة، جاءني العقيد البحري.
“الطبيبة أكيرا، هذه أوامر من الأدميرال. عليكِ فحص حالة القبطان نيريوس كايلوم على الفور.”
“…الأدميرال بنفسه؟”
البحرية كانت تحتوي على عدة رتب، ولكن في القارة الغربية كان هناك شخص واحد فقط يستحق لقب الأدميرال.
كانت عائلة الأدميرال من العائلات النبيلة التي شاركت في تأسيس الإمبراطورية، وهي تحظى بقدرة موروثة على التحكم في المياه والبحر.
‘يبدو أن الأدميرال الذي تمكن من القبض على نيريوس كان من هذه العائلة، ولكنه لماذا يريد مني فحص حالته؟’
لم أكن أفهم السبب وراء ذلك. كنت طبيبة بحرية، نعم، ولكنني لم أكن الأفضل.
‘هل يمكن أن يكون هناك من يشك في علاقتي السابقة بهذا الرجل؟’
هذا حقًا غير عادل. نعم، لديّ ماضٍ معهم، لكنني كنت أكرههم بصدق.
‘لا، مستحيل. لم يلاحظ أحد أي شيء طوال السنوات العشر الماضية!’
رغم ذلك، لم يكن لدي خيار سوى قبول الأوامر.
كان نيريوس محتجزًا في زنزانة تحت الأرض، حيث توجهت مباشرة إلى هناك.
كان الجو هناك كئيبًا وباردًا، وخاليًا من أي ضوء أو أمل.
في أعمق جزء من السجن، كان نيريوس مقيدًا بالسلاسل، يتنفس بصعوبة.
“نيريوس كايلوم.”
“……”
مرَّت عشر سنوات، وتذكرته كشخص قوي ومهيب، رجل يبتسم بثقة دائمًا.
“ياله من مشهد بائس.”
ضحكت في نفسي. كنت سعيدة برؤيته هكذا.
‘لقد نسيني بالتأكيد…’
“…لارا؟”
“…!”
لكنني سمعت صوتًا لا يُصدق. “لارا”، كان هذا هو لقبي القديم.
كان بحارة قراصنة “كايلوم” قد أطلقوا عي اسماً من 7 حروف، لكنهم كانوا يجدونه طويلاً جدًا عند مناداتي، فاختصروه إلى اربع حروف: “لارا”.
‘لكنَّكَ لم تنادني أبدًا بذلك الاسم. حتى عندما كان الجميع ينادونني بـ”لارا”، كنتَ أنت…’
التقت عيناه، التي كانت تتلاشى ببطء، بعيني.
“آه، لا يمكن أن يكون…”
“……”
“أميرتنا… لا يمكن أن تكوني في هذا المكان…”
شعرت بأن فمي يجف بسرعة. تراجعت قليلًا عن باب السجن وتحدثت إلى الحارس الذي كان يقف هناك.
“حاله أسوأ مما توقعت. لا أعلم إن كان سيتحمل حتى موعد الإعدام. هل يمكنك إحضار بعض الأدوية من المستوصف؟”
“ماذا؟ ولكن يا دكتورة أكيرا، إنه من الخطر أن تُترَكي وحدك مع هذا النذل.”
أشرت برأسي نحو نيريوس، الذي كان مقيدًا.
“إنه بالكاد يتنفس، إنه مثل جثة.”
اقتنعت الحارس أخيرًا بعد تلك الكلمات، وغادر بسرعة بعد أن وعد بالعودة قريبًا. تأكدتُ من أنني وحدي في الممر، ثم فتحتُ باب الزنزانة واقتربت ببطء نحو نيريوس.
“بولاريس كايلوم.”
تغيرت عيناه بشكل ملحوظ عندما نطقتُ بذلك الاسم.
“ماذا؟ هل بدأتَ تتذكرني الآن وأنتَ على وشك الموت؟”
ابتسمتُ لنيريوس بكل سخرية.
“نعم، أنا لارا اللعينة تلك.”
كنتُ أريد أن أرى تعابير وجهه وكيف سيشعر عندما يسمعني أقول ذلك. هل سيشعر بالخيانة؟
‘على أية حال، لقد تخليت عني، لذا لن يشعر بالخيانة، أليس كذلك؟’
“لارا…”
مد نيريوس يده الهزيلة نحوي. لكنني كنتُ أقف بعيدًا عن متناول يده المقيدة، تحسبًا لأي هجوم.
“كنتِ على قيد الحياة… كنتُ أعلم… أنكِ ما زلتِ على قيد الحياة.”
“…!”
لكن كلماته وتعبيره كانا بعيدين تمامًا عن توقعاتي، لدرجة أنني شعرت بالاختناق.
“نعم، كنتُ أعلم… عندما عدتُ ولم أجدكِ، لكنني رغم ذلك كنت أؤمن… بأنكِ ما زلتِ على قيد الحياة.”
“ماذا تقول؟”
“… لم يُخبِروكِ بأي شيء؟”
“ماذا؟ لا أستطيع سماعك.”
بدأ صوته يخفت شيئًا فشيئًا، وكأنه يلهث للحصول على الهواء. كنت أعرف هذا الصوت جيدًا. إنه الصوت الذي يُصدره الشخص عندما يكون على وشك مغادرة هذا العالم.
اقتربت بسرعة وأمسكت بكتفيه.
“تحدث بوضوح، ما الذي تقوله؟”
بدأ نيريوس يتنفس بصعوبة، ثم فتح قلادة كانت معلقة حول عنقه وأعطاني ما بداخلها.
“لقد أحضرتُ هذا… لكن لم يعد له فائدة الآن… أنها تعالج كل الأمراض…”
“نيريوس…!”
ابتسم نيريوس وهو يلامس خدي بيده النحيلة والباردة، التي كانت تشبه يد الجثة.
“لكن، على الأقل… سأتمكن من التفاخر أمام الذين ذهبوا قبلي… بأني التقيت بكِ.”
لم يستطع إكمال كلماته وسقط على الفور. كان الصوت الناتج عن سقوطه الصامت لا يتناسب مع الصورة التي كنت أحملها عنه في ذاكرتي.
“لم تتخلَ عني؟”
ولكن لماذا إذن حدث كل هذا؟ لماذا قضيتُ عشر سنوات أعيش في كراهية تلتهمني، بينما كنتَ تبحث عني؟
نظرت إلى ما كان في يدي وابتسمت بمرارة.
“هذا ليس عشبًا شافيًا…”
لم يكن هذا عشبًا طبيًا، بل كان نباتًا سامًا نادرًا يُدعى “بيلسومنيا”، يُقال إنه يقتل على الفور من يتناوله. كان نادرًا للغاية حتى بات يُعتبر أسطورة، ولا توجد عنه إلا وثائق قليلة.
“يا لهذا الأحمق.”
لا شك أنه سمع من مكان ما أن هذا النبات كنز أو علاج لكل الأمراض، وبدأ يبحث عنه بتهور. نيريوس كان دائمًا يندفع نحو أي شيء إذا اتفق البحارة الآخرون على رأي واحد.
بينما كنتُ أنظر إلى ما في يدي، سمعت خطوات عدة أشخاص تقترب بسرعة.
“ماري أكيرا! لقد اكتشفنا أنكِ كنتِ عضوًا في قراصنة كايلوم! ارفعي يديكِ واستسلمي!”
من الواضح أن البحرية قد اكتشفت بطريقة ما عن علاقتي بقراصنة كايلوم. كانوا يهددونني بأسلحتهم، لكنني فقط نظرت إليهم بابتسامة ساخرة.
“هل هذا هو ما سيحدث؟”
ربما كان الأدميرال قد عينني لهذا السبب تحديدًا، لأنه كان يعرف عن علاقتي بنيريوس.
‘أو ربما كان هناك من وشى بي…’
وبما أن نيريوس قد مات قبل الإعدام، فلا شك أن البحرية ستستخدمني كبديل لتحقيق أغراضها.
لكنني لم أكن أرغب في أن أكون جزءًا من خططهم.
“هيا، ارفعي يديكِ…”
بدأت أرفع يدي ببطء كما طلبوا، ثم وضعتُ ما كان في يدي في فمي وابتلعته.
بلعت.
سمعت أصواتهم المذعورة، لكن العالم أصبح مظلمًا بسرعة ثم ساد الصمت.
‘يبدو أن هذا النبات يستحق أن يكون أسطورة.’
كنتُ دائمًا أتساءل ماذا سيحدث إذا تناولته، وها أنا الآن أشعر بالموت وكأنه نوم هادئ بلا ألم. ربما يمكن أن يُطلق عليه معجزة.
لقد كنتُ غارقة في كراهية لا معنى لها لعشر سنوات، ألقي اللوم على عائلتي وأعيش في ألم. وكان الموت هادئًا مقارنة بكل ذلك.
“أريد أن أراهم مجددًا.”
لم أكن واثقة إذا كان بإمكاني أن أحبهم كما كنت من قبل بعد سنوات الكراهية، لكنني أردت رؤيتهم مرة أخرى. أردت أن أسمعهم وهم يتحدثون بصدق حتى أتمكن من تصديقهم. أردت أن أتذمر وأكون عنيدة مثل طفلة.
لكنني أدركت أنه لا ينبغي لي أن أتمنى المزيد من المعجزات.
لقد كنت حمقاء. اعترفت بذلك وأنا أغرق في نومٍ أبدي يُدعى الموت.